نتحدث عن اغرب عداد من نوعه، ذلك الذي يحسب عدد القذائف والصواريخ التي تتساقط فوق مدينة حمص السورية، وعلى احد اشهر حي فيها "بابا عمرو" الذي ينسب الى الشاعر عمرو بن معد يكرب، مثله مثل حي الخالدية الذي ينسب الى الصحابي الجليل وسيف الله المسلول خالد بن الوليد. يستقبل بابا عمرو قذيفة او صاروخا كل 120 ثانية أي كل دقيقتين، ولك ان تتخيل حجم الدمار الذي حاق بالحي والضحايا الذين سقطوا فيه بين قتيل وجريح. حمص او مصراتة السورية او ستالين غراد السوفيتية وقصة صمودها امام الغزو النازي في الحرب العالمية الثانية – مدينة تنسج تاريخا بخيوط من دم ودموع وهي ترقب العالم يتفرج عليها – كثيرون "دولا ومنظمات وافراد" يتعاطفون مع حمص واهلها ،يمدون لها ما استطاعوا من ايد – الا انها تظل قاصرة عن النفاذ الى قلب المشكلة، وحمل النظام السوري على وقف المحرقة التي يرتكبها ضد شعبه، في حمص وريفها وفي حماة وإدلب ودرعا وغيرها من محافظات ومدن البلاد. حمص تضع العالم امام ضميره – تذكره بانه سكت ذات تاريخ عن مجازر رواندا والبوسنة والهرسك في بداياتها – تسأل حمص هل من مجير يقرأ التاريخ الحديث ويتحرر من قبضة الحسابات السياسية والاستراتيجية ،وما يشاع عن خصوصية الوضع السوري، وامكانية تفجر المنطقة ككل، اذا مست شعرة في نظام البعث الحاكم منذ عام 1963 . حمص وصمودها جديران باعادة التوازن الى هذا العالم وتحرير الانسان وقضاياه وجراحه من اسر السياسة والتحالفات العابرة للقارات والمصالح المتقاطعة – هي لحظة لا يجدي معها التردد والتلاعب بالالفاظ والوعود والنوايا الحسنة، على ذلك النحو الذي كشف عنه مؤتمر اصدقاء الشعب السوري الذي عقد في تونس اخيرا. ولا حتى الجري وراء سراب موقف روسي مغاير قد يطول انتظاره ناهيك عن المراهنة عليه – فالقذائف تتساقط بالوتيرة نفسها على حمص واحيائها القديمة والجديدة – آلاف القتلى سقطوا والاف شردوا والاف جرحوا. جرحى حمص لا يدخلون المستشفيات لان النظام حولها الى معتقلات وساحات للتصفية الجسدية – جرحى حمص يتنقلون بإصابتهم هربا من القصف - يداوون جروحهم في بيوت حولها المتطوعون من الاطباء والممرضين الى مستشفيات فقيرة التجهيز غنية بارادتها ورمزيتها. أخطأ الاسد بقراره شن الحرب على حمص – أخطا الأسد عندما اختزل الثورة في حمص – وعندما اختزل حمص في حي بابا عمرو – الأسد مصر على تقزيم الثورة واشاعة فرية المسلحين والارهابيين الى اخر هذا القول. أخطا الأسد في تقدير ما جرى في درعا في السابع عشر من مارس 2011 ، يوم تسامح مع فعلة ابن خاله ومدير الأمن هناك عاطف نجيب الذي أقدم على نزع أظافر أطفال قلدوا الهتاف الأشهر آنذاك "الشعب يريد إسقاط الرئيس" انتفضت درعا لأيدي صغارها الغارقة في الدم – لم يكمل الحدث عامه الاول حتى اغرق النظام سوريا كلها في الدم. الموت والجراح والدمار والخراب في حمص وغيرها من المدن – واقع يصعب على الأسد ونظامه القفز فوقه، حتى وان قيض له الاستمرار في الحكم – "بأي وجه تحكم السوريين يا بشار" يقول احدهم "يا عملات فيصل القاسم".