هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته ستصيبك الدهشة والحيرة في ذات الوقت إذا جلست يوما أمام تلفزيون دولة جنوب السودان، ولكن الدهشة ستكون أكبر للمتابعين بصفة خاصة لتلفزيون السودان من قبل، والدهشة تنبع من حالة التشابه في البرامج المقدمة في القناتين خاصة عقب أزمة هجليج. يبدو من الواضح أن تلفزيون الجنوب يسير في اتجاه تقليد البرامج التي يبثها تلفزيون السودان بشكل كامل، سيما في البرامج التي ميزت أو اشتهر بها تلفزيون السودان منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، والتي يقدم من خلالها أشكالا مختلفة من البرامج العسكرية بشقيها (التوثيق لذاكرة المعارك) أو (في ساحات الفداء) أو حتى الترفيهية كبرامج اكتشاف المواهب، فمن الواضح أن كافة تلك البرامج تهدف الى التعبئة في المقام الأول عبر برامج جهادية متنوعة. حرب مقدسة تلفزيون الجنوب وجد نفسه أسيراً بالكامل ولم يستطع الخروج من جلباب السودان حيث قلد الشكل والمضمون وتحول بالكامل الى ارتداء الزي العسكري (الكاكي)، وإنما ذهب الى أبعد من ذلك حينما اتجه الى تقليد برامج (زاد المجاهد) من خلال المسيرات الاحتفالية التي نظمها طلاب جامعة جوبا ومنظمات نسوية. اللافت للنظر بصورة أكبر هو الدور الكبير الذي تلعبه الكنائس في حث المواطنين للوقوف مع الجيش الشعبي فيما تسميه بالحرب المقدسة، والتي بث تلفزيون الجنوب استطلاعاً مع بعض الناشطين المسيحيين في جوبا والذين طالبوا (الخرطوم) بوقف اغتصاب النساء المسيحيات واغتيالهم في الخرطوم. دور الكنائس في جوبا شابه بشكل كبير دور المساجد في الخرطوم، إلا أن مطالبة الكنيسة بوقف اغتصاب أو قتل المسيحيين في الخرطوم يعد واحداً من أشكال الحرب غير الأخلاقية التي يبثها تلفزيون الجنوب لكونها مجافية لحقائق الأشياء على الأرض، فالسودانيون في الخرطوم أو كل السودان يعيشون في سلام مع إخوانهم الجنوبيين دون تمييز. خطب عداء أغلب البرامج التي يعرضها تلفزيون الجنوب للجيش الشعبي ويبدو للمشاهد من خلال ذلك أن تلفزيون الجنوب يمثل وحدة التوجيه المعنوي الخاصة بالجيش الشعبي، من خلال تمجيده وعرض خططه ونظم تسليحه، بجانب عرض خطب مسجلة للرئيس سلفاكير ميارديت وبعض قادة الحركة الشعبية في خطابات تعبوية توجه بشكل كامل نحو (الشمال) باعتباره عدوا للجنوبيين. حالة التشابه بين تلفزيون (السودان وتلفزيون جنوب السودان) يقول عنها أستاذ علوم الاتصال بدري عبد الرحيم في حديث ل(السوداني) إنها أمر غير مدهش، بسبب العقلية التي تدير الإعلام وقال إن دولة الجنوب بها العديد من الكوادر التي درست وتدربت وعملت في تلفزيون ووسائل الإعلام السودانية لذلك هم يعرفون شكل الرسالة الإعلامية خاصة في أوقات الحروب، معتبرا أن القنوات الرسمية يفترض أنها تعبر عن خط وسياسية الدولة حيث تساندها في وقت الحرب وتروج لها في أوقات السلام، ويقول إنه في فترات الحرب تستخدم تلك الوسائل لخدمة الأهداف العسكرية من رفع للروح المعنوية إلا أنه عاد وأشار الى أن تلفزيون الجنوب لأنه حديث عهد سيكرر شكل البرامج التي ينتجها تلفزيون السودان إلا أنه في المستقبل سيغير تلك الاستراتيجية خاصة وأنه منفتح أكثر على الدول الافريقية مثل كينيا ويوغندا.