تعتبر منطقة الجزيرة من مناطق السودان الحيوية والهامة فعلي الصعيد الاقتصادي ظلت المنطقة تمثل مطمورة السودان في تاريخه القديم والحديث وقديماً قال الشيخ فرح ودتكتوك مقولة معبرة تنم عن حكمة وبعد نظر عندما سئل عن أرض الجزيرة حيث قال:"الصعيد من أم طرفاية والسافل من الحلفايا وبينهم أرض عيدكية تربي الناس والسعية" والأرض العيدكية هي الأرض الخصبة المنتجة والجزيرة تقع ضمن مثلث الكسرة بكسر الكاف وهذا يعني أن سكانها يعتمدون في غذائهم الرئيسي علي الكسرة ومثلث الكسرة بكسر الكاف يشمل المنطقة ما بين كوستي ومنطقة سنار والخرطوم وعندما إحتل الانجليز السودان لم يجدوا أنسب من منطقة الجزيرة لقيام مشروع يروي عن طريق الري الإنسيابي من النيل سوي منطقة الجزيرة وقد كان أن تم التخطيط لذلك المشروع العملاق والذي أصبح يشكل العمود الفقري لاقتصاد السودان منذ بداية القرن الفائت ومازال مشروع الجزيرة بخير لولا التجاهل والإهمال الذي لازمه مؤخراً وإنسان الجزيرة بطبيعته إنسان مسالم وودود وهو يعمل وينتج ولا يكلف السودان كثيرا من المطالب على أنه وفي الفترة الأخيرة تعرض إنسان الجزيرة لظلم لا يمكن تصوره فمعظم مشاريع التنمية إتجهت ناحية الشمال الأقصي ورغم أن منطقة الشمالية من المناطق الجافة والطاردة إلا أنها وللأسف حظيت بمشاريع انهكت الخزينة العامة بصورة لا يمكن تصورها فمثلاً هناك عشرات الجسور التي تمددت على نهر النيل ما بين الحلفايا وحتي حلفا وهذه الجسور لا تربط مناطق انتاج ذات أهمية بل علي جانبي النيل أرض صحراء بلقع وكذلك نجد أن معظم الأموال التي استجلبت من الخليج لمستثمرين قد تم توجيهها نحو الشمال القاحل مع أن الجدوي الاقتصادية تقول ان مكان استثمارها هو الجزيرة أو غرب السودان حيث المناخ المناسب والتربة الخصبة فمثلاً إذا حاولنا أن نتحدث عن الجسور فنجد أن منطقة الجزيرة تحتاج لعدد عشرة جسور علي الأقل من الخرطوم وحتى الدمازين لربط مناطق الإنتاج علي ضفتي النيل الأزرق الشرقية والغربية خاصة وأن منطقة شرق النيل الأزرق منطقة زراعية ورعوية وبها قطيع متعدد من الأبقار والأغنام وهي تحتاج في فصل الصيف للعبور لمنطقة الجزيرة للمرعي مما يعني أن ربط المنطقة بجسور أمر حيوي وهام وكم سمعنا أن هناك خطة لربط ضفتي النيل الأزرق شرقاً وغرباً من الخرطوم وحتي الروصيرص بعدة جسور وعلي بعد كل ستين كيلو مترا هذا من جانب الجسور وأما الطرق المسفلتة فهي الشريان الذي سوف يربط تلك المناطق أي مناطق الإنتاج في الجزيرة فمازال الطريق الذي يربط منطقة الحلاويين بشمال الجزيرة معطلاً وكذلك طريق حلفاتمبول والذي ستستفيد منه منطقة شرق الجزيرة. نعم ان التنمية في منطقة الجزيرة متعطلة وحظ المنطقة في الخدمات لا يذكر والسبب الرئيسي من منظورنا هو تهميش ابناء المنطقة في السلطة المركزية والتي ظلت حكراً لمجموعات معروفة وقد آن الأوان لابناء الجزيرة أن يوحدوا كلمتهم ويطالبوا بحقوقهم اسوة بغيرهم فمن ظل يعطي طيلة حياته عليه أن يستعد لنيل حقوقه وهل هناك من ينكر ان معظم اهل السودان تعلموا وتعالجوا ونالوا خدمات كثيرة من عرق مزارع الجزيرة والذي حصدته البلهارسيا والملاريا. هاشم نور الله