ها هو عام آخر من أعمارنا يمضي وتنقضي أيامه، وتتساقط لحظاته الحلوة منها والمرة، دون أن نشعر بها. وفي عامنا هذا مرت العديد من الأحداث، منها ما هو مُفرح ومنها ما هو مُحزن، انتقلنا فيه من أماكن الى أخرى، والتقينا بالعديد من الناس عبر شتى مناحي الحياة،التقينا بأناس كان لهم حضور كالنسمة الباردة في عز الهجير، وكانوا كالنورالذي أضاء دروب حياتنا فكانوا شعوراً جملوا كلماتنا. الآن العام ينقضي ونسأل الله أن يكون العام 2014 م عام خير وبركة، والأمة الإسلامية تنعم بالأمن والسلام. وكل عام والسودان بخير وعافية، ونسأل الله أن نلتقي تحت مظلة التسامح والتصالح، وأن نسمو فوق الصغائر. أعجبني كثيراً ما يقدمه الآن أبناء أم درمان لمدينتهم، تلك المدينة الساحرة، واعجبني أكثر ما يقوم به ابن أم درمان البار الأستاذ عصام بشير الضو صاحب الطموح والبصيرة النافذة، التي تستطيع أن تنفذ الى ما وراء الأشياء. أن تكون في حضرته، فإنك لا تملك سوى الإصغاء والانتباه، وهو المالك في مدينة السؤال. لقد استطاع أن يهندس غرب أم درمان مع المسؤولين وجعلها تنعم بالخضرة والجمال. أم درمان تلك العذراء الجميلة التي يعشقها الجميع بتوليفة قل أن توصف بالرائعة، أن ما قام به عصام بشير في غرب أم درمان تجربة يجب الوقوف عندها. فقد استطاع أن يجمع بين قبايل هذه المنطقة بتوليفة الزعيم وقائد القبيلة الذي أراد لها مستقبل مشرق. وإذا أحب الله عبداً حبب فيه خلقه، فذلك ليس شيئاً نمتلكه، بل نكتسبه، إذ يجعلك الناس تشعر أنك مهم لهم وأنك تتمتع بمكانة خاصة. فهناك أشخاص عندما يدخلون المكان يملأوه بالبهجة يأسرون محبة الناس بطبيعتهم ومعاملاتهم الرائعة. أن تكون في حضرتهم فإنك لا تملك سوى الانبهار والانتباه، وهو المالك في مدينة. السؤال حقاً إن غرب أم درمان الآن يحتاج الى أن يستقل أكثر ويحتاج الى برنامج عمل تتخلله التنمية والخدمات، ويحتاج الى حزام امني من القبائل العربية التي تحمي العاصمة من المتربصين والمتمردين. ما أجمل شباب بلادي عندما تصبح الخضرة والمياة عشقهم الأبدي والسرمدي، وأن تصبح المكان الذي يدخل البهجة الى نفوسهم والطمأنينة الى قلوبهم. إن السودان الآن يحتاج الى مزارع جديد يرتدي الجينز ويحس بجمال الزراعة ويكتب القصائد في القمر والدعاش وانتصار الحقول والصبح إذا تنفس. نحن فعلاً نحتاج الى جيل يحب الزراعة ويحب الحقول بمبدئية يفعل ذلك بقناعة. لقد انهارت الزراعة في بلادنا لأن المزارع اصبح مقاولاً وجاذباً للمستثمر وصائداً لأموال البنوك، ولكنه لم يرتبط بالأرض ارتباطاً حقيقياً ومثمراً وعميقاً. لقد بحَّ صوتنا ونحن نطالب الدولة بمشروعات ريفية صغيرة ومجودة تستوعب الشباب الذين يستطيعون أن ينافسوا. لقد بحًّ صوتنا أيضاً ونحن نطالب بمشروعات الأمل التي تفرغ المدينة من هؤلاء الحزانى، والهم والأمل أننا ننتظر صيحة المزرعة السعيدة ولأسرة سعيدة، تهتف في وجه مرض القناعة ويتوجهون الى الريف. لقد اصبحت الخرطوم الآن مقروحة الأجفان بادية الأنين. لقد أصبحت تنظيمات الشباب في بلادي هواء بلاء طحين. فهل ستفاجئنا يوماً بتخريج دفعة من العمالة الماهرة والشغيلة الذين يجملون وجه الزمن المعاصر؟ لقد فقدنا الكثيرين منهم بسبب الهجرة. لقد سقط زمن الزراعة والعمالة في بلادنا، فما الذي تبقي؟! التحية لك أخي عصام مهندس الرقائق وأنت تزرع البسمة في نفوس الفقراء وتهندس الأرض بمحبة العاشق الوله. إن مدينة أم درمان في أمن ما دام بها أمثالك وما أسعد أم درمان بأبنائها وهم كُثر. نتمنى في العام الجديد أن تقوم الحكومة بمد الجسور الوفاقية، وأن تجتمع على كلمة سواء، لأن القادم لا يحتمل التفاصيل، ولتبقى الكلمة النزيهة التي تخرج عن الذاتية الضيقة الى حدود الوطن الفسيح، لأن ما يُحاك ضد السودان الآن أكبر. ونحن نستشرف العام الجديد، لا نحتاج الى تغييرات هيكلية كما فعلت الحكومة الآن، بل نحتاج الى تغييرات فكرية. لقد بدأ تراكم الكيفيات منذ التوالي السياسي ومبادئ مشاكوس، والتعددية الحزبية الى آخره. لذا مطلوب الآن من الدولة أن تستصحب الحالة التي أصبح عليها المواطن بعد أن أرهقته قفة المُلاح. إن إدراك الأخذ بالأصلح مطلب العقلاء والحكماء والسعي الى التطوير والإصلاح، فهو أولوية وقناعة يؤمن بها الشعب، وواجب الحكومة سعياً لمصلحة الوطن والمواطن. إن الإصلاح برنامج متكامل يستحدث الطاقات ويستشرف آفاق المستقبل، ومواجة تحدياته، كذلك لابد من حل قضية دارفور باعتبارها قضية محورية. إن سياسة القتل والعنف التي تنتهجها الحركات المسلحة يجب أن يوضع لها حد. وما نرجوه أن يكون العام 2014عام خير ورفاهية وسلام.. نأمل ذلك.