[email protected] يظل الموت لغز كبير يواجهنا فأنت لا تدري متى تموت وكيف تموت فقد تكون سائراً في طريقك تتمتع بكافة قواك العقلية والجسدية فتأتي سيارة مسرعة يريد سائقها أن يسبق تلك التي أمامه ليفوز ببعض الركاب قبل صاحبه فيطيح بك أرضاً فتكون نهايتك الكبرى قد يكون هناك معتوهاً يتمتع بكامل حريته لا يعبأ به أهله ولا تعرف السلطات المختصة عنه شيئاً يحمل عصاه فيهوي بها عليك من دون الناس وبدون مناسبة ولا يستطيع أحد أن يمنعه فهو مجنون فيقضي عليك في الحال. قد تنام ولا تصحوا من نومك ويكتشف أهلك أنك قد فارقت الحياة مصدقاً لقوله تعالي (( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأُخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لأيات لقوم يتفكرون)) الزمر الايه 24 ما يحدث للجسد بعد خروج الروح هو ما يمكن أن يحدث للحيوانات النافهة والتي تنتفخ ثم تطق وتبعث منها الروائح الكريهة وتكون عرضة للكلاب الضالة تأكل منها حتى لا يبقى منها شئ لذلك فإن إكرام الميت دفنه حتى يحدث له ما يحدث من تلك الظواهر الطبيعية بعد موارة الجسد التراب فلا يشعر به أحد ولا يتضايق منه الناس ولا يكون عرضة لنشر الذباب وغيرها من عوامل تردي البيئة. خلف الله الحياة والموت وفي سورة تبارك يقدم الموت على الحياة في الخلق فيقول سبحانه وتعالي ( الذي خلق الموت والحياه ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ) إكتشف قدماء المصريين سر التحنيط ليبقى الجسد كما هو ففي إعتقادهم أن الروح ستعود في يوم ما إلى الجسد لذلك كانوا يحتفظون في قبور موتاهم بكافة الأشياء التي تحضهم وذلك حتى لا تقبل الروح فتدخل في جسد شخص آخر، المدهش في الأمر أنه ورغم تقدم العلم فإن سر التحنيط قد مات مع قدماء المصريين فلا يعرف العلم الحديث كيفية إحتفاظ الفراعنة بأجساد موتاهم لالآف السنيين حتى الآن. يبقى سر التحنيط من الأسرار الكبرى التي لا نعرف عنها شيئ. ربما قل أمر التحنيط والإهتمام به بعد إنتقال قدماء المصريين وتحولهم من دياناتهم القديمة ودخولهم في المسيحية وإعتناقهم للإسلام فيما بعد فإندثرت علومه ومات مع كهنة الفراعنة وسحرتهم فلم تعد له تلك الأهمية الدينية. إن رحلة الحياة قصيرة جداً ومهما إمتد العمر بالإنسان وعاش حتى مائة عام فإنه سيموت وبوارى جسده التراب ربما لالآف السنين وسرعان ما ينساه أقرباءه ويقل حزنهم عليه حتى لا يبقى له أثر وفي وقت قريب بعد موته يقوم ورثته بتقسيم ما تركه في عملية فك الإرتباط فيما بينهم يذهب بعدها كل منهم إلى شأنه فقد أصبح للكل أسرته الخاصة والتي يعطها جل إهتمامه لتبقى علاقته بإخوانه رغم أهميتها هي علاقة ثانوية. كلما إمتد العمر بالإنسان فإن قواه العقلية والجسدية تظل في تدهور مستمر فالخلايا التي تموت لا تتجدد وربما يعجر ذلك الشيخ الهرم عن الحركة فيظل مستلقياً على فراشه فيتحول مرة أخرى إلى طفل صغير لا يستطيع حتى قضاء حاجاته فيكون الموت راحة له من عناء حياته ( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفال ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخاً ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلاً مسمى ولعلكم تعقلون ) غافر الاية 76