لقد قال سيدنا عمر بن الخطاب قولته المشهورة التي أصبحت منارة للحرية في كلمة :»متى أستعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا» عندما سبق ولد المصري ولد سيدنا عمر بن العاص في سباق للخيل، فضربه ولد سيد نا عمر بن العاص فاشتكاه ولد المصري لسيد عمر بن الخطاب.. وباقي القصة معروفة لدى الجميع ولكن للحرية حدود فإن حريتك لا تتعدى على حدود الآخرين أي أن هناك خيط رفيع مابين الحرية والفوضى ،ولكن الحرية يجعلها القانون والعرف والعادات وآداب السلوك، والآداب العامة أي ليس مطلقة، وماحاك في صدرك وتخاف أن يطلع عليه الآخرين؛ أي الضمير . وهو المحكمة الداخلية في قلب الإنسان الذي لو صلح لصلح باقي جسده. ومن هنا جاءت حرية الصحافة في النقد الموضوعي، وليس الذاتي؛ أي نقد السياسيات وليس الأشخاص أي النقد السياسي والاقتصادي أو الاجتماعي لاصلاح المجتمع، وهناك المصلحين الاجتماعيين مثل : عبد الرحمن الكواكبي وغيرهم من رجال الاصلاح مثل رجال الدين لأن الدين النصيحة والدين المعاملة بل أن هناك النقد الأدبي للوصول الى الكمال رغم أن الكمال لله، فالنقد جزء من الأدب، وحتي يتطور الأدب الى الأحسن وكذلك الرأي والرأي الآخر، حتى تتلاقح الأفكار، وبهذا كان الإعلام بكل أشكاله المختلفة من مقروء ومسموع ومرئي يلعب دوره في اصلاح المجتمع، وكانت الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية، وليس بتكميم الأفواه في كلمة لايسمع لا نرى ولا نتكلم، فإن ذلك يؤدي الى السلبية، وقد قال الدين أن لا يكون الرجل إمعة إذا أحسن الناس أحسن، وإذا أساءوا أساء بل يقف مع الأولى ولا يقف مع الثانية، وكلمة حق عند سلطان جائر ولا يخشى في الله لومه لائم، فقد قال سيدنا أبوبكر الصديق عندما تولى الخلافة، وفي خطبته الأولى:» إذا أصبت فأعينوني وإذا أخطأت فقوموني بسيوفكم . فقال أحد الجالسين بأنه إذا أخطأ فإنه سوف يواجهه بسيفه هذا!. فقال :»الحمد لله بأنه وجد الذي يقومه. فالصحافة والإعلام بصفة عامة هو السلطة الرابعة على كل السلطات الأخرى البرلمانية، أي التشريعية والتنفيذية والقضائية رغم أن القضاء أعلى سلطة في البلاد الكل يتحاكم إليه لأن الفساد في كل تلك السلطات هو فساد المجتمع لأنه في الأول والأخير فإن السلطة للشعب وليس للحاكم ..لأن الحاكم هو الذي أتى به الشعب في انتخابات رئاسية وأعطاه التوكيل لحكمة، وإن مجلس النواب أي مجلس الشعب تم بالانتخاب حسب الدوائر الانتخابية، وتم من قبل الشعب.. إنه الحكم الديمقراطي الذي يبحث عنه العالم العربي والإسلامي، وقام بسببه مايسمى بالربيع العربي في كل من: مصر وتونس وليبيا واليمن والباقية تأتي.. فإن طريق الديمقراطية طويل وشاق ولكن كما قال الشاعر : إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد ان ينكسر.. فلنرجع إلى ما بدأنا به قول سيدنا عمر بن الخطاب:» متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار».. وموقف آخر لسيدنا عمر في المسجد، وهو يخطب فقال أحد المصلين أين المستحقين عندما وجد أن جلباب سيدنا عمر أطول من كل باقي الجلابيب وهو«جمع جلابية» بأن جلبابه أطول من جلاليبهم ، فنادى سيدنا عمر على ابنه عبدالله، وقال ولده بأنه أعطى جلبابه لأبيه، حتى يتم به جلبابه لأنه طويل القامة، فقال الاعرابي الآن السمع والطاعة.. إنها منتهى الديمقراطية عندما يحاكم الشعب الحاكم بلا خشية من الحاكم ولا من أمنه وحراسة فقال عنه: ملك كسري أي عن سيدنا عمر عند ما وجده يرقد تحت شجرة . فقال قولته المشهورة :»حكمت فعدلت فنمت ياعمر». وقال عنه رسولنا الكريم :»لو كان هناك نبي بعدي لكان عمر بن الخطاب . ونقول أخيراً كما يقول أخوتنا في مصر:» كلنا أولاد تسعة أي تسعة أشهر نمكث في بطون أمهاتنا لنخرج بعدها للحياة، وكلنا نتساوي في ذلك حكاماً ومحكومين ولايوجد كبير فوق القانون فكلنا متساوون أمامه. وفوق كل ذلك رأس الحكمة مخافة الله لأننا سوف نقف أمامه جميعاً يوم الحساب. وبالله التوفيق.