يزور الرئيس عمر البشير اليوم الإثنين عاصمة دولة جنوب السودان جوبا لإجراء مباحثات مع الرئيس سلفاكير ميارديت بشأن الأوضاع وتأكيد دعم السودان لمبادرة الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيقاد) للتوصل لاتفاق سلام بين طرفي الصراع. وأكدت وزارة الخارجية بدولة جنوب السودان وصول الرئيس البشير اليوم، وأن مباحثاته لن تكون منفصلة عن مبادرة الإيقاد. وأشارت إلى أن وصول البشير بنفسه لجوبا تعني عدم الحاجة للزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها وزير خارجية جنوب السودان برنابا بنجامين غداً الثلاثاء المقبل للخرطوم لنقل رسالة من سلفاكير للبشير . في الوقت الذي كشفت فيه المصادر عن تواصل المواجهات بين قوات دولة الجنوب وقوات المتمردين على محيط العاصمة جوبا، مما أدى لنزوح مئات الأسر من جوبا الى الحدود اليوغندية، بدأت الأحد المحادثات المباشرة بين طرفي الصراع في جنوب السودان، بمشاركة ممثلين عن الرئيس سلفاكير ميارديت ونائب الرئيس السابق رياك مشار، في أديس أبابا، بينما نزح سكان من جوبا نحو الحدود اليوغندية بعد مواجهات عنيفة بالعاصمة. وتركز المحادثات على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح السجناء السياسيين. وجدد رئيس وفد مشار الدعوة لإطلاق سراح المعتقلين ورفع حالة الطواريء التي أعلنها سلفاكير في ولايتي جونقلي والوحدة. ولم تُسفر المحادثات غير المباشرة التي أجريت اليومين الماضيين عن أية نتيجة لاحتواء الأزمة. وأفادت الأنباء، أن جيش الجنوب خاض معارك لاستعادة السيطرة على مدينة بور الإستراتيجية، من جانبها، استبقت الولاياتالمتحدة انطلاق المفاوضات المباشرة بين طرفي الصراع في جنوب السودان بتحذيرهما من «التحايل» في تلك المحادثات لتحقيق مكاسب عسكرية على الأرض، حيث لا يزال الاستنفار العسكري سيد الموقف. وعبَّر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري -خلال زيارته للشرق الأوسط- عن تأييد بلاده محادثات السلام المباشرة بشأن جنوب السودان التي انطلقت اليوم الأحد، لكنه حذّر من «التحايل» في تلك المحادثات واستخدام «أي جانب للقوة لمحاولة أن تكون له الغلبة». وقال كيري إن الولاياتالمتحدة «ستؤيد أولئك الذين يسعون من أجل السلام، إلا إننا لن نؤيد وسنعمل على ممارسة ضغوط دولية على أي عناصر تسعى لاستخدام القوة لتكون لهم الغلبة والميزة العسكرية واليد العليا على الأرض».وأضاف «يحتاج الطرفان إلى وضع مصلحة جنوب السودان في المقام الأول بعيداً عن المصالح الخاصة بهما». من جانبة قال القيادي في الحركة الشعبية الحزب الحاكم في جنوب السودان د. لوكا بيونق، إن الصراع في الجنوب يدور بين ثلاثة مراكز قوى، معتبراً أن المفاوضات التي انطلقت يوم الأحد بإثيوبيا يمكن أن تعطي فرصة لاحتواء الأزمة الحالية. وصنف لوكا الذي يعمل محاضراً بجامعة هارفرد الأمريكية في تصريح لشبكة الشروق عبر الهاتف من مقر عمله بالولاياتالمتحدة، مراكز القوى في: مجموعة يقودها الرئيس سلفا كير مياردت، والثانية بقيادة د. رياك مشار، والأخيرة إصلاحيون يمثلون قيادات تاريخية بالحركة على رأسهم الثلاثة المعتقلين حالياً. ورفض سلفا كير الإفراج عن كلٌ من الأمين العام السابق للحركة باقان أموم ودينق ألور وكوستا مانيبي بحجة أنهم متهمون في قضايا فساد. واعتبر لوكا المجموعة الأخيرة هي الأقدر على تقديم الطرح القومي للحل في إطار الحزب والدولة. ودعا لوكا لضرورة التركيز في المرحلة الأولى من مفاوضات أديس أبابا الحالية على الوصول لاتفاق وقف العدائيات وإطلاق النار. واقترح لوكا الاستناد إلى اتفاقية منطقة جبال النوبة السودانية لوقف إطلاق النار التي وقِّعت عام 2002م ما بين الخرطوم وحزبه الحاكم بزعامة الراحل د. جون قرنق أثناء الحرب الأهلية في إطار السودان الموحد. ورأى أن هذه الاتفاقية من ناحية المحتوى يمكن أن تطبق على الوضع الجنوب سوداني الآن مع إجراء تعديلات بسيطة بأن توكل عملية المراقبة الدولية لوقف إطلاق النار للبعثة الأممية في جوبا. وأشار إلى أن المرحلة الثانية من الحوار يمكن أن يقودها المعتقلون حالياً وأن يدور الحوار حول القضايا الأسياسية التي أثيرت يوم 6 ديسمبر من العام الماضي. ورأى لوكا الأزمة داخل الحزب قادت لإفرازات على المستوى القومي، الأمر الذي يتطلب معه إجراء حوار قومي يتعلق بالانتهاكات التي تمت والمجازر بعد حسم الأمر داخل الحركة. وشدد على ضرورة إجراء تحقيقات ومحاسبة كل من ارتكب تلك الانتهاكات سواء على مستوى الدولة أم موظفيها أم الأفراد. وطالب بإحداث إجماع لتعديل الدستور الانتقالي لدولة الجنوب للحد من السلطات التي منحت للرئيس سلفا كير لاسيما وأنها أعطته صلاحيات غير عادية. وقال إن هذه الصلاحيات منحت الرئيس سلطات لإقالة حاكم منتخب دون الرجوع للمؤسسات. وشدد لوكا على أهمية أن يعيد سلفا كير حاكمي ولايتي البحيرات والوحدة اللذيْن أعفاهما باعتبارهما منتخبيْن من قبل الشعب، بجانب إبعاد بعض العناصر التي لا تساعد في جمع الشمل.