لقد أدى الإستخدام غير المناسب للتقنية لإحداث فجوة فكرية بين الأجيال وتعميق جراح المجتمعات بحيث إنها أصبحت عبئاً ثقيلا على بعض الأسر بدلا من الوصول إلى الأهداف التي صنعت من أجلها لراحة الإنسان بقرب المسافات المعلوماتية العلمية والمعرفية، ولكن يبدو أن الشر الفكري استعد مبكراً بالتخطيط والتدبير لإخراج الأمة الإسلامية عن مسارها الذي رسمه خير البشر صلى الله عليه وسلم لأمته اجتهد اليهود كثيراً منذ قرون لضرب مفصل الأمة وركيزتها التنموية واستطاعوا بدرجة إمتياز الفوز والتغلب على عقلية الشباب العربي والإسلامي فأنظر مآسي شبكة الانترنت وما تزدخر به من مواقع تروج للعقائد الفاسدة والأفكار الهدامة برغم اجتهادات علماء الأمة إلا أن فرق الإمكانيات والتخطيط كبير بيننا وبينهم لويس التاسع ملك فرنسا عقب إنتهاء الحرب قال مقولته «تكسرت الرماح والسيوف فلنبدأ حرب الكلمة». فالكلمة لم تكن صواريخاً عايرة بل مواد إعلامية سامة مفعولها أخطر من القتل برصاصة وفضاء مفتوح يبث الإباحية والتعري المصطنع تحت غطاء العولمة وانفتاح الموضة العصرية حتى الإعلانات اتخذت اشكالا متنوعة معظمها يركز على عرض التعري. فالغزو الثقافي عرف نقاط ضعفنا حيث وقع كثير من الشباب اليوم في مصيدة الإنحلال الأخلاقي وبث الفاحشة على المواقع، فالعالم استفاد من التقنية في الصعود إلى القمر وشبابنا تباهي بخلق صداقات جديدة بالتواصل تحت سقف العلاقات الاجتماعية بدل النقاش المستفيض عن القضايا الجوهرية للأمة التي ستسأل عن تلك الأوقات، حيث إنها أضحت أدوات للثرثرة ونقل الشمارات ووضع الصور، فمن أسس الفيسبوك أراد من التحكم المعلوماتي على مستوى العالم من اتخاذ مصادر معلومات مختلفة ونحن بطبعنا كرماء الحس الأمني شبه معدم لدينا أبسط مثال «ست الشاي» تعرف معلومات المؤسسات التي تجلس بجوارها لدرجة من نقل من الموظفين وإلى أين استقر. هذا الوضع المفتوح جعل مجرمو التقنية يسعون إلى حصاد الأموال تارة عن طريق قضايا انتحال الشحصية والتشهير والإبتزاز الالكتروني ، وتارة عن طريق اختراق الشبكات وكسر الشفرات، وتارة عن إرسال رسائل الرصيد بالمبالغ المالية الكبيرة وتحويلها من شبكة إلى شبكة مصيدة وقع فيها الكثيرين من البسطاء، أنظر ايضاً لحال بعض الشباب اليوم ماذا فعلت بهم العولمة الثقافية تبريم الشعر، بنطلون شبه ثابت، فكر خاوي، يعرف تاريخ جون سنا، ميسي فقط، المثل الاعلى الفنان الفلاني حتى المسلسلات الوافدة وجدت حيزاً مقدراً من المشاهدة، فتأثر سائقو الحافلات والركشات بالعروض عبروا بالكتابة على الخلفية ملكة جانسي المجد لله ونتذكر جيداً مافعلته مسلسل مهند ونور، بعض الفتيات تغذوا بغذاء الغزو ملابس ظاهرياً ساتر، ولكنها تظهر تضاريس مرتفعات وانخفاضات الجسم زينة كاملة تخرج بها الفتاة بكل أسف من عقر دارها دون رقيب أو حسيب على ضفاف شاطئ النيل ترى تشابك الأيدي بين المحب والمحبة والنظرات الغرامية تشق صمت المكان الشيطان يهمس في فرح شديد عافي عنكم أثلجتم فؤادي انتم بارعون حقاً تستحقون مني تسهل بقية المعصية. وغداً يقول إني برئ منكم اني أخاف الله رب العالمين فالشباب برغم الجهود المبذولة إلا أن هناك أدوار شبه غائبة لمنظمات المجتمع المدني، فالشرطة تقوم بأدوارها دون تقصير والدليل على ذلك الضبطيات المتكررة لادارات أمن المجتمع ومكافحة المخدرات وحتى داخل المؤسسات الاصلاحية نجح بدرجة الإمتياز مدير سجن كوبر الاتحادي بتفعيل الدور التوعوي الإصلاحي الفاعل فسطعت الشهادات العلمية العليا في عهده وعلت الإنجازات تفوح بالشكر والتقدير، ولكننا نبحث عن الغياب الأسري الذي أصبح يخرج مراهقاً و شاباً لديه فضول وعدم استقرار نفسي وفكري سهل اصطيادة فالتجارب التي يشاهدها يريد تطبيقها على أرض الواقع. المؤسسات الاعلامية بعضاً منها في حالة توهان برامج مشتتة لا ترتقي ولا تريد الخروج عن الدور التقليدي ومواكبة المجتمع صحافة صغراء اجتماعية تعتمد على الأرباح دون النظر إلى القيم والمبادئ الأخلاقية العامة فالإبداع والتمييز دفن تحت تراب الإحباط والإنزلاق من صلح منهم هاجر خارج سياج الوطن بحثاً عن اثبات الذات ومن تبقى يعيش في سبات عميق فمتى نستطيع إيقاظ فكرنا ببرامج هادفة..؟!! والله المستعان