مليشيا الدعم السريع هي مليشيا إرهابية من أعلى قيادتها حتى آخر جندي    ضربات جوية ليلية مباغتة على مطار نيالا وأهداف أخرى داخل المدينة    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كشف المسكوت عنه في السياسة السودانية 6
المفاوضات في عرف أمريكا لإثارة النعرات القبلية والأثنية وابتزاز الحكومة لتقديم تنازلات لأجندتها!! أخطأ المشايخ في بداية الأزمة بالسماح لبعض الشباب الطائش الغاضبين أن يخربوا الصلح الذي تمَّ فإندلع القتال الكارثة؟!
نشر في الوطن يوم 23 - 08 - 2014

الزمن المتخثر يمضي ومازال الزيف حقيقة، عاماً خلف عام، والوطن يسقط في التجربة خيطاً من الدماء بين الجرح وحد لسكين يختبئ في صرر المهجرين والمشردين والنازحين والمذبوحين واللاعبين في السياسة بين النار والموت يأتمرون على الناس ضد الناس النازحين والمهاجرين.
من دبّّر من خطط وسحب الارض من تحت خطوات الناس في دارفور ؟ والدفاتر عتيقة لا من الناس من سأل ماذا فعلوا؟ والحرب تحمل الموت تزور القرى والقرية خلف القرية تقتل أسماءها وتنام، واللعبة تكبر تصبح بحجم الكبار من القوات المتعددة الجنسية ... ثم ... ثم... حاول أكامبو تنفيذ سياسة الفوضى الخلاقة ذلك المصطلح الذي رسمته اسرائيل لسياستها الخارجية في بعض الدول التي لم تنجح معها سياسة التهديد والوعيد في الهجوم العسكري والمحاصرة التي تقوم بتنفيذها نيابة عنها أمريكا وكانت تلك أوهام مدعي لاهاي بالاعتماد على الفوضى التي كانت ستزيح البشير ومن خلالها تظهر شخصيات جديدة لنج !!
كان المخطط الصهيوني بتحميل دمشق المسئولية عن إغتيال رفيق الحريري قد تحول إلى بيئة خصبة للتآمر فلم تمر سوى ساعات قليلة بعد عملية التفجير الذي أودى بالحريري حتى تسرب تقرير إسرائيلي مفبرك عبر شبكة الإنترنت حول الأسباب التي دفعت بسوريا لتصفية حليفها القديم ومنها: أن زعماء المعارضة اللبنانية وليد جنبلاط ونصر الله صغير وسعد الحريري أعلنوا قبل أيام من العملية عن موافقتهم على التنسيق مع الولايات المتحدة واستعدادهم للدخول في مفاوضات مع إسرائيل للتوصل إلى اتفاق سلام بعيداً عن المسار السوري ومشكلة الجولان..
ويفيد التقرير الذي نشره موقع الأخبار الإلكتروني الإسرائيلي أن الصراع انتهى بين بيروت وتل أبيب بعد الإنسحاب من جنوب لبنان وحل مشكلة الحدود وفق زعمه متجاهلاً مزارع شبعا اللبنانية المحتلة؟!
وحمَّل التقرير المخابرات السورية برئاسة الجنرال رستم رزق، وخاصة أن موقف الحريري كان سيؤدي إلى عزل الرئيس بشار الأسد وحزب الله وطبقاً للمطالب الأمريكية آنذاك ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تستوجب القبض على رئيسه.
طبعاً كان الغرض من كل هذه التهم الملفقة هو إخراج سوريا من لبنان. لأن بشار الأسد الآن يرتكب فعلاً جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ضد الشعب السوري ويحظى بمباركة إسرائيل وأمريكا وروسيا والغرب لأنه يحارب ضد الإسلام والمسلمين السنة؟! وحكومة الإنقاذ حتى الآن لم تدرك أن واشنطن التي تعتمد أخطر مراكز الأبحاث والدراسات عدلت من خططها في استهداف وقتل الحكام العرب وإبادة شعوبهم وبدلاً من دخول العراق والقبض على الرئيس صدام حسين وإعدامه بدون موافقة الأمم المتحدة أو أي سند قانوني، تقوم الآن بتنفيذ نفس السيناريو مع حكم عربي ثان في أقل من ست سنوات ولكن هذه المرة تحت مظلة قانونية!!
إذاً هو القتل بالقانون وهو التعبير الذي جاء به باراك أوباما على الرغم من افتتاح أمر المحكمة منذ خطواتها الأولى عام 2005م عندما استندت إلى شهادات سودانيين لم يروا دارفور ولا مرة واحدة في حياتهم؟!
واستمعت إلى شهادات تشاديين باعتبارهم سودانيين!! ومدعي لاهاي طوى ملف اغتيال الحريري واغلقه بعد انسحاب سوريا من لبنان!!
وأخذ يلهث خلف ضحية جديدة بعد أزمة دارفور ووجد ضالته في البشير.
إذ أن واشنطن والعواصم الغربية أصروا منذ البداية على تلفيق تقارير إضافة إلى استخدام أسلوب جديد على القضاء وهو صناعة الأدلة عبر قيام مجموعات من المتمردين بتمثيل عمليات اغتصاب وقتل وتوثيقها في أفلام تسجيلية باعتبارها جرائم حرب في دارفور، واستخدمت واشنطن تحقيقات المحكمة في تدمير أية محاولة للسلام. فكلما بدأت الحكومة جولة مفاوضات مع المتمردين تعلن المحكمة عن اتهام جديد لمسئول أو للحكومة السودانية بارتكاب جرائم حرب او جرائم إبادة، وهو ما أفسد جميع جولات التفاوض بما فيها اتفاقية ابوجا مايو 2006م فعندما اتفقت جميع الفصائل على بنود الاتفاقية وقبل ساعة واحدة انسحب الجميع ما عدا فصيل مني اركو مناوي حيث خدعت واشنطن الحكومة السودانية وقال ممثلها في المفاوضات إن على الحكومة التوقيع على الاتفاق وأن أي فصيل يرفض التوقيع سيعتبر من قبل إدارتها والغرب فصيل إرهابي. ولكن بمجرد توقيع الحكومة غادر رؤساء وممثلو الحركات إلى العواصم الغربية بوثائق سفر غربية وتم تفريغ مفاوضات أبوجا من مضمونها؟!
ولم تتعظ الحكومة من تجربة نيفاشا فوقعت في نفس الفخ مرتين مغمضة العينين ووقعت بعد أن وثقت في وعود واشنطن الزائفة وجذرتها المسمومة!!
أما المحكمة الجنائية فهي مثل واشنطن لا تعتمد على القانون في شيء فقد افتضح أمرها عندما تقدم الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي بمبادرة، حيث اقترح أن يقوم الرئيس البشير بتسليم الوزير أحمد هارون والقائد علي كوشيب للمحكمة الجنائية مقابل الغاء الحكم على البشير؟
المبادرة الفرنسية قدمت للتاريخ دليلا على أن المحكمة يستخدمها الغرب في تحقيق مخططاته وليست عنواناً لتطبيق القانون والعدالة كما انها عكست استخدام الغرب للمحكمة كورقة ابتزاز لدول العالم الثالث.
استخدام امريكا للجنائية لابتزاز السودان وهو أحد الأهداف التي سعت لها واشنطن منذ انفجار أزمة دارفور عام 2003م فافشلت جميع المصالحات بين البلدين.
ولكن بفضل التحركات الدبلوماسية امكن المصالحة بين تشاد والسودان اخيراً مما قلل من حجم المخاطر.
اما الخطة الثانية فكانت تحرك قوات التمرد من غرب السودان ودارفور، وقوات الحركة الشعبية من الجنوب في آن واحد والتحرك نحو العاصمة الخرطوم بدعم أمريكي عربي عبر تشاد واثيوبيا وكينيا ويوغندا ، ومن المعروف أن ممثلي الأمن القومي في البيت الابيض التقوا قيادات الجنوب مرات عدة دون حضور ممثلين عن الحكومة الاتحادية في الشمال وهو ما يؤكد وجود ترتيبات لا يرغب أي من الأطراف الثلاثة إطلاع الخرطوم عليها. ففي زيارة سلفاكير للعاصمة الامريكية واشنطن تم منع د. مصطفى عثمان اسماعيل من حضور لقائه مع كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية السابقة. والسماح فقط بحضور أبناء الجنوب ، والمعروف إلى جميع حركات التمرد بما فيها حركة العدل والمساواة التي لم تدخل آنذاك في مفاوضات مع الحكومة في دارفور تعتبر أن البشير مجرم حرب، وتؤيد بكل قوة قرارات المحكمة الجنائية.
فلم تعد المحاكم الدولية في هذا العصر الردئ بيوت عدالة إنما أدوات مشبوهة وأداة هيمنة وأكامبو مجرد دمية تحركه هذه البيوت.
المعلومة الصحيحة التي توفرت عن الوضع في دارفور أن المأساة هي صراع بين طرفين من القبائل ارتكب كلاهما جرائم مختلفة فتعاملوا مع قبائل أخرى بوحشية وقتلوا ونهبوا ودمروا بعد أن تلقوا أموالاً وفيرة من الخارج وأسلحة متنوعة تتدرب عليها على أيدي الشركات الغربية الممولة من النوع الذي دمر به واشنطن العراق كبلاك ووكر التي انهالت على بلاد الرافدين نهبا وقتلا وتخريباً فكانت المتهم الاول والاخير عن مأساة العراق وهي نفسها المتهم الاول عن الفتنة في دارفور كلاهما تلفيق سواء بأسلحة الدمار الشامل أو بالابادة الجماعية..!!
وكان خليل إبراهيم زعيم الحركة (العدل والمساواة) قد أعلن انه سيقوم بالقبض على البشير في حال صدور القرار.
كما أن الحركة الشعبية في الجنوب وهي شريك للحكومة في قسمة الثروة والسلطة رحب قادتها بقرار المحكمة الدولية واتخذوا موقفاً مؤيداً منذ بداية الأزمة بزعم ضرورة التعاون مع المجتمع الدولي والمحكمة الجنائية مما يدل على تواطؤ وتنسيق مع واشنطن وتحريض. فلو كانت الحكومة هددت فقط انها لن تنفذ قسمة الثروة والسلطة لموقف الحركة من أزمة دارفور وتسليحها المتمردين او أوقفت النفط ما لم ترعوي الحركة من حركات دارفور بالسلاح حتى لو اضطرها الرجوع إلى المربع الاول وهو الحرب لسارت القضية مساراً آخراً.
كانت مفاوضات ابوجا مستمرة وبدلا من تشجيع مجلس الأمن الدولي الأطراف لتحقيق السلام كما في مفاوضات الشرق الاوسط سارت مفاوضات نيفاشا في طريق مغاير. وواصلت امريكا وبريطانيا وفرنسا تهديد الحكومة بإصدار المزيد من القرارات ضدها كأنها تريد أن لا يحدث اتفاقاً لتجبر الحكومة بتقديم المزيد من التنازلات لصالح أجندة الغرب.
حيث جاء اتهام النظام في الخرطوم بارتكاب إبادة جماعية في دارفور مخالفاً لتعهد واشنطن للحكومة أثناء مفاوضات نيفاشا بحل قضية دارفور ورفع السودان من القائمة السوداء إن هي وقعت الاتفاقية وحل جميع مشالكها؟!
فطرحت قراراً لمجلس الأمن ينص على عقوبات تشمل قطاع البترول وحظر الطيران العسكري السوداني فوق اقليم دارفور والذي تم تعديله أمام معارضة دولية قادتها الصين ليصدر القرار 1564 بتاريخ81/9/4002م أي قبل أقل من 48 يوماً من القرار الاول وقبل أن تنتهي الفترة التي حددها مجلس الأمن في قراره الأول.
ذلك القرار الذي أعرب فيه مجلس الأمن عن قلقه الشديد بان الحكومة لا تفي بالتزاماتها الواردة في القرار 1556 فكيف في بحر 48 يوماً يتم تنفيذ تلك البنود؟
وبعد أقل من 25 يوماً أصدر المجلس القرار 1569 بتاريخ 10 مارس 2005 والقرار 1588 11مارس 2005 والقرار رقم 1590 بتاريخ 51مارس 2005 والقرار 1951 بتاريخ مارس 5002م الذي أعرب فيه مجلس الأمن عن استيائه الشديد لعدم امتثال الحكومة والقوات المتمردة وسائر الجماعات المسلحة وأدان انتهاك انجمينا لوقف اطلاق النار والقصف الجوي الذي قامت به الحكومة وعدم قيام الحكومة بنزع سلاح الجنجويد والقبض على زعمائهم وأعوانهم المنتهكين لحقوق الإنسان بتقديمهم للمحاكمة كما قرر توسيع نطاق العقوبات لتشمل إضافة إلى الحظر العسكري إجراءات أخرى من بينها حظر السفر على بعض الأفراد، وكان القرار الأخطر في قضية دارفور هو القرار 1593 ويعتبر ثالث قرار يتخذ مجلس الأمن الدولي بشأن السودان خلال اسبوع واحد كان تاريخه 31 مارس 2005 قرر فيه احالة الوضع القائم في دارفور منذ يوليو 2003 إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية، حيث أيدت القرار إحدى عشرة دولة فيما اقتنعت أربع دول عن التصويت، وأصدر مجلس الأمن قراراً آخر حمل الرقم 1651 أقر فيه تمديد ولاية الخبراء حتى 29 مارس 2006 القاضي بنشر قوات دولية في دارفور ثم القرار 1713 في 92/6/6002م وبعد سبع ايام من القرار 1713 أصدر مجلس الأمن في 6 اكتوبر 2006 القرار 1714 ثم أصدر القرار 1769 الذي تقرر بموجبه نشر القوات الهجين المكونة للاتحاد الافريقي ومن الامم المتحدة في 13/6/7002م فلم تكن الادارة الأمريكية راضية عن التعديلات التي أدخلت على القرار 1769 واعتبرتها تجاوباً مع المطالب السودانية وكان السودان رافضاً للقوات الدولية بدل القوات الافريقية لعدم قدرة الاتحاد الافريقي على تكاليف نشر قواته في دارفور بالصورة المطلوبة.
فأي خذلان هذا الذي يتخذه مجلس الأمن دون أن يطرف له جفن؟ قضية مباحثات الشرق الاوسط التي دامت قرابة الستين عاماً مجلس الأمن لم يصدر فيها سوى القرارين 242،338 بعد نكسة يونيو 1967 فكيف يصدر مجلس الأمن أكثر من ثلاثين قراراً في شهرين في دارفور؟ بل يصدر قرارين في يومين متتالين ولا تفهم الحكومة ولا تفطن إلى حجم الحملة الاعلامية الضخمة والتصعيد البشيع للوضع في درافور مع الوصف الكاذب بانه أكبر مأساة في العالم تم تسويقها وبيعها في سوق النخاسة السياسية العالمية لكل الفضائيات ووكالات الأنباء العالمية!! فأصبحت ترمي بشرر ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب فالخذلان لمجلس الأمن، والحكومة ورجالات الادارة الأهلية في دارفور وهؤلاء يتحملون المسئولية ولكل منهم ما اكتسب من الأثم إن الأزمة كما ذكرنا بدأت بصراع قبلي .
فأين اخطأت الحكومة وأين اخطأ رجال القبائل من العمد والشرتاي ومشايخ القبائل؟ لسان الذم على جهة الغرض مذموم عند الله تعالى. فلا مذموم لا ما ذمه الشرع لحكمة يعلمها الله او من أعلمه الله.. كما شرع القصاص حياة لاولى الألباب. ألا ترى من وجب عليه القصاص كيف شرع لولي الدم أخذ الفدية او العفو؟ فان أبي فيحنئذ يقتل؟ ألا تراه سبحانه وتعالى إذا كان أولياء الدم جماعة فرضى واحد بالدية او عفاه وباقي الأولياء لا يريدون إلا القتل فكيف يراعي في الشريعة من عفا ويرجح على من لم يعف فلا يقتل قصاصاً؟ ولكننا نجد أن الحكومة أهملت هذه القاعدة الشرعية وسمحت لغضب طغى على شرذمة من السفهاء من شباب الزغاوة على عامة شيوخ وعقلاء المشايخ الادارة الاهلية ليأخذوا القانون بأيديهم؟ فكان الفيلم الأكثر رواجاً واثارة للفوضى السائدة في دارفور بكل ما تحمل من معنى.
انها تشبه قصة أرمل يعجز عن متابعة حياته ويجلس على مقعد في منتزه يشاهد المأساة تمر أمام ناظريه دون أن يتحرك لتغييرها ويكتفي بالسلبية وكذلك هؤلاء المشايخ من رؤساء القبائل يرون المنظمات الأجنبية والعالم الغربي يعبثون بالاقليم واهلهم يعيشون في معسكرات اللجوء يتضررون جوعاً وتشريداً وقتلاً في العراء.. هذا الفيلم الذي يلامس أكثر الأمور حساسية كان يمكن ايقافه بان يكفوا أبناءهم من الوقوع في براثن الخطأ بدلا من دفع الثمن بتكاليف باهظة جداً إلى درجة تدويل القضية بعد أن خرجت من الاستطاعة في هذه المرحلة، وكان موقف وفد الحكومة المتفاوض موقف مخزي للحد البعيد إذ المفروض أن تقلب المائدة على المتفاوضين بمجرد أن علمت بدعم جون قرنق لمقاتلي دارفور وتسليح واشنطن واسرائيل لهم. فإذا لم تفعل ذلك فلا أقل أن تضع هي الشروط التعجيزية وتهدد بالرجوع إلى المربع الاول وهو الحرب إذا لم يكف قرنق عن دعم التمرد في دارفور وتكف الادارة الامريكية عن وضع العراقيل في طريق السلام وبهذا وحده تكون قد أمسكت واشنن بيدها التي توجعها لان نيفاشا هي القضية التي تهمها بعد هزيمة غريمها زعيم الجيش الشعبي في أحراش الجنوب وفي ميدان المعركة. ولكنها استمرت في التفاوض ورغبت في التنازل ومضى جون قرنق في خطته البارعة القذرة في دعم جيش تحرير السودان فكان يا للمهزلة يخرج من غرفة التفاوض وليشحن أول طائرة تحمل أسلحة لثوار دارفور؟ ثم يعود لغرفة التفاوض في صباح الغد على حالته المبذولة وبراءة الاطفال في عينيه؟!
الانقاذ كانت أحسنت عندما قطعت التفاوض عندما احتلى جون قرنق توريت واستردت المدينة في يومين من احتلال قرنق لها. فما الذي اصابها؟ انها الآن لا تعاني خللا وظيفياً فحسب بل أن إرادتها معطلة كلياً فخسرت الاقليم باثره ويقطنه 6 مليون نسمة ومساحته تعادل فرنسا من أجل ترضية الغرب في مفاوضات نيفاشا فلو رفع نصف السكان في دارفور أصابعهم للحركات المتمردة وقالوا إنهم لم يفوضوهم للتحدث نيابة عن أهل دارفور وأن أبنائهم هم الذين شقوا عصا الطاعة وتمردوا من أنفسهم لانتهت أزمة دارفور إلى طريق غير الذي سارت فيه او أوقفت على الأقل الدمامل التي ظهرت والتعفن الذي ظهر للمنظمات الدولية والتي ظهرت في معسكرات كلمة وابو شوك تحت أكوام من النفايات المتقيحة دون خجل تحت يافطة العمل الإنساني ودون حل يلوح في الأفق.
نواصل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.