السودان.. احتجاز مدنيين في 6 مناطق بأمر الميليشيا    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    بيل غيتس يحذر : ملايين الأطفال قد يموتون بنهاية هذا العام    الرابطة السليم يكسب شكواه ضد الأمير دنقلا    المريخ يستضيف كيجالي وعينه على الانتصار    الجزيرة تقسو على الجامعة في دوري الدامر    بالصورة.. سيدة أعمال سودانية تشعل ثورة من الغضب داخل مواقع التواصل بعد تعذيبها لخادماتها الجنوب سودانيات بالقاهرة والسبب مجوهرات ذهبية    شاهد بالفيديو.. العروس "ريماز ميرغني" تنصف الفنانة هدى عربي بعد الهجوم الذي تعرضت له من صديقتها المقربة الفنانة أفراح عصام    شاهد.. الفنانة هدى عربي تعلن عن مفاجأة سارة للجمهور: إنطلاق تسجيل حلقات البرنامج الرمضاني الأشهر في السودان "أغاني وأغاني" من هذا البلد (….) وموعودين بموسم رهيب على ضمانتي    شاهد بالصورة والفيديو.. سودانية تظهر ب"تشيرت" المنتخب الوطني وتهدي لاعبي صقور الجديان أجمل "زغرودة" وزوجها يحمسها: (أبشري بالخير)    شاهد بالصورة والفيديو.. سودانية تظهر ب"تشيرت" المنتخب الوطني وتهدي لاعبي صقور الجديان أجمل "زغرودة" وزوجها يحمسها: (أبشري بالخير)    بعدما لقطتها كاميرات القناة الناقلة للمباراة.. شاهد ماذا قالت مشجعة صقور الجديان الحسناء عن لقطة إنهيارها بالبكاء: (راسنا مرفوع وما دموع انكسار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة ريماز ميرغني تخطف الأضواء وتبهر الحاضرين في "جرتق" زواجها    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة ريماز ميرغني تخطف الأضواء وتبهر الحاضرين في "جرتق" زواجها    تكريم الفنان النور الجيلاني بمنطقة الكدرو    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    خسارة المنتخب الوطني بهدفين نظيفين من المنتخب العراقي    سلطة الطيران المدني تعلن عن فتح مسارين جويين جديدين بالسودان    أطباء بلا حدود: أكثر من 1.5 مليون سوداني فروا من الحرب إلى مصر    للمرة الأولى.. السعودية تواجه نفس الخصوم في كأس العالم    فوائد النعناع واستخداماته العلاجية.. تعرّف عليها    اكتشاف ثوري يربط جودة النوم بصحة الأمعاء    ترامب .."لا أريد الجوائز... أريد إنقاذ الأرواح"    السكري وصحة الفم.. علاقة متبادلة    العبيد أحمد مروح يكتب: أمريكا كانت تعرف، فلماذا سمحت بذبح السودانيين ؟    السودان يندّد بالمذبحة الجديدة    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    نتيجة قرعة كأس العالم 2026.. تعرف على طريق المنتخبات العربية في المونديال    بالصورة.. الفنانة أفراح عصام تفتح النار على مطربة شهيرة عقب نهاية حفل زفاف ريماز ميرغني: من عرفتك نحنا بنسجل في البرنامج وانتي في محاكم الآداب وقبلها المخدرات مع (….) وتبقي فنانه شيك كيف وانتي مكفتة ومطرودة!!    إصابات وسط اللاعبين..بعثة منتخب في السودان تتعرّض لعملية نهب مسلّح    "يارحمن" تعيد الفنانة نانسي عجاج إلى القمة.. أغنية تهز مشاعر السودانيين    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    كامل إدريس يوجه برفع كفاءة قطاع التعدين    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    الخرطوم تعيد افتتاح أسواق البيع المخفض    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    بشكلٍ كاملٍ..مياه الخرطوم تعلن إيقاف محطة سوبا    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    العطش يضرب القسم الشمالي، والمزارعون يتجهون للاعتصام    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل كبيدة: الجدران تتكلم
نشر في شبكة الشروق يوم 27 - 07 - 2013

إذا كان الشاعر الفذ إبراهيم العبادي قد اختزل قديماً مرويات الحياة في أمدرمان، في عبارة "الناس وناسة طريت أمدر حليل ناسا"، فإن الفنان التشيكلي المعروف عادل كبيدة يسعى حالياً إلى خلق مدينة جديدة من العراقة.
هذه المدينة تمتلئ حوائطها بالجداريات التي تتكلم، وتملأ حياتنا بهجة بصرية تضفي المزيد من الأبعاد إلى أحلامنا وخيالنا.
ولا يعد الرسم الجداري عملاً زخرفياً، بقدر ما هو رؤية تعبيرية في بقعة معينة، يخرجنا من الحيز الذي نعيش فيه.
ويصبح الرسم الجداري عند كبيدة في أفضل صوره، حين يحقق استمراراً للتصميم المعماري الذي يعد مادةً لتسجيل الحياة اليومية.
ذلك لأن هذا الفن يعطي إيحاءاتٍ ليست موجودةً في الواقع، حيث يمكن للفنان من خلاله أن يحول الجدار إلى لوحة مصورة، تصبح مكوناتها جزءاً من التصميم فيتفاعل معه.
المساحات المحدودة
"
كبيدة يسعى لاجترار تاريخ أمدرمان في جدارياته، عبر محاولات جادة تكمل ما بدأته المدينة من حوار ثقافي اتسم بالتسامح واحترام الآخر
"
وفي العصر الحديث ومع المساحات المحدودة لمنازلنا، أصبح الرسم الجداري عنصراً فاعلاً في معالجة ضيق الحيز المعماري.
أما أصل فكرة جدارية أمدرمان "البقعة"، فتنطلق من الدور المهم الذي لعبته المدينة في صياغة هوية وطنية لأبناء السودان، وخلق ثقافة سودانية تلعب الدور الريادي في السياق المركزي للحوار الحضاري لثقافات الهامش السوداني، التي هي الآن -حسب كبيدة- في ظلال الحداثة وتقنية الاتصال.
ويسعى كبيدة لاجترار تاريخ أمدرمان في جدارياته، عبر محاولات جادة تكمل ما بدأته المدينة من حوار ثقافي اتسم بالتسامح واحترام الآخر، على الرغم من كل التشوهات التي بدأت تطل على أزقتها وحواريها باسم الحداثة.
ويلفت كبيدة الأنظار إلى أن العمارة أول ما بدأت حركة التغيير، في انتزاع الألفة والسماحة في قلوب أبناء أمدرمان.
المدينة والإنسان
ومن هذه الالتفاتة؛ يجتهد كبيدة على المشاركة عبر حداثة تحمل حواراً سمحاً متكافئاً، يمكن أمدرمان المدينة والإنسان من التواصل، لتلعب دورها في تأصيل وإذكاء الهوية العظيمة في أطر علمية وعملية.
وتفكيكاً للغموض الذي يكتنف هذه اللفتة، يشير كبيدة إلى أن القيمة الفنية تستمد فاعليتها من التحامها بالمواطنين وعلى جدارن منازلهم.
وهنا يبرز "الجدار" أولاً وسيطاً يسهم في صياغة وجدان الأمة ضد الاستلاب. ويبرز "الجدار" ثانياً باعتباره من أهم الفنون المرئية تأثيراً في المتلقي عبر التاريخ، إلى جانب دوره في صياغة الفكر الاجتماعي والسياسي للأمة.
ويصل بنا كبيدة إلى أن جداريات أمدرمان تجربة فنية تشكيلية جديدة، تأتي في سياقها العام من أجل تجديد الحوار بين المبدع المعاصر والوسيط الشعبي، ومعالجة الفضاءات في أمدرمان بصورة جمالية.
الجماعات والثقافات
"
كبيدة يحاول في هذه التجربة، المزاوجة بين أكثر من أسلوب فني من فنون الجدار، عبر الفرسك، وهو أسلوب تاريخي زخرت به الدولة النوبية والمسيحية في السودان
"
ويحاول كبيدة إذكاء الحوار بين الجماعات والثقافات التي استوطنت المدينة، وتحويلها إلى متحف أنثربولوجي، يمكن أبناء الحداثة من معرفة جذروهم وتأريخهم الاجتماعي والثقافي والسياسي.
ويسعي كذلك لتمكين شباب الحي من أدواتهم التشيكلية، لصياغة واقع جمالي وقيمي وأخلاقي جديد، يناسب ثقافتهم المعاصرة، ولذا تم اختيار بعض الأزقة في حي ود أُرو لتكون مسرحاً لتجربتهم الفنية.
كيف يمكن تنزيل هذه التجربة الفنية التشكيلية الجديدة على واقع الجداران في مدينة أمدرمان؟
إجابة عن هذا السؤال، يحاول كبيدة في هذه التجربة، المزاوجة بين أكثر من أسلوب فني من فنون الجدار، عبر الفرسك، وهو أسلوب تاريخي زخرت به الدولة النوبية والمسيحية في السودان، وأيضاً عبر الموازيك، وهو الأسلوب الذي جادت به العبقرية الإنسانية للفنان المسلم والدهانات، وأعمال الحديد والاستفادة من الخردة والزلط.
أصل الحكاية
تلك ملامح أمدرمان عادل كبيدة، وأصل الحكاية أن الكثير من الفنانين التشكيليين يعتقدون أن الرسم على الجدران، هو أداة حضارية وثقافية مهمة، وهي بدرجة كبيرة أداة وطريقة للتواصل مع الجمهور، نظراً لأنها عمل يومي ومباشر وقريب منهم، إذ لا يمكن الرسم بعيداً عن أعين الناس، ولا يمكن للفنان أن يعتبر ما يؤديه من رسم على الجدار عملاً سرياً وخاصاً.
ويدعم هذه التجربة أن الجدارية هي لوحة تخاطب جمهوراً عادياً يختلف في توجهاته، ومستوى ثقافته، لذا يجب أن تكون لغتها بسيطة وواضحة.
وعلى الفنان أن يستخدم رموزاً يسهل فهمها، والتعاطي معها، دون تعقيد ومبالغة، مراعياً في ذلك أنه يخاطب جمهوراً عاماً.
الجدارية هي أسهل وسيلة يمكن للفنان من خلالها أن يشارك مجتمعه وشعبه همومهم ومشاعرهم، ويحيي معهم المناسبات التي يعتزون بها ويهتمون بإحيائها، إضافة إلى أن الجداريات تتمتع بالعديد من الميزات التي تجعلها تتقدم على غيرها؛ ومن أهم هذه الميزات أنها عمل فني يشترك فيه عدد من الفنانين .
صالة عرض
المواطن العادي لا يحتاج للتوجه لصالة عرض ليراها، فهي موجودة على أحد الطرق العامة، في مكان يسهل الوصول إليه، وبالتالي يسهل الاطلاع عليها، ناهيك عن أنها وسيلة يشارك فيها الفنانون أبناء وطنهم في همومهم ومشاعرهم.
الفن الجداري أحد أهم السبل التي ستساعد الفنان في الوصول لجمهوره، فعادة تكون اللوحة التشكيلية أسيرة المعارض والمتاحف.
أما الجداريات فهي لوحات طليقة يتسنى للجميع رؤيتها وتأملها، بل ومتابعة تطورها خطوة بخطوة حتى تصل لحد كونها جدارية متكاملة، ناهيك عن أنها تتيح الفرصة أمام الفنان للتواصل مباشرة مع جمهوره، الذي يمكنه أن يقترب منه ويراقبه وهو يعمل، وسبيله نحو تحفيز أذهان المواطنين العاديين لتلقي رسالة الفنان الفنية الخالصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.