حسين شريف الصحافي السوداني الأول
استهوتني الكتابة عن الماضي السوداني العتيق وتعقب آثار أسلافنا وهم يخطون خطاهم الأولى صوب مرافيء التحضر والرقي، لنجد نحن أبناء الأجيال اللاحقة الطريق ممهداً وسالكاً نحو مستقبل راسخ القواعد والبناء، ولعل ما شجعني على (...)
كان في العمر اتقاد وجموح، والمسرة طوع البنان، والأيام تبطئ مثقلة بالطرح، لا تتعجل خاوية مثل حالها اليوم.. جاءنا في هذا الزمان الجديد ضاحكاً- كعهدنا به منذ زمان بعيد- وكان قد شد الرحال وأفرد الجناح، ومضى وما درى أننا من خلفه، قبضنا هنا مثل الأوتاد، (...)
هكذا يطويك عنا الردي واقفاً مثل نخيل الشمال، وسامقاً وشامخاً عصي الإنكسار، فهل كنت فينا النيل القديم، أم كنت فينا الألق المقيم، أم كنت فينا الوتر الحميم، الذي شدا بحب الوطن وحب الحرية، وأناشيد الصمود.. هكذا يطويك عنا الردي، فيرتخي وتر الربابة، فهل (...)
في عدد الأربعاء 1/2/2012م نشرنا تحت عنوان «اليمني يفتح النار على وزير الثقافة» حديثاً غاضباً للفنان عثمان اليمني، ونقداً لاذعاً وجهه للأستاذ السمؤال خلف الله وزير الثقافة، وعملاً بحرية النشر ننشر رداً وافانا به الأستاذ كامل عبد الماجد مستشار وزير (...)
عبد الرحمن علي طه
للشعر والموسيقى سحر عجيب.. فالقصيدة إن وجدت اللحن السلس الملائم تنطبع داخل ذاكرة الناس وتبقى ما بقى الناس فمَن مِن أبناء جيلنا والأجيال القبلنا لايحفظ شيئاً من الأهزوجة الدراسية البديعة «في القولد إلتقيت بالصديق أكرم به من فاضل (...)
مذكرات مأمون بحيري
قرأت بإمتاع غامر كتاباً لأحد رواد نهضة السودان الحديث يحكي فيه عن ذكرياته، ورأيت تعميماً للفائدة أن أخصص مقالي هذا الأسبوع للحديث عن كاتب الذكريات وبعض ملامح تجربته الثرة في ترسيخ أعمدة البناء المالي الحديث ببلادنا بصفة خاصة (...)
قرأت في مقتبل عمري مؤلف الأستاذ الراحل حسن نجيلة «ذكرياتي في البادية»الذي أُرسل إبان فترة الاستعمار البريطاني ليُدرِس أبناء الشيخ علي التوم ناظر قبيلة الكبابيش، وقد أدهشني ذلك الكتاب وأدهش أبناء جيلي أيما دهش لعذوبة سرده ودقة وصفه وللمعلومات الجديدة (...)
خصّ الشاعر الكبير نزار قباني الأندلس بفيض دافق من أشعاره وفيها يتحسّر على إندثار الحضارة العربية التي سادت فيها ثم توارت وتلاشت:
(لم يبق من قرطبة
سوى دموع المئذنات الباكية
سوى عبير الورد والتاريخ والاضالية
لم يبق من ولادة ومن حكايا حبها
قافية ولا (...)
سئل العلامة الراحل عبد الله الطيب عن سبب حرصه على حضور كل الأعياد بقريتهم التميراب القريبة من الدامر فكان رده: (العيد أهل) وليته علم وهو في علته التي داهمته وطالت أن الحال في السودان قد تبدل والأهل تفرقوا في المهاجر البعيدة فما من أسرة إلا وجل أهلها (...)
بصدور مقالي هذا أكون بإذن الله بباريس ضمن وفد السودان الثقافي لمؤتمر اليونسكو- الدورة السادسة والثلاثون، وقد استوقفني وأنا أراجع قبل سفرنا إلى المؤتمر في جدول الأعمال البند 46 وهو خاص بإعلان يوم دولي لموسيقى الجاز بناء على طلب من الأرجنتين، (...)
مؤانسة شعرية
للمدن في ذاكرة الناس بصمات وذكرى، فيها السالب وفيها الموجب والناس فيما يعشقون مذاهب.. وقد ألهمت بعض المدن الشعراء منذ زمان بعيد، فقد خص شوقي رحلة بقصيدة باذخة.. وتغنى علي محمود طه المهندس بجمال البندقية:
(رقص الجندول كالنجم الوضيء فاشدو (...)
قرأت بدهش بالغ ما كتبه الأستاذ عبد الرحمن جبر المشرف على صفحتكم الفنية عن وزارة الثقافة والعازف عثمان محيي الدين في عدد الجمعة 15/10/2011م تحت عنوان (لا خير فينا إن لم نقلها)، ولقد كتبت مرة وأنا أرد على صحفي شاب.. أن الكلمة المهذبة التي تصاحب مقال (...)
كتم.. أكتوبر 1953م
كان وادي كتم إذ حللنا هنا قد انحسر وتناقصت فيه المياه، غير أن الرمل ظل متشبعاً بها في انتظار أشعة الشمس الدافئة ليجف، والشمس في تلك الديار أكثر عطفاً ولطفاً بالنّاس منها في فجاج السودان الأخرى، فدرجة الحرارة في كتم لا تتعدى طوال (...)
تتداعى ذكرياتي في فجاج السودان التي ساقتني إليها ظروف عملي ولا تنقطع ولا ينضب لها معين، فقد عملت في سلك الحكم المحلي إدارياً بشرق ووسط السودان، ثم عملت في السلك السياسي محافظاً في فترة الحكم الحالية في أنحاء كردفان ودارفور والنيل الأبيض، وربما أسهبت (...)
اتصل بي الأسبوع الماضي صديقي وابن دفعتي في مدرسة حنتوب الثانوية الطيار بشير سلمان يخبرني أن أستاذنا القديم بحنتوب حمد النيل الفاضل «في البلد»، وأنهم قد قدموا له الدعوة لحفل عشاء بنادي ضباط الجيش وقد قبل الدعوة، قلت لكابتن بشير «أنتم أنبل من رأيت».. (...)
الأربعاء الماضية استضاف «منتدى النيل» الفنان الكبير عبد الكريم الكابلي للاحتفاء به في الهواء الطلق، ولصديقنا العتيق أمير التلب مؤسس منتدى النيل مقدرة مدهشة في إنشاء الروابط والمنتديات الفنية الشعبية، فقد بدأ في إنشاء هذا المنتدى بدعوة بعض أصدقائه (...)
وصلتني قبل أسابيع خلت بطاقة دعوة مدهشة من الدكتور محمد عبد الله الريح يدعوني فيها لزواج كريمته، و ود الريح صديق قديم متجدد لم يقطع حبل المودة منذ أن تزاملنا بجامعة الخرطوم وكان إن قصد شجرة اللبخ الكبيرة المجاورة لقهوة النشاط (ليدق) فيها بالمسامير (...)
يروى أن معاوية كتب إلى واليه بالكوفة أن يحمل إليه أم الخير البارقية وأعمله أنه مجازيه بقولها فيه بالخير خيراً وبالشر شراً فركب إليها وأقرأها الكتاب فقالت: (أما أنا فغير زائقة بطاعة ولا معتلة بكذب) فلما شيعها قال لها: (يا أم الخير إن أمير المؤمنين (...)
حتى لا يطويه النسيان 1920-1992
قرأت في إحدى الأمسيات الأدبية التي أصبحت تنتظم الخرطوم طولاً وعرضاً بعض أبيات شعر للشاعر المبدع عزيز التوم، وكان في الحضور الدكتور بابكر عمر الحاج موسى، وقد طلب إليّ في نهاية الأمسية أن أكتب شيئاً عن عزيز التوم، وكشف (...)
عند مدينة اويل شمالي بحر الغزال يتعانق نهر (اللول)
(ويونكو) في إلتقاء تقصر دون وصفه الحروف.. وهل من قواف تطوي جنان بحر الغزال الوارفة.. يعانق (اللول) رفيق دربه (يوتكو) وينثران الخصب في أرجاء أويل حارة حارة.. ثم يتحدا للانسياب شمالاً ومن خلفها يتدلى (...)
حياة الأبالة في بادية السودان تجوال سرمدي لا ينقطع صوب مواطن الماء والعشب. ولقلة هذه الموارد الطبيعية وانحسارها في الصيف ينشأ بين القبائل العراك والاحتكاك والتنافس على الموارد وقد تتطبع إنسان تلك الفجاج بطباع الإبل في زهده عن المشرب والمأكل (...)
أدهش ابناء جيلنا الأديب الراحل حسن نجيلة بكتاباته الشيقة الممتعة عن بادية الكبابيش، وقد أرسل ليدرس أبناء الشيخ علي التوم ناظر الكبابيش، وكانت كتبه «ملامح من المجتمع السوداني» و«ذكرياتي في البادية» تنطبق عليها عبارة أطلقها أحد الأصدقاء وهو يحدثني عن (...)
لم يتبق شيء من معالم الخرطوم التي كانت في زمان حقبة الستينيات الماضية، فقد طالت يد التغيير تلكم المعالم، فاندثرت وفسحت الطريق لمعالم جديدة، ففي وسط المدينة أغلقت المقاهي أبوابها ونسيها الناس، وتبدلت ببائعات الشاي، وقد سدت تماماً طرقات وسط الخرطوم، (...)
والسياسة تجرنا جداً إلى أتونها وغلوائها، ونذر الحرب تبرق هنا وهناك، نقول لقادة الحركة الشعبية ما قال الشاعر زهير بن ابي سلمى:
(وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم
وما هو عنها بالحديث المرجم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمة
وتضرا إذا ضريتموها فتضرم)
وكان حلم أهل (...)
في حقبة السبعينيات فاجأ الشاعر الفذ صلاح أحمد إبراهيم الأوساط السودانية بتخليه الاختياري عن منصب سفير السودان بدولة الجزائر وأرسل استقالته الشهيرة للنظام المايوي الحاكم آنذاك بسبب تعاظم اختلافه السياسي معه، ويمم شطر منفاه في باريس، حيث استأجر غرفة (...)