جمهور القمة متسرع والآلة الاعلامية تشكل خطورة على المدرب استمرارية المدرب في القمة تتوقف على النتائج فقط تقرير: صلاح ود احمد تدريب ناديي القمة يختلف اختلافاً كبيرًا عن التدريب في اندية الممتاز الاخرى فمدرب القمة مهما كانت امكانياته فإنه لا يرضي هذه الحشود الجماهيرية ولا ينال رضا الآلة الاعلامية ولا ينال رضا زملائه الآخرين ولا يرضي نجوم الفريق القدامى الذين يعتقدون أنهم الاولى بتدريب العملاقين . وهكذا يعيش مدربو القمة في صراعات نفسية وضغوطات عنيفة لا حد لها ولا يمكن لأي مدرب أن يبدع في ظل هذه الاجواء الصعبة .. فالقمة تدريبها مختلف وفكر إداراتها مختلف وجمهورها مختلف وثقافة الانتصارات تسيطر علىها ويرون أن التعادل فقط هو الهزيمة بعينها. أما قاموس كرة القدم الذي يقوم على الهزيمة والتعادل والفوز فلا يمكن أن يتم في القمة وهو مبدأ لا يؤمنون به على الإطلاق .. أما المدرب الذي يدرب أندية ذات جماهيرية أقل من القمة ولا تملك الآلة الإعلامية فهو يستطيع العمل في أجواء نقية وصافية وبالتالي يتفجر إبداعه ومعظم هذه الأندية نجد أن أنصار الفريق يتفقون تمامًا في اختيارات الإدارة. ما قادني لهذا الحديث أو لهذه المقدمة هو حال مدربا المريخ برهان تية ومحسن سيد فالثنائي ما أن اختارتهما إدارة المريخ لتولي الشأن الفني حتى وجدا معارضة من بعض النجوم القدامى للمريخ وهذا أمر طبيعي ، فقدامى النجوم يرون أنهم دافعوا عن شعار المريخ وأنهم الأحق بتولي تدريب الفريق. وبرهان تية مدرب صاحب سيرة ذاتية ناصعة ، فهو من المدربين الناجحين ومن أقدم المدربين في الممتاز ويعرف خبايا ودروب الممتاز وصاحب سيرة ذاتية ناصعة في المنافسة ونجاحاته تشهد عليها العديد من الأندية وآخرها نادي الاهلي عطبرة والرابطة كوستي وهو من المدربين الذين يجيدون قراءة الملعب ، فهو مدرب يعرف تماماً خبايا وأسرار التسجيلات وآخر نجاحاته تسجيلاته للرابطة كوستي التي أتت أكلها ، فهاهي الرابطة تصول وتجول وتحقق أفضل النتائج في الممتاز. أما المدرب محسن سيد فهو الآخر مدرب (شاطر) وصاحب علاقات متميزة مع الإداريين واللاعبين والإعلام وأيضاً حقق النجاحات مع العديد من الأندية التي دربها وآخرها مريخ الفاشر الذي صعد به للممتاز وقاده من نجاحات لأخرى وصنع من فريق السلاطين مارداً قوياً ما زال يواصل مسيرته في الممتاز بكل قوة. رحبت جماهير المريخ بالثنائي وتفاءلت كثيرًا بمقدمهما ولكن كثرت الانتقادات مؤخراً للثنائي من جانب البعض والجماهير رفضت العروض الأخيرة للفريق رغم أنه لم يخسر أية مباراة حتى الآن. نعم هذا هو التسرع بعينه في الحكم على المدرب .. فالمدرب لا يمكن الحكم عليه وعلى أدائه إلا بعد مرور عامين على الأقل ولكن في القمة الأمر مختلف تماماً .. ويرى د. مصطفى كرم الله مدرب اللياقة السابق بالهلال ومدرب اللياقة بالأهلي الخرطوم حالياً أن مدربي القمة يعانون من ضغوطات كبيرة من الإعلام فهو سيف مسلط على أي مدرب سواءً أكان مدرباً محلياً أو أجنبياً وكل مباراة معروف أنها مرتبطة بالفوز أو الهزيمة ، وقال: إن مدرب القمة عندما يتعادل فريقه معنى هذا في فهم جماهير القمة هزيمة وقال إنه إذا لم تكن هناك هزيمة فلن يتذوق الجميع طعم الانتصار. وقال د. مصطفى: لو لاحظت تعاقب المدربين على الهلال والمريخ ويندر أن تجد مدرباً مكث في الهلال لمدة عام فقط. وحول الضغوطات التي قد يشكلها اللاعبون ويتحالفون ضد المدرب قال د. مصطفى كرم الله: هذا الأمر نادرًا ما يحدث عندنا في السودان ، ولكن المدرب في القمة معرض لضغوطات عنيفة تحد من قدراته. من جانبه يرى المدرب شوقي أحمد فضل الله أن وجود مدرب القمة في بدايته يكون في دوامة بين الرضا والقبول وحتى الجانب الإداري نجد أن هناك خلافات وسط الإداريين الذين لا يرضون استجلاب ذاك المدرب وهؤلاء يستغلون أي اخفاق للمدرب ويشكلون ضغوطًا عنيفة عليه ، كما يعاني مدرب القمة من ضغوط النجوم القدامى وهناك صراع أجيال، فالجيل الذي لعبت معه هو الذي يرضى بك وخلافه سيوجه إليك الانتقادات ، ومدربو القمة إذا لم يكونوا متماسكين فإن هذه الضغوط تؤثر على أدائهم الفني وعلى قراراتهم كما أن الآلة الاعلامية أيضاً تعتبر عاملاً مؤثراً والأندية الأخرى التي ليست لديها جماهيرية تماثل الهلال فإن العمل فيها يكون مريحاً ولا يعاني المدرب من أية ضغوطات ويؤدي عمله بامتياز. وقال شوقي: إن الفترة المحددة لعمل المدربين أقلاها عامان حتى تتمكن من الحكم عليه، فالمدرب المصري حسن شحاتة فشل مع الناشئين وتحول للمنتخب المصري الأول وحقق فيه النجاحات وحاز على ثلاث بطولات أفريقية وعندما اخفق في البطولة الرابعة تمت اقالته حفاظاً على انجازاته، وكذلك المدرب العالمي غارديولا الذي قضى ثلاثة مواسم ناجحة مع برشلونة وتحول بعدها للبايرن ورفض الاستمرار مع النادي الكاتلوني للحفاظ على انجازاته. بينما يرى الإعلامي عصام الدين الدرديري أن الضغوط على مدربي القمة أحياناً يكون السبب المدرب نفسه فهناك مدربون ليست لديهم الثقة في أنفسهم وتجدهم متوترون ومتشنجون وبالتالي لا يتمكنون من أداء وظائفهم على الوجه الأكمل ويفشلون في الاحلال والابدال وهناك مدربون ليست لديهم الصفات المكتسبة كالشجاعة والإقدام والمبادرات ونظرية الترفع ويميلون للاعب الجاهز والتشكيلة الواحدة. وهناك عامل آخر مهم وهو جمهور القمة المتسرع في النتيجة بالإضافة للآلة الإعلامية ، والإعلام حقيقة مؤثر وبدرجة كبيرة فهناك إعلام جاذب ومؤثر وإيجابي وقال عصام في ختام حديثه: إن استمرارية مدرب القمة تتوقف على النتائج ، فالتعادل يمكن أن يطيح به وهزيمة أحد طرفي القمة من الآخر يمكن أن تطيح بالمدرب فوراً ، وإذا نظرت للقمة فإن لاعبيها مكررون ولا تتاح الفرصة لناشئ جديد فالغرض الكسب فقط وليست هناك نظرة مستقبلية للتخطيط وبعد النظر.