أيهما كان مناسبا في الأول من أمس .. الإحتفال بقدوم عام جديد .. أم الحزن على ذهاب عام مضى ..؟ حضور عام جديد يعني بالنسبة لي قصر ما تبقى من عمر وتقارب ساعات فراق ما .. لذا فإن ما يناسبني انا هو الحزن على عام مضى (لفظنا) لعام آخر سوف يمضى هو أيضا دون حتى أن يفهم لماذا احتفلنا به ودون ان نعرف نحن فيما كان الإحتفال ..!! بلغة الكورة .. الأمر أشبه بتدافع الجمهور لمطار الخرطوم للإحتفال بحضور محترف جديد تحمله على الأعناق فقط لأنه حضر .. ولا تعلم هذه الجماهير ماذا يحمل هذا الجديد لهم في حقائبه ..!! سؤال وجيه .. هل خطط أي منا للعام الجديد .. هل وضع أحدنا أهدافه التي يرغب في تحقيقها ؟؟ أم اننا تركنا الأمر للرياح تأخذنا حيث تشاء .. يمييين .. شمااال .. ثم نحط كما (كيس النايلون ) في أية قبلة .. وأي سلك شائك لا ضير ..!! كل شئ في تفاصيل حياتنا أصبح متأثرا بالغرب .. طريقة اكلنا .. أصناف الطعام التي نأكل .. ملابسنا التي نلبس .. حتى أسماء المحال التجارية ولافتاتها تتحدث أسماء أجنبية وغربية .. مناهج التعليم التي تضج بها المدارس الخاصة .. قنوات المشاهدة التلفزيونية في ظل (النومة العميقة ) التي تغط فيها قنوات التلفزة الوطنية فجانبت التطور الكبير للميديا وفشلت في إستعادة المشاهد السوداني من غربته التي ارتوى فيها من الثقافة الغربية .. ثم مظاهر وشكل الإحتفال بالعام الجديد التي أصبحنا نشاهدها في كل عام كلها إشارات واضحة بقرب إفتقادنا لهويتنا للأسف الشديد .. سيما وأن الغالبية من الأجيال القادمة الذين (ربتهم ) المدارس الخاصة ومناهجها الغربية صار إنتماؤهم للثقافة السودانية هشا للغاية .. لا يعلمون شيئا عن تاريخ وجغرافية بلادهم لا يحفظون (نشيد العلم ) .. ولايعرفون (ألوان العلم ) لا يدرون ما هي التقابة .. وما هو اللوح وما هي الدواية .. ويمكن أن يصاب أحدهم بنوبة حادة من الضحك إذا سألته أن يخبرك عن (القرقريبة ) ..!! المفارقة المضحكة أن مظاهر الإحتفال برأس السنة تثبت أن الغرب وثقافته (يحتلان )دواخلنا وعقولنا .. ثم نأتي في تناقض غريب وبعد 24ساعة من إحتفالنا بإحتلال الغرب لعقولنا لنحتفل بعيد (الإستقلال)عن إحدى دول الغرب ..!! وهنا أتوقف قليلا لكي أغني لكم أغنية (الليلة يا نعومة ) التي تقول في إحدى مقاطعها .. أرحل بي جسمك.. وقلبك معانا .. !! بالطبع لا نقصد بحديثنا هذا الإنغلاق على أنفسنا والبقاء في عصور القرقريبة والدوكة .. ولكن يجب أن لا نبسط عقولنا كل البسط لتتلقي كل وارد الغرب .. غثه و ثمينه .. علينا أن لا ندعي إنتماءنا لحضارة الغرب ..وننصرف بإهمال للوقوع في أحضانها .. فنحن في نهاية المطاف غرباء عنها .. وعندما يأتي الوقت الذي يرفضنا فيه الغرب .. ونكتشف أن لا رصيد في دواخلنا لثقافاتنا وتاريخنا ..عندها نصبح فاقدين للهوية .. فلا نحن منهم .. ولا نحن من أنفسنا ..!! نصيحة للشباب الواعي .. علينا أن لا ننسى إنتماءنا لحضارة عمرها أكثر من خمسة آلاف سنة .. معقولة بعد 5000 سنة حضارة نصبح بلا هوية ..!! .. يحتاج جدا هذا الوطن لكي نحبه .. نفتخر بتاريخه ونسعى جاهدين لكي نجعل تاريخه الضارب في القدم زادا لبناء مستقبل وثقافة مستقلة بذاتها .. وليس ثقافة(إمعة ).. إذا إحتفل الناس برأس السنة إحتفلنا .. وإذا احتفلوا بعيد (الهلوين) احتفلنا ..!! ما يحدث لدينا يحدث للأسف الشديد في كل الوطن العربي .. كل الشباب العربي أصبح (داقي سيستم)كل الأمم العربية مهددة بفقدان هويتها في العشرين عاما القادمة ..!! الأمر الغريب أنه وفي غمرة هرولتنا عميانا لتقليد الغرب في كل أشيائهم .. لم تتأثر رياضتنا وتحديدا كرة القدم بما يحدث هناك .. وفشلنا في أن ننقل عنهم تطورهم وطرقهم في التخطيط والإدارة .. !! كورتنا يا كافي البلاء (مكتولة في حوش سيكافا ) .. متأثرة حصريا بسيكافا وبس .. هي الوحيدة التي نالت الحصانة فلم تتأثر بحضارة وثقافة الغرب .. لا سلبا ولا إيجابا ..!!