منعم رحمة ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح حقا ، ان أعذب الشعر أكذبه ؟! هذا البيت من الشعر (الحجة) ، هذا البيت (القصيدة) ، والذى يعد من جوامع الكلم ، وجوامع الفضائل و أغتنى شاعره من ريعه.. اذ أغدق عليه الخليفة ما أغدق ، و أقطعه ما أقطع.. فى ذلك الزمان ، هذا البيت ان صلح صدره ، فقد تناقض عجزه كما أنه ان صلح لذلك الزمان فهو عدو نفسه فى هذا الزمان .. لذا فهو لا يساوي لدي (شروى نقير) ؟! و النقير نقرة النواة التى هي حصاة التمرة . و لو حاولنا تنزيله على أرض الواقع لرأينا أن صدر البيت يتحدث عن الحرابة و انهم أهلها وفرسانها فان كان يعنى رجال الديش يا سعاد – كما تقول أغنية الحقيبة- فقد صدق اذ بادلناهم العراك طلفة بطلفة ، و صبرا بصبر ، أما اذا كان المقصود ال (هؤلاء) فقد كذب ، اذ خبرناهم فى المعارك و لم يكن شعارهم (احدى الحسنيين) كما يدعون ، بل كان (أنج سعد فقد هلك سعيد) ؟ و اذا انتقلنا الى عجز البيت فأن (الندى) الذى جاوز فيه الشاعر ما بين الندى- الكرم ، والندى – طراوة اليدين كناية عن يسر الحال ولينه .تلك الأيدى بنداوتها و نعومتها تلك ما كانت تفعل من شيئ سوى (جر) السبح بأناقة و لطف شديدين . و (جر) المال من (بيت مال المسلمين) حمل بعير وبعيرين ، و (جر) أوراق المشاريع الوهم لتحظى بتوقيع (ميسور) و خادم مأمور . وقد يكون البيت (ناجحا) بلاغيا ، لكنه (ساقط) اخلاقيا . أما الشق الآخر و الأهم من (الندى) و هو الكرم ، فقد ركب (التونسية) و منذ زمن بعيد و احترق مثل الكثير من الطائرات الى تحترق فى جمهورية الخرتيت بسبب معلوم و غير معلوم . لهذا و كما أسلفت لا يساوى عندي هذا البيت شيئا ، كما أن مسألة الأيدى و نداوتها و طراوتها فى آن .. مسالة فيها نظر كثير و (ملاحيظ) بلغة الدياشه ، اذ يتشارك فيها خلق كثير ووفقا لاحصائيات عضوية ال (هؤلاء) فتقدرمثلها مثل (المسيرات) بالملايين ، بل أن البعض من ال (هؤلاء) يفوق (أخوات نسيبه) فى نداوة و طراوة اليدين؟ عليه و بناءا على ما سبق ، وعلى مسئوليتي الخاصة ، وتماشيا مع روح العصر و حفاظا على الأرض و العرض ، و مقدرات الأمه .. فقد أجرينا التعديل الآتى فى (البيت العربي) الشهير حتى يناسب ال (هؤلاء) و ينسجم وروح التجديد: ألستم خير من بلع الحوايا و أندى العالمين دقون جاه و هكذا ، أبدلنا المطايا بالحوايا جريا وراء (الطفية) وهي بلغة الدياشه تعنى المآكل ، و حتى تكون (دسيسا) أي تفتيحه .. لا ، لا من الذى قال بأنها أو هي اللصوصبة بعينها ؟ عليك ببلع مطاييب الحوايا سواء اكانت فى بورتسودان و هذا شكل تقليدي ، او فى الشركات ، أو (مجنبة) فى احدى الوزارات اسوة بالمال العام . أما المطايا فيكفيك منها (ليلى علوى)و ان كانت بجلالة قدرها قد صارت موطه قديمه ؟! ثم قمنا باجراء تعديل جوهري فى قضية نعومة الأيدى و ابدلناها ب (الدقون) اذ لا يستقيم عقلا و حسا أن تكون الأيدى ناعمة و الدقون خشنة ؟ كما أن من علامات الوقار: الهدوء والسلاسة فى (المسح و الكسح و اللحس) كما بشر بذلك سيف اسلام هذا الزمان و بديعه ، وزيردفاع ال (هؤلاء) الهمام . و الدقون خشم بيوت . منها ما أسود و كث ، و منها ما شاب و خف ، و منها ما لا يعول عليه ، وأعلاها سناما هى (دقون الجاه) التى تجمع بين الثروة و السلطة .. وهي حكرا على (آل الحوش) و مواليهم: أشخاصا كانوا أم أحزابا . ثم تأتى (الدقن اللسان) التى تحاكى دقن التيس فى الطول و(الرق) ، و صاحبها ملسن و (جهادي) قديم من حملة النصوص الذين عفا عليهم و عليها (التنظيم) و أصابهم البوار .. ف (ساحوا) فى البلاد . ثم (دقن النفرة) و هي مخشوشنة ، متفرقة و متقطعة كأنفاس صاحبها الذى يلهث و يجهد تحضيرا للمسيرات و التجمعات و الهتافات على أمل أن تظهر (مواهبه الجهادية) و تلحظه عيون التنظيم و ما اكثرها فتتناوله الأيدى الندية الطرية فتطرى جسمه ، عفوا دقنه و تنقله من جخنون الجهاد الى المصطفين من العباد (محل الرئيس بنوم و الطياره بتقوم ) . (دقن اسبورت) و هي نصفية ، كثيفة القوام ، مهذبة الحواف ، فواحة الرائحة ، فهي دقن شبابية موكولة بأمر الشبيبة و مشاريعهم الهندسية و لغفاتهم المرئية و غير المرئية … و لها حظ و باع بين (أخوات نسيبه) فتذكى من تشاء و تقرب من تشاء و (تبتعث) و (تمسير) من تشاء … و هنالك دقن تحت الطلب و هي (الدقن التيوانية) أو( الديس بوسبل ) و التى تنتهى بانتهاء الغرض منها.. و هنالك تلك الدقن التى لا(شيه) فيها و التى تنمو كيفما اتفق ، غبشاء يعلوها الغبار و (تراب الخنادق) و مسوحها زيت الدبابات و الفرامل ، و يشبعها كوز التعيين بجراماته المعدودة ، قد طالت و استطالت من طول مكوث فى الأمصار و الثغور ، و هذه هى التى ستعيد للدقون (سيرتها الأولى) و للأيدى طهارتها و رجولتها ، و للسودان اسمه القديم ؟ّ! و أخيرا ، نقول بما قاله شاعر الاستقلال : ألا ليت اللحى كانت حشيشا فتعلفها خيول (الانكليز) .