في تغريدة على منصة اكس البرهان: شكراً مصر شكراً فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي    فيفا يحسم مصير المركز الثالث في كأس العرب بعد إلغاء مواجهة السعودية والإمارات    لجنة أمن ولاية الخرطوم تعكف على تسليم المواطنين ممتلكاتهم المنهوبة المضبوطة باقسام الشرطة    السودان..وفاة قائد السلاح الطبي السابق    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تسخر من "ميسرة": (البنات بحبوا الراجل السواق حتى لو ما عندو قروش وشكلك انت ما سواق عشان كدة كبرتها منك)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تسخر من "ميسرة": (البنات بحبوا الراجل السواق حتى لو ما عندو قروش وشكلك انت ما سواق عشان كدة كبرتها منك)    إسحق أحمد فضل الله يكتب: .....(الشوط الجديد)    شاهد بالفيديو.. أطفال سودانيون يصطادون "صقر الجديان" الضخم والجمهور يرفض: (رمز الدولة لا يحبس ولا يوضع في قفص)    استشهاد فردين من الدفاع المدني في قصف مسيّرات مليشيا الدعم السريع على محطة كهرباء المقرن بعطبرة    شاهد بالصور.. عبد الرحيم دقلو يعرض نفسه لسخرية الجمهور بظهور مثير للشفقة ومعلقون: (يا حليل أيام القصور والصبغة وإن شاء الله تكون عرفت الخرطوم حقت أبو منو؟)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    بمشاركة 6 عرب.. الأندية الإنجليزية تدفع ثمن كأس الأمم الإفريقية    "فيفا" يطلق تذاكر ب60 دولارا لكل مباراة في "مونديال 2026"    مسيرات مليشيا الدعم السريع تستهدف محولات محطة المقرن التحويلية بعطبره    تعادل مثير بأجمل مباريات الدوري الانجليزي    استمرار اللجان.. وهزيمة "هلال الجان"..!!    مدرب رديف المريخ يثمن جهود الإدارة..محسن سيد: لدينا مواهب مميزة وواعدة في الرديف    وزير سوداني سابق يعلن عودته للمشهد بخطاب من رئيس الوزراء    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    مسيرات انتحارية تستهدف عطبرة    البرهان عدم حرمان أي سوداني من استخراج الأوراق الثبوتية حتى وإن كان لديه بلاغات جنائية فهذه حقوق مشروعة    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    مكتول هواك يترجّل    توجيه بصرف اجور العاملين قبل 29 ديسمبر الجاري    "ونسة وشمار".. زوجة مسؤول بالدولة تتفوه بعبارات غاضبة وتعبر عن كراهيتها للإعلامية داليا الياس بعد إرسال الأخيرة رسالة "واتساب" لزوجها    هل استحق الأردن والمغرب التأهل لنهائي كأس العرب؟    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    هل يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى الوفاة؟    بنك السودان يتأهب لإطلاق المقاصة الإلكترونية    الأردن يفوز على السعودية برأس رشدان ويتأهل لنهائي كأس العرب    والي الخرطوم يوجه بالالتزام بأسعار الغاز حسب التخفيض الجديد    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    النوم أقل من 7 ساعات ثاني أكبر قاتل بعد التدخين    بعد غياب طويل.. أول ظهور للفنانة المصرية عبلة كامل بعد قرار السيسي    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    كارثة إنسانية قبالة اليونان وغالبية الضحايا من مصر والسودان    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    الإعلامية والشاعرة داليا الياس ترد على إتهام الجمهور لها بالتسبب في فصل المذيع الراحل محمد محمود حسكا من قناة النيل الأزرق    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    وفاة إعلامي سوداني    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



( قراءة فى كتاب (الخداع )
نشر في حريات يوم 05 - 12 - 2015


[email protected]
الموضوع : ( قراءة فى كتاب )
اسم الكتاب : (الخداع )
المؤلف : " الكاتب الأمريكى الشهير / بول فندلى "
نبذة عن المؤلف :
بول فندلي مؤلف هذا الكتاب أشهر من أن يعرّف، فعلى مدى عشرين سنة، هي مدة عضويته في الكونجرس الأميركي، يكاد يكون العضو الوحيد الذي ناصر حقوق الإنسان الفلسطيني ودافع عنها وكشف خداع إسرائيل للرأي العام، وفضح أساليب اللوبي الصهيوني في السيطرة على صانعي القرار السياسي في الولايات المتحدة الأميركية.
ينطلق فندلي في تأليف كتابه «الخداع» من أمريين هما :
أولًا: حبه لبلاده وحرصه على مصالحها، واعتقاده بأن سياستها الموالية للصهيونية تتنافى مع مبادئ العدل وتساعد في انتهاك حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وخصوصًا فلسطين.
ثانيًا: إن الكتب والمقالات والروايات التلفزيونية الدرامية والبرامج الوثائقية لا تتناول سوى الجانب البطولي لتاريخ إسرائيل وسلوكها الحالي، وتتجاهل أو تغض النظر عن انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان.
وخلال عضويته بمجلس النواب الأميركي، منها اثنتا عشرة سنة عضوًا جمهوريًّا بارزًا في اللجان الفرعية المعنية بشؤون الشرق الأوسط، وبعد خروجه من الكونجرس عام 1982م جاء كتابه الأول «من يجرؤ على الكلام» ليكشف الصور الزائفة التي يقبلها الأميركيون ببراءة إسرائيل الحقيقية، ويستغل مناصرو إسرائيل تلك الصورة المضللة بمهارة كبيرة في برنامجهم لضمان استمرار التواطؤ الأميركي الإسرائيلي، لقد صدر من هذا الكتاب أكثر من ست طبعات باللغة العربية، بل إن أصله الإنجليزي احتل مكان الصدارة بين الكتب الأكثر مبيعًا في الولايات المتحدة.
هذا الكتاب :
هذا الكتاب (الخداع) جاء استكمالًا لكتاب «من يجرؤ على الكلام» لفضح أساطير اليهود والصهاينة ودعاياتهم، كما يلقي الضوء على مختلف جوانب العلاقة الأميركية الإسرائيلية والأضرار التي تلحق الولايات المتحدة من جرائها، بل يظهر بالوثائق تواطؤ الولايات المتحدة بالسكوت عن احتلال إسرائيل للأراضي العربية وانتهاكها البشع لحقوق الإنسان وفرضها حكمًا عسكريًّا صارمًا ووحشيًّا على الشعب الفلسطيني.
عرض الكتاب :
يقع هذا الكتاب في 402 صفحة من القطع الكبير، وأشرف على ترجمته أستاذ التاريخ الإسلامي بالجامعة الأميركية ببيروت د.محمود يوسف زايد وأصدرته شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، لبنان، ص.ب 8375، وأسهم في ترجمته وطباعته على الكمبيوتر وإخراجه وتصميم الغلاف العديد من الشباب الذين وجّه لهم المترجم الشكر الجزيل.
في الصفحات الأولى كلمة شكر للكاتب بول فندلي للعديد من الشخصيات والمنظمات المناهضة للتمييز، وتقديم للمترجم د.محمود يوسف زايد الذي تمنى أن يقرأ هذا الكتاب كل سياسي ودبلوماسي عربي معني بالقضية الفلسطينية أو العلاقات العربية الأميركية.
لكن في رأيي أن أهم ما يميز هذا الكتاب المنهجية والأسلوب العلمي الدقيق المعتمد على التوثيق والشواهد والدلائل، بالتاريخ واليوم الذي أكسبته مصداقية لا حد لها.
قُسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء وخاتمة، إضافة للهوامش والمصادر التي احتلت 100 صفحة من صفحات الكتاب، ثم زود الكتاب بقراءات احتلت أقوالا مختارة لبعض الكتاب.
بالأمس
«بالأمس» هو عنوان الجزء الأول من الكتاب الذي يضم عشرة فصول حملت هذه العناوين على التوالي: مزاعم إسرائيل حول فلسطين، حرب عام 1948، اللاجئون الفلسطينيون، أزمة قناة السويس 1956م، حرب 1967، قرار الأمم المتحدة رقم 242، حرب الاستنزاف 1969– 1970، حرب عام 1973م، الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وأخيرًا حكومات الليكود الإسرائيلية، الفصل الأول ضم 6 أساطير (أكاذيب):
1- إننا نعلن إنشاء إسرائيل بفضل حقنا التاريخي. (إعلان الاستقلال إسرائيل).
2- لقد أثبت وعد التوارة صحة شهادة ميلاد إسرائيل الدولية. (أيباك).
3- اعترف وعد بلفور بحق اليهود في العودة القومية إلى فلسطين. (إعلان استقلال إسرائيل).
4- فلسطين- الأرض بلا شعب– لشعب اليهود بلا أرض. (الصهيوني زانغويل).
5- لدى اليهود سند قانوني يخولهم بأن يكونوا أمة في فلسطين، وهو قرار الأمم المتحدة الأميركية.
6- كانت فلسطين في الأصل تضم الأردن. (أرييل شارون).
قام فندلي بالرد على كل أسطورة (أكذوبة) كل على حدة، وخصوصًا الحق التاريخي، فكتب أن اليهود ليسوا أول من سكن فلسطين، كما أن فترة حكمهم كانت قصيرة على بعض أجزاء من فلسطين فقط، فقد سبقهم الكنعانيون والمصريون والهكسوس والحيثيون والفلسطينيون، ثم الآشوريون والبابليون، واختصارًا فإن حكم اليهود القدامى لأجزاء من فلسطين لم يزد على 600 سنة خلال 5000 سنة من تاريخ فلسطين المدون.. وكذلك قام بالرد على كل أسطورة من هذه الأساطير.
وفي الفصل الثاني من الجزء الأول حرب 1948م أورد 7 أساطير فندها كلها، منها: إننا لا ننوي تنحية العرب جانبًا والاستيلاء على أرضهم وحرمانهم من الميراث. (بن جوريون)، وفي الفصل الثالث أورد المؤلف 6 أساطير منها: يوجد لاجئون، لا يوجد مقاتلون سعوا إلى تدميرنا، جذرًا وفرعًا. (ديفيد بن جوريون).
وعن أزمة السويس عام 1956م أشار إلى ثلاث أكاذيب من إسرائيل وأهمها تصريح بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل: إن اتفاقية الهدنة مع مصر ميتة، مدفونة، ولا يمكن إعادتها للحياة.
أما حرب عام 1967م، والتي لم نتخلص من آثارها حتى اليوم، والتي سماها عبدالناصر «النكسة»، وسعى حتى وفاته لإزالة آثار العدوان، فقد سجل أربع أساطير وقام بالرد عليها، وكان أوضحها وأكبرها ما صرح به سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى إسرائيل من عام 1961– 1973م وورلوث باربر حيث ادعى أنه: ليس لدى حكومة إسرائيل– ونكرر ليس لديها– نية لاستغلال الوضع في سبيل توسيع رقعة أرضها، والحقيقة أنه بعد نصف ساعة من سقوط القدس بيد الجيش الإسرائيلي وصل الحاخام الاشكنازي الأكبر لقوات الدفاع الإسرائيلي إلى حائط المبكي وقال: أنا الجنرال شلومو جورين الحاخام الأكبر لجيش الدفاع الإسرائيلي، لقد وصلت إلى هذا المكان.. ولن أغادره بعد الآن، أما وزير الدفاع في ذلك الوقت موشى دايان فقال: لقد وحّدنا القدس، عاصمة إسرائيل المقسمة، لقد رجعنا إلى أقدس أماكننا المقدسة، ولن نرحل عنه ثانية.
ونحن الآن في عام 2011م وبعد 45 عامًا على سقوط القدس نرى ما يحدث من تهويد للمدينة المقدسة وقضم مبرمج لأراضي الضفة الغربية وإقامة مستوطنات ونسف لمفاوضات السلام!!
وعن قرار الأمم المتحدة رقم (242) والذي أثار جدلًا لمدة تزيد على عشرين سنة فقد أورد ثلاث أكاذيب منها تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن (1977 – 1983) حيث قال: لا يتطلب قرار الأمم المتحدة رقم (242) انسحابًا على جميع الجبهات، ويتابع فندلي في الفصل السابع والثامن والتاسع والعاشر فضح أكاذيبهم وربطها بالتوراة ووعودها، ولعل من أكثرها سفالة تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون عند اجتياحه للبنان ودخول عاصمتها بيروت عام 1982م ومذابح صبرا وشاتيلا، ما قاله: كانت الحرب اللبنانية ككل حروب إسرائيل حربًا دفاعية.
وعلى عكس حزب العمل الاشتراكي الإسرائيلي الذي وافق على فكرة تقسيم فلسطين عام 1947م، وعلى صيغة مبادلة الأرض بالسلام كما وردت في القرار (242) للأمم المتحدة، فإن حزب الليكود الذي استلم الحكم من عام 1977م وإلى الآن.. كان أكثر وضوحًا حين أعلن في بيانه العام: أن حق الشعب اليهودي في أرض إسرائيل أبدي وغير قابل للمناقشة. فهل تقتنع السلطة الفلسطينية بعدم جدوى مفاوضات السلام الجارية منذ عام 1993م وإلى الآن؟!
اليوم
هو عنوان الجزء الثاني، ويقصد بذلك حال القضية الفلسطينية اليوم، والعلاقات العربية الفلسطينية من جهة والإسرائيلية من جهة أخرى! ويقع في تسعة فصول هي: الانتفاضة الفلسطينية، المواطنون الإسرائيليون في فلسطين، اللوبي الإسرائيلي، ومساعدات الولايات المتحدة لإسرائيل، وضمانات القروض لإسرائيل، تجسس إسرائيل على أميركا، أسلحة إسرائيل النووية، إسرائيل وجنوب افريقيا، إسرائيل والعالم الثالث. نقل المؤلف فندلي عن مركز المعلومات الفلسطيني لحقوق الإنسان بالقدس الإحصائية التالية عن الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1988م وحتى عام 1992م: قتلت القوات الإسرائيلية 994 فلسطينيًّا وأصيب 119300، وأبعد 66 وحكم على 16000 بالحجز الإداري، وصودر 94830 فدانًا من الأرض، وهدم وختم بالشمع الأحمر 2074 بيتًا وفرض 10.000 حظر تجول، واقتلعت 120.000 شجرة!!
وهو بذلك يرد على تصريح مساعد وزير الخارجية الأميركية لحقوق الإنسان ريتشارد شيفتر (1985– 1992م): إن إسرائيل ليست فقط صاحبة الحق في إعادة النظام أو المحافظة عليه في الأراضي المحتلة واستخدام القوة بالصورة الملائمة لتحقيق ذلك.. بل هي ملزمة بذلك.
أما أكذوبة «ايباك» فقد كانت أكبر: من المعترف به أن إدارة إسرائيل للضفة الغربية، يهودا والسامرة وقطاع غزة، تعد إدارة رحيمة إذا ما قورنت بسواها.
وعن نفوذ اللوبي الصهيوني (أيباك) في أميركا قال السيناتور الأميركي الديموقراطي عن ايداهو: كنت كلما احتجت إلى معلومات عن الشرق الأوسط اشعر بالاطمئنان لمعرفتي بأنه يمكنني أن اعتمد على «أيباك» للحصول على مساعدة موثقة من محترفين.
أما عن مساعدات الولايات المتحدة لإسرائيل فقد أعلنت أيباك (اللوبي الصهيوني في أميركا) أنه بالمقارنة نجد أن المساعدة لإسرائيل صفقة رابحة.
ما بين عامي 1949م ونهاية 1991م زودت الولايات المتحدة إسرائيل بمساعدات ومنافع خاصة بقيمة 53 بليون دولار، وهذا يساوي 13% من مجموع المساعدات العسكرية والاقتصادية الأميركية للعالم خلال تلك الفترة، ومنذ معاهدة السلام المصرية– الإسرائيلية عام 1979م بلغت هذه المساعدات ما مجموعه 40.1 بليون دولار، أي ما يساوي 21.5% من مجموع المساعدات لباقي دول العالم، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن عدد سكان إسرائيل حوالي 6 ملايين نسمة فقط، إضافة إلى هبات صندوق الدعم الاقتصادي والهبات العسكرية.
ماذا كسبت الولايات المتحدة من وراء هذه الصفقة الرابحة؟! حروب في أفغانستان والعراق والخليج العربي وغيرها دفاعًا عن أمن ووجود إسرائيل، وعبئًا ونزيفًا دائمًا لدافعي الضرائب الأميركيين، إضافة إلى كره وحقد كل العالم للولايات المتحدة وسياستها المتغطرسة، وقد ردت إسرائيل على ذلك بالتجسس على أميركا (بولارد وزوجته آن هندرسون) وسرقة أسرار نووية منها، ومنافسة لأميركا في سوق السلاح العالمي!!
المستقبل
«المستقبل» هو عنوان الجزء الثالث الذي يضم تسعة فصول عن حكومة إسحق رابين، القضية الفلسطينية، مزاعم إسرائيل حول القدس، والمستوطنات الإسرائيلية، إسرائيل والأمم المتحدة، إسرائيل وعملية السلام، إسرائيل كحليف استراتيجي، القيم المشتركة بين أميركا وإسرائيل.
وكلها موضوعات عاصرناها بمرارتها، من كذب إسحق رابين– داعية السلام– وقمعه للانتفاضة الأولى، وتكسير عظام الأطفال، وموقفه من القدس والمستوطنات «إن حقنا في الأراضي المحتلة لا يقبل الجدل»، اما علاقة إسرائيل بالأمم المتحدة، والتي ولدت من رحمها، كما يدعون ونسوا أن الأمم المتحدة ولدت توأمين (ولدًا وبنتًا) وُئِد الولد (الدولة الفلسطينية) بعد مولده مباشرة وعاشت البنت حتى بلغت الستين!
إن سيطرة الولايات المتحدة على منظمة الأمم المتحدة جعلها أسيرة لديها بسبب تحيز أميركا لإسرائيل، وتلك العلاقة «العضوية» التي تربط بين الدولتين.
صحيح أن الولايات المتحدة وافقت بين أعوام 1948– 1992م على 68 قرارًا بنقد إسرائيل بصور مختلفة (تعبر عن أسفها العميق، تدين، تستنكر، تحميل المسؤولية، توصي إسرائيل، تحث إسرائيل…!)، إلا أنها استخدمت حق الفيتو 29 مرة في نفس الفترة لحماية إسرائيل من الرأي العام في المجتمع الدولي ومنها: حق الفلسطينيين في تقرير المصير، ودولة مستقلة وحمايتها على قدم المساواة مع غيرها، وكان التصويت 13 لصالح القرار وواحد امتنع عن التصويت، وفيتو الولايات المتحدة، وكان ذلك في يوليو 1973م.
أما استعداد إسرائيل لمناقشة السلام مع جيرانها في أي يوم من الأيام وحول كل المسائل فهو أكذوبة وأسطورة جولدا مائير، فقد ظهر كذب هذا الادعاء حين أعلن بن جوريون عام 1949م أن السلام أمر أساسي بأي ثمن!! مرورًا بمشروعات روجرز 1969م، وخطة كارتر الشاملة 1977م، وخطة الأمير فهد (الملك) للسلام عام 1981م، وخطة ديغان للسلام 1982م، وخطة ملوك ورؤساء العرب في فاس 1982م، وخطة بوش الأب 1989م.
وتجلّى حب إسرائيل للسلام حين ضغطت عليها الولايات المتحدة للذهاب إلى مدريد في مؤتمر السلام 1991م، فقد أعلن إسحق شامير رئيس وزراء إسرائيل ورئيس وفدها قائلًا: كنت سأجري مفاوضات حول الحكم الذاتي لمدة عشر سنوات يتم خلالها استيطان نصف مليون يهودي! أليس هذا ما يجري إلى اليوم؟!
إسرائيل كحليف استراتيجي
لم ينكر أحد من رؤساء الولايات المتحدة أو المسؤولين فيها العلاقة والحلف بين إسرائيل والولايات المتحدة، ومن أقوالهم:
1- إن إسرائيل هي وحدها الركيزة الاستراتيجية في المنطقة التي تستطيع الولايات المتحدة الاعتماد عليها. (الرئيس رونالد ريجان 1981م)
2- إن علاقتنا مع إسرائيل تخدم مصالحنا الخاصة المتبادلة. (الرئيس رونالد ريجان 1985).
3- علينا ألا ننسى أن إسرائيل تبقى صديقًا قويًّا يمكن الاعتماد عليه وحليفًا استراتيجيًّا مستقرًّا. (الرئيس بيل كلينتون الديمقراطي 1994)
4- لقد بات الأميركيون يدركون أهمية إسرائيل الكبيرة كشريك في السعي وراء الحرية والديمقراطية، وكشعب يشاركنا مثلنا العليا، وكحليف استراتيجي أساسي. (جورج شولتز وزير خارجية أميركا 1985) وهذا يجرنا إلى الفصل الأخير من الجزء الثالث عن «القيم المشتركة بين أميركا وإسرائيل» التي يتغنى بها الطرفان، وهي أكثر الأساطير التي باتت مفضوحة للعالم كله.
5- هذه علاقة تقوم على التزام مشترك بالديموقراطية وبقيم مشتركة.
(الرئيس جورج بوش 1992).
6- إن أساس العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة صرح لا يتزعزع من القيم والآمال المشتركة. (اسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل).
وإذا كان «فندلي» يرى في خاتمة كتابه أن الأزمة المتفاقمة في الشرق الأوسط تتطلب من الحكومتين الأميركية والإسرائيلية قيادة ملهمة وجريئة، ولكن أيًّا منهما لا تملك ذلك، فهما تواصلان تأجيل اتخاذ القرارات التي يمكن لأي عامل يرى أنها ملحة وحتمية.
كما يرى بول فندلي أن مستقبل القدس سيشكل تحديًا سياسيًّا معقدًا، ولكنه ليس من النوع غير القابل للحل.
وإذا كان د.محمود يوسف زايد مترجم هذا الكتاب يتمنى أن يقرأ هذا الكتاب كل سياسي ودبلوماسي عربي معني بالقضية الفلسطينية أو العلاقات العربية الأميركية.. فأنا الفلسطيني المقهور البعيد عن وطني والمبعد عنه- وما أنا إلا حالة ونتاج لهذا الحلف الاستراتيجي الشيطاني بين أميركا وإسرائيل، واسترجع قول الرئيس بنيامين فرانكلين وهو يضع دستور الولايات المتحدة عن اليهود وهو ينصح «أبعدوهم قبل فوات الأوان» فإنهم سيتحكمون في شعبنا ويدمرونه!- أتمنى أن يقتني هذا الكتاب كل فلسطيني في الوطن وفي الشتات، في المدينة والقرية والخيمة، وأن يرضع كل وليد فلسطيني مع حليب أمه هذه الأساطير والأكاذيب التي تقوم عليها السياسية الإسرائيلية التوسعية؛ ليكتسب مناعة ضدها.
عرض وتلخيص /بهيج بهجت سكيك
باحث تربوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.