غني عن القول ان نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية عبارة عن اتفاقية او معاهدة دولية وبالتالي تنطبق عليها الاحكام العامة للاتفاقات الدولية، ووفقا للاحكام العامة المذكورة يمكن القول ان التوقيع تختلف قيمته من معاهدة الي اخري وانه قد لا يكون المرحلة الأخيرة من مراحل الارتباط بالمعاهدة وانما يمثل المرحلة الاولي نحو المشاركة في الاتفاقية تتلوها مرحلة او مراحل اخري / التصديق او الموافقة او القبول وبالرجوع الي الحالة التي نحن بصددها نجد ان دولة روسيا وقعت على نظام روما الأساسي منذ العام 2000 ولكن الثابت من خلال مضابط الاتفاقية المذكورة انفا ومنذ تاريخالتوقيع لم تبرهن هذه الدولة ارتباطها بالمحكمة الجنائية الدولية عن طريق التصديق او الموافقة او القبول هذا بالطبع يعني ان روسيا ليست عضوا في المحكمة المذكورة بموجب نظام روما الأساسي حيث لم يعقب توقيعها اية إجراءات اخري و بالتالي لا ينطبق عليها الأثر النسبي للمعاهدات الدولية وفي ذات الوقت لا يعتبر هذا التوقيع بلا قيمة قانونية لقد ذهب الفقه الي ان مثل هذا التوقيع يجعل من الممكن لأية دولة او حكومة ان تطالب بإعادة فتح النص /أي فتح التفاوض علي المعاهدة/عن طريق إضافة تعديلات جوهرية عليها و يقتضي ذلك إعادة التفاوض علي المعاهدة مرة اخري/علاوة علي ذلك الدولة التي وقعت علي المعاهدة لا يمكن ان تكون في و ضع مساو لذلك الخاص بدولة لم توقعها, لذلك قالت محكمة العدل الدولية /قضية إبادة الجنس 1951 ص28/ انه بدون التصديق لا يترتب علي اعتبار الدولة طرفا في الاتفاقية, و ان ترتب عليه منحها وضعا مؤقتا قد تقل قوته و أهميته بعد سريان المعاهدة و لكن يسمح هذا الوضع بالنسبة للاعتراض علي التحفظات, بمعاملة افضل للدول الموقعة عن تلك التي لم توقع او تنضم, كذلك نصت المادة 18 من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1969/1986 علي التزام الدولة او المنظمة بالامتناع عن الاعمال التي تستهدف افساد غرض المعاهدة و ذلك اذا وقعت علي المعاهدة حاصل ما تقدم روسيا ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية وبالتالي اعلان سحب توقيعها من نظام روما الأساسي بهذه الكيفية عبارة عن فرقعة إعلامية القصد منه الاثارة والإساءة الي المحكمة الجنائية الدوليةوبمخالفة واضحة و صريحة للمادة المذكورة انفا حيث ما كان ينبغي عليها انتتعرض بالإساءة الي المحكمة الجنائية الدولية و ان كانت روسيا جادة فيما ذهبت اليه في بيان سحب التوقيع حول ترسيخ العدالة الدولية لاستغلت توقيعها هذا لتقويم المحكمة قبل الانسحاب منها و بالطريقة التي اوضحتها سلفا السؤال المطروح الان ما مدي التزام روسيا بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بالتحقيقات الجارية و بالأخص موضوع السودان/دارفور/ بما انني امنت سلفا بان روسيا ليست طرفا في نظام روما الأساسي و بالتالي ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، لكن هذا لا يعني انها غير ملزمة بالتعاون مع المحكمة المذكورةانفا, فموضوع السودان احيل الي المحكمة بواسطة مجلس الامن و تحت البند السابع و بالتالي أي دولة طرف في ميثاق الأممالمتحدة لسنة 1945 ملزمة بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية من الملاحظات الغريبة و منذ تفجر الازمة بين حكومة السودان و المحكمة الجنائية الدولية ظلت الحكومة في حالة انكار مطلق و دائم لأية علاقة لها بالمحكمة حتي و صل الامر الي تنكر توقيع النائب العام ووزير العدل الأسبق علي عثمان يس كممثل لحكومة السودان علي مضابط نظام روما الأساسي بتاريخ 8/9/2000, فالسؤال المحوري الان علام هذه الضجة الاعلامية و الفرحة العارمة,و اذا كان سحب توقيع دولة معينة يستحق مثل هذه الزوبعة لماذا لم يسحب السودان توقيعه بدلا عن الانكار ابوطالب حسن امام المحامي والمدافع عن حقوق الانسان سويسرا