في عملية هي الأولى من نوعها اعتقلت الشرطة الاسرائيلية 22 إسرائيليا ينتمون إلى طائفة يهودية متطرفة على خلفية الاشتباه بهم في قضايا اعتداء جنسي على قاصرين. عمليات المداهمة التي نسقت لها الشرطة لأسابيع قبل تنفيذها في عدة مدن أدت إلى القبض على المشتبه بهم، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و62 سنة. وتركزت العمليات في المراكز التي تشهد تواجدا كبيرا للطائفة، ومن ضمنها مدن بني براك، وبيت شيمش ومستوطنة بيتار عليت في الضفة الغربيةالمحتلة. ورغم أن المتهمين كانوا معروفين داخل أوساط طائفتهم حسب ما نشرته يومية ليبيراسيون الفرنسية في عددها الصادر أول أمس الثلاثاء، إلا أن زعماءها كانوا يتكتمون على سلوكياتهم، ولم يبلغوا الشرطة بذلك. ويأتي هذا التكتم لطبيعة مبادئ هذه الطائفة الدينية التي تعيش في تكتلات منغلقة وتحتكم إلى سلطتها الخاصة رافضة التعامل مع المؤسسات الإسرائيلية ومن ضمنها القضاء، ما يؤدي إلى تكتم كبير داخل أوساطها على الجرائم التي يرتكبها منتمون إليها فهم "يحاكمون" داخل محاكم خاصة تابعة للطائفة دون علم للسلطات الرسمية بمجرياتها. ومن أجل اختراقهم والحصول على معلومات حول عدد المشتبه بتورطهم في حالات اعتداء جنسي على أطفال، اعتمدت الشرطة على أرشيف الناشط المتطرف المنتمي إلى الطائفة موشي كيفيتي الذي يعتبر مسؤولا عما يطلق عليه "لجنة صفاء المخيم" التي هي بمثابة "شرطة الأخلاق" ، ويمارس صلاحيات "القاضي" في أوساط طائفته. وكان اكتشاف هذه المعلومات بالصدفة، إذ أن الناشط المتطرف، كان مراقبا على خلفية الاشتباه به في قضايا عنف وابتزاز واعتقل في منتصف شهر فبراير الماضي في بيته. اعتقال الشرطة لكيفيتي والتحريات التي أجرتها داخل مقر إقامته، كانا وراء الكشف عن المحاكمات الصورية لأفراد الطائفة المشتبه باغتصابهم لقاصرين. وترتب عن هذه المحاكمات نفي البعض منهم إلى مدن ومستوطنات أخرى من أجل "التكفير عن ذنبهم"، في حين أجبر البعض الآخر منهم على تناول عقاقير يعتقد زعماء الأرثوذكس بأنها قادرة على الحد من ميولاتهم الجنسية ورغبتهم في الاعتداء على قاصرين كما أكدت الشرطة. وترتب عن مداهمة منزل الناشط المتطرف كيفيتي مصادرة دفاتر دونها طيلة السنتين الماضيتين، تشمل الإجراءات الدقيقة للمحاكمات التي أشرف عليها بوصفه "قاضي" الطائفة. ويبلغ عدد القضايا المدونة في الدفاتر 180 قضية تتعلق باعتداءات جنسية. وانطلاقا من هذه المادة الأولية، أجرت السلطات تحقيقها في سرية تامة. وعبر المراقبة اللصيقة لأعضاء من الطائفة، والتنصت على هواتفهم، تمكنت من الوصول إلى المشتبه بهم واعتقالهم. وقالت الشرطة إن " العشرات من الضحايا لم تقدم لهم العلاجات الضرورية "، التي تساعدهم على التعامل مع الآثار النفسية والجسدية لحوادث اعتداء شبيهة. حملة الاعتقالات لم تمر في أجواء سلمية، إذ أن العلاقة بين السلطات والأرثوذكس متوترة جدا. خاصة في الأسابيع الأخيرة، إثر قرار الجيش الإسرائيلي بتجنيد أبناء الطائفة بشكل إجباري، وهو ما يرفضونه. وتقوم جماعات منهم بالتظاهر منذ ثلاثة أسابيع بدعوة من الحاخام صموئيل أورباخ، الذي يدعو طلابه إلى عدم الانصياع لدعوات التجنيد. والتواصل بين المتشدّدين اليهود وبقية المجتمع، بما فيه قوات الأمن، سيء للغاية. يعيشون في أحياء معزولة. لا يقصدون المدارس الحكومية أو الجامعات ولا يمارسون أي عمل ويرفضون الانخراط في الجيش. ويقيمون في إسرائيل لأسباب دينية، لكنهم على شبه قطيعة مع باقي مكونات المجتمع الذي يعتبرونه مجتمعا "علمانيا" ولا يطبق تعاليم اليهودية. وتعود طقوس هذه الطائفة إلى القرن الثامن عشر، ويتكلمون باليديشية (لغة يهود أوروبا الشرقية والوسطى) لا العبرية كما غالبية الإسرائيليين. فبالنسبة إليهم، سائر الإسرائيليين أجانب. ويرفضون الانصياع للقانون ويعتبرون كل محاولة من جانب الشرطة للتدخل في شؤونهم اعتداء على مجتمعهم.