هذا مثل ظالم ومخرِّب يستهدف فقط «تخريب» وإشانة سمعة طائر البوم دون غيره من مخلوقات الله الأخرى، ماذا فعل هذا البوم حتى يلتصق به وحده فعل «الخراب» لدرجة أن أصبح مثلاً سائراً يجري على ألسنة الناس، أنا شخصياً لا أعلم أي فعل تخريبي يضر بالانسان يقوم به هذا الطائر المفترى عليه، فهناك بعض الزواحف والقوارض والمفترسات أشد فتكاً وضرراً وخراباً من البوم، بل وهنالك بشر يستحقون أن يُضرب بهم المثل في الخراب أكثر مما يستحق البوم ومن هؤلاء من يسعون الآن لتخريب العلاقات بين شمال السودان وجنوبه غض النظر عن ما ستفضي إليه نتيجة الاستفتاء المرتقب… بالأمس أشار السيد مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني إلى «بوم بشري» قال إنه يسعى لتخريب العلاقات بين شطري البلاد في الشمال والجنوب وإشاعة الفوضى والخراب بينهما، محذراً من وصفهم بالمخربين من مغبة ما ستجرّه عليهم نفوسهم الخربة جراء ممارساتهم التخريبية هذه… حسناً… فقد قال مدير الجهاز ما نوافقه عليه مليار في المائة ونبصم على حديثه بالعشرة، فكل عاقل وراشد يرى ما يراه المدير وهو أن يحتفظ الطرفان بعلاقات متميزة وذات خصوصية حتى لو وقع الانفصال، ولكن السيد مدير الجهاز وهو «المطلع على الأسرار» لم يقل لنا من هم هؤلاء المخربون الذين يسعون بالفتنة بين الشمال والجنوب، ويعملون على تخريب العلاقات بينهما، لابد أن السيد مدير الجهاز يعلمهم، هكذا نُقدِّر، وعليه وبناءً على هذا التقدير لم نكن ننتظر منه مجرد اطلاق تحذير حول تهمة بحجم إثارة الفتنة التي هي أشد من القتل، مع أن الجهاز يمكن أن يستدعي أي صحفي أو حتى يعتقله لمجرد خبر أو تقرير أو مقال، وبهذا السبب ما يزال زميلنا الصحفي جعفر السبكي محتجزا لديه منذ عصر يوم الأربعاءالماضي دون أن يطلق سراحه أو يتم تقديمه لمحاكمة تحت تهمة واضحة ومحددة، أو على الأقل أن يسمح بزيارته… الواقع أن البوم الذي يعجبه خراب العلاقات بين الشمال والجنوب بل ويمارس التخريب بياناً بالبيان وبيانا بالعمل، معروفون بسيماهم وبما تقترف يداهم سواء من هذا الجانب أو الجانب الآخر، ولا تحتاج عملية كشفهم ومعرفتهم إلى أي قدر من القدرات الأمنية التي لا تتوفر لرجل الشارع العادي، فأي من المارة بأي «زقاق» لو استوقفته وسألته عمن هم الذين يسعون بالفتنة بين الشمال والجنوب لأفادك على الفور بلا تلجلج ودون أدنى تردد، الأمر الذي يضع تحذير السيد مدير الأمن في خانة التحذيرات الكثيرة التي لم ينفك كبار المسؤولين بالحكومة من وزراء وخلافهم يطلقونها كما المدافع، مع أنهم للمفارقة أول المعنيين بهذه التحذيرات كأن يحذر وزير الصحة المواطنين من تفشي وباء الكوليرا أو يحذر وزير الداخلية من انتشار الجرائم… (إنا لله وإنا إليه راجعون) لقد شقّ عليّ نبأ الرحيل المفاجئ للزميل الخلوق عمر محمد الحسن، الشهير بالكاهن، الذي لا تملك إن عاشرته أو عرفته على حقيقته إلا أن تحبه قبل أن تحترمه مهما كنت معه على خلاف في وجهات النظر أو الموقف السياسي، فقد كان رحمه الله لطيف المعشر حاضر الطرفة والنكتة، يشيع المرح والفرح أينما يحل، ولهذا كان صديقاً للكل لا يحب العداوات ويبتعد عن أجواء الخلافات، وكان صاحب قدرات خاصة في استجلاب الأخبار الخاصة، وهذا ما ميّز صفحته الأسبوعية «غير قابل للنفي»… والحديث يطول عن «الكاهن»، حسبنا منه ان نقول ما يرضي الله، اللهم نسألك أن ترحمه وتغفر له وتسكنه جناتك