قرى واحياء مدن ولاية الخرطوم المنتشرة على ضفتي النيل الابيض ستكون عرضه لمخاطر الغرق بالفيضان هذا العام بسبب الجسرين الترابيين اللذين أقيما على منطقة الفتيحاب بالضفة الغربية للنيل، فالجسران سيحولان دون غمر مياه الفيضان «لميعتي» النيل الابيض الشرقيةوالغربية اللتين تمتصان مياه فيضان النيل الابيض خلال موسم الخريف منذ آلاف السنين عند ارتداد مياه النيل الابيض ذي التيار البطيء الى الخلف لدى اصطدامها بتيار النيل الازرق القوي بمنطقة المقرن التي يلتقي عندها النيلان الابيض والازرق ليكونا نهر النيل، بينما اقامة الجسرين لم تصاحبهما معالجات فنية لحماية القرى والاحياء التي كانت تهددها مياه الفيضان سنويا قبل بدء العمل في الجسرين اللذين حصرا مياه النيل الابيض في مجرى النهر الرئيسي. «الرأي العام» التقت بمواطني الاحياء والقرى المهددة بالغرق ومقرر غرفة درء الفيضان بولاية الخرطوم ووزارة الري واجرت التحقيق التالي: ----------- تساؤلات... تساؤلات يقول سكان قرى واحياء مدن ولاية الخرطوم التي سيهددها فيضان النيل الابيض هذا العام بالغرق بسبب الجسرين الترابيين اللذين اقيما على ضفتي النيل الابيض الشرقيةوالغربية، النيل الابيض منذ قديم الزمان تغطي مياهه «ميعتي» الفتيحاب بالضفة الغربية والغابة بالضفة الشرقية للنيل الابيض طوال فترة الخريف الامر الذي يساعد على تخفيف مخاطر الفيضان على القرى والاحياء المجاورة لمنطقة النيل الابيض، ولكن هذا العام ستكون كل المناطق التي تمتد على طول النيل الابيض بولاية الخرطوم مهددة بمخاطر الغرق، عندما ترتد مياه النيل الابيض الى الخلف نتيجة اصطدامها بتيار النيل الازرق القوي الذي يندفع بسرعة تمنع مياه النيل الابيض من الجريان ولذلك اندفاع ارتداد مياه النيل الابيض التي حيل بينها وبين الميعات التي تستوعب كميات كبيرة من المياه سيؤدي الى اجتياح مياه النيل الابيض بصورة شاملة للاحياء والقرى التي تقع على مقربة من النيل بمحليات جبل اولياء والخرطوموام درمان.. كما يتوقع ان تمتد مخاطر الغرق والفيضان الى محليتي امبدة وكرري ولذلك على وزارة الشؤون الهندسية بولاية الخرطوم وقف تنفيذ المشروع مؤقتاً الى حين ايجاد حلول شاملة للقرى والاحياء التي يهددها فيضان النيل الابيض خلال فترة الخريف بالغرق اذا كان الهدف من قيام المشروعات العمرانية على النيل تحقيق المصلحة العامة وخدمة مواطني ولاية الخرطوم فمشروع مدينة النور بالشاطئ الغربي للنيل الابيض ومشروع مدينة السنط بالشاطئ الشرقي للنيل الابيض، اذا نفذا وفق العمل الحالي سيؤديان الى محو عدة قرى واحياء بولاية الخرطوم من الوجود بسبب «التوسنامي» الذي يؤدي الى موجة نزوح قسري لمواطنين داخل ولاية الخرطوم. فالمواطنون يتساءلون: هل هذان المشروعان خضعا لدراسات اجتماعية وبيئية قبل بدء العمل فيهما؟ وهل الجهات التي تمتلك المشروعين فكرت في المخاطر التي يتسبب فيها المشروعان لمواطني قرى وأحياء عمرها آلاف السنين؟ ولماذا لا تنفذ ولاية الخرطوم أعمالاً فنية لحماية القرى قبل بدء تنفيذ المشروعين؟ سلامة البيئة: يقول الدكتور معتصم نمر نائب رئىس الجمعية السودانية لحماية البيئة: قانون البيئة لعام 1002م يلزم المشروعات العمرانية والصناعية والانشائية بتقديم دراسات جدوى تحدد الاثر البيئي للمشروع تجاز بواسطة المجلس الاعلى للبيئة والموارد الطبيعية قبل بدء تنفيذ المشروع، فالآثار البيئية تؤثر على صحة الانسان والحيوان والموارد الطبيعية ومصادر المياه على المدى البعيد، ولذلك الجهات التي تتولى تنفيذ المشروعات الكبيرة عليها عرض بدائل تضمن سلامة البيئة وفق القوانيين المعمول بها ولكن قوانين البيئة بصفة عامة تتعرض لتجاوزات من قبل المؤسسات الحكومية ومثال على ذلك كل المشاريع العمرانية التي قامت على واجهات النيل لم تخضع لدراسات بيئية تحدد الاثر البيئي والتلوث الناتج عن تنفيذ المشروعات وفق المعلومات الخاصة بوزارتي البيئة والتنمية العمرانية ووزارة السياحة والحياة البرية التي قدمت للمجلس الوطني حول مشروعي السنط على الضفة الشرقية للنيل الابيض ومشروع مدينة النور على الضفة الغربية للنيل الابيض ولذلك ترى الجمعية السودانية لحماية البيئة ضرورة ايقاف العمل في المشاريع على الواجهات النيلية مؤقتاً الى حين تحديد الآثار البيئية الناتجة عن تشييد الارصفة الترابية على النيل الابيض حتى لا تتعرض حياة المواطنين وممتلكاتهم للخطر بالمناطق المنخفضة على النيل الابيض التي يكتظ فيها السكان منذ القدم، فهناك عدد من القرى والاحياء الغربية من النيل ستكون عرضة للغرق هذا العام اذا حال الجسران الترابيان اللذان شيدا على الضفتين الشرقيةالغربية دون تصريف مياه فيضان النيل الابيض في «ميعتي» الغابة والفتيحاب اللتين تستوعبان كمية كبيرة من مياه النيل الابيض المرتدة من المقرن الى الخلف بسبب تيار النيل الازرق القوي. ويضيف د.معتصم نمر: مدينتا «السنط» و«النور» اللتان سيقومان على النيل الابيض ويتوقع لهما ان تضمان كثافة سكانية كبيرة ستكون لهما مخلفات ونفايات وفضلات بشرية كبيرة تتطلب اجراء دراسات بيئية علمية لكيفية التخلص منها في المستقبل حتى لا تكون اعباء اضافية على مشاكل ولاية الخرطوم في نقل النفايات والصرف الصحي، فوجود المدن على ضفاف النيل له آثار ضارة اذا لم تصاحبها خدمات متطورة في مجالات خدمات المياه والكهرباء، كما ان هاتين المدينتين على النيل الابيض تقعان على نقطة التقاء مدينتي ام درمانوالخرطوم اللتين تضمان اكبر عدد من الكثافة السكانية في السودان ولذلك سيؤدي قيام مدينتي النور والسنط الى عرقلة حركة المرور اذا لم تعالج خطوط الحركة التي ستستوعب سيارات القاطنين فيها بصورة علمية، كما ان مخلفات التشييد والاعداد الكبيرة من العاملين الذين يستوعبهم المشروع ستهدد المنطقة بتلوث بيئي اذا لم تصاحب المشروعات اجراءات عملية لمعالجة ذلك. فهناك حقوق بيئية لمواطني ولاية الخرطوم يجب ان تتضمن في المشروعين منها حق المواطنين في التمتع بمناظر النيل الطبيعية وحماية ضفاف النيل كتراث انساني عالمي، كما ان النيل يشكل رئة لمد المواطنين بالهواء النقي بالاضافة الى حرمان المباني الشاهقة للطيور المهاجرة من استغلال الغابة عند قدومها للسودان. فقيام منشآت عمرانية على النيل الابيض تغير طبيعة المنطقة الجغرافية والمناخية ومسار مجرى النيل ولذلك لابد من دراسة شاملة لكل الجوانب المتعلقة بالمشروع علمياً واشراك المواطنين في اتخاذ القرارات لتحقيق المصلحة العامة. معالجات فنية: يقول المهندس مالك بشير محمد مقرر الغرفة الرئيسية لدرء آثار السيول والامطار بولاية الخرطوم.. مشروع مدينة النور على الضفة الغربية للنيل الابيض خطط كموقع تجاري سكني من قبل وزارة التخطيط العمراني ولاية الخرطوم واستعانت الوزارة في اعداد المشروع بوزارة الري والموارد المائية وجهات استشارية اخرى في تنفيذ الردميات الترابية على النيل الابيض حتى لا يؤثر المشروع على منسوب فيضان النيل الابيض خلال فترة الخريف، فالواجهة النهرية التي تقع في منطقة ام دمان اعدت لها دراسات اجريت قبل قيام المشروع بنيت على معالجات فنية لزيادة سرعة تيار النيل الابيض البطيء الاندفاع لمنع حجز. مياه النيل الابيض بواسطة تيار النيل .الازرق القوي في منطقة المقرن ولذلك مياه النيل الابيض لن تخرج عن مجرى النيل الرئيسي لتغمر القرى والاحياء الغربية من النيل فيما المشروع سيسهم في تطوير ضفاف النيل الابيض المهملة من خلال تشييد شوارع اسفلت على طول الشاطئ واقامة كورنيش نيلي يمكن المواطنين من الاستمتاع بمناظر النيل، كما ان الجسر الترابي الذي اقيم غرب النيل سيحمي مناطق ابوسعد والشقلة والفتيحاب من الفيضان ومياه الامطار التي كانت تتسرب الى المنازل من خلال مصارف الامطار، كما ان جزيرة توتي لن تتأثر بالمشروع خلال فترة الفيضان بسبب الاحتياطات التي اتخذتها الغرفة منها ادخال الآليات للجزيرة في وقت مبكر وتقوية الجسر الواقي وتخصص شركة لمد الجسور الترابية بكميات كبيرة من التراب تحسباً لطواريء الفيضان.. كما ان افتتاح كوبري توتي الذي شارف على الانتهاء سيساعد في عمليات حماية جزيرة توتي من الفيضان، اما المشاكل التي تواجه الغرفة في منع الفيضان بالمناطق المنخفضة على النيل الابيض فتتمثل في عدم استجابة المواطنين لمقترح التعويضات واخلاء المنطقة والانتقال الى مواقع بعيدة عن مخاطر الفيضان ولذلك سوف تكون هناك صعوبات في حماية المواطنين الذين يسكنون على السهل الفيضي من مخاطر الفيضانات النيلية رغم الجسور الواقية التي تنفذها الوزارة بمحليتي جبل اولياء وام درمان. فيما كل المشاريع التي تقام على واجهة النيل ستخضع لدراسات بيئية ولذلك سوف تخصص مساحة «52%» من مشروع مدينة النور لزراعة الاشجار والحدائق والميادين الخضراء من اجل ترقية البيئة. وزارة الري: وزارة الري والموارد المائية، ترى ان اقامة منشآت على مواقع فيضان النيل قد تتسبب في اغراق مناطق كثيرة يهددها الفيضان عند كل موسم مطري، ولذلك كان يجب على وزارة التخطيط العمراني ولاية الخرطوم ان تنسق مع وزارة الري والموارد المائية قبل اقامة الجسور الترابية لمدينة النور ولكن وزارة التخطيط طلبت فقط منه وزارة الري والموارد المائية مناسيب النيل، ولذلك على المواطنين الذين يتضررون من الجسر الترابي لمدينة النور بالغرق المطالبة بالتعويض من الجهة التي نفذت المشروع، فوزارة التخطيط لديها الحق في تخطيط واجهة النيل الابيض واقامة منشآت عمرانية ولكن يجب الا يتضرر من ذلك مواطنو الولاية، ولذلك كل المشروعات التي تقام على النيل ينبغي ان تجرى لها دراسات شاملة فنياً واجتماعياً وهندسياً قبل بدء عمليات تنفيذ المشروع.