بابتسامة معبرة حيا باقان اموم الأمين العام للحركة الشعبية الحضور، وتوجه بسرعة نحو منصة الندوة فهو قد جاء متأخراً، ليحيي من بالمنصة بحرارة، غير ان نقد سكرتير الحزب الشيوعى همس فى اذنه قبل بداية الندوة وهو يبتسم (اوعى تجيب سيرة الحكومة… الجماعة بقوموا عليك). ضجت قاعة الشهيد الزبير صباح امس بالضحك بعد ان تسرب اليها همس نقد لباقان. قبل بداية ندوة:» نكون او لا نكون .. نحو خارطة طريق للسلام والوحدة.. التحديات وآفاق المستقبل»، التى دشنت بها مؤسسة سلام سودان (المعهد العالمى للسلام وحوار الحضارات) عملها بالخرطوم. استهل الحديث د. هاشم التني رئيس مجلس ادارة سلام سودان معرفا بالمعهد والمبادرة، معرفا اياه بأنها مبادرة للمهاجرين سودانيين ناشطين بالمجتمع المدنى، تهدف لطرح خارطة طريق للمشكل السودانى، بطرح مسارات جديدة، تتجاوز (الظلمات التاريخية، بانبلاج فجر وطنى جديد يقوم على احترام حقوق الانسان، والديمقراطية والعدالة). واضاف د. التنى ان هدفهم تطوير قيمة الحوار، وتعزيز قبول الآخر. وقبل ان تفتح الابواب للمتحدثين اشار د. التنى الى ان السودان امام خيارين بين ان يكون او لا يكون، واضاف: لابد فى هذه المرحلة الحرجة من ان نتساءل: (هل نحن كافراد واحزاب او مجموعات جزء من الازمة؟، وفى ذات الوقت كيف لنا ان نصبح جزءاً من الحل؟). ابتدر محمد ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي حديثه بالاشارة الى ان تواتر الندوات والفعاليات فى الفترة الاخيرة دليل على صحوة لترتيب الاجندة الوطنية، ووصف المرحلة بأنها واحدة من مواسم انعاش الوحدة الوطنية. نقد نبه فى ذات الوقت على ضرورة عدم تناسى ازمة دارفور، ودعا السودانيين الى اليقظة خلال هذه المرحلة بقوله:(حقو الناس يخلو نومهم السياسى خفيف)، مطالباً القوى السياسية فى ذات الوقت من الانتباه الى انه كلما مرت البلاد بمنعطف، ظهرت عناصر جديدة فى الملعب. وختم نقد حديثه بضرورة تطوير التراث الانسانى السودانى بموضوعية، وحذر من انه فى حالة عدم حدوث ذلك فان الجميع سيدور فى حلقة مفرغة. المحامى كمال عمر امين الدائرة العدلية لحزب المؤتمر الشعبي الذى حضر فيما يبدو بعد أن تغيب الترابى (رغم إعلان اسمه بين المتحدثين) ارجع ازمة الدولة لازمة فى الحقوق وتسببت فى وصول الاوضاع في البلاد الى مراحل حرجة. كمال عمر اشار فى ذات السياق الى ان الهجوم الاخير على ام درمان كشف ان نيفاشا لم تضع العلاج الناجع لازمات البلاد، وقال ان وثيقة الحقوق الواردة في اتفاق السلام لم تنفذ ولو بنسبة ( 10 % ) حتى الآن. باقان اموم الامين العام للحركة الشعبية الذى بدا انه كان (superstar) أبرز نجوم الندوة جدد تأكيده على (فشل الدولة السودانية)، رغم ما أثاره حديثه في ندوة (اجراس الحرية) من جدل وصل الحد المطالبة باتخاذ قرار ضده. باقان اموم اعتبر ان الدولة السودانية لا يخرج مصيرها من سيناريوهين، الاول ان الدولة ستنهار بالكامل وذلك يأتى في ظل استمرار عدم وجود مشروع وطني جامع لصالح مشروع آحادي، الامر الذى يؤدى لنشوب حروب اهلية وفشل فى الاستقرار السياسي مما يعني اكتمال حلقات الفشل، اما الاحتمال الثاني حسب حديث اموم ان تنهض الدولة بقيام مشروع وطني جامع مبني على الحد الادنى من التوافق بقيم دولة عادلة تتساوى فيها الحقوق. وعبر باقان اموم عن اعتقاده بأن العلمانية لا تعني عداء للدين او ابعاده عن الحياة والمجتمع، وقال: لابد من وجود الدين في المجتمع»، اموم فى حديثه فى الندوة اعتبر امس ان اقامة الدولة الدينية في السودان يعني انهيار الدولة. وارجع اموم فى ختام حديثه الازمة الحالية للتضارب في المصالح الجزئية بين مكونات الدولة السودانية المختلفة. المرشح الرئاسى السابق د. مالك حسين وعضو البرلمان اشار الى ان اتفاقية السلام نفسها جزء من الازمة، ووصف المشهد بأنه ملك لشريكى الحكم، اما بقية الشعب فهم متفرجون. واضاف د. مالك الى ان الشريكين لم يستطيعا تنفيذ (35%) من مجمل اتفاقية السلام، التى تحوى (8600) نقطة. ويحذر من ان (90%) من مشاريع التنمية بالبلاد تتم عبر القروض الدولية. وامن على حديث باقان من استخدام اموال البترول فى التنمية. الخبير الاقتصادى المعروف د. محمد ابراهيم كبج اشار الى ان ميزانية الدولة تعانى من ازمة حقيقية فهى ليست ميزانية حرب، ولا هى ميزانية سلم. واضاف ان مصداقية الحكومة تجاه الموقعين فى ابوجا، تجعل الحركات الحاملة للسلاح الآن تشكك فى ثقة الحكومة، مضيفاً ان التمادى فى الخطأ يؤدى لتكلفة اعلى. ودعا كبج لتنمية الموارد الزراعية التى تعتبر القاطرة فى عملية التنمية، بالتركيز على الزراعة المطرية التى تمثل قرابة (75%) من اراضى السودان حسب حديث كبج، معتبرا ان تلك المناطق تعد حزاماً للجوع والفقر والمرض وحمل السلاح.