في خطوة تشتم رائحة تفعيل ما عطله من انفاذ سلام دارفور. تحرك الوفد الأمني رفيع المستوى المكون من وزير الدفاع ووزير الداخلية ومدير جهاز الأمن ومفوض الشؤون الإنسانية بغرض الوقوف على تأمين الطرق بين الولايات الثلاث وبينها والمركز والاجراءات المتخذة لتأمين حركة المواصلات وحركة المواطنين داخل كل ولاية بصورة آمنة، منتظمة كإنفاذ الترتيبات الأمنية وبسط هيبة الدولة بولايات دارفور الثلاث !!. ............................................................................................................................................ واذا نجح الوفد رفيع المستوى في معالجة منظومة ما تطرقت له الزيارة من تأمين الطرق وتحسين الموقف الانساني بمعسكرات النازحين وتأمينها والاطمئنان على سير عمليات العودة الطوعية، والتعايش السلمي، فإن هيبة الدولة ستكون مبسوطة تظلل سماء دارفور، وبالعدم فإن هيبة الدولة ستصبح في عداد الأماني العذبة باعتبار التدهور الذي لحق بحركة الناس والبضائع والتعايش السلمي ادى الى التفلتات الأمنية التي راح ضحيتها العديد من الارواح والممتلكات بسبب انتشار السلاح وحمله بطرق غير مشروعة. وعلى الرغم من ايجابية الخطوة التي قام بها الوفد الأمني إلا ان مراقبين يشيرون الى ان انزالها على أرض الواقع تحف به نفس المشاكل التي ظللت اتفاق ابوجا. ويصف الفريق الطيب عبد الرحمن مختار والي جنوب دارفور السابق بأنها ايجابية تذهب في إتجاه تهدئة الخواطر .. إلا ان الخطوة لها متطلباتها الاساسية من اعادة تأهيل للقرى المحروقة باعتبار أن الاعمار هو الاساس في العودة الطوعية، وكذلك يرى أنه لا بد من استئصال المشكلة الاساسية في دارفور وهي الحد من انتشار السلاح الذي انتزع الأمن كلية!! ويستقرئ بروفيسور حسن الساعوري استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية الأمر على انه لو تم وفق ما هدفت له الزيارة فإن مشكلة التفلتات الأمنية بدارفور تكون قد حلت لأن سببها الاساسي الفشل في ضبط الأمن وعدم شل قدرة الحركات ومنعها من الهجوم من جهة وإيقاف الحرب الأهلية القائمة على الثأر والنهب المسلح من جهة أخرى. لكن بجانب ذلك فإن الزيارة عند الساعوري يمكن الربط بينها وبين اشياء محددة قد تكون مربوطة باستيعاب افراد الحركات التي وقعت في القوات النظامية، كما قد تكون استباقية لمنع منتسبي بعض الحركات من التمرد على قادتهم وحركاتهم. ويشير بعض المراقبين الى ان ضبط التفلتات الأمنية في دارفور خطوة مهمة ولكنهم يؤكدون ضرورة استباقها او مواكبتها ببرنامج للتصالح القبلي إعمالاً لمبدأ القانوني الشهير « الصلح سيد الاحكام» برنامج المصالحات من شأنه الاسهام في استتباب الأمن والاسهام في بسط هيبة الدولة.. وقد درجت الادارة الاهلية في دارفور قبل حلها وتجريدها من صلاحيتها في العمل بالصلح وكانت تمثل أهم عوامل الاستقرار في المنطقة اضافة لدورها في تسوية الخلافات بين القبائل وجسر العلاقة بين السلطة المحلية الولائية والاتحادية، ويشير البعض الى ان قرار حلها دون اتخاذ البديل المناسب ادى الى وجود الفراغ الاداري والأمني الذي يعاني منه الاقليم.. ويؤكد مراقبون ان المصالحات على بساطتها كانت تعيد جسور الثقة بين القبائل وتؤدي الى تطبيع العلاقات بين المجموعات ويضيفون ان الصلح من شأنه ان يزيل المرارات ويقطع الخصومات إلا ان برامج الصلح نفسها اصبحت تواجه العديد من المعوقات، اولها فقدان الادارة الاهلية لسلطتها وسطوتها عند بعض الخارجين عليها ثم عدم الرضى بأحكام الصلح في ظل تفاوت الخسائر، لكن الفريق الطيب عبد الرحمن مختار يرى أن المصالحات ما زالت مجدية مشيراً الى أنه الى الآن يمكن اشراك ادارات اهلية من «كردفان، بحر الغزال» يكون لهم القبول في دارفور، وأوضح أنهم اسهموا بالفعل في حل المشاكل الصغيرة التي تحل عبر الاعتراف بين القبائل، ويضيف لأن المحاكم لا تزيد الأمور إلا تعقيداً غير أن الساعوري يختلف كثيراً مع وجهة النظر تلك.. فمن وجهة نظره فإن مؤتمرات الصلح «لا معنى لها» مستصحباً تجربة الوالي الاسبق الحاج عطا المنان في انفاذ العديد من « الاتفاقيات» لكن الحل بنظر الساعوري يكمن في اتجاه اتفاق أهل السودان لحل كل قضايا دارفور، ورجح الساعوري الأمر الاخير باعتبار أن الزيارة في مجملها قد تكون مقدمة لجولات أخرى لمناقشة الأمور مع «أهل السودان» لحل قضية دارفور بصورة جذرية. ومهما يكن، فقد وفقت الزيارة على الكيفية التي تؤدي الى نزع السلاح وبسط الأمن لتؤكد الحكومة حديثها في انفاذ بروتوكول الترتيبات الأمنية، ففي غياب الأمن اصبحت الحركة بين عواصم ومدن دارفور تحتاج حراسات واطواقاً ادارية للتأمين.