لا أدري على وجه الدقة كم انفقت أو بالأحرى «أهدرت» ولاية الخرطوم على ما يطلق عليه «تباهيا» ب «مول واحة الخرطوم» يا سلام! ربما تكون قد بلغت عشرات المليارات من أموال الشعب السوداني الذي يعاني «90%» منهم من الفقر .. ويعاني أيضاً من بؤس الخدمات التي توفرها لهم سلطات الولاية.. ? جال هذا بخاطري وأنا أخوض مع آخرين كثر في اوحال الطين القذرة- مخترقاً سوق جاكسون عصر الاثنين الماضي عشية الامطار التي هطلت في اجزاء متفرقة من الولاية.. التقيت صدفة بود الشريف محرر الرياضة في «ألوان» وهو يخوض مع الخائضين مكفكفا بنطلونه كما الآخرين الذين كانوا يزحفون بحرص شديد من حجر هنا وقطعة بلوك أو صخرة هناك.. اتقاء للأوساخ والنفايات المخلوطة بالطين الأسود التي غطت المسار.. هذا الممر يبدأ من تقاطع شارع السيد عبد الرحمن مع شارع الحرية مروراً بشارع الطابية وإلى موقف جاكسون على قضبان السكة الحديد الموءودة- ويبلغ طول ذلك الطريق نحو كيلو متر.. سلطات المحلية عبر شركة خاصة كما فهمت من الباعة فرضت عليهم جبايات اجمعوا انها جائرة خاصة في الاوضاع الاقتصادية الحالية.. عندما كثر البائعون الجائلون الراغبون في حيازة اكشاك وتربيزات خاصة بهم- ثارت شهية المحلية لمزيد من الجبايات وتواطأت مع الشركة لتقسيم مزيد من المساحات الفاضية في ذلك الشارع وطورت وحددت ثمن القطعة الواحدة التي تبلغ مساحتها فقط اثنين متر مربع «تخيلوا» بستمائة جنيه.. ومع كل تلك الرسوم و الجبايات المفروضة على الاكشاك والتربيزات فإن البلدية لا تقدم الخدمات الضرورية في ذلك السوق.. وكما قال احدهم «ربما انت شايف يا استاذ نحن قاعدين وسط نفايات وقاذورات وناس المحلية ما عليهم».. ما يحير المرء ان الباعة في سوق جاكسون يصرون على حيازة المترين المربعين بتلك المبالغ الهائلة وفي نفس الوقت يشتكون من الركود..«يمكن ما بتصدق لو قلت ليك انا ما بعت لحد هسع اكثر من خمسة جنيهات».. وكانت عقارب الساعة آنذاك تشير إلى السادسة تقريباً.. «قلنا نجرب لعل وعسى.. ما عندنا خيار بدل ما نقعد ساكت نتفرج قلنا نكابس».. ولاية الخرطوم اهدرت عشرات المليارات في «مول واحد».. أما كان من الأفضل ان تخصص هذه الاموال للخدمات الأساسية مثل إنشاء وصيانة المجاري التي تطفح مياهها الآسنة في شوارع المدينة- بدلاً من العبث بأموال الخزينة العامة من مشروع مشكوك في جدواه.. على سلطات الولاية ان تحدد أوجه وأولويات الصرف قبل محاولة اعادة (زمان الخرطوم بالليل..(