* لم ينسرب احساس بتفوق الحكومة في مفاوضاتها مع الحركة الشعبية مثلما هو الحال مع اتفاق النفط .. كل الاتفاقات منذ نيفاشا كانت تبدو عليها علامة(صفقة المغبون)..الترتيبات الأمنية ، بروتوكول ابيي ، اتفاقية الحريات الاربع، المشورة الشعبية، الاستفتاء..الخ. *الاتفاق النفطي الاخير اعطى انطباعا مغايرا، وهو قدرة الوفد الحكومي على ان يحرز هدفا في مرمى حكومة الجنوب، (رغم شكاوى الوفد الحكومي المفاوض من التغيير المستمر لقوائم المرمى). *بعيدا عن الحسابات المعقدة للسعر الحقيقي لتصدير برميل النفط، فإن المهم هو ان الحكومة ستحصل على مبلغ ثلاثة مليارات ومائتي مليون دولار تقريبا للتعافي من آثار فقدان مورد النفط، بالاضافة الى الرسوم التي سيدفعها الجنوب عن كل برميل نفط يصدره(تشير التقديرات الى ان المبلغ حوالي عشرة دولارات عن كل برميل). * الوفد المفاوض نال علامة شبه كاملة على هذا الاتفاق، وهناك رضا عام وسط القيادة، واجماع سكوتي بين عامة الناس على ان الحكومة قد حققت انتصارا في معركة اديس ابابا التفاوضية. * اذن فقد انجز الوفد التفاوضي ما يليه في ورقة النفط، وانتزع مبلغا ماليا محترما بالعملة الصعبة تحتاجه الحكومة الآن اكثر من اي وقت مضى، وربما اكثرمن اي وقت سيأتي. * لكن المعركة الاهم والتحدي الحقيقي، هي كيفية ادارة هذه الاموال التي ستؤول الى الخزينة العامة(والامانة العلمية تقتضي الاشارة الى انني سمعت هذه العبارة من الدكتور صابر محمد حسن محافظ البنك المركزي السابق). * خطورة هذه المبالغ انها تشبه بيضة الديك، سينالها السودان مرة واحدة، ولن يحصل بعد ذلك من الجنوب على شيء، بل ان الاتفاق النفطي نفسه مؤقت ومدته ثلاث سنوات، يمكن بعدها للجنوب ان يصدر نفطه عبر جهة اخرى. * ماذا ستفعل الحكومة بأموال النفط؟. هذا هو السؤال الذي يجب ان يؤرق الحكومة ويقض مضجعها؟. صفقة النفط باختصار هي الطلقة الاخيرة في سلاح الحكومة، فإذا لم تُسدد نحو الهدف المعني وتصيبه، فإن على الحكومة ان تبحث عن حمقى آخرين يعطونها منحا وقروضا. * لا ادري من الذي سيتخذ هذا القرار الخطير..قرار ادارة وتوظيف هذه الاموال ، هل ستتخذ القيادة السياسية هذا القرار انابة عن اجهزة الحزب الحاكم؟، ام سيتخذه الحزب انابة عن البرلمان؟، ام يتخذه البرلمان منفردا في سابقة ستحسب له ان هو فعلها؟