نخشى على الزيادة التى قررها السيد رئيس الجمهورية كحد أدنى لأجور العمال فى القطاعين العام والخاص ... نخشى عليها من الوحش الكاسر الذى اسمه السوق ... لأن التجار سيعملون وبسرعة فائقة على إمتصاص هذه الزيادة بشكل لا يتوقعه العمال ولا الحكومة . لأن هذا الوحش الكاسر فى إنتظار أى زيادات فى الرواتب مهما كان حجمها ... وسوف يعود العمال للشكوى من جديد . والحل الجذرى ... هو محاربة هذا الغول الكاسر الذى يمتص حتى دماء المواطن .... ومحاربته يجب ان تكون بكافة الوسائل والطرق . ولتبدأ الحكومة أولاً بمحاربة السماسرة ... وضربهم فى مقتل ، لأن السلع سيتضاعف سعرها أكثر من مرة وهى فى طريقها من تاجر الجملة أو المورد إلى تاجر القطاعى . آلاف من الذين يرتدون الجلاليب البيضاء ويضعون العمائم على أكتافهم وعلى رؤوسهم طواقى من مختلف الألوان والأشكال ... يتواجدون أمام تجار القطاعى وليس لهم مكاتب لأن (الشغلانه) مريحة للغاية وهو جالس فى موقعه وبالتلفون يكسب أموالاً كثيرة . ٍأقول هذا لان معظم الآليات التى شكلتها الحكومة أو ولاية الخرطوم لم تأت بنتائج إيجابية وما زال السوق (عاير) ... والسماسرة أعطوه سوطاً قوياً ليزداد سرعة . كذلك يمكن للحكومة أن تحدث إختراقاً بسيطاً فى سياسة السوق الحر بأن تتولى إستيراد السلع الإستهلاكية والضرورية والادوية وتوزعها بهامش ربح صغير وتترك السلع الهامشية للتجار ومعهم السماسرة الذين أفسدوا السوق ... بل أفسدوا الحياة للمواطنين . فى كثير من الدول التى نجد الدولة ممسكة ببعض السلع ... نجد الأمور تسير كما ينبغى ، لكن سياسة السوق الحر تريد إقتصاداً قوياً ومنفتحاً يتمتع فيه المواطن بحرية حركة كاملة وبإمكانات عالية ... من دخل المواطن الشهرى ... وإلى المكافآت والحوافز . هناك طريقه أخرى لضبط السوق وهى فرض رقابة صارمة تحول بين التاجر والمواطن بحيث لا يستطيع ان يضع أسعاراً تفوق الخيال لأى سلعة . كثير من الدول إستطاعت السيطرة على السوق وكبح جماحه ... وكثير منها فشل لان مافيا السوق أكبر من قدراتها وأكثر ذكاء من تلك الحكومات . التعاون بشفافية كاملة بين أجهزة الدولة الرسمية والتجار الكبار ... وحتى التعامل بينهم من شأنه أن يجعل أؤلئك التجار يتعاونون مع الحكومة تعاوناً إيجابياً وسلساً ... الأمر الذى يؤدى إلى إنضباط السوق . فى بلادنا نجد البضاعة مرصوصة فى الرفوف وتأتى زيادة مفاجئة فى سعرها ... نجد التاجر يرفع السعر مباشرة دون ان يدرك أن ذلك غير صحيح ... لان الزيادة فى الصنف المعين تسرى عند شراء تاجر القطاعى بالأسعار الجديدة وليس بالأسعار القديمة . الثقة بين أجهزة الدولة وبين التجار أمر مهم لإستقرار السوق لانه يزرع الثقة بين الطرفين .