من المفهوم أن تضرب طائرات إسرائيلية السودان مخترقة الأجواء دون التعرف عليها، ولكن هل يمكن أن يكون مقبولاً أن يعم الجراد سماوات السودان ويأتي مسؤول في الشأن ليقول بعد أن وقعت الكارثة وتبين أن القوم كانوا في نوم العوافي ليبرر ويقول إنّ الجراد الذي وصل البلاد (وصل تعبان)، المقاييس العلمية الباهرة التى قاست مدى الرهق الذي أصاب هذا الجراد المسكين غابت عن الكشف عن مواعيد وصوله البلاد وغابت عن رصد كمياته وتقدير خطره والاستعداد له. قامت الدنيا ولم تقعد بسبب تعيين مسؤول في وزارة الزراعة وضجّت الأجهزة بين وزارة الزراعة ومجلس الوزراء، وبعد أن تم التعيين هدأت الأنفس واستكانت وهاجم الجراد وما كان مهما ما يفعله مسؤولو الزراعة ومن يجب عليهم مراقبة ومتابعة الأحوال وعلاجها. قبل شهر من وصول الجراد وصلتهم الإفادات بأن أسراب الجراد قادمة لبلادكم ولكن النتيجة أنّ مسؤولا ولائيا يصرخ مستنجداً أمس الأول فقط بأن عمليات المكافحة لا توجد بالمعنى الواضح. طائرة واحدة تحوم بين أسراب، يغطي السرب الواحد منها ستة كيلو مترات ويتلف عشرة أفدنة من الطماطم في نصف ساعة فقط وهذه الطائرة الواحدة تعاني من نقص الوقود أي أنها لا تعمل بكل طاقتها، هذا في بلد انتشر فيه أدب أننا نشغل المصنع الفلاني والماكينة الأخرى بأكثرمن طاقتها الإنتاجية. الكارثة الأكبر أن الجراد سيرحل عنا بعد أن يأكل ويضيّع ثروات طائلة ونحن نعاني فقر المال وأزمة الغذاء. سيرحل الجراد ونحن نعاني أزمة وفقراً في معاني وقيم المحاسبة والمساءلة مهما كبر الضرر ونسمح بأن يتكرر الخلل القاتل ويستمر الأداء العاجز وتستمر التبريرات الفطيرة التي تبقي المسؤول في موقعه وإن دمر البلد واقتصادها بتحركه المتأخر أو بسكونه المستمر. سنكون كناطح الصخر إذا طالبنا بلجنة تحقيق والبلوي مستمرة والجراد يتمتّع بوجباته من محاصيل الشمالية وغيرها وهو يتجوّل بحرية في بلادنا. سنكون كناطح الصخرة إذا طالبنا بلجنة للتحقيق، ولجان التحقيق تجيد السكون أيضاً مثلما يجيده المقصرون من المسؤولين. هل سمعتم أن لجنة تحقيق أكملت عملها وأوصت بعقاب أخاف مقصراً أو دفع مؤسسة لتجوّد عملها؟ هل تعرفون عدد لجان التحقيق الميتة. توقف المصنع وأوقع فضيحة واستقالة وعاد المصنع ولا يعرف أهل السودان ما حدث ((للسوفت وير)). من الأفضل ألاّ تشكّل لجنة لأنها ستضيّع مالاً في الصرف على البدلات والاجتماعات وسينساها الناس كما سينسون الجراد وما فعله.