يوسف فرنسيس بحر في عالم الفنون الجميلة، قرأنا له كثيراً من المجلات الطليعية المصرية الجاذبة قبل العام 1964م.. تشعر وأنت تقرأ له برغبته الملحة في أن يوسع ثقافة المثقفين بمعارف الفنون.. بل هو يؤلف كتاباً يعلمنا به كيف نقرأ لوحة.. يصحبنا خطوة خطوة داخل معرض فني لنعرف كيف تعامل مع اللوحات التشكيلية التي امتلأ بها.. إنه في العام 1986م أصدر فعلاً كتابه «تبسيط الفنون.. كيف تقرأ لوحة».. يجسد الصورة بتعابيره المباشرة والبسيطة، يقول مثلاً: عندما تدخل الى أحد المتاحف وتتحرك من قاعة الى قاعة تتأمل اللوحات التي تطل عليك في صمت من أماكنها على الجدران.. كثيراً ما تسأل نفسك ماذا تعني؟ ماذا تمثل؟ وما الذي تحتويه ألوانها من قيم تشكيلية؟ تعرفها أو لا تعرفها وقد تتوه أو لا تتوه في المدارس التشكيلية المختلفة التي تمثلها أو تتمثل فيها وسواء أكنت قد قرأت كثيراً في الفن التشكيلي أو سافرت في بحوره البعيدة أم كنت من هؤلاء المتذوقين بالفطرة فأنت في حاجة الى بطاقة تعارف مع الفنان صاحب العمل الذي تراه فقد تساعدك هذه البطاقة مهما كانت بسيطة في استقبال العمل الذي تراه بشكل أفضل. قال يوسف فرنسيس: أحياناً في زيارتك لمتحف تحب أن تصحب معك أحد الأصدقاء تهمس له من حين لآخر بتعليق أو تذكر له ملاحظة حول تعبير ما تراه في لوحة قد يوافقك الرأي أو يختلف معك فإن هذا الحوار بينك وبينه هو في صالح المشاهدة أحياناً يقرب المسافة بينك وبين ما تراه وعندما يكون هذا الصديق على درجة من الثقافة التشكيلية تقربك أكثر من العمل التشكيلي وتكشف لك بعض ما يكون خافياً وتزداد متعتك الفنية بما تراه.. «كتاب كيف تقرأ لوحة» ممتلئ بالأفكار المبدعة والآراء المستجدة بل والنصائح توجه الى محبي الفنون الجميلة والتشكيل على وجه الخصوص.. من مثل «لا تتحيز لاتجاه ضد اتجاه عن قصد في عالم الفنون» وإذا كان ماوتسي تونج.. قد قال «دع مائة زهرة تتفتح» وإذا كان كاتبنا توفيق الحكيم قد قال «..... لا ينبغي أن نملي على الفن اتجاهاً بعينه ولا يجوز لنا أن نوصيه بارتداء لباس الحكمة الرزينة أو رداء الإصلاح الوقور إلا أن يشاء هو ويرضى لأننا إذا أرغمناه سخر منا وجعل من أردية رزانتنا ووقارنا أثواب مساخر، وقلب بسحره أثواب الهزل خلوداً تنحني أمامه الحياة على الرغم منا».. لقد أصاب «أندريه جيد»، إذ قال إن الفن لا ينبغي أن يثبت شيئاً ولا أن ينفي شيئاً، إن الفن العالي ليس أداة للجدل وإنما هو شئ كالسحر ينفذ الى النفوس فيحدث فيها أشياءً.. إن الفن ليس مصلحاً ولكنه هو صانع المصلح.