بإستثناء الأخبار ظل التلفزيون القومي يسجل تراجعاً مستمراً فى سباق التنافس بين القنوات الفضائية، وقد بات واضحاً أن فضائيتنا التى يحفظ لها الجميع كسب الريادة فقدت البوصلة وأصبحت تعاني من داء الفشل المزمن . فما قدمه التلفزيون فى رمضان فاجأ الجميع وخارطته البرامجية تخلو من اي جهد مبدع... الفترة المفتوحة التى كان يعول عليها المشاهدون باعها التلفزيون فى مزاد علني أثر سلباً على قيمة المادة المقدمة... وعلى الرغم من ذلك لا يلاحظ أن هنالك صرف على البرامج حتى الفنانين الذين كان يستضيفهم التلفزيون فى المواسم السابقة ضن بهم على المشاهدين هذا العام - من باب التقشف يبدو- وإستعان بالمكتبة وقد أسهم هذا الأمر فى إنخفاض إيقاع الفترة الى حد كبير. لا يعقل أن لا تغيّر شاشتنا الوطنية شكلها من رمضان وحتى العيد ، فلقد أمضي التلفزيون المناسبتين بديكور واحد فشل القائمون على أمر التلفزيون حتى فى صيانة القطية التى لازمت المشاهدين طيلة هذه الفترة. البون كان شاسعاً جداً بين التلفزيون وبقية القنوات فى المنافسة على أيام العيد ورمضان ومن الواضح ان التعقيدات المالية التى تمردت على الكتمان حينما وصلت استحقاقات العاملين أثرت على الأداء وسلبت منسوبي التلفزيون القدرة على الإحتمال والإبداع. أحد القراء هاتفني معلقاً على معلومات مغلوطة نسبت لاحد المتحدثين فى برنامج سجله التلفزيون فى ضريح السيد الحسن الميرغني أيام العيد بكسلا ،وحينما سألته عن اسم المتحدث أكد عدم وجود ما يشير الى هوية هذا الشخص الذى أدلى بمعلومات خاطئة- وهذا خطأ فني كبير- شخصياً ما زلت حريصاً على معرفة من إستضافه التلفزيون وقدم هذه المعلومات. برامج نمطية وضيوف محدودين وأفكار غير ناضجة ظل يدفع بها التلفزيون فى سياق (كلفتة) المشاهدين قبل حلول رمضان او العيد. ورغم ذلك مازلت أحرص على متابعة نشرة الأخبار فى تلفزيون السودان وقد ظلت تسجل تقدماً ملحوظاً فى المتابعة والكتابة المهنية وطريقة العرض.. اقترح ان يتحول التلفزيون الى محطة إخبارية فى ظل عدم قدرته على الإيفاء باستحقاقات كونه فضائية. ولابد من الإشادة ببرنامج الدكتور الحبر يوسف نورالدائم (النعمة المسداة) الذى قدمه التلفزيون في شهر رمضان هذا البرنامج الذي تم تصويره في القاهرة كشف عن الفارق الكبير بين انتاج التلفزيون وامكانات الاستديوهات بالخارج، كما ان التلفزيون قدم السهرتين التوثيقيتين المميزتين عن إبراهيم الكاشف والشاعر محمد بشير عتيق. نتمنى أن يلتفت القائمون على الأمرالى ما وصلت اليه الفضائية السودانية تفادياً لمزيد من الإنهيار والتماساً لمستقبل يبدع فيه التلفزيون القومي ما زلنا فى إنتظاره (نحن المشاهدون).