يتأذى كثيرون من سماع مكالمات هاتفية تجرى في التجمعات العامة.. إذ يفصح الطرف المتحدث أحياناً عن أشياء ليست للأفشاء والإسرار بها أوجب.. ظاهرة مجتمعية أضحت مثار تعليق، مما يحدو بالبعض بالتوجيه المباشر للمتحدث «دا ما محلو».. أو نظرة عتاب جهيرة واستنكار لعدم اللياقة والكياسة.. «8» ملايين موبايل موزعة على أركان البلاد الأربعة.. وربما لأنشغال نصف مالكيها بالحياة ومفرداتها اليومية.. يضطرون إلى مناقشة أمور «خاصة».. في أماكن «عامة».. خصوصاً في مجتمعات الموظفين والطلاب ومن ارتبطت مشاغلهم بالشارع العام. لا تخلو مركبة عامة تسير على قارعة الطريق.. من رنة «موبايل» أحد ركابها وقيامه بالحديث «جهراً» عن أشياء «خاصة».. يشارك في تفاصيلها الركاب بآذانهم وآذهانهم.. يعلق السائق «جعفر علي» وهو يعمل في حافلة نقل ركاب.. بأنه يومياً يلاحظ ذلك.. ولدهشته ان بعض «فتيات» يتحدثن إلى الطرف الآخر بأشياء «ليست للنشر».. مما يثير «وجع» بقية الركاب لمكنون ما يفصح عنه حديثهن.. فالمواعيد الغرامية حتى الخداع.. مثلاً أكون سائق في الخرطوم.. الواحدة «تحلف» تقول إنها في بحري.. وأعتبر أن الموبايل أصبح مجلبة للكذب «بث مباشر».. ويصل حديثه: بطبعي انا ما بسكت على الغلط.. لمن تمر بي حالات زي دي بقوم بأرسال نظراتي الساخرة للمتحدث.. وديل كويسين في واحدين «التلفون» دا ما يحلى ليهم إلا في الحافلة.. الواحد يتصل بشخصيات «مرموقة».. وين يا سعادة الوزير.. أو يا ريس.. وديل ظاهرين من شكلهم.. وعادة يكون داير يلفت إنتباه «زول» راكب معانا..! حكى سائق زميل له بأن أحداً كان يجلس بقربه.. يتحدث في «هاتفه» «بيقطع» ليهو بالسوء في زول حددوا بالاسم.. وكال له من السباب والتقريع ما كال.. فصادق أحداً من الركاب يمت له بصلة قربى وشيجة.. فما كان منه إلا أن نهض «وقببه» ووصلت معركتهم إلى مراحل قانونية بعد ان اتصل مباشرة بالمتأذي من الحديث وأخبره بفحوى ما قيل عنه! الباحثة الاجتماعية سلوى بابكر تعتبر أن الحديث عن اشياء «خاصة» في مجتمع «عام» نوع من عد «الاتزان».. فكثير من المهاتفات تكون مسيئة للمتحدث أولاً وتقلل من قيمته وسط محيطه.. إن كانوا يعرفونه أولاً.. وللباحثة النفسية والاجتماعية سمية عبد الرحمن رد على تساؤلاتنا عن مآلات المهاتفات غير اللبقة في التجمع العام، إذ تفسر ذلك بأنه نوع من «السلوك الدفاعي» للانسان ناتج عن إصابته ب «قلق نفسي» نجم عن تراكمات وضغوط حياتية، خصوصاً ظاهرة «الفشخرة» و«البوبار» في المحادثات كنوع من «إختلاق» لمظهر بطريقة غير موضوعية أو مبررة.. ونوع من «حب المظهر» والاستعراض الزائف.. مما يجلب إليك «الشفقة» دون ما كنت ترمي ان تصل إليه. وزادت: عدم الاتزان الانفعالي يقود إلى ذلك.. كنمط سلوكي غير متزن وسالب.. والمجتمع له تصنيفات شعبية ومسميات لمثل هذه الحالة إذ يطلقون على شاكلة هؤلاء «نفاخ» أو «فشخار» أو «بتاع دفن» وهناك مصطلح شبابي متداول وهو «F.F.R» وهو اختصار مختلف لراندوك «تعبير شعبي» «فاكيها في روحو»! يرى من أستنطقتهم ان من المستحسن انهاء المكالمات التي يشعر صاحبها بخصوصيتها.. إن لم يكن في مكان يسمح له بالحديث.. بالاعتذار إلى حين معاودة المهاتفة.. أو الأكتفاء برسالة نصية توضح حرج موضعه في أن يتحدث .. فكثيراً ما اندلقت «أسرار البيوت» في مواعين عامة.. الشاب «عثمان يوسف» زاد قائلاً: ان البعض كمان بشغل «الاسبيكر» .. وبدون ما تشعر تلقى نفسك طرف في الموضوع.. بالذات الطلاب الصغار في المواصلات العينة الدايرة توري الناس إنا قاعد أحب!!