جملة الاعتداء على المال العام فى ولاية الخرطوم فى العام المالى 2006م - 7002م بلغ (19.070.450) ديناراً منها (16.493.650) ديناراً خيانة أمانة و (2.576.800) تزوير واختلاسات ومن بين هذه المخالفات ما جاء نتيجة للتراخي وضعف تطبيق القوانين واللوائح المنظمة للعمل المالي والمحاسبي وهذه بلغت جملتها (9.157.925) ديناراً .. حالات الاعتداء المذكورة هنا هى فقط التى تم اكتشافها وأعدت بها خطابات وتقارير بواسطة المراجعة وتم ابلاغ النيابة بها .. هذا هو بالضبط ما جاء فى التقرير الذى قدمه السيد عبد المنعم عبد السيد مدير جهاز المراجعة بالولاية أمام المجلس التشريعي لولاية الخرطوم .. لم ينته الأمر هنا .. للخبر بقية .. السادة أعضاء المجلس التشريعي بالولاية أشادوا بالتقرير والشفافية التى جاء بها وكذا الحرص على المال العام .. !! من جانبه طالب السيد عبد المنعم عبد السيد ببذل المزيد من الجهد لتقوية أدوات الضبط الداخلي والاهتمام بالرقابة مطالباً بتكليف لجنة برلمانية مختصة أو تكليف جهاز المراجع العام بمهمة متابعة التوصيات ..!! ما هذا الذي يحدث فى هذا البلد .. هل يصدق أحد أن هذا الخبر( حملته مانشيتات عريضة واساسية معظم صحف الخرطوم الصادرة يوم الجمعة الماضي) بضخامته و غرابته ومصيبته على البلد .. هكذا قرأه الناس كأى خبر آخر وافد من وراء البحار والمحيطات والفيافي.. مروا عليه كما يمرون على أخبار العراق وجثث أسواقه ومدنه وحواريه أو كما يمرون على أخبار فيضانات بنغلاديش وبراكين اليابان وثلوج سيبيريا ..!! ما الذى يحدث عندنا هنا .. ماذا حدث لنا وفينا لنبتلع جميعاً مثل هذا الخبر بحراشيفه وأنيابه وقواطعه دون أن يقّطع أمعاءنا ويشق بطوننا ويعتصر صدورنا .. ؟؟ .. الغريب أن القاريء للخبر يشعر ببرود غريب وهو يمر على ما جاء فيه .. أكثر الحالات جاءت من خيانة أمانة ( 16.493.650 ديناراً ) و (008.675.2 دينار) تزوير واختلاسات وهنالك (9.157.925 ديناراً) فقدت بسبب ضعف تطبيق القوانين واللوائح المنظمة للعمل المالي و المحاسبي .. البرود يأتي من الشعور بنمطية التقرير وتلقائيته بل وروتينيته وكأنه يحدث كل يوم ولا شيء فيه يثير الاستغراب والدهشة والحسرة والألم والغضب والحزن و... ماذا أيضاً .. ؟؟ ما الذي يجب أن يثيره مثل هذا الخبر ..؟؟ والله لقد أصبحنا فى حيرة من أمرنا لا ندري أين موضع الدهشة والحيرة من موضع الأمر العادي والطبيعي فى هذا البلد .. بتنا نخشى على أنفسنا حتى الجنون والخبل .. هل أصبحنا بالفعل ( خارج الشبكة ) ..؟؟ السيد المراجع العام بالولاية يطالب ببذل المزيد من الجهد لتقوية أدوات الضبط الداخلي والاهتمام بالرقابة .. يا راجل .. هل هذا كلام ..؟؟ وهل بذل فى الأصل جهد يذكر لتطالب أنت الآن بالمزيد منه .. أنت تقول بأن جملة الاعتداء بلغت وفقط لهذا العام وفى ولاية الخرطوم أكثر من تسعة عشر مليار دينار ثم تطالب بالمزيد من الجهد للضبط والربط .. ؟؟ بل وإنك تعترف بأن ما أعلنتم عنه هنا هو فقط ما أفلحتم فى اكتشافه وأعدت به خطابات وتقارير بواسطة المراجعة وتم ابلاغ النيابة به .. هل هذا يعنى أن هنالك أموالاً أخرى سرقت ونهبت وتم اختلاسها من أموال هذا الشعب المغلوب على أمره لم تكتشف حتى الآن وحتى بعد قفل الميزانية للعام المنصرم 2006 - 7002م؟.. هل هذا يعنى أن المجلس التشريعي للولاية قد مرر هذه الميزانية و لم يتم بعد قفل حساباتها على النحو المطلوب الذى يبين الأرقام الحقيقية للايرادات والمنصرفات بما يكشف ما اعتراها من قصور مفجع( كما جاء فى تقريركم) يتعلق بحالة الاعتداء على المال العام بالولاية ..؟؟!! أمسكتم مخالفات بلغت تسعة عشر مليار دينار .. حسناً .. كم من المخالفات التي تقدرونها ولم تفلحوا فى اكتشافها بعد أو تلك التي تم اكتشافها ولم يتم تدوينها بمعنى أنها لم تعد بها خطابات وتقارير بواسطة المراجع العام و لم يتم ابلاغ النيابة عنها .. كما جاء فى تعبير تقريركم ..؟؟ كم تبلغ هذه المخالفات الأخرى ..؟؟ تسعة عشر ملياراً أخرى أم أربعين ملياراً؟ .. كم القيمة التي تقدرونها لهذه المخالفات الأخرى غير المدونة لديكم .. ؟؟ وفى الأصل ما الموانع التى منعت تدوينها فى خطابات وتقارير يتم ابلاغ النيابة عبرها ..؟؟ نريد أن نعرف يا رجل تفاصيل هذا الأمر على قبحه وسوئه وعجبه وحيرته .. اعتبرنا يا أخي من أجهل من يمشي على الأرض فى علم المال والحساب .. فقط أعلمنا بهذه التفاصيل .. أرجوك أخبرنا يا رجل يرحمك الله ويحفظنا نحن من الجنون .. الغريب أن السيد عبد المنعم عبد السيد مفجر هذا التقرير الخطير أمام المجلس التشريعي لولاية الخرطوم يقول بأنهم قد نجحوا فى قفل وتقديم الحسابات الختامية للولاية قبل التاريخ الأقصى المحدد قانوناً وقد بلغ عدد الوزارات والمحليات الخاضعة للمراجعة (18) وحدة تم قفل حساباتها بنسبة (100% ) .. !! وهذا قول شديد الغرابة من ناحيتين .. الأولى من ناحية ما نحن بصدده الآن من حالات اعتداء لم يتم اكتشافها أو لم يتم على الأقل تدوينها وكتابة تقارير بها ليعرف حجمها ( حجم ما سرق من مال الشعب ) فلماذا تقفل الميزانية بل وتقدم حساباتها الختامية للولاية قبل التاريخ الأقصى المحدد قانوناً قبل أن يتم الكشف وبالكامل عن تلك الحالات التى اعتدى فيها على المال العام بالولاية؟ .. لِمَ العجلة هنا ولم يتم بعد تحديد كافة حالات الاعتداء ومن ثم رفع تقارير بها .. من المسئول هنا عن اكمال هذا الجهد لنهايته .. هل يعني السيد عبد المنعم عبد السيد أن مهمتهم تنتهي الى هذا الحد لتبدأ مهمة الآخرين فى البحث والتقصي والمعالجة .. ؟؟ ما حدود المسئولية هنا بين المراجع العام وأجهزة الولاية المالية والحسابية الأخرى؟.. الناحية الثانية من الغرابة هنا تأتي من السؤال عن تلك الوزارات والمحليات التى لم تخضع للمراجعة .. تقرير السيد عبد المنعم يقول: ( الوزارات والمحليات الخاضعة للمراجعة بلغت 18 وحدة ..) هل هذا يعنى أن هنالك وحدات غير خاضعة ..؟؟ كيف هذا .. هل هى خارج النظام المالي والمحاسبي للولاية ..؟؟ أم أنها رفضت الخضوع هكذا بقوتها وقوة من هم عليها من مسئولين ..؟؟!! وفى كلا الاحتمالين فالأمر عجيب وغريب ومدهش ..!!! والسيد عبد المنعم يطالب المجلس التشريعي للولاية بتكوين لجنة برلمانية لمتابعة الأمر أو ترك الأمر للمراجع العام .. ما هذه الهطرقة الغريبة .. هل الأمر هنا أمر صلاحيات يتقاذفها كل للآخر أو يهبها كل للآخر اذا قبل وارتضى .. اذاً أين القانون وسطوته ومهابته وقوته .. ؟؟!!!!! .. ولا نريد أن نمضي أكثر من هذا فى هذا الأمر حتى لا نصاب بالفعل بأزمة قلبية .. يكفى أن نقف هنا ولكن فقط نقول لك يا والي الخرطوم.. إن ما حدث يجعلنا نطالب بالآتي:- أولاً: نشر كل حيثيات هذا الأمر وتمليكه للرأي العام عبر مؤتمر صحفي تعقده أنت بنفسك لتواجه الجميع وبصحبتك أركان حربك من أهل الاختصاص والمسؤوليات فى وزاراتك ومحلياتك وأجهزتك المالية والحسابية ومراجعك العام بالولاية مع دعوة السيد المراجع العام للدولة وغيرهم من اصحاب الشأن والاهتمام لتمليكهم كافة المعلومات ومن ثم الاستماع لما يقولونه من رأي لك ولمساعديك .. هذا أمر طبيعي فى حالة فقدان ولاية من ولايات هذا البلد لأكثر من تسعة عشر مليار دينار تم نهبها فى سنة مالية واحدة عبر الاختلاسات وخيانة الأمانة؟! .. ثانياً: اصدار أمر باعادة ميزانية الولاية من جديد الى مجلس تشريعي الولاية حتى وان اخترق هذا الاجراء كل أعراف العمل العام والحكومي والمالي والمحاسبي وذلك للوقوف على حجم هذه الكارثة فى الأخلاق والمثل والأمانة وضعف المسئولية والتخاذل عن أداء المهام والتهاون فى مال الشعب والأمة .. نعم أعد الميزانية الى مجلسك التشريعي ولتحرص هذه المرة على دفع ممثلي هذا المجلس على تجاوز لغة الاشادة التى تمت بها مكافأة تقرير المراجع العام بوصفهم له بالشفافية و الحرص على المال العام .. !! هكذا يا سيادة النواب .. فقط الاشادة بالتقرير لشفافيته وحرصه على المال العام .. وأين هذا المال العام الذى يجب أن يحرص المراجع العام على المحافظة عليه وقد نهب منه ضعاف النفوس ما تجاوز ال(تسعة عشر مليار دينار ..؟؟!!) .. هذا ليس دوركم يا سادة .. دوركم ليس الاشادة بل البحث عن حقوق الشعب وارجاعها والمحافظة عليها بالقول الشجاع والقلب السليم والايمان الراسخ الذي لا يعرف صاحبه الضعف والخوار والخوف والمذلة .. فأنهضوا بدوركم فعبره فقط يأتي العدل بقيمه العالية وينزوي الظلم بظلماته وفحشه وقسوته على الناس .. يا سيادة الوالي .. يا دكتور المتعافي.. تسعة عشر مليار دينار اعتداء على المال العام فى عام واحد .. ؟؟!! والله هذه مصيبة .. مصيبة كبيرة وكبيرة جداً تهدد أخلاقنا ومثلنا وتنذرنا بعقاب من الله يوشك أن يقع علينا ان لم تتداركه أنت وغيرك ممن أوكلهم علينا سبحانه وتعالى حكاماً وولاة .. هل تسمعنا هذه المرة يا دكتور ..؟؟!!