روعت بورتسودان بأخطر حادثة في تاريخها، إذ حمل رجل بندقيته وأعد ذخيرته وأخذ يطلق النار في كل اتجاه فقتل شخصاً وجرح آخرين، كما قتل حماراً وأطلق النار على عربة ضخمة وعربة كارو أيضاً، وعم الرعب المنطقة كلها الى أن حضر البوليس وقبض على الرجل الذي أشاع الهلع. وقعت هذه المأساة في السابعة من صباح اليوم - أمس حينما خرج محمد علي الريدة ضابط التعاون من لوكاندة كالتيلس وهو يحمل معه بندقية خرطوش و«16» عياراً نارياً، وقف «الريدة» في منتصف الشارع المواجه للوكاندة وصوب بندقيته نحو اثنين من زملائه اللذين كانا قادمين لتقلهم العربة ثلاثتهم لمكان العمل، وأطلق عليهما الرصاص فخر أحدهما فاقد الوعي وهو السيد طلب محمد نور الموظف بالحشرات ونقل للمستشفى حيث توفى في الحال متأثراً بإصابة في بطنه، أما الضحية الثانية حسن الطيب الموظف بالجمارك فقد أصابه «الرايش» بجروح في يده وأسعفته العناية الإلهية حينما احتمى بأحد الجدران. ويشاء القدر ان يمر في تلك اللحظة بمسرح الموت المواطن «محمد ابكر» وهو يقود عربته الكارو فأطلق عليه الريدة الرصاص فأردى حماره قتيلاً في الحال، وأصاب محمد أبكر بجراح في رجله وبعد دقيقة مرت بشارع الموت عربة شركة «راي إيفانز» فأطلق عليها الريدة الرصاص لكن الله سلم ولم يصب من بها بسوء. خف البوليس ليضع حداً للسباق الرهيب بين الموت والحياة، ومن عجب الجاني استسلم دون أية مقاومة، وعلمنا ان صاحب الكارو وحسن الطيب الذين نقلا للمستشفى ليسا بحالة خطرة وهما في تقدم كبير، وعلمنا أيضاً ان جثمان المرحوم طلب محمد نور سينقل للخرطوم بحري اليوم بالطائرة الخاصة التي طلبها أهله. ومن ناحية رسمية علمنا أنه لم يبدأ بعد في استجواب المتهم إلا أننا استطعنا الحصول على معلومات من بوليس بورتسودان. الجاني والمرحوم طلب محمد نور والمجني عليه الآخر حسن الطيب ينزلون جميعهم في نفس لوكاندة «كالتيلس» ويسكن كل منهم في حجرة منفصلة. يبلغ الريدة من العمر حوالى «33» عاماً، قُبض ومعه «21» طلقة خرطوش لم يعرف بعد إذا كانت البندقية تخصه، ما لم يبدأ التحقيق مع المتهم، وقد امر الطبيب ان يوضع تحت المراقبة الطبية الدقيقة في الحراسة لاختبار قواه العقلية. الرأي العام 12/5/1959م