يوم عشرة في شهر عشرة من عام عشرة هو هذا اليوم الذي أشرقت شمسه ولم تغرب بعد... وهو يَستحق منّا تحيّة استثنائيّة، أقلها حبابو عشرة! كنت أنوي الخروج بكم عن كتابة العمود بالحروف لكتابته بالأرقام، أدور حول أرقام تقويم هذا اليوم التي لا تخرج عن الصفر والواحد والإثنين، وكنّا سنخرج بجُمل رقميّة مفيدة، فالأرقام أحياناً تقول ما لا تقوله الحروف... لكنّي تراجعت، فالكتابة بالأرقام في الصحف السودانيّة مغامرة غير محسوبة العواقب! لسببٍ واضحٍ أو غير واضح، فإنّ نظام العمل الكمبيوتري داخل صالات التحرير أو التحويل من نظام إلى نظام بين حاسوبين داخل الصحيفة الواحدة أو حين انتقال الأرقام من لغة إلى أخرى تتخذ الأرقام أوضاعاً معكوسة في معظم الصحف ولا تنجو منها حتى هذه الصحيفة التي أخاطبكم منها... يستقبل قُراء مُعظم الصحف السودانية الأرقام في أحيانٍ كثيرة وهي تعطيهم ظهرها فتُقرأ مقلوبة فتنقلب معها بعض الحقائق، والغريب أنّ الصحيفة عندما تُسأل عن خطأها تَعتذر بأنّ ذلك لا يغيب عن (فطنة) القارئ! في كل نهارٍ من كل يوم تجتمع هيئات تحرير الصحف فتناقش عدد الغد، لكنّها لا تناقش كيفيّة تفادي أخطاء الأرقام في عدد الغد التي ستصدر مقلوبة، فالأرقام دائماً على مسؤولية كاتبها وقارئها! أخطاء الأرقام في الصحف السودانيّة ليست أخطاءً طباعيّة، فهي خطأ تقني في إدارة الكمبيوتر... تقع كل الأرقام في مصيدة الحاسوب لا فرق: نصيب حكومة الجنوب من النفط العام الفارط، ورقم العربة التي اختطفت موظف «اليونميد» المجري، وتاريخ ميلاد وزيرة الرعاية الاجتماعية، وحجم المساحة المزروعة قطناً باستاد المريخ، وعدد حالات الطلاق المتوقّعة في العام القادم! كثيرون يعتقدون أنّ صحيفة اليوم تنتهي بصدور صحيفة الغد، قد يكون هذا صحيحاً لمن يكون التاريخ عندهم هو أمس والمستقبل هو غداً، لكنّ الصحيفة طوال عمرها الممتد تكون هي المرجع حين يعز المرجع! هذا هو النداء الأخير لمنْ وصفهم الوظيفي هو إخراج الأرقام في الصحف السودانيّة... فقد تحاشيت اليوم كتابة أيّ رقم خوف الفتنة!!