من الأوفق لقيادة المؤتمر الوطني أن تنحاز إلى رأي الشعب في ما يتعلق بوضعية قطاع الشمال فى الحركة الشعبية بعد الإنفصال بدلاً عن محاولات ذر الرماد في العيون وإظهار ما تم فى أديس أبابا كفعل منزه عن الخطأ، فالإتفاق الإطاري شئنا أم أبينا منح الحركة شرعية البقاء فى الشمال بعد 9 يوليو، كما أنه سيلقي على حكومتنا تبعات مسلحي الحركة فى النيل الأزرق وجنوب كردفان، إضافةً إلى أن الإتفاق سيخلق جنوباً جديداً تتوافر لديه مقومات الإنفصال (لتعود ريما الى عادتها القديمة). لن تجدي محاولات تجميل الصورة بعد الملاحظات التي أبداها المكتب القيادي للمؤتمر الوطني والموقف الواضح الذى أعلنه الرئيس عمر البشير فى مسجد النور يوم الجمعة الماضي، وتأكيده على أن عبد العزيز الحلو مجرم وسيقدم للمحاكمة، والحملات العاصفة التى شنتها الصحافة على الإتفاق، وبعيداً عن محاولات التخوين والطعن فى وطنية من وقعوا الإتفاق يلزمنا قدراً من الإلتفاف حول قضايانا الكبرى ومن بينها مستقبل الحركة فى شمال السودان بعد الإنفصال. بالأمس قرأت حديثاً لمولانا أحمد إبراهيم الطاهر رئيس البرلمان، حاول من خلاله القفز فوق الحقائق وأتى بحديث متناقض، وهو يؤكد أن المؤتمر الوطني لم يتوصل لإتفاق مع الحركة فى أديس أبابا يحدد شكلاً نهائياً لإستمرارها كحزب سياسي، لكن مولانا يطالبها فى ذات الوقت بالتخلص من وجودها العسكري فى جنوب كردفان والنيل الأزرق إذا أرادت ممارسة العمل السياسي. (كلام غريب) يا مولانا.. كيف يبرر المؤتمر الوطني لوجود الحركة في الشمال بعد الإنفصال، أيتوافق هذا المسلك مع العهد الذى قطعه المؤتمر الوطني لجماهير الشعب السوداني التى أيدته وناصرته ودفعت به لقيادة البلاد متجاوزة كل الأحزاب ومتجاهلة طوفان الربيع العربي الذى أطاح بالأنظمة واحداً تلو الآخر. وإن كان الوطني سيقبل بمثل هذا الوجود في الشمال لماذا باركتم الإنفصال حينما سعت إليه ذات الحركة التى تقنعكم اليوم بضرورة بقائها فى الشمال، ولماذا ترفضون الجنسية المزدوجة وحق الإقامة للجنوبيين، ألم تدركوا بعد أن المخطط يمضي لضم تلكم المناطق للجنوب بذات الذرائع التى رفعتها الحركة الشعبية والمتمثلة فى المطالبة بقسمة السلطة والثروة والشراكة في حكم المركز والإنفراد بالمنطقتين وتصعيد الشكوى من التهميش والمطالبة بالتنمية المتوازنة. إذا كنتم تعلمون كل ذلك وتباركون سعي الحركة للإحتفاظ بوجودها فى الشمال، فستكونوا غير جديرين بتفويض الشعب السوداني وسيحق له القول منذ الآن إن شمال السودان ليست ضيعة تابعة للمؤتمر الوطني حتى يسلم بعض من أجزائها العزيزة إلى حزب الدولة الأجنبية (قطاع الشمال) ويسمح له بالتمدد فى خارطة السودان الشمالي. (دقس) المؤتمر الوطني وهو يتوصل لإتفاق مع الحركة فى الشمال ويعلن أن عفا الله عن ما سلف فى جنوب كردفان، من قتل وتشريد ودمار وإستهداف لقياداته بالتصفية من قبل جيش الحركة، وأخطأ حينما نسى بين عشية وضحاها أن ما حدث فى كادوقلي كان محاولة للإطاحة بسلطة المركز تحت شعار السودان الجديد إستلهاماً لتجربة بنغازي فى التخطيط للزحف على الخرطوم. سيدي الطاهر والذين معه فى قيادة المؤتمر الوطني .. السودان الشمالي لن يقبل بأي وجود سياسي للحركة بعد الإنفصال .. هذه هي الرسالة التى من المفترض أن تمضوا بها لتصحيح ما صنعتموه بأيديكم فى المفاوضات السياسية المقبلة. غداً نواصل الكتابة عن رحلتي الصين وايران