طال الحديث عن حال الأمة وأسباب تأخرها وضعف المسلمين.. فهل السبب هو التقصير في الصلاة والصوم وغيرها من العبادات المفروضة والمعلومة والمهمة؟ إم هو تراجعهم في كل مجال من المجالات التي تمنح المسلمين العيش الرغد والقوة المادية والعسكرية والعلمية والاقتصادية.. وكل ذلك من الممكن لأن الله سنه في الكون.. فهنالك جانب كبير من هذا التأخر الخدمي والتقني أسبابه ترجع إلى الكسل و عدم المبالاة وهدر الوقت والمال وعدم استثمار الطاقات الذاتية و التي هي من نعم الله التي لا نحدث بها أبداً بل نحدث فقط بنعمة المال من باب الإسراف ولكننا لا نحدث بنعمة عقولنا أو أوقاتنا أو ثرواتنا.. إلخ.. فالوقت نعمة لحدث الرسول »نعمتان مغبون فيها كثير من الناس.. الصحة والفراغ«.. ويخبرنا الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم أيضاً أنه لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره وشبابه »وهل السؤال هنا ليس إلا سؤالاً عن الوقت!!.. فهل نحن مسؤولون عن أوقاتنا كلها و ما هي الدرجة المسموح لنا من الترويح عن النفس وتجديد النشاط كما في حديث نافق حنظلة؟ وهل استقر حالنا كما استقر عصر الصحابة بالمدينة المنورة؟ وهل خدمنا الدين كما خدموه فاستحقينا الترويح ساعة بعد ساعة؟ هل يمكن ان يوجنا الدين الإسلامي في تفاصيل حياتنا الدقيقة والتي تتعلق حتى بكيفية أكلنا و شربنا ودخول الخلاء و طريقة نومنا ولا يعلمنا كيف نتصرف في ساعات يومنا الطويلة.. هل هذا يعني أننا قد فهمنا مقصد الدين الإسلامي وتعاليمه؟ والأمر الثاني هو كم من الكتب والمراجع والبحوث المتوافرة لنا حالياً والتي تتعلق بأحكام الصلاة والزكاة والنكاح والطلاق والبيوع.. إلخ..م والتي هي مهمة في ذاتها.. ولكن لنسأل عن نسبة ما يتعرض إليه المسلم العادي في حياته من هذه الأمور والعبادات بالنسبة لزمن حياته.. أظن أنه قد يكون أقل من »10%« فكم من مسلم لا يمر عليه طيلة حياته أى حكم يتعلق بالطلاق وقد يتزوج ولا يحتاج لمعرفة أحكام النكاح وقد لا يمر عليه أي نوع من أنواع البيوع والشراكات التي فصل فيها الفقهاء وأوفوا.. وكم نسبة ذلك لحياته فهل يعقل ان نهتم ونحضر ونألف أكثر ما نألف في ما يخص »10%« من حياتنا ونهمل »90%« من حياة المسلم؟ ويمكن ان نسأل بعض الأسئلة التي تترتب مما سبق على سبيل المثال لا على سبيل الحصر لكافة شرائح المجتمع بحسب طبيعة أعمالهم.. لأن أعمال الناس هي ما يمكن ان يسهم في زيادة من التأخر أو في إزالته: - هل يأثم الطالب عندما يرسب في دراسته بالجامعة بسبب إهماله وعدم مراجعته لدروسه؟ - هل يأثم المعلم عندما لا يهتم بتحضير مادته على أفضل وجه؟ - هل يأثم الموظف بتقصيره في أداء مهمته؟ -هل يأثم العامل أو الحرفي عندما لا يتقن عمله وهو قادر على إتقانه؟ - هل يأثم الفقهاء عندما لا يبحثون ولا يؤلفون في مجالات شرعية وفقهية يحتاج إليها المسلمين للتقدم؟ - هل يأثم اصحاب الخبرات عندما لا يفيدون مجتمعاتهم بأفكارهم؟ - هل يأثم اصحاب المؤسسات والشركات الخاصة عندما تكون أهدافهم هي فقط زيادة دخلهم »الحلال« متناسين واجبهم تجاه مجتمعهم وتطوير اقتصاد بلادهم؟ - هل يأثم اصحاب القرار السياسي عندما لا تكون قراراتهم مبنية على التمحيص والتدقيق المتناهي لخدمة بلادهم؟ وهل يأثمون إن لم يشركوا اصحاب الخبرات في قراراتهم؟ - هل يأثم الوزراء عندما تصرف عليهم أموال بسب مراكزهم الحكومية من ميزات ومخصصات؟ - هل تأثم ربة المنزل عندما لا تهتم بتدريس أطفالها ومراجعة دروسهم المدرسية؟ وهل تأثم عندما لا تعين زوجها على واجباته »الدنيوية« والتي هي أصلاً دينية؟ - هل يأثم الفرد المسلم عندما يضيع جل وقته في ما هو »مباح« الاستمتاع بالحديث مع الآخرين ومشاهدة برامج مباحة على التلفاز؟ وما هو الوقت المسموح به للهو المباح.. أم هل يأثم إن صرفه للنوافل والطاعات في وقت الشدد والمحن والموت والجوع والقتل والأسر وضياع الدين؟ - هل يأثم الفرد المسلم عندما يملك أي طاقة »فكرية، علمية، حرفية.. إلخ« أو حتى طاقة زمنية ولا يستغلها فيما يصلح حال المسلمين بطريقة يراعي فيها الأولويات؟ - هل يأثم المسلم إذا تحدث بنعمة الله بشراء سيارات فاخرة بملايين الجنيهات وملابس بمئات الآلاف وتناول وجبات بمئات الآلاف ومن المسلمين من يموت جوعاً ومرضاً بسبب عدم توافر المال؟ - هل يمكن ان تكون المجاملات الإجتماعية محرمة أو مكروهة عندما تصرف الفرد المسلم عن واجباته »الدنيوية« والتي هي في الأصل دينية؟ والسؤال بصورته العامة.. هل نحن مسئولون عن تأخرنا بتقصيرنا عن أداء واجباتنا والإستفادة من نعم الله علينا من وقت وصحة ومال وعقل وعلم وحرفة.. إلخ؟؟ وصرفها في محلها.. أم أنه لا توجد أي مسئولية؟ وما هو المترتب عن التقصير؟ هل هو تقصير في مستحب وفضائل أعمال أم في واجبات أساسية من اجلها خلق الانسان وانزلت الشريعة؟ هل نأثم عليها كإثمنا في التقصير في الصلاة والصوم؟ أم هو أقل أم أكثر؟!!!! وتبقى أسئلة أخرى تدور حول نفس الموضوع.. لماذا ننكر علي من ترك الصلاة ونغلظ عليه وإن كان في تركها مضرة بفرد واحد وهو تاركها ولا ننكر على من ترك ما في تركه ما يضر بأمة؟.. لماذا نشدد في التغليظ علي من لم يؤد ضريبة صحة البدن بالصوم ولا ننكر على من لم يؤد ضريبة صحة البدن والعقل تجاه عمله وواجبه؟.. لماذا ننكر على من لم يؤد ضريبة نعمة المال بالزكاة ولا ننكر علي من لم يؤد ضريبة نعمة الفراغ والوقت وكلاهما من نعم الله؟.. لم ننكر علي من لم يؤد واجب الحج مرة في العمر ولا ننكرك على من ترك واجبه طول العمر.. وأخيراً نقول.. هل اكتفي الوعاظ والفقهاء بدعوة سرية للعمل وكسب الوقت يحثون المسلمين عليها بصوت خافت بأهمية العمل وإعداد القوة وان الله أقسم بالوقت في سورة العصر.. أما آن لهم ان يجهروا بدعوتهم.. هل عجز الوعاظ والفقهاء على ان يجدوا مخرجاً لمشكلات الأمة في فقه الأولويات أو فقه المقاصد أو حتى في فقه فروض الكفايات أو من باب واجب الإستخلاف.. وإن كنا نحن خير أمة أخرجت وإن كنا أمة الشهود والقدوة والدعوة فهل يعني إننا عجزنا نحن المسلمين في فهم ديننا؟ وفي الختام نتساءل: هل من فقه جرئ للأدوار يصرخ في آذان الشعوب من طلاب ومعلمين وموظفين وعمال واصحاب أموال وسياسيين وحكام وإداريين.. أم ليت شعري هل من فقه للأوقات والأعمار؟؟