رمضان كبسون/ القاهرة ما ان تحدثت عن الزعيم النوبي الأب فيلب غبوش حتى انبرى هواة التصنيف الى دمغي بالحزب القومي وهو شرف لا ادعيه ، واحترم و أجل كل قياداتنا السياسية دون تمييز و رغم عدم انتمائي لأي حزب الا انني احترم رؤى و توجهات الناس تحت اي مسمى ، بما في ذلك الحركة الشعبية ، فلا مشكلة لي مع فكر الحركة ولم اكن - في مقال السابق - بصدد نقده أو تسفيهه ، و لكني كنت اتحدث عن التبعية العمياء لقيادات الحركة الشعبية في الجنوب حتى بعد ان اصبحت دولة مستقلة و همومها غير همومنا و مصالحها غير مصالحنا. أفهم أن نلتقي في الفكر سواء كان علمانيا أو يساريا ، و لكني لا أفهم ان احارب عنهم بالوكالة أو أن اخضع لأوامرهم و رغباتهم و تحقيق مآربهم متناسيا مصلحة الملايين من أبناء شعبي الذين لن يعمروا و لن يتعلموا و لن يصحوا بل و لن يعيشوا في ظل الحرب ، هل يستطيع احد من تابعي الحركة الشعبية أن يقنع اولئك الذين يعيشون في الجبال بأن الحرب هي لمصلحتهم ؟ اي مصلحة تلك التي تثكل الامهات و ترمل الزوجات و تيتم الابناء ، ثم لنأتي بعد عشرين او ثلاثين سنة نجلس لنتفاوض من اجل اعادة اعمار مادمرته الحرب و التعويض علينا بمشروع هنا و مؤسسة هناك ، بعد عشرون عاما نفاوض ليكون اغلى امانينا ان يعود الوضع على ماكان عليه قبل الحرب ، ولن يعود ، لأنه لو امكن تعويض مشاريع البنية التحتية فلن يمكن تعويض الفاقد التربوي و تهتك النسيج الاجتماعي ، ولو امكن تعويض ثروات نرفل فيها فلن يمكن تعويض انفس هلكت ، لا لشيء إلا لأن الحركة الجنوبية تريد أن تجعل منا حرما آمنا لدولتها الوليدة وجبالا تستعصم بها في حروبها التي تخطط لها مع السودان الشمالي لنصبح نحن وقودها وقرابينها . هكذا تتريد لنا ولن يحدث مهما استلبت من قيادات أو تابعين أو جاهلين. ان اختلاف ابناء النوبه الفكري و السياسي لا ضير فيه ، فهم كسائر ابناء السودان تجدهم من اقصى اليمين لأقصى اليسار ، ولكن هناك مسائل لاحياد فيها ، فلا مساومة على امن وطمأنينة اهلنا و لامساومة في تعليم أبنائنا وضمان مستقبلهم في عالم سريع التحرك وهو ما ينبعي أن يكون شعار من تصدوا للعمل السياسي واقول السياسي لا القتالي ، فالعمل القتالي هو تقهقر للوراء و دليل عجز و جهل ، ففي الوقت الذي ينعم فيه الاخرون بخطوة الى الامام كل يوم نتقهقر نحن الى الوراء بسبب الحرب و نعطي حجة مثالية لحكومة المركز لتوقف كل اشكال التنمية بحجة الحرب . لقد كان عبد العزيز الحلو واليا لكل لولاية جنوب كردفان حاكم بأمره فيها ، لماذا لم يطبق فيها نظرياته التنموية و الحضارية التي ينادي بها الآن ، وهل لو أنه حكم الولاية اليوم سيقلب حالها رأسا الى عقب ؟ وكيف ؟ ما الذي كان يمكن ان يفعله و بقدرة قادر لم يستطع ؟ ماذا يريد ان يفعل بإنسان الولاية بأكثر مما هو فيه الآن . ثم الأدهى و الامر أن يقوم منتسبي الحركة الشعبية التابعين لدولة الجنوب بتهام كل من سواهم بعدم الوطنية و عدم الحرص على المصلحة العامه ، وكل من خالفهم فهو ربيب المؤتمر الوطني ، وهم وحدهم ادرى بمصلحة المنطقة وادرى بشؤنها ، مع انهم يتبعون لدولة اجنبية لديها مصالحها واجنداتها و استراتيجياتها ، و حسابات الدول غير حسابات الحركات الثورية ، و الحركة الشعبية في الجنوب الآن غير تلك الحركة التي تنادي بتحرير السودان ، فأفيقوا يرحمكم الله قبل أن تأتوا على الأخضر و اليابس ثم لاعاصم لكم من الله