بدأ الاقبال العظيم و المتزايد للجنوبيون و باعداد تفوق توقعات الشمال مثيرة للدهشة نحو صناديق الاقتراع للتوصيت على حقهم فى تقرير مصيرهم.. بدت الوجوه الابنوسية سعيدة اخيرا تحت اشراف الاممالمتحدة لتضع حدا كما بدا لها اخيرا بانه نهاية استعباد الشمال للجنوبيون , فى حين بدأ الوجوم على طرقات الشمال لانفصال اشقائهم جرح صعب ابتلاعه و لكن عزاءهم فى ذلك تصويت الاغلبية بانفصال الجنوب و تكوين دولة جنوبية بارادة جنوبية حرة . لعبت خلفية الاضطهاد العنصرى الشمالى للجنوبيين فى حينها فكرة جيدة روج لها الساسة الجنوبيون الانفصاليون و الذين انقلبوا على دكتور جون قرنج فى رؤيته (السودان الجديد) , بدأ هؤلا الانفصاليون بالاتجار بقضية الجنوب و التى تعتبر القضية الاهم فى الحقبة التاريخية الافريقية الحالية.. وبدأوا بالتجوال حول العالم الافريقى و الاروبى لالقاء محاضراتهم المستفيضة لاستقطاب الدعم المعنوى للدول للتهيئة لانفصال الجنوب و حيث ان مفهوم قضية الجنوب عموما فى العالم هى قضية منوط بها تحرير السودان كما كان يرى الجنوبيون قبل جون قرنق فقد عرفت القضية عالميا بقضية تحرير السودان وانشأ بناءً عليها جيش تحرير السودان , الذى قاتل فى حرب زهاء عشرون عاما و نيف قبل ان يضع النفط اوزارها .. فقد ادارت التدفقات النقدية الهائلة وجوه الابنوس الجنوبية من الآلة الحربية الى الرفاية النقدية التى راقت للانفصاليون وبدأوا بتغيير دفة السودان الجديد الى دفة دولة جنوب السودان الجديد .. اسهم الانفصاليون الذين بدأت بالفعل مؤشرات نهاية حكمهم بتقسيم السودان .. فقد رهن الانفصاليون (فى حق تقرير المصير ) وحدة السودان بزوال النظام الحاكم .. الذى بدأ شرطا تعجيزيا للوحدة ذلك انه وعلى الرغم من شدة المعارضة الداخلية و الخارجية لذلك النظام الا ان اقتراح هكذا شرط لنظام ابرم الانفصاليون انفسهم معه اتفاقية السلام (اتفاقية نيفاشا) كان كمن يطعن فى ظله. اعتقد الانفصاليون الجنوبيون ان انفصال الجنوب و تمركز مخزون الاغلب للنفط فى ارض الجنوب سوف يشكل صمام التحكم باقتصاد الشمال بل ابرم الانفصاليون اتفاقيات بديلة لتمرير النفط عبر الدول المجاورة الافريقة و العربية على السواء فى حال احجم الشمال عن تمريره كرد فعل للانفصال و لكن اسقط فى يدهم حيما اندلعت الثورات الربيعية العربية ذات الطابع الاسلامى التى بدأ يخشى من عدوتها لتمتد ليس فقط فى الدول العربية بل الدول الافريقية و الاروبية على حد سوا و لعل ابرزها ثورة وول استريت فى الولاياتالمتحدةالامريكية و الصراعات الحزبية داخل البرلمانات الاروبية التى هددت باقالة اعظم افرادها وتقليص نفوذ الاغلبية لدعمهم للحكومات الدكتاتورية و الانظمة المستبدة فى توجه غربى اروبى افريقى جديد نحو الشفافية و الحد من ابرام الاتفاقيات التى تزهق ارواح الشعوب اقتصاديا او سياسيا والتى تسهم فى التوجهات الثورية ضد الغرب او الارهاب عموما .. اسقط فى يد الانفصاليون ذلك ان اى اتفاقية تم ابراهما على المدى القريب او البعيد لتمرير النفط و التى كانت مرهونة بالوعود الغربية لوضع تسهيلات لها مع الانظمة الافريقية او العربية ذهبت مهب الريح لشدة الصراعات البرلمانية الاوروبية من ناحيةو لشدة التحولات فى الخارطة السياسية الافريقية و العربية و التى بدأت تشكل تكتلات اسلامية متطرفة فى ارض العرب و نزعات تحررية عنيفة داخل افريقا ... و بدا ان تمرير النفط و التدفق النقدى الهائل كبحيرة سراب ووهج بدأ يخبو تدريجيا .. و بدا وكأن الشمال اصبح هو صمام الاقتصاد الجنوبى و ليس العكس كما كان يحلو للجنوبيون ان يروا .. و بدا ان حق تمرير النفط نحو الموانى الشمالية حق خالص للشمال و اصبح الجنوب فى قبضة الشمال . ادرك الجنوبيون الانفصاليون قوة تأثيرهم على الناخب الجنوبى و بدأوا بتنفيذ الشق الثانى من استراتيجيتهم لانفصال الجنوب و بدأ اللعب على وتيرة اسقاط النظام فى الشمال الذى مازال يذكر جيدا وجوه الابنوس المتوهجة فرحا و سرورا حول صناديق الاقتراع لتقرير مصيره بانفصال الجنوب ..بدأ الجنوبيون فى الدخول فى اتفاقيات خرقاء (تضمن لاحقا سلاسة تمرير النفط)مع الاحزاب (الانصار و الختمية )التى بدأ يعى الشمال دورها فى تخريبه و مقته لعودتها مرة اخرى و الذى اضحى ذلك سببا رئيسيا لاستمرار الشمال بالسكوت على النظام القائم حاليا فاذا كان الشماليون يمقتون النظام الحاكم فان ذلك ليس بالضرورة يعنى انه يرغب فى حكم الاحزاب التقليدة او ذات التاريخ المشهور بالقبضة الاستبدادية الامنية (المؤتمر الشعبى) و بدأ الفشل يغزوا اتفاقية جوبا و يحيلها الى سلة المهملات و تفتق ذهن الانفصاليون عن فكرة جديدة بالاستفادة من اوضاع افراد الجيش الشعبى قطاع الشمال المهمش و الغير مرغوب به فى كلا الدولتين (لارتباطه فى الاذهان بانها قوات مرتزقة تحارب لمن يدفع اكثر) و بدأ الجنوب يدعم المليشيات المسلحة فى غرب السودان والحركة الشعبية قطاع الشمال لتشكيل جبهة ثورية للقضاء على نظام الانقاذ و هيأ الانفصاليون انفسهم لكى ينهل الثناء و يكتب التاريخ عنهم عن رجال كالاسود الضارية حرروا الشمال و الغرب من القبضة الاستبدايدة و لكن بدأ الشمال يفتر و يشيح وجهه لتلك الحلول التى يمكن ان تقود كما حدث سابقا الى حق تقرير مصير اخر و انفصال اقليم اخر وبدا ان الجبهة الثورية لتحرير السودان فى نظر الشمال هى جنوب اخر يحارب تحت شعار اسقاط النظام لكى يحقق مأرب انفصاليون اخرون سوف يضعون الشمال مرة اخرى فى اتفاية سلام و حق تقرير مصير اخر ليفصل غرب السودان و يبتر عضو اخر ..وعى الشمال اللعبة الانفصالية لتقسيم السودان وبدا الشمال كما لوانه غير راغب فى المشاركة فى تلك الحقبة التاريخية المنحطة . دق الانفصاليون المسمار الاخير فى نعشهم عندما احتلواهجليج تحت مزحتهم من العيار الثقيل بان ترسيم الحدود مسألة لم تحسم بعد و حيث ان منطقة هجليج عموما ليست منطقة نزاع حدودية فقد بدا للعالم بان النظام يخطوا خطوات رعناء تحت المظلة الامريكية وحين ان الشمال ملتزم تماما بتحكيم محكمة العدل الدولية التى حسمت اغلب مناطق الصراع كابييى بتبعية شبه مطلقة للشمال فقد بدا احتلال هجليج تجاهل و تغييب كامل لقرارات و قوانيين الاممالمتحدة من قبل الانفصاليون. لا يملك الجنوب حلا للازمة سوى ان يقود تحالفا فدراليا يمكنه من تمرير النفط نحو الشمال و يضمن تنميته و رفاهيته او العدول عن ذلك بالسقوط نحو هاوية تمريه بافريقا المثقلة بالحروب الاهلية و النظم العسكرية المستبدة او نحو هاوية الموت تحت الحصار الاقتصادى الشمالى