إذا كان السودان كارثة أخلاقية بالنسبة للأمم المتحدة.. كما ذكر رئيس جماعة الطوارئ لدارفور جاكي مامو لصحيفة "لوموند" الفرنسية بتاريخ 15/8/2012، إذاً فماذا نقول لإسرائيل التي تخترق فجر كل يوم "حقوق الإنسان"؟ وتذل الإنسان الفلسطيني وتجعله لا إنساني بهتك عرضه وقتل رجاله ونسائه وشبابه وأطفاله والصورة أصبحت راسخة في أذهان كل الناس سواء أكانوا في الدول العربية أم الغربية وهم يرون بأم أعينهم ماذا يدور في الساحة منذ عام 1948 وحتى الآن؟ فماذا نقول لهم ونصفهم لدى الأممالمتحدة بأنها أم الكوارث أم الكوارث في حد ذاتها أم ماذا يا ترى؟! وهي أيضاً ترى بعينها كل ما يدور في الساحة السياسية الدولية والمحلية.. وتقف مكتوفة الأيدي ولا تفعل شيئاً كالمثل الذي استعنت به من المقال، ليرى العالم ما يجري في سورية ولبنان وأفغانستان والعراق عندما اجتاحت الجيوش الأميركية واحتلت بها العراق على رغم أنف العالم أجمع وبكذبة اخترعتها أميركا.. وأيضاً في تلك الدول الأخرى الآن من قتل وهتك أعراض واغتصاب وعذاب الإنسان لأخيه الإنسان على مرأى من أعين حقوق الإنسان وما أدراك ما حقوق الإنسان والعالم أجمع.. فهل أنصفت حقوق الإنسان الشعب السوري وأعطتهم حقوقهم الإنسانية وأوقفت ما يجري هناك؟! أم أساساً تتبجح.. ولا تفعل شيئاً للدول المستضعفة والمغتصبة حقوقها وتنظر إليها بعين وتغلق الأخرى، ولكنها لا تسأل الدول الغربية وما تفعله في الشعوب.. كما فعلت من قبل أميركا في "العراق" حينما قامت بغزوه بكذبة أسلحة الدمار الشامل التي افتعلتها.. وجعلته يعاني حتى الآن من جراء ذلك الغزو، لم تقم للعراق قائمة في المستقبل القريب أو البعيد.. وهذا ما تريده أميركا والدول المستعمرة الأخرى لكي لا تكون هنالك قوة إقليمية أو عالمية أقوى منها وتلك الدول المستعمرة الأخرى. وأما إن قول ما مقولة التحليلات العالمة منذ زمن.. "تغير كل شيء لئلا يتغير شيء".. لهذا أقول هل منكم من رأى حقوق الإنسان بحق وحقيقة وهي تعمل من أجل الإنسان وحقوقه بكل صدقية! وتقوم بحل المشكلات العالقة في تلك الدول، والحروب الدائرة فيها؟!... فإن وجد أحدكم حقوق الإنسان وهي تعمل من أجل الإنسان فليخبرني أين تقبع حقوق الإنسان تلك؟ وهل هي تنصف كل الدول التي تعاني وتُئن من جراء تلك التعديات الواضحة للعيان من حقوق الإنسان؟ فأين هي حقوق الإنسان وأين مكانها الحقيقي لكي أذهب إليهم وأعلمهم ما يدور في سوريا وأفغانستان وفلسطين التي تهدر فيها كل حقوق الإنسان والإنسانية منذ سنوات عدة ونرى كل ذلك عبر التلفاز ولا يهز شعرة من تلك الحقوق المهدورة.. والظاهر أن المدعية حقوق الإنسان لا ترى بالعين المجردة ولا بأي عين.. وأيضاً تقول لي حقوق الإنسان وما أدراك ما حقوق الإنسان... ألم ينظر أو تنظر حقوق الإنسان في الدول الأخرى التي تعاني من سلب حقوقها الإنسانية فمن حقها أن تذهب وترى بأم عينها ماذا يفعل الأسد بالشعب السوري؟! وماذا يفعل أمثاله الآخرون في إسرائيل في الشعب الفلسطيني.. ومن ثم يرجع إلى السودان.. بدلاً من تشبيهه بأنه أصبح كارثة أخلاقية للأمم المتحدة.. كما قال رئيس "جماعة الطوارئ في دارفور المدعو "جاكي مامو" في مقاله الذي نشره في "الوموند" الفرنسية. فكان من الأفضل للمدعو "مامو" أن يشير إلى أقرب دولة الآن تنتهك فيها حقوق الإنسان بشكل فظيع جداً في سورية.. وهم يقتلون الأطفال ويشوهونهم ويقتلون الشباب.. ويغتصبون النساء والفتيات.. فهل هنالك كارثة أخلاقية أكبر أو أكثر مما نراه أمام أعيننا في سوريا؟ إن ما يجري من قتل واغتصاب للنساء والشابات وهتك الأعراض وإذلال الشعب السوري بعدم تقرير مصيرهم هو أكبر كارثة للأمم المتحدة فما هي فاعلة تجاه ذلك؟! إذاً ليس عمر البشير هو الرئيس الوحيد الذي ما زال في منصبه، فهنالك آخرون على سدة الحكم أيضاً وأولهم "بشار الأسد" الذي يقتل وينهك ويغتصب أعراض شعبه وكل يوم نرى القتلة في الشوارع في المدن الرئيسية، والقرى التابعة لسورية.. وهو يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسان والإنسانية.. وإصدار الأوامر لارتكاب إبادة لشعبه ألا نرى ذلك ونُغض البصر ونخفض أعيننا تجاهه؟!. أم ألا ترى ذلك المدعية زوراً وبهتاناً بحقوق الإنسان ألا إنسانية تلكم الجرائم التي ترتكب أمام أعينها. وبقدر ما عرفنا عن حقوق الإنسان فهي مع الأسف الشديد لم تنصف أي دولة مظلومة أو استطاعت أن توقف تلك الجرائم والقتل الدائر في تلك الدول من أجل الإنسان أو باسم حقوق الإنسان أو من أجل إنصاف حقوقه المهدورة ظلماً وبهتاناً! أستغرب من تلك المدعية بأنها تناهض من أجل الإنسان وحقوقه في التشفي دائماً وأبداً في السودان.. وفي رئيسه عمر البشير بأنه تسبب في موت 300 ألف من مواطنيه في دارفور في حين أن إسرائيل تسببت في موت ملايين الفلسطينيين منذ اندلاع الحرب عام 1948 وحتى الآن... فأيهما أولى بالإنصاف؟ وأين هي حقوق الإنسان التي تدعي ذلك أو تطالب بتلك الحقوق؟! لماذا تقف مكتوفة الأيدي أمام إسرائيل ورئيسها سواء أكان الحالي أم السابقين منذ ذالكم التاريخ؟. ولماذا لم توقف أميركا عند حدها عندما شنت حربها ضد العراق واحتلته بتلك الكذبة والفضيحة التي يعرفها العالم أجمع.. بأن لديه أسلحة دمار شامل أو عندما أرسلت تلك الوفود للتفتيش ولم تجد أي شيء ورغماً عن ذلك غزت العراق وأبادت الشعب العراقي وقتلت ملاييناً من أفراده ومن خيرة شبابه.. وظلت حقوق الإنسان "صامتة" صمت الدهر والقبور.. ولم تقل لرئيس الدولة آنذاك "جورج بوش" أنت انتهكت حقوق الإنسان في العراق وتسببت بقتل ملايين الأفراد من الشعب العراقي.. فيجب عليك أن تحاكم في محكمة الجنايات الدولة ويجب على المحكمة أو المدعو "أوكامبو" أن يدينه بجرائم الحرب التي ارتكبها في العراق.. والعالم كله يدرك ذلك والمحكمة الجنائية تدرك كل ما دار من تلك الأفعال الشنيعة التي فعلتها أميركا في الشعب العراقي من قتل واغتصاب. وكذلك في أفغانستان وباكستان وسوريا. ألم ترى حقوق الإنسان الأطفال اللاجئون ينتظرون العبور إلى تركيا عبر منفذ باب السلام وهم مستلقون على الأرض ومنظرهم يحنن القلب. أم لم ترى أيضاً آخر جثامين ضحايا الأسد في مجزرة داريا.. أفبعد هذا يتحدث جاكي موم أو أمثاله عن حقوق الإنسان. لذا نقول لهم أحلال عليكم وحرام علينا أن نفعل مثل ما فعلتم أم ماذا يا ترى؟! ومن يقول: "البقلة" في الأبريق.. أم كل إناء بما فيه ينضحُ أم ماذا أفيدونا.. وعلى من نقترح أن نفرض العقوبات؟! جعفر حسن حمودة – الرياض [email protected]