بسم الله الرحمن الرحيم http://www.tewfikmansour.net المشهد الأول .. نفر كريم اجتمع بمنزل جاري الأستاذ المربي (خليفة عبد القادر) لأجل التقدم لخِطبة ابنته، أي اجتمعوا لما نسميه في بلادنا ب(قولة خير) .. عدد الحضور كان قليلاً جداً في نسبته كبيراً جداً في قيمته .. وكجار (الحيطة بالحيطة) كنت من المحظوظين لمشاهدة تلك اللحظات الجميلة، والتي لا شك تحفها وتباركها الملائكة بإذن الله، خاصة وأنني اعتبر نفسي بمثابة الأب للمهندسة المتميزة ألتي أتى الجمع لخِطبتها .. المشهد الثاني .. ولجت لصحن الدار(الحوش) التي اجتمع فيها السادة الحضور، فوجدت كرسياً فارغاً، فجلست عليه بعد أن أديت التحية للجميع مرة واحدة، وقصدت بذلك أن لا أزعج الجمع بالتسليم المنفرد .. ثم سمعت صوتاً جميلاً رخيماً من الجالس على يميني مرحباً بي، قائلاً (السلام عليكم يا شيخنا)، فرددت التحية الجميلة بمثلها، ولكن بصوتي المتواضع، وليس كما ذاك الصوت الرخيم .. والرخيم كما في اللغة هو العذب والقوي واللين والسهل في آنٍ واحدٍ .. وهنا قلت لنفسي والله ليس بالغريب علي هذا الصوت ذا (البحة) الجميلة .. والبحة لغةً إنما هي خشونة ممزوجة في أندر الحالات بجمال فريد في الصوت .. فقلت في نفسي (ويحك) أليس هذا بصوت مبدعنا المغرد (عوض الكريم عبد الله) .. وكان هو .. لا بل اكتشفت في تلك اللحظات بأن فناننا الكبير إنما هو والد العريس المتقدم لخطبة المهندسة (انتصار) ابنة جاري .. المشهد الثالث .. جالت بخاطري أفكار كثيرة وأنا جالس وسط ذاك الجمع، تمركزت في تساؤل واحد .. هل أعطينا كدولة، ووزارة إعلام، وتلفزة، وإذاعة، ونقابات فن، وما إلى ذالك هذا المغرد الفذ حقه الذي يستحقه من التكريم ؟! فقد أعطى فناننا (عوض الكريم) وما زال يعطي فناً راقياً وأداءً متميزاً وصوتاً فريداً وشخصية محترمة .. وتغنى بالرائع من الكلمات المنتقاة بحكمة ودراية، تغنى للحب والرجولة والحماسة .. وشدا هذا الشادي هنا وهناك في أصقاع بلادنا الحبيبة، لا بل عبر الحدود خارج بلادنا فشرفنا أيما تشريفا .. فقلت لنفسي لا وألف لا ، لم نعطه أبداً حقه الذي يستحقه !.. فالمبدع عوض الكريم لم يأخذ التكريم الذي يوازي عطاؤه الثر والمتفرد والراقي واللا منقطع والجميل .. فهو من أعمدة الفن الشعبي، وأول من عمل على تطويره، وأغانيه المتميزة وألبوماته التسعة إنما تناولت أيضاً العديد من القضايا الاجتماعية والوطنية .. المشهد الرابع .. صحوت فجأة من خواطري التي سرحت بي عندما اختلف أهل الخطيب وأهل الخطيبة في من يبدأ ب(التعريف) .. كل يريد أن يُكرم الآخر بالبدء في آلية التعريف، فكرمنا السوداني يمتد حتى لهذه (البروتوكولات) الموروثة .. وعندها قلت لهم أنا سأبدأ أولاً على الرغم من أنني لا أتبع لأي من الفريقين إلا بحق الجيرة .. وعندها تكلمت بما كان يحتاج لموسيقى تصورية لتكملة صورة أسرة جاري المبدعة .. فقلت جاري (خليفة) قد خلَّف ما تعتز به بلادنا، وما نطمح أن يشكل أنموذجاً لمجتمعنا .. فبناته وولده حفظهم الله جميعهم ما شاء الله من الخريجين والمتعلمين أصحاب المهن المرغوبة في مجتمعنا من الهندسة للطب وما بينهما. والأم المكافحة (الحاجة هدية) إنما هي (اسم على مسمى)، فهي حقيقة هدية لمجتمعنا، فقد ثابرت، وربت، واجتهدت لإهداء بلدنا هذا العقد الثمين من الأبناء المؤهلين والعاملين لأجل تنمية بلادنا .. فلله درك يا (هدية) ولله درك يا (خليفة) .. المشهد الأخير .. نظرت بعد كلمتي القصيرة والتي لم تَعطِ الأسرة الكريمة حقها . نظرت للفنان المبدع عوض الكريم قائلاً له، أقول لكم بمناسبة هذا (الليل الهاجع) و(وحياة عينيك) قد فزتم ب(زينة البنات) و (والله إنتو الكسبانين) .. وربنا يديم الأفراح ويكمل المراسم بألف خير ..وبيت مال و(شوية) عيال .. توفيق عبد الرحيم منصور (أبو مي) http://www.tewfikmansour.net