الخرطوم:حسين سعد اقتبست عنوان هذه المقالة من كتاب استاذي ومعلمي عميد الصحفيين السودانيين صاحب جائزة القلم الذهبي أستاذ الاجيال محجوب محمد صالح بعنوان(الصحافة السودانية في نصف قرن) نعلم اننا لسنا في قامة المحجوب لكي نشكل مقاربات للتوثيق لمهنتنا العظيمة لكننا تلاميذه ونمضي علي ذات الدرب الذي كرس حياته المهنية لصحابة الجلالة ودفاعاًعن حقوق الانسان والديمقراطية والعدالة وانصاف المرأة،تناولت في المقالة السابقة تعديات الامن وهجماته علي الصحافة التي تاخذ اشكالا عديدة منها ماهو (اغلاق بالضبة والمفتاح )اوتعليق الصدوراو المصادرة او المنع من الطباعة اوتحريك البلاغات الكيدية وحرب الاعلانات، الي جانب نيابات الولايات التي تجرجر الصحفيين خارج العاصمة لمزيد من اهانتهم وازلالهم،حتي صارت بيانات الادانة لمصادرةصحيفة او منع صحفي من قبل المنظمات الحقوقية وشبكة الصحفين السودانين تكاد تكون شبه يومية ، لكن النقطة الخطيرة هي اعلان الحكومة وكشفها عن تشكيل محاكم ناجزة للصحافة التي صارت كما قلنا تتعرض لمضايقات حتي طالت الصحافة الفنية التي يصفها البعض بعدم المسوؤلية والاثارة لكنها اي-الصحافة الفنية- تعاني من تحديات ايضا وهنا يمكن الاشارة الي مطالبة مجلس الصحافة والمطبوعات في قراره القاضي بالزام صحيفة صحيفة (فنون) المتخصصة فنياً للصدور في (12) صفحة عوضاً عن (8) صفحات وأدي قرارالمجلس الي توقف الصحيفة عن الصدوركصحيفة (مستقلة) وتحولها إلى ملحق من (4) صفحات عبر صحيفة الدار الاجتماعية،لكن الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات الأستاذ العبيد أحمد مروح،دافع عن قرار مجلسه بحسب صحيفة السوداني وقال انهم (أمهلوا الصحيفة وقتاً كافياً لترتيب الأوضاع لكنهم لم يكونوا جادين) وحول استئناف صدور صحيفة فنون مرة اخري قال مروح هنالك خياران. إما أن يصدروا بحسب اللائحة في (12) صفحة، أو يستمروا كملحق ضمن إصدارات الشركة الأم، غير ان رئيس تحرير صحيفة فنون الاستاذ هيثم كابو قال ان لائحة المجلس فصلت علي مقاسهم وأكد تصعيدهم للقضية حتي رئاسة الجمهورية.وأوضح انهم كصحافة فنية غير ملتزمون بالصدور في 12 صفحة مؤكدا اخطاره للامين العام لمجس الصحافة بذلك وتابع( انهم وواصلوا الصدور في (8) صفحات واتهم المجلس بتعديل اللائحة وردد(هذا لايجوز قانونياً)لأنه يهدف لتعطيل صدور إصدارة متخصصة، حتى إننا عندما تقدمنا لنيل التصديق كان الشرط أن نصدر في (8) صفحات، فإذا بالمجلس يتحدث اليوم عن لائحة نحن لسنا جزءاً منها، ويقوم فجأة بتعديل ذات اللائحة لنصبح جزءاً منها، وهو الآن يبدي صرامة واضحة في تطبيق اللائحة على فنون، رغم عدم مقدرته على الإجابة على سؤال هام، وهو لماذا يتم استثناء الصحف السياسية من تلك اللائحة ويسمح لها بالصدور في (12) صفحة وليس (16) صفحة؟(انتهي) وسنحاول في حلقتنا الاخيرة هذه تسليط الاضوء والكشف عن العراقيل الاخري التي تكبل حرية التعبير وحرية الصحافة لاسيما الاعلام البديل والمدونيين وهنا نشير الي قضية الزميل الصحفي خالد احمد الذي كان قد مثل امام نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة مؤخراًللتحقيق معه بشأن مقال نشرعلى نطاق واسع بالاعلام البديل يتناول بالتفصيل العملية التى نفذتها الجبهة الثورية واستهدفت موكب رئيس هيئة اركان القوات المسلحة السابق الفريق عصمت عبدالرحمن خلال زيارتة لمدينة ابو كرشولا.ونفي خالد ان يكون هو من كتب المقال وقال ان حسابة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تعرض الى عملية تهكير وان هناك من كتب المقال ونشرة مستغلاً صوراً نشرها على صفحتة واخرى أخذت من موقع صحيفة السوداني الالكتروني.المعاكسات والمضايقات التي يتعرض لها الصحفيين السودانين بل طالت ايضا مراسلا بريطانيا يعمل لصالح وكالة انباء (بلومبيرغ) العالمية بحسب ما أعلنته لجنة حماية الصحافيين التي قالت ان المراسل البريطاني غادر السودان خشية على حياته بعد توقيفه بصورة تعسفية وضربه، اثناء احتجازه من قبل الامن السوداني وقالت اللجنة ومقرها نيويورك في بيان ان مايكل غان اخبر اللجنة انه غادر البلاد في الثاني من يوليوالحالي خوفا على حياته.وتأتي حادثة غان بعد عام من طرد السلطات السودانية مراسلة بلومبيرغ المصرية سلمى الورداني التي احتجزت اثناء محاولتها تغطية مظاهرة مناهضة للحكومة.وقالت اللجنة في بيان ان "غان اكد انه تعرض للضرب عدة مرات كما تم تفتيش حقيبته وتفتيش جيوبه، ووضع قميصه على راسه قبل ان يرمى في ظهر شاحنة صغيرة مع عدد من المواطنين السودانيين.واضاف انه اقتيد مغمض العينين واستجوب لثلاث ساعات حول ما يفعله في السودان. وفي سياق غير بعيد كانت صحف غربية قد قالت إن السودان وإيران انتهكتا الحظر الأمريكي ضدهما وتستخدمان حالياً معدات أمريكية الصنع محظور تصديرها إلى البلدين لمراقبة شبكات الإنترنت فيهما.ونشرت صحيفتا واشنطن بوست الأمريكية وإندبندنت البريطانية عن مختبر سيتزن بجامعة تورنتو، أن المعدات التي تنتجها شركة بلو كوت سيستمز في كاليفورنيا بالولاياتالمتحدة كشف عن وجودها في حواسيب سودانية وإيرانية تجارية وحكومية،لكن الهيئة القومية للاتصالات نفت مراقبة مواقع الإنترنت بالبلاد، وقالت إنها تستخدم أجهزة صينية وليست أمريكية لحجب المواقع المخلة بالآداب (الإباحية)وأكد المهندس مصطفى عبد الحفيظ مدير الإدارة الفنية للهيئة ل(الرأي العام)، أنّ ما أوردته أمريكا بشأن استخدام السودان معدات أمريكية لمراقبة الإنترنت عار عن الصحة ومحاولة من واشنطن للضغط السياسي على الخرطوم، ووصف الأجهزة المستخدمة لديهم ب(العادية)، وقال عبد الحفيظ إن الشركات الأمريكية رفضت للخرطوم توريد أجهزة قاعدة البيانات من قبل ولجأنا للأجهزة الصينية، وأكد أنّ الهيئة لا تراقب مواقع الإنترنت عدا حجب المواقع (الإباحية) التي لا تحتاج لأجهزة رقابة.وكان مورغان ماركيز بوير الخبير في (سيتزن)، قال إن التأثيرات على حقوق الإنسان جراء استخدام تقنيات المراقبة هذه في تلك الدول تثير قلقاً كبيراً،وكشف الباحثون عن وجود المعدات في السودان وإيران بتحليل حجم كبير من البيانات ل (1.3) مليار عنوان بروتوكول بشبكة الإنترنت تم جمعها سراً بواسطة شخص من الواضح أنه استخدم شبكة حواسيب مهكرة للحصول على البيانات، وهي تقنية مثيرة للجدل.وعثر مختبر سيتزن على ستة أجهزة في إيران وثلاثة في السودان وأربعة في سوريا، بينها أجهزة تعمل على شبكات حكومية في الدول الثلاث.وقال ماركيز بوير إنّ أية واحدة من المعدات المكتشفة تستطيع مراقبة حركة عمل آلاف المستخدمين الأفراد. غيران ما يثير القلق أكثرهوإعلان الحكومة إنشاء محاكم ناجزة لقضايا النشر لمحاكمة الصحفيين في البلاد،وكانت وسائل إعلام سودانية نقلت عن وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة أحمد بلال عثمان عزم الحكومة إنشاء محاكم ناجزة لقضايا النشر الصحفي بعد التشاور مع وزير العدل محمد بشارة دوسة خلال المرحلة المقبلة. الغريب ان وزير الإعلام أحمد بلال قال في مؤتمره الصحفي نهاية الاسبوع الماضي انه لا يعتبرذلك الإجراء بانه إنذاراً أو تهديداً ولكنه مسعى منه للدفاع عن الحريات الصحفية في السودان التي تتعرض لإجراءات استثنائية تمتد إلى المصادرة والإيقاف، والمدهش ان الوزير أكد في ذات الوقت عزم الدولة على محاربة الفساد وأنه لا حصانة لفاسد.لكن الوزير في لقائه مع رؤساء تحرير لم يجد كلمة يقولها لهم وهم يتحلقون حوله وينتظرون منه كلمة بخصوص الاستدعاءات والبلاغات الكيدية التي تجرجرهم الي المحاكم اوالمصادرة المتلاحقة لصحفهم وإغلاقها وتعليقها صدورها لم يجد غيران يقول(انه يعزعليه ان يسمع بايقاف الصحف)وقال ان هذه المسألة ليست بالسهولة بعد أن خطونا خطواتٍ في توسيع هامش الحرية، وزاد(إذا قارنا الحرية التي تتمتع بها صحفنا وتنظيماتنا السياسية مقارنة ببعض الدول فهي لابأس بها).وأظهر بلال عدم رضا من تناول الصحف للقضايا الاجتماعية، وتناول الصحافة لظاهرة اغتصاب الاطفال التي تمددت تمدد النار في الهشيم ودافع الوزير بشدة وقال : نحن ليس مجتمعاً ملائكياً إذا كان هنالك شواذ ، وقال الوزيرمايحدث نوع من التضخيم لنشر مثل هذه الأخبارالتي تؤدي إلى إحباط المجتمع، وتابع (هذه ليست صورة الشعب السوداني الذي يصلي الآن التراويح في المساجد) عموماً كنا نتمني ان نسمع من الوزير حديثا قاطعا او محاولات للدفع بقانون يتيح حرية الحصول علي المعلومات والاطلاع عليها لفك الحصارالمحكم عن المعلومات من قبل الحكومة لكن الوزير الهمام أكد اعترافه امام رؤساء التحريربوجود مشكلة في الأجهزة الرسمية بتوفير المعلومات لكنه أشار إلى حلها عبر تشكيل غرفة إعلامية للمتابعة اليومية تضم مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية لتوفر كل المعلومات للمؤسسات الإعلامية ، وقال بلال( ليس لدينا حاجة تحت التربيزة ومن حق المواطن أن يطلع على النشاط اليومي للدولة من قمتها إلى أدناها) غير ان ما يصيبنا بالدوار اثناء قرات تصريح الوزير امام رؤساء التحرير هو اعترافه بوجود مشكلة في المعلومات وفي ذات الوقت قوله ان الدولة عازمة على محاربه الفساد ولا توجد حصانة لزول فاسد والحرب على الفساد تكون بشكل موضوعي ولايطلق على الدولة ككل وسنكون متشددين في هذا الأمر، أما إثبات الفساد بالوثائق أو نعتبره نوعاً من التجني غير المقبول وقذف.وبالرغم من ان الصحافة السودانية المكبلة اصلا بالمتاريس والقيود وتحريك البلاغات الكيدية في مواجهتها الي جانب الاوضاع الاقتصادية وحرب الاعلانات ومصادرتها واغلاقها (دُوت)واستدعاء الصحفيين والصحفيات،هاهي الحكومة تعلن بشكل رسمي عن تشكيل محاكم ناجزة للصحافة وفي الطريق الي البرلمان هناك قانون كارثي بحسب راي صحفيين وخبراء اذن مستقبل صاحبة الجلالة لايحتاج الي توصيف وكما يقول المثل (الجواب يكفيك عنوانوا) اذن ليس غريبا في ظل كل هذه القيود والمتاريس ان يأتي تصنيف السودان في المرتبة 170 من جملة 179 دولة حسب تقرير منظمة مراسلون بلا حدود للحريات الصحفية في العام