كم هي جميلة وفاتنة ورائعة لغتنا العربية، أو بالأصح لغتنا العشوقة والممشوقة، أو كما يسميها النحاة «لغة الضاد»... اللغة التي تدرك كنه المعاني وتتوغل في أعماق الكلام لتكتشف رقيق تعابيره، وأنيق أساليبه، لغة ممشوقة القد، رائعة القوام.. اللغة المتفردة في وصف الأشياء.. لغة تعرف كيف تخضع الكلمات لوصف المشاعر والأحاسيس.. لكنها للأسف أصبحت هذه الأيام مكسورة الخاطر، مبتورة القدرة مع شبابنا «المتفرنج».. جيل الوارثين من بنت عدنان الفيض من فيضها، الهائم وراء إهتمامات عديمة الجدوى، فهي ما بين الجهل بقواعدها والعبث بإستخدامتها، منسية الحقوق، موقوفة النمو، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ورحم الله مَنْ كان لهم الزاد والرفيق في السفر والأهل والأحبة في الدار، وهذه بعض من اقحونات قطفناها لك عزيزي القاريء من حديثة لغتنا الجميلة، والأخطاء الشائعة فيها: كثيراً ما نسمع عزيزي القاريء في إذاعاتنا وصحفنا المحلية والعربية كلمة: «زخم».. مثل: زخم إعلامي، زخم جماهيري، وزخم رياضي وغيره.. والمراد به: «الكثرة».. وهذا خطأ شائع، وذلك لأنّ كلمة زخم في اللغة العربية تعني: اللحم النتن والموغل في العفونة. ويقولون: «ترك الحبل على القارب».. وهذا خطأ شائع، والصواب هو: «ترك الحبل على الغارب» ب«الغين».. والغرب بالغين هو عنق الناقة، أو رقبة الناقة... وهي دلالة على السير دون قائد أو دليل. ويقولون: «جاءوا عن بكرة أبيهم».. وهذا خطأ والصواب هو: «جاءوا على بكرة أبيهم».. وذلك لأن البكرة هي أُنثى الإبل، وقصة هذه المقولة هي أن عائلة من الأعراب جاءهم خبر مفزع، فأرادوا التأكد منه، ولم يجدوا شيئاً يمتطوه إلاَّ البكرة، فركبوا جميعاً على البكرة، وحين رآهم الأعراب قالوا: جاءوا على بكرة أبيهم. ويقولون عزيزي القاريء: «موجز لأهم وآخر الأنباء» وهذا خطأ.. والصواب هو «موجز لأهم الأنباء» وذلك لأن الجملة الأولى ضعيفة، وأن كلمة موجز تعني الإختصار، وبالتالي تعني اختصار أهم الأنباء، أما آخر الأنباء تعني نهاية الأنباء، أي لا أنباء أخرى بعد هذا النباء، ونحن نعلم جيداً أنّ آخر الأنباء يقصد بها «أحدث الأنباء» ولكن جملة آخر الأنباء لا تفيد الغاية عند المستمع وبالتالي يعتقد الشخص أنّ هذه الأنباء هي الأخيرة. أيضاً نجد هذا الخطأ في المقابلات الفنية والتلفزيونية والصحفية حين يُسأل الضيف عن آخر أغانيه إذا كان فناناً، وآخر أفلامه إذا كان ممثلاً وآخر أشعاره إذا كان شاعراً.. وهذا يعني طبعاً آخر أغنية «في حياته الفنية وآخر مقالة صحفية، وربما تكون آخر رشفة ماء، أي نهاية الحياة».. والله أعلم. يقولون: مستشفى السلاح الطبي.. وهذا خطأ والصواب هو : المستشفى العسكري» أو «مستشفى القوات المسلحة» وذلك لأنه لا يوجد سلاح طبي في مصانع التصنيع الحربي وإلى يومنا هذا، ولا أدري صراحة من أين أتى هذا الاسم الغريب العجيب، ولكن دعونا نتخيل أن إحدى الممرضات تحمل حقنة على شكل كلاشنكوف، أو طبيبة تحمل سماعة على هيئة «آربجي» أو حبوب سلفة تحتوي على مادة T.N.T شديدة الإنفجار. * خارج السرب: بعض مديري المؤسسات الحكومية دخلوا سن التقاعد وتعدوها بعدة سنين، بل أناخت عليهم السنون، وهم مازالوا متشبثين بالكرسي والسلطة، بل زادوا في ذلك، وذلك بتعيين أقاربهم ونسبائهم وأصحابهم وجيرانهم في المؤسسة التي يتسيدونها برواتب ومميزات يشيب لها الرأس شيبا.. والأدهى والأغرب أن شركات الصيانة الخاصة بالمؤسسة تابعة لهم.. «ألا يظن اولئك أنهم مبعوثون، ليوم عظيم». ألا هل بلغت.. اللهم فأشهد.