شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيد عمر وليس بيد عمرو سينهار نظام الانقاذ .. بقلم: حافظ عباس قاسم
نشر في سودانيل يوم 03 - 02 - 2018

مصالحة الجبهة الاسلامية لنظام مايو وتمكنها اقتصاديا بانشاء البنوك والشركات وسياسيا بتغلغلها في منظماته السياسية وقواته النظامية وهيمنتها علي المنابر التعليمية والاعلامية والدينية مستفيدة من اللوثة الدينية التي المت بزعيمه بسبب ما اغترف من موبقات في حياته الشخصية وجرائم وصلت حد المجازر وقتل الناس, وتداخل وتشابك مصالحها مع البراجوازية التجارية والبيروقراطية للنظام , كان بمثابة الاعلان عن الارتباط والتحالف والي درجة الزواج الكاثوليكي بين الاثنين وان النتيجة كانت ميلاد واكتمال نمو الطبقة الطفيلية السوداني ومراودة النفس بالسيطرة علي الدولة حماية وخدمة لمصالحها , تلك الحقيقة التي لاينكرها الاسلاميون ويتباهون بها بل واقر بها عرابهم في برنامج شاهد علي العصر ,وقوله انهم ومنذ ايام المصالحة قد بداوا يعدون العدة للاستيلاء علي الحكم ومن ثم لم تكن فترة الحكم المدني والحزبي بعد الانتفاضة بالنسبة لهم سوي استراحة محارب ,الشئ الذي توج باستلامهم السلطة عبر انقلاب عسكري قامت به مليشياتهم وعناصرهم المدربة عسكريا مستغلين ليس فقط ازياءالقوات المسلحة وشاراتها العسكرية بل واسمها ايضا , ومستعينين بالافغان العرب واموال الاسلاميين . وعليه فان الكلام عن انهم اجبروا علي الانقلاب بسبب قوة التمرد ونجاحاته وتمدده شمالا الا كذبا صراحا ورخيصا من شاكلة اذهب ال القصر رئيسا وانا الي السجن حبيسا .
لتامين نفسه في الايام الاولي استعان بالافغان العرب ,ولتمكين عناصرة واستدامة السلطة بادر بحل المؤسسات الدستورية والاحزاب وتعطيل الصحف واعتقال السياسيين المعارضين وتعذيب الناشطين السياسيين وتشريد المناوئين وتصفية القوات النظامية ليس فقط ممن يشكون في انتمائهم ولكن ايضا من كل من لا يواليهم وبالغاء الدستور والاعتماد علي الاوامر الجمهورية واعلان حالة الطوارئ والقرارات العسكرية هدفوا الي كبت الحريات ومصادرة الحقوق ولان النظام الجديد بحكم افكاره ونظريته السياسية ومناهجة في التعامل مع الشعب والمواطن , هو بالضرورة فاشستي , فقد طبق الوصفة الهتلرية بحزافيرها بدءا من اعتماد التجسس وبناء شبكة اخطبوطية من الامن واستغلال المؤسسات التعليمية والتربوية ومناهجها والمنابر الاعلامية والدينية للتضليل وتشويه الحقائق ولغسل الادمغة , باطلاق موجة من الهوس الديني مستعينين بالايدولوجية الدينية وشعارات الجهاد ومستخدمين حب السودانيين لعقيدتهم الاسلامية . ومن الناحية الاخري وانطلاقا من قراءتهم لتاريخ السودان والاطاحة بكل من عبود ونميري بواسطة الحركة الجماهيرية , كان لا بد من التحرك السريع لحرمان جماهير الشعب السوداني من اسلحتها المجربة واساليبها الناجعة ,من اضراب سياسي وعصيان مدني . هذا وتحت اشراف وتخطيط وتنفيذ والمتابعة المباشرة لاجهزة الامن من رسمية واخري خاصة بالتظيم , فقد اتخذ مخططهم عدة اوجه واتجاهات. فبعد حل النقابات والاتحادات المهنية والمنظمات الفئوية وتشريد قياداتها والعناصر النشطة في اوساطها , شرعوا في اعادة تاطير النقابات في ما يسمي بنقابة المنشاة , مستعينين بكوادرهم والعناصر الانتهازية ومن باع نفسه لهم , والسيطرة علي كل التنظيمات الجماهيرية كما قاموا باعلان ما عرف بسياسية الخصخصة واعادة الهيكلة وسياسات اخري مقصودة لذاتها , ليس فقط لتصفية العديد من المؤسسات والمشاريع لصالح عناصرهم وتمكينها اقتصاديا , وانهاء خدمة اعداد كبيرة من العاملين فيها ,ولكن ايضا للتخلص من المؤسسات التي اشتهرت بنقاباتها القوية في مقارعة الاستعمار والتصدي لانظمة الحكم بعد الاستقلال , والتي لعبت دورا حاسما في النضال ضد الانظمة العسكرية واسقاطها , كنتيجة لتوحد الارادة وصلابة العناصر القيادية والتحام العضوية بالقيادة , مثل السكة حديد وسودانير وهيئة المواني والخطوط البحرية والمخازن والمهمات والنقل الميكانينكي والاشغال والبريد والبرق ومشروع الجزيرة والمناقل وبقية المشاريع والمؤسسات الاخري .كذلك فقد هدفوا باعلان ما يسمي بالثورة التعليمية للسيطرة علي الحركة الطلابية عن طريق التجنيد المباشر للطلاب واستغلال صغر سنهم والتلاعب بعواطفهم واستخدامهم وقودا لحروبهم , عن طريق وعود المساعدة في الالتحاق بالكليات التي يرغبون فيها وضمان الحصول علي الشهادة , والوعد بالتوظيف في اجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة بعد التخرج . هذا ومن ضمن المخطط كان التغلغل والهيمنة علي التنظيمات الفئوية للنساء والشباب واليافعين , ولم تنجو من استراتجيتهم حتي الاندية الرياضية والمراكز الثقافية والطرق الصوفية والفرق الموسيقية والغنائية . واخيرا وباجازة دستور الترابي والذي صاغه بديلا للدستور الذي كلفت به لجنة المرحوم مولانا خلف الله الرشيد, تكتمل الحلقة باعلان ما يسمي باحزاب التوالي بهدف خلق ساحة سياسية خاضعة وموالية وذلك عن طريق ايجاد وتوليد احزاب الفكة والشقق المفروشة واستيعاب بعض قيادات الاحزاب المعروفة بالاغراء الا من ابي , وشق الاحزاب التقليدية باغتيال الشخصية وبالعصا لمن ابي وفي الوقت نفسه اجتهدوا في بناء حزبهم السياسي ,وبناء آليات ضمان استمرارهم فى الحكم من دفاع شعبي ونظام عام ومنظمات اخري شبه عسكرية واخيرا قوات الدعم الشريع صحيح ان النظام قد تعرض علي الصعيد السياسي لما عرف بالمفاصلة وانقسام الحزب الحاكم الي وطني وشعبي ,الا ان ذلك كان صراعا علي النفوذ والسلطة وتنافسا علي الكراسي بدليل انخراط الترابي مؤخرا في حوار الوثبة واتفاقهم علي توحيد الجماعتين والغزل الداير بين الاسلامويين والحزن والجزع الذي الم بالفئتين بموت الرجل اما علي الصعيد المجتمعي فقد انقسم المجتمع والشعب الي مجموعتين وفئتين ,اقلية تملك كل شئ وتعيش في ترف وبزخ وتحلي بعنب الرئاسة واكثرية تعيش المسغبة ولا تملك من حطام الدنيا شيئا غير التعاسة وما تبع ذلك ونتج عنه من فساد وافساد وتخريب للضمائر والانفس ورشوة ومحسوبية وسرقة وتزويرواختلاس وتحايل وتعدي علي المال العام وتفشي المخدرات والانحلال والتفسخ الخلقي .هذا وعن طريق كوتات السكر وحصص الوقود والاسمنت والخطط الاسكانية ومنح الاراضي وتوزيع التصاديق الاستثمارية وما يتصل بها من اعفاءات وامتيازات والتحكم في التمويل المصرفي, واستغلال المعلومات عن الموقف المالي للافراد والاعمال واستخدام سلطات الضرائب والزكاة لتصفيتهم ,وباخونة جهاز الدولة والهيمنة علي مؤسساتها الاساسية , فقد دانت لهم السيطرة علي البلاد وقهر العباد , كما وان استخراج البترول ومعالجته داخليا وتصديره خارجيا قد ادي لاطمئنان القلوب بدوام الحال.هذا وبتوقيع اتفاقية نيفاشا ومشاركة الحركة الشعبية لهم الحكم واقتسام غنائمه فقد حدثت الفرحة الكبري . لكن وبالرغم من اخذهم في الحسبان احتمالات ان يذهب الجنوب لحاله , فان عدم الممناعة بفصلة فقد بنيت على توقعاتهم بخيرات وفوائد الانفصال واستدامة حكمهم, وانه وحتي في حالة عدم تحقق ذلك, فيمكن تعويض الفشل بمكاسب تحسن العلاقات مع الدول الغربية وتدفق المساعدات الخارجية التي وعدهم بها المجتمع الدولي لضمان التزامهم بوعدهم لاقامة دولة جديدة وذات سيادة في جنوب الوطن. وبدلا من الاحلام الوردية صحوا علي كوابيس الانفصال والحروب الاهلية والصراعات القبلية كما اصيبوا في مقتل بسبب ضياع الموارد البترولية والعوائد المالية وتنكر المجتمع الدولي لهم. بل وملاحقة رئيسهم بواسطة المحكمة الجنائية .
صحيح ان جرثومةالازمة والركود الاقتصادي تكمن اصلا في منهجية الاقتصاد الحر ووصفة صندوق النقد الدولي والتي طالما عانا منها السودان منذ الاستقلال ومن تطبيقاتها بواسطة كل الانظمة التعسكرية والحزبية التي توارثت الحكم,الا ان التبني الكامل لها, قد تم في الانقاذ لطبيعة نظامها المستهتر بحقوق الشعب, وطفيلية راسماليتها وشعاراتها من خزن واكسب واهبر واهرب ,واستعدادها في سبيل الثراء والغني التضحية بكل شئ والتعري من اي شئ, وانها تفتقدالي الروح وطنية بدليل تخليها عن جنوب البلاد وتجاهل احتلال اجزاء اخري من الوطن, وممارساتها للفساد والرشوة والاستهانة بالنظم والقوانين وعدم احترام المؤسسية والالتزام بالمثل والاخلاق , بدليل عدم اكتراسها لاحتلال السودان وعن جدارة المراتب الاولي وفقا للمؤشرات السالبة والمراتب الاخيرة وفقا للمؤشرات الحميدة . ولذلك فقد انتهي الوضع الي حروب اهلية وصراعات قبلية ونزاعات جهوية وانعدام الامن وان الحال يحكي عن انهيار اقتصادي وتاكل البنيات الاساسية وتضخم وغلاء وتفشي الامراض والفقروالمجاعات بسبب تدهور الانتاج, وتزايد الاسعار وتكاثر الجبايات والاتاوت والرسوم والضرائب . فمن ناحية علاقات خارجية متردية وديون متراكمة وعقوبات اقتصادية وحصار وعزلة دولية ورئيس ملاحق ومطلوب للعدالة الدولية ,واحتقان سياسي بسبب الكبت والقمع ومصادرة الحقوق والحريات والتضييق علي الصحافة والنشر, الشئ الذي يمكن تلخيصه في اننا كمجتمع ودولة نعيش ازمة شاملة ومكتملة الاركان والمعالم وفوضي ضاربة في كل المجالات , وان لذلك ابعاده الاجتماعية والثقافية والتربوية وتداعياته . هذا وبسبب عزلة النظام الجماهيرية بدليل المقاطعة لانتخاباته وتساقط عضوية تنظيمه السياسي بدليل تشبيهه بالاتحاد الاشتراكي, فقد سعي النظام لتوسيع قاعدة حكمه وكسب مؤدين جدد عن طريق شراء زعيم الختمية وتعيين نجليه كمساعدين لرئيس الجمهورية وبمنح ابن زعيم الانصار منصب مساعد في القصر, وايضا باقامة التحالفات مع الجماعات الدينية والقبلية , وشراء رجالات الطرق الصوفية ,وتعيين المحاسيب في الوظائف السيادية والدستورية . ومن ناحية اخري ولتامين النظام لنفسه فقد صار ينفق كمن لا يخشي الفقر علي اجهزة الامن والقمع ,وانه ولعدم اطمئنانه لجانب القوات النظامية بسبب الانقسامات والتشققات التي اصابت معسكر المتاسلمين, قام بانشاء مليشيات وقوات رديفة . اما حواره الوطني فقد كان اخر كرت في الجعبة , لكنه وكما حذر مؤسس النظام وصاحب براءة انتاجه , فقد تمخض وولد فارا صغيرا سرعان ما هرب واختفي عن الانظار مخلفا الضحك والسخرية علي كل من من شارك فيه.
بسبب السياسات المالية والنقدية التي ينتهجها النظام والتي تعتمد التوسع في الإنفاق العام واهدار موارد الدولة (وما صاحب ذلك من تجنيب واستباحة للمال العام وفساد ومحسوبية وتسويات وتحلل ,وفرض الضرائب والجبايات واهمال التنمية الإقتصادية والإجتماعية , ومن ناحية اخري التوسع في انشاء شركات الحكومة واجهزتها المختلفة وممارسة الاستيراد والتجارة الشئ الذي اضر بمصالح القطاع الخاص وقلص دوره الاقتصادي ) ان تفاقمت مشاكل الانتاج المحلي وتزايد الاعتماد علي الخارج خاصة في الغذاء والدواء والوقود وفي نفس الوقت انعدام الثقة في مصداقية سياسة الحكومة المالية والنقدية, وتقلص دور القطاع الخاص ومبادراته . كما وان عدم التوازن في الإقتصاد الكلي والاختلالات في موازينه النقدية والمالية قد نتج عنه عجز مالي متفاقم وفجوة دولارية هائلة الشئ الذي انعكس في تدني قيمة العملة الوطنية وإرتفاع سعر الدولار والعملات الصعبة في مقابلها . ومن ثم فان تتالي ارتفاع اسعار الدولار الذي يشهده السودان هو نتاج طبيعي لسياسات مالية وإقتصادية خاطئة وفاشلة , وان ذلك يعني انه وان لم ينصلح حال السياسة والسياسات، فان تعافي الاقتصاد سيكون من باب الاماني والتمنيات. فمن المعلوم انه وفي سبتمبر 2013 كانت قد اتخذت قرارات شبيهة وبدعاوي رفع الدعم وهيكلته لفائدة الانتاج لا الاستهلاك ,وان يكون لمصلحة الفقراء لا الاغنياء ,وكدواء لتعافي الاقتصادي وعلاج امراضه , الا ان الذي حدث كان العكس تماما . واذا كانت من نتائج تلك القرارات ان امتنعت الطائرات الاجنبية عن التزود بالوقود في مطار الخرطوم وايقاف لوفتهانزا الطيران الي السودان وتوقف تسع شركات وطنية عن العمل من ضمنها مارسلاند الوطنية , فان الاسعار الجديدة لتذاكر الطيران ادت الي عزلة مجيدة وهذا علي سبيل المثال لا الحصر وفي هذا الصدد فان الحقيقة التي يفترض الا تغيب عن البال هي ان أزمة البلاد عامة وشاملة,ولن يحلها توفير دولار الدواءاو الغاز، أو القمح او الوقود لانها ازمة مركبة وكل وجه منها هوفي نفس الوقت سبب ونتيجة للتضخم والركود والفوضي الاقتصادية وانفلات في الاسعار . هذا وان احسن تصوير لها هو قول البشير لضباط الاستخبارات العام الما ضي في ان البديل لمثل هذه القرارات هو انهيارالاقتصاد ومن ثم الدولة, لكن بدون ان تكون له اي ضمانات لعدم حدوث ذلك في المدي المتوسط ناهيك عن الطويل . والمؤلم في الامر هو ان الفئات الضعيفة والفقيرة والمهمشة وذوي الدخل المحدود هم الذين سيدفعون ثمن الممارسة السياسية وهذه المنهجية الاقتصادية واخطاء وفساد الجهاز التنفيذي ,وان الامر سيتفاقم عليهم بسبب الاثار التضخمية والتراكمية والمتشعبة للقرارات وتحملهم التحويل الاقتصادي لاعبائها من الاخرين بسبب ضعف وضعهم الاقتصادي . وانسي موضوع الامراض العقلية والنفسية واللجؤ للمخدرات بسبب ضغوطات الحياة.
الغليان الذي أحدثته الأسعار خاصة الدواء والذي دحض خطل الحرية الاقتصادية وخطيئة الاقتصاد الحر, وجريمة وبشاعة تحرير الاسعار واحاديث لا تسعير في الاسلام ,وكشف عن سوءات مؤسسات الدولة واجهزتها المصرفية وفسادها,لم يكن الا مظهرا واحدا لمظاهر الغضب الصّامت والصّاطع الذي انطلق من عقاله . و ستكون الحكومة مقبلة ارادت او لم ترد في قادم ايامه, علي تقديم المزيد من كباش الفداءلامتصاص الغضب ولتفادي الانفجار.هذا وقد بات من المسلم به أنّ الأزمة ليست ازمة بعض المؤسسات مهما كان دورها ,ولا في بعض الأشخاص مهما كانت مواقعهم وانما هي أزمة عامة و شاملة لا تستثني مؤسسة او فردا بدءا من اصغر محلية ورئيسها وانتهاءا بمؤسسة الجمهورية وحارسها . ومن ثم لايمكن حلها باستبدال بدرالدين بقمر او شمس الدين او تعيين مشيرا وبرفيسيرا وزيرا للمالية والاقتصاد ولا بابعاد اكد او العكد اوحتي بتغيير كل الطاقم الاقتصادي في الحزب والدولة , ناهيك عن زيادة عضوية البرلمان والمجالس التشريعية واقامة حكومة الوفاق وطني وتعيين رئيس للوزراء وتشكيل مجالس رئاسية , لان المعضلة تكمن في النظام الجمهوري والصلاحيات المطلقة للرئيس وبدون اي رقيب او حسيب او محاسبة ,وحيث ان الوزراء ليسوا سواء حفنة من الموظفين لدي سيادته يشرق بهم ويغرب بهم . كذلك فان اعلان التقشف الحكومي وتشكيل حكومات رشيقة وان نال استحسان الناس وحقق بعض الوفورات المالية فانه لن يحل الازمة ,والتي يكمن حلها وببساطة شديدة في الحصول علي رضاء الشعب واقتناعة بان الحكومة في خدمته وان في سياساتها مصلحته فيلتف حولها ويحبها وينخرط في الانتاج , ويموت من اجلها ,ويبذل الغالي والرخيص بما في ذلك التضحية بالمال والولد والنفس من اجلها .
ملخص القول ان النظام قد دخل في جحر ضب و نفق ضيق وان الكذب والتضليل الاعلامي والعنف المنفلت لن يحل ان لم يفاقم الاوضاع ,خاصة وان تاريخ السودان والدول المجاورة يعج بتجارب للأنظمة الاستبدادية والتي لجأت للبطش والتنكيل وتضييق الخناق على الشعب ,والنتيجة كانت ذهابها غير ماسوف عليها , فهرب من فهم اخيرا الدرس وانزوي ومات من لم يستوعبه. وفي السودان وبسبب الجوع والمرض والفقر والقهر السياسي والامني تتاجج مشاعر الغبن والغضب ,كما وان تحرك مختلف فئات الشعب في الشمال والشرق وجنوب البلاد وغربها وفي المدن والعاصمة , عني ان تحت دماء الضحايا ورماد اجسادهم وميض ناروشرر.هذا وان كانت اغتيالات بورتسودان وكجبار والقتل في دارفور والنيل الاورق وكردفان هي بمثابة الوقود , فان مظاهرات سبتمبر والاعتصامات اللاحقة واضراب الاطباء والعصيان المدني ,هي البروفات للاضراب الساسي العام والعصيان المدني الشامل. كذلك فان الاعدامات والقتل والسجن والتعذيب والارهاب والاغتصاب والفصل والتشريد والتصرف في اراضي الناس والتغول علي حقوق المواطنين وطيلة 27 عاما , ادت الي اختزان الاحزان وتراكم الالام واشتداد الاحتقان والتي كان من الممكن وعبرالتظاهر والاحتجاج والاضراب والاعتصام التنفيس عنها وافراغ النفس من شحنة الغضب الا ان النظام لم ولن يسمح بذلك بالرغم من نص الدستورعلي حرية ابداء الراي وحق التعبير. ومشكلة الحكام انهم لا يستوعبون الدرس الا في الساعة ال25 وان كل منهم يعتقد انه فريد عصره في الذكاء ,فيعتبرون ان بلادهم ليست تونس او مصر او ليبيا او اليمن او سوريا فلا يعتبرون بالتاريخ , خاصة وان الصمت والسكوت لا يعني باي حال من الأحوال رضاء المواطنين عن الحاصل .كما وأن الاوضاع يمكن ان تبقى وتستمر بقوة وجبروت السلطة ودموية أجهزة الأمن . فمن المعلوم بالضرورة انه وبالرغم من إن ساعة صفر الثورات هي في رحم الغيب ولا يملك احدا تحديد ميقاتها او التنبؤ بها ,الا انه معلوم ايضا وبالضرورة ان معظم الثورات والانتفاضات والهبات الشعبية لاتطلب الاذن او تستاذن احدا, وانها تحدث بدون ان تحصل علي اي ترخيص اوتصريح من السلطات . فكما للطبيعة والكون نواميسه فان للمجتمعات والثورات قوانينها ,وان ساعة الصفر هي مسالة وقت ليس الا اذا ماتوفرت الشروط والاسباب. وانه وعندما تنضج ظروفها فسينتج عنها ريح صرر عاتية وتسونامي جارف وعنيف, وأنها حتما ستفرز قياداتها من اوساط جماهير الشارع العريض. هذا وفي تاريخ الشعوب والمجتمعات من الطبيعي ان تواجه الثورات والانتفاضات والهبات بالقتل وسفك الدماء من قبل انظمة الدكتاتورية والاستبداد , وان من الوارد جدا ان تنتكس الثورة اوتتعرض للسرقة مثلما حدث لثورة اكتوبر وانتفاضة ابريل كمثال , الشئ الذي يستوجب التنظيم والاستعداد ويتطلب الحيطة والحذر والتريث وعدم التهور وعدم التخريب والانتقام لتفويت الفرصة علي المتربصين
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.