شاهد بالفيديو.. قائد كتائب البراء بن مالك في تصريحات جديدة: (مافي راجل عنده علينا كلمة وأرجل مننا ما شايفين)    بالفيديو.. "جرتق" إبنة الفنان كمال ترباس بالقاهرة يتصدر "الترند".. شاهد تفاعل ورقصات العروس مع فنانة الحفل هدى عربي    تسابيح خاطر    شاهد بالصورة.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل تسابيح خاطر تنشر صورة حديثة وتسير على درب زوجها وتغلق باب التعليقات: (لا أرىَ كأسك إلا مِن نصيبي)    شاهد بالصورة.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل تسابيح خاطر تنشر صورة حديثة وتسير على درب زوجها وتغلق باب التعليقات: (لا أرىَ كأسك إلا مِن نصيبي)    شاهد بالفيديو.. الفنان الدولي يدخل في وصلة رقص مثيرة مع الممثلة هديل تحت أنظار زوجها "كابوكي"    شاهد بالفيديو.. الفنانة مروة الدولية تعود لإثارة الجدل..تحضن زوجها وتدخل معه في وصلة رقص رومانسية وهي تغني: (حقي براي وملكي براي بقتل فيه وبضارب فيه)    إنتر ميلان يطيح ببرشلونة ويصل نهائي دوري أبطال أوروبا    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    برئاسة الفريق أول الركن البرهان – مجلس الأمن والدفاع يعقد اجتماعا طارئاً    إستحالة تأمين العمق الداخلي سواء في حالة روسيا او في حالة السودان بسبب اتساع المساحة    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    ترمب: الحوثيون «استسلموا» والضربات الأميركية على اليمن ستتوقف    اعلان دولة الامارات العربية المتحدة دولة عدوان    عادل الباز يكتب: المسيّرات… حرب السعودية ومصر!!    الأهلي كوستي يعلن دعمه الكامل لمريخ كوستي ممثل المدينة في التأهيلي    نائب رئيس نادي الهلال كوستي يفند الادعاءات الطيب حسن: نعمل بمؤسسية.. وقراراتنا جماعية    مجلس الإتحاد يناقش مشروع تجديد أرضية ملعب استاد حلفا    من هم هدافو دوري أبطال أوروبا في كل موسم منذ 1992-1993؟    "أبل" تستأنف على قرار يلزمها بتغييرات جذرية في متجرها للتطبيقات    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    أموال طائلة تحفز إنتر ميلان لإقصاء برشلونة    قرار حاسم بشأن شكوى السودان ضد الإمارات    بعقد قصير.. رونالدو قد ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيد عمر وليس بيد عمرو سينهار نظام الانقاذ .. بقلم: حافظ عباس قاسم
نشر في سودانيل يوم 03 - 02 - 2018

مصالحة الجبهة الاسلامية لنظام مايو وتمكنها اقتصاديا بانشاء البنوك والشركات وسياسيا بتغلغلها في منظماته السياسية وقواته النظامية وهيمنتها علي المنابر التعليمية والاعلامية والدينية مستفيدة من اللوثة الدينية التي المت بزعيمه بسبب ما اغترف من موبقات في حياته الشخصية وجرائم وصلت حد المجازر وقتل الناس, وتداخل وتشابك مصالحها مع البراجوازية التجارية والبيروقراطية للنظام , كان بمثابة الاعلان عن الارتباط والتحالف والي درجة الزواج الكاثوليكي بين الاثنين وان النتيجة كانت ميلاد واكتمال نمو الطبقة الطفيلية السوداني ومراودة النفس بالسيطرة علي الدولة حماية وخدمة لمصالحها , تلك الحقيقة التي لاينكرها الاسلاميون ويتباهون بها بل واقر بها عرابهم في برنامج شاهد علي العصر ,وقوله انهم ومنذ ايام المصالحة قد بداوا يعدون العدة للاستيلاء علي الحكم ومن ثم لم تكن فترة الحكم المدني والحزبي بعد الانتفاضة بالنسبة لهم سوي استراحة محارب ,الشئ الذي توج باستلامهم السلطة عبر انقلاب عسكري قامت به مليشياتهم وعناصرهم المدربة عسكريا مستغلين ليس فقط ازياءالقوات المسلحة وشاراتها العسكرية بل واسمها ايضا , ومستعينين بالافغان العرب واموال الاسلاميين . وعليه فان الكلام عن انهم اجبروا علي الانقلاب بسبب قوة التمرد ونجاحاته وتمدده شمالا الا كذبا صراحا ورخيصا من شاكلة اذهب ال القصر رئيسا وانا الي السجن حبيسا .
لتامين نفسه في الايام الاولي استعان بالافغان العرب ,ولتمكين عناصرة واستدامة السلطة بادر بحل المؤسسات الدستورية والاحزاب وتعطيل الصحف واعتقال السياسيين المعارضين وتعذيب الناشطين السياسيين وتشريد المناوئين وتصفية القوات النظامية ليس فقط ممن يشكون في انتمائهم ولكن ايضا من كل من لا يواليهم وبالغاء الدستور والاعتماد علي الاوامر الجمهورية واعلان حالة الطوارئ والقرارات العسكرية هدفوا الي كبت الحريات ومصادرة الحقوق ولان النظام الجديد بحكم افكاره ونظريته السياسية ومناهجة في التعامل مع الشعب والمواطن , هو بالضرورة فاشستي , فقد طبق الوصفة الهتلرية بحزافيرها بدءا من اعتماد التجسس وبناء شبكة اخطبوطية من الامن واستغلال المؤسسات التعليمية والتربوية ومناهجها والمنابر الاعلامية والدينية للتضليل وتشويه الحقائق ولغسل الادمغة , باطلاق موجة من الهوس الديني مستعينين بالايدولوجية الدينية وشعارات الجهاد ومستخدمين حب السودانيين لعقيدتهم الاسلامية . ومن الناحية الاخري وانطلاقا من قراءتهم لتاريخ السودان والاطاحة بكل من عبود ونميري بواسطة الحركة الجماهيرية , كان لا بد من التحرك السريع لحرمان جماهير الشعب السوداني من اسلحتها المجربة واساليبها الناجعة ,من اضراب سياسي وعصيان مدني . هذا وتحت اشراف وتخطيط وتنفيذ والمتابعة المباشرة لاجهزة الامن من رسمية واخري خاصة بالتظيم , فقد اتخذ مخططهم عدة اوجه واتجاهات. فبعد حل النقابات والاتحادات المهنية والمنظمات الفئوية وتشريد قياداتها والعناصر النشطة في اوساطها , شرعوا في اعادة تاطير النقابات في ما يسمي بنقابة المنشاة , مستعينين بكوادرهم والعناصر الانتهازية ومن باع نفسه لهم , والسيطرة علي كل التنظيمات الجماهيرية كما قاموا باعلان ما عرف بسياسية الخصخصة واعادة الهيكلة وسياسات اخري مقصودة لذاتها , ليس فقط لتصفية العديد من المؤسسات والمشاريع لصالح عناصرهم وتمكينها اقتصاديا , وانهاء خدمة اعداد كبيرة من العاملين فيها ,ولكن ايضا للتخلص من المؤسسات التي اشتهرت بنقاباتها القوية في مقارعة الاستعمار والتصدي لانظمة الحكم بعد الاستقلال , والتي لعبت دورا حاسما في النضال ضد الانظمة العسكرية واسقاطها , كنتيجة لتوحد الارادة وصلابة العناصر القيادية والتحام العضوية بالقيادة , مثل السكة حديد وسودانير وهيئة المواني والخطوط البحرية والمخازن والمهمات والنقل الميكانينكي والاشغال والبريد والبرق ومشروع الجزيرة والمناقل وبقية المشاريع والمؤسسات الاخري .كذلك فقد هدفوا باعلان ما يسمي بالثورة التعليمية للسيطرة علي الحركة الطلابية عن طريق التجنيد المباشر للطلاب واستغلال صغر سنهم والتلاعب بعواطفهم واستخدامهم وقودا لحروبهم , عن طريق وعود المساعدة في الالتحاق بالكليات التي يرغبون فيها وضمان الحصول علي الشهادة , والوعد بالتوظيف في اجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة بعد التخرج . هذا ومن ضمن المخطط كان التغلغل والهيمنة علي التنظيمات الفئوية للنساء والشباب واليافعين , ولم تنجو من استراتجيتهم حتي الاندية الرياضية والمراكز الثقافية والطرق الصوفية والفرق الموسيقية والغنائية . واخيرا وباجازة دستور الترابي والذي صاغه بديلا للدستور الذي كلفت به لجنة المرحوم مولانا خلف الله الرشيد, تكتمل الحلقة باعلان ما يسمي باحزاب التوالي بهدف خلق ساحة سياسية خاضعة وموالية وذلك عن طريق ايجاد وتوليد احزاب الفكة والشقق المفروشة واستيعاب بعض قيادات الاحزاب المعروفة بالاغراء الا من ابي , وشق الاحزاب التقليدية باغتيال الشخصية وبالعصا لمن ابي وفي الوقت نفسه اجتهدوا في بناء حزبهم السياسي ,وبناء آليات ضمان استمرارهم فى الحكم من دفاع شعبي ونظام عام ومنظمات اخري شبه عسكرية واخيرا قوات الدعم الشريع صحيح ان النظام قد تعرض علي الصعيد السياسي لما عرف بالمفاصلة وانقسام الحزب الحاكم الي وطني وشعبي ,الا ان ذلك كان صراعا علي النفوذ والسلطة وتنافسا علي الكراسي بدليل انخراط الترابي مؤخرا في حوار الوثبة واتفاقهم علي توحيد الجماعتين والغزل الداير بين الاسلامويين والحزن والجزع الذي الم بالفئتين بموت الرجل اما علي الصعيد المجتمعي فقد انقسم المجتمع والشعب الي مجموعتين وفئتين ,اقلية تملك كل شئ وتعيش في ترف وبزخ وتحلي بعنب الرئاسة واكثرية تعيش المسغبة ولا تملك من حطام الدنيا شيئا غير التعاسة وما تبع ذلك ونتج عنه من فساد وافساد وتخريب للضمائر والانفس ورشوة ومحسوبية وسرقة وتزويرواختلاس وتحايل وتعدي علي المال العام وتفشي المخدرات والانحلال والتفسخ الخلقي .هذا وعن طريق كوتات السكر وحصص الوقود والاسمنت والخطط الاسكانية ومنح الاراضي وتوزيع التصاديق الاستثمارية وما يتصل بها من اعفاءات وامتيازات والتحكم في التمويل المصرفي, واستغلال المعلومات عن الموقف المالي للافراد والاعمال واستخدام سلطات الضرائب والزكاة لتصفيتهم ,وباخونة جهاز الدولة والهيمنة علي مؤسساتها الاساسية , فقد دانت لهم السيطرة علي البلاد وقهر العباد , كما وان استخراج البترول ومعالجته داخليا وتصديره خارجيا قد ادي لاطمئنان القلوب بدوام الحال.هذا وبتوقيع اتفاقية نيفاشا ومشاركة الحركة الشعبية لهم الحكم واقتسام غنائمه فقد حدثت الفرحة الكبري . لكن وبالرغم من اخذهم في الحسبان احتمالات ان يذهب الجنوب لحاله , فان عدم الممناعة بفصلة فقد بنيت على توقعاتهم بخيرات وفوائد الانفصال واستدامة حكمهم, وانه وحتي في حالة عدم تحقق ذلك, فيمكن تعويض الفشل بمكاسب تحسن العلاقات مع الدول الغربية وتدفق المساعدات الخارجية التي وعدهم بها المجتمع الدولي لضمان التزامهم بوعدهم لاقامة دولة جديدة وذات سيادة في جنوب الوطن. وبدلا من الاحلام الوردية صحوا علي كوابيس الانفصال والحروب الاهلية والصراعات القبلية كما اصيبوا في مقتل بسبب ضياع الموارد البترولية والعوائد المالية وتنكر المجتمع الدولي لهم. بل وملاحقة رئيسهم بواسطة المحكمة الجنائية .
صحيح ان جرثومةالازمة والركود الاقتصادي تكمن اصلا في منهجية الاقتصاد الحر ووصفة صندوق النقد الدولي والتي طالما عانا منها السودان منذ الاستقلال ومن تطبيقاتها بواسطة كل الانظمة التعسكرية والحزبية التي توارثت الحكم,الا ان التبني الكامل لها, قد تم في الانقاذ لطبيعة نظامها المستهتر بحقوق الشعب, وطفيلية راسماليتها وشعاراتها من خزن واكسب واهبر واهرب ,واستعدادها في سبيل الثراء والغني التضحية بكل شئ والتعري من اي شئ, وانها تفتقدالي الروح وطنية بدليل تخليها عن جنوب البلاد وتجاهل احتلال اجزاء اخري من الوطن, وممارساتها للفساد والرشوة والاستهانة بالنظم والقوانين وعدم احترام المؤسسية والالتزام بالمثل والاخلاق , بدليل عدم اكتراسها لاحتلال السودان وعن جدارة المراتب الاولي وفقا للمؤشرات السالبة والمراتب الاخيرة وفقا للمؤشرات الحميدة . ولذلك فقد انتهي الوضع الي حروب اهلية وصراعات قبلية ونزاعات جهوية وانعدام الامن وان الحال يحكي عن انهيار اقتصادي وتاكل البنيات الاساسية وتضخم وغلاء وتفشي الامراض والفقروالمجاعات بسبب تدهور الانتاج, وتزايد الاسعار وتكاثر الجبايات والاتاوت والرسوم والضرائب . فمن ناحية علاقات خارجية متردية وديون متراكمة وعقوبات اقتصادية وحصار وعزلة دولية ورئيس ملاحق ومطلوب للعدالة الدولية ,واحتقان سياسي بسبب الكبت والقمع ومصادرة الحقوق والحريات والتضييق علي الصحافة والنشر, الشئ الذي يمكن تلخيصه في اننا كمجتمع ودولة نعيش ازمة شاملة ومكتملة الاركان والمعالم وفوضي ضاربة في كل المجالات , وان لذلك ابعاده الاجتماعية والثقافية والتربوية وتداعياته . هذا وبسبب عزلة النظام الجماهيرية بدليل المقاطعة لانتخاباته وتساقط عضوية تنظيمه السياسي بدليل تشبيهه بالاتحاد الاشتراكي, فقد سعي النظام لتوسيع قاعدة حكمه وكسب مؤدين جدد عن طريق شراء زعيم الختمية وتعيين نجليه كمساعدين لرئيس الجمهورية وبمنح ابن زعيم الانصار منصب مساعد في القصر, وايضا باقامة التحالفات مع الجماعات الدينية والقبلية , وشراء رجالات الطرق الصوفية ,وتعيين المحاسيب في الوظائف السيادية والدستورية . ومن ناحية اخري ولتامين النظام لنفسه فقد صار ينفق كمن لا يخشي الفقر علي اجهزة الامن والقمع ,وانه ولعدم اطمئنانه لجانب القوات النظامية بسبب الانقسامات والتشققات التي اصابت معسكر المتاسلمين, قام بانشاء مليشيات وقوات رديفة . اما حواره الوطني فقد كان اخر كرت في الجعبة , لكنه وكما حذر مؤسس النظام وصاحب براءة انتاجه , فقد تمخض وولد فارا صغيرا سرعان ما هرب واختفي عن الانظار مخلفا الضحك والسخرية علي كل من من شارك فيه.
بسبب السياسات المالية والنقدية التي ينتهجها النظام والتي تعتمد التوسع في الإنفاق العام واهدار موارد الدولة (وما صاحب ذلك من تجنيب واستباحة للمال العام وفساد ومحسوبية وتسويات وتحلل ,وفرض الضرائب والجبايات واهمال التنمية الإقتصادية والإجتماعية , ومن ناحية اخري التوسع في انشاء شركات الحكومة واجهزتها المختلفة وممارسة الاستيراد والتجارة الشئ الذي اضر بمصالح القطاع الخاص وقلص دوره الاقتصادي ) ان تفاقمت مشاكل الانتاج المحلي وتزايد الاعتماد علي الخارج خاصة في الغذاء والدواء والوقود وفي نفس الوقت انعدام الثقة في مصداقية سياسة الحكومة المالية والنقدية, وتقلص دور القطاع الخاص ومبادراته . كما وان عدم التوازن في الإقتصاد الكلي والاختلالات في موازينه النقدية والمالية قد نتج عنه عجز مالي متفاقم وفجوة دولارية هائلة الشئ الذي انعكس في تدني قيمة العملة الوطنية وإرتفاع سعر الدولار والعملات الصعبة في مقابلها . ومن ثم فان تتالي ارتفاع اسعار الدولار الذي يشهده السودان هو نتاج طبيعي لسياسات مالية وإقتصادية خاطئة وفاشلة , وان ذلك يعني انه وان لم ينصلح حال السياسة والسياسات، فان تعافي الاقتصاد سيكون من باب الاماني والتمنيات. فمن المعلوم انه وفي سبتمبر 2013 كانت قد اتخذت قرارات شبيهة وبدعاوي رفع الدعم وهيكلته لفائدة الانتاج لا الاستهلاك ,وان يكون لمصلحة الفقراء لا الاغنياء ,وكدواء لتعافي الاقتصادي وعلاج امراضه , الا ان الذي حدث كان العكس تماما . واذا كانت من نتائج تلك القرارات ان امتنعت الطائرات الاجنبية عن التزود بالوقود في مطار الخرطوم وايقاف لوفتهانزا الطيران الي السودان وتوقف تسع شركات وطنية عن العمل من ضمنها مارسلاند الوطنية , فان الاسعار الجديدة لتذاكر الطيران ادت الي عزلة مجيدة وهذا علي سبيل المثال لا الحصر وفي هذا الصدد فان الحقيقة التي يفترض الا تغيب عن البال هي ان أزمة البلاد عامة وشاملة,ولن يحلها توفير دولار الدواءاو الغاز، أو القمح او الوقود لانها ازمة مركبة وكل وجه منها هوفي نفس الوقت سبب ونتيجة للتضخم والركود والفوضي الاقتصادية وانفلات في الاسعار . هذا وان احسن تصوير لها هو قول البشير لضباط الاستخبارات العام الما ضي في ان البديل لمثل هذه القرارات هو انهيارالاقتصاد ومن ثم الدولة, لكن بدون ان تكون له اي ضمانات لعدم حدوث ذلك في المدي المتوسط ناهيك عن الطويل . والمؤلم في الامر هو ان الفئات الضعيفة والفقيرة والمهمشة وذوي الدخل المحدود هم الذين سيدفعون ثمن الممارسة السياسية وهذه المنهجية الاقتصادية واخطاء وفساد الجهاز التنفيذي ,وان الامر سيتفاقم عليهم بسبب الاثار التضخمية والتراكمية والمتشعبة للقرارات وتحملهم التحويل الاقتصادي لاعبائها من الاخرين بسبب ضعف وضعهم الاقتصادي . وانسي موضوع الامراض العقلية والنفسية واللجؤ للمخدرات بسبب ضغوطات الحياة.
الغليان الذي أحدثته الأسعار خاصة الدواء والذي دحض خطل الحرية الاقتصادية وخطيئة الاقتصاد الحر, وجريمة وبشاعة تحرير الاسعار واحاديث لا تسعير في الاسلام ,وكشف عن سوءات مؤسسات الدولة واجهزتها المصرفية وفسادها,لم يكن الا مظهرا واحدا لمظاهر الغضب الصّامت والصّاطع الذي انطلق من عقاله . و ستكون الحكومة مقبلة ارادت او لم ترد في قادم ايامه, علي تقديم المزيد من كباش الفداءلامتصاص الغضب ولتفادي الانفجار.هذا وقد بات من المسلم به أنّ الأزمة ليست ازمة بعض المؤسسات مهما كان دورها ,ولا في بعض الأشخاص مهما كانت مواقعهم وانما هي أزمة عامة و شاملة لا تستثني مؤسسة او فردا بدءا من اصغر محلية ورئيسها وانتهاءا بمؤسسة الجمهورية وحارسها . ومن ثم لايمكن حلها باستبدال بدرالدين بقمر او شمس الدين او تعيين مشيرا وبرفيسيرا وزيرا للمالية والاقتصاد ولا بابعاد اكد او العكد اوحتي بتغيير كل الطاقم الاقتصادي في الحزب والدولة , ناهيك عن زيادة عضوية البرلمان والمجالس التشريعية واقامة حكومة الوفاق وطني وتعيين رئيس للوزراء وتشكيل مجالس رئاسية , لان المعضلة تكمن في النظام الجمهوري والصلاحيات المطلقة للرئيس وبدون اي رقيب او حسيب او محاسبة ,وحيث ان الوزراء ليسوا سواء حفنة من الموظفين لدي سيادته يشرق بهم ويغرب بهم . كذلك فان اعلان التقشف الحكومي وتشكيل حكومات رشيقة وان نال استحسان الناس وحقق بعض الوفورات المالية فانه لن يحل الازمة ,والتي يكمن حلها وببساطة شديدة في الحصول علي رضاء الشعب واقتناعة بان الحكومة في خدمته وان في سياساتها مصلحته فيلتف حولها ويحبها وينخرط في الانتاج , ويموت من اجلها ,ويبذل الغالي والرخيص بما في ذلك التضحية بالمال والولد والنفس من اجلها .
ملخص القول ان النظام قد دخل في جحر ضب و نفق ضيق وان الكذب والتضليل الاعلامي والعنف المنفلت لن يحل ان لم يفاقم الاوضاع ,خاصة وان تاريخ السودان والدول المجاورة يعج بتجارب للأنظمة الاستبدادية والتي لجأت للبطش والتنكيل وتضييق الخناق على الشعب ,والنتيجة كانت ذهابها غير ماسوف عليها , فهرب من فهم اخيرا الدرس وانزوي ومات من لم يستوعبه. وفي السودان وبسبب الجوع والمرض والفقر والقهر السياسي والامني تتاجج مشاعر الغبن والغضب ,كما وان تحرك مختلف فئات الشعب في الشمال والشرق وجنوب البلاد وغربها وفي المدن والعاصمة , عني ان تحت دماء الضحايا ورماد اجسادهم وميض ناروشرر.هذا وان كانت اغتيالات بورتسودان وكجبار والقتل في دارفور والنيل الاورق وكردفان هي بمثابة الوقود , فان مظاهرات سبتمبر والاعتصامات اللاحقة واضراب الاطباء والعصيان المدني ,هي البروفات للاضراب الساسي العام والعصيان المدني الشامل. كذلك فان الاعدامات والقتل والسجن والتعذيب والارهاب والاغتصاب والفصل والتشريد والتصرف في اراضي الناس والتغول علي حقوق المواطنين وطيلة 27 عاما , ادت الي اختزان الاحزان وتراكم الالام واشتداد الاحتقان والتي كان من الممكن وعبرالتظاهر والاحتجاج والاضراب والاعتصام التنفيس عنها وافراغ النفس من شحنة الغضب الا ان النظام لم ولن يسمح بذلك بالرغم من نص الدستورعلي حرية ابداء الراي وحق التعبير. ومشكلة الحكام انهم لا يستوعبون الدرس الا في الساعة ال25 وان كل منهم يعتقد انه فريد عصره في الذكاء ,فيعتبرون ان بلادهم ليست تونس او مصر او ليبيا او اليمن او سوريا فلا يعتبرون بالتاريخ , خاصة وان الصمت والسكوت لا يعني باي حال من الأحوال رضاء المواطنين عن الحاصل .كما وأن الاوضاع يمكن ان تبقى وتستمر بقوة وجبروت السلطة ودموية أجهزة الأمن . فمن المعلوم بالضرورة انه وبالرغم من إن ساعة صفر الثورات هي في رحم الغيب ولا يملك احدا تحديد ميقاتها او التنبؤ بها ,الا انه معلوم ايضا وبالضرورة ان معظم الثورات والانتفاضات والهبات الشعبية لاتطلب الاذن او تستاذن احدا, وانها تحدث بدون ان تحصل علي اي ترخيص اوتصريح من السلطات . فكما للطبيعة والكون نواميسه فان للمجتمعات والثورات قوانينها ,وان ساعة الصفر هي مسالة وقت ليس الا اذا ماتوفرت الشروط والاسباب. وانه وعندما تنضج ظروفها فسينتج عنها ريح صرر عاتية وتسونامي جارف وعنيف, وأنها حتما ستفرز قياداتها من اوساط جماهير الشارع العريض. هذا وفي تاريخ الشعوب والمجتمعات من الطبيعي ان تواجه الثورات والانتفاضات والهبات بالقتل وسفك الدماء من قبل انظمة الدكتاتورية والاستبداد , وان من الوارد جدا ان تنتكس الثورة اوتتعرض للسرقة مثلما حدث لثورة اكتوبر وانتفاضة ابريل كمثال , الشئ الذي يستوجب التنظيم والاستعداد ويتطلب الحيطة والحذر والتريث وعدم التهور وعدم التخريب والانتقام لتفويت الفرصة علي المتربصين
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.