في تجربة اكتشاف المواهب منتخب ارقو يخسر بثلاثية من المنتخب الأولمبي السوداني    كانت ساعة النصر بدخول الغربال    تمبول.. حصن الاتحاد الذي لا يخترق!"    بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تدافع عن الإمارات وتهاجم الممثل مؤيد جمال: (انت ما عندك محتوى والإمارات لا تعتقل من يدافع عن الجيش والدليل على ذلك أنا كنت قاعدة فيها سنتين ولم يتم اعتقالي)    شاهد بالصورة.. مطربة سودانية تثير سخرية الجمهور بعد ظهورها تغني في حفل خاص وتحمل "مسبحة" على يدها وساخرون: (مستحيل يجتمعوا مع بعض وتكون بتحسب بيها النقطة)    أكبر هبوط شهري منذ انهيارات الكريبتو في 2022.. لماذا ينهار سوق العملات المشفرة الآن؟    بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تدافع عن الإمارات وتهاجم الممثل مؤيد جمال: (انت ما عندك محتوى والإمارات لا تعتقل من يدافع عن الجيش والدليل على ذلك أنا كنت قاعدة فيها سنتين ولم يتم اعتقالي)    بالصورة والفيديو.. شاهد ردة فعل الفنانة فهيمة عبد الله عندما اكتشفت أن أحد الجلسين بجوارها يراقب هاتفها بطريقة غريبة وساخرون: (نفس حركات ناس المواصلات)    شاهد بالفيديو.. محترف الهلال يثير غضب جمهور المولودية والجهاز الفني ويتسبب في ثورة عقب نهاية المباراة بتصرف غير أخلاقي    بالصورة والفيديو.. شاهد ردة فعل الفنانة فهيمة عبد الله عندما اكتشفت أن أحد الجلسين بجوارها يراقب هاتفها بطريقة غريبة وساخرون: (نفس حركات ناس المواصلات)    فرصة للسلام: ارتباك شركاء الجريمة    وزير الداخلية ومدير عام قوات الشرطة يفتتحان مصنع الكفاية للملبوسات الشرطية    إدارة مباحث كسلا تفكك شبكة إجرامية لتهريب البشر يتزعمها أحد أهم المطلوبين الهاربين من السجن    هذا المبلغ مخصص لتكملة مشروع مياه القضارف وتتلكأ حكومة الولاية في استلامه لأسباب غير موضوعية    أن يكون رئيس أقوى دولة في العالم جاهلًا بما يحدث في السودان فهذه منقصة في حقه    أشهر ناشط في مجال العمل الطوعي بالسودان يعلن إعتزاله العمل الإنساني بعد أن أرهقته "الشائعات"    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    فى الطّريق إلى "الضّعين"، ف "أم دافوق": كيف يفكّرُ الجيش فى القضاء على "التمرّد"؟    أمريكا تفتح بوابة الرقاقات المتقدّمة أمام G42    دستة إلا ربع.. انها نتيجة مباراة وليس سلة بيض!!    "الميرغني" يرحب بتدخل ترامب لإنهاء الحرب    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كاف" يخطر الهلال السوداني بقراره النهائي حول شكوى مفاجئة    شاهد.. صور ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان مع علم السودان تتصدر "الترند" على مواقع التواصل والتعليقات تنفجر بالشكر والثناء مع هاشتاق (السودان بقلب بن سلمان)    شاهد.. الفنانة ندى القلعة تمدح السعودية: (يا خادم الحرمين سلام وولي عهدك السعى للسلام) والقايداية بالحرية والتغيير حنان حسن تسخر: (أجي يا أخواني.. يا مثبت العقل والدين)    (المنطقة باسيادها)    تسيد السعودية للإقليم خلال العقد القادم    بوساطة من موسى هلال..الجيش يطلق سراح 43 من عناصر الميليشيا    استئناف حركة المرور في معبر الرقيبات بين دارفور وجنوب السودان    الطيب صالح ناهض استعلاء السلطة عبر "الكتابة السوداء"    البحر يبتلع عشرات السودانيين الهاربين من جحيم بلادهم    دونالد ترامب يفجّرها حول حرب السودان    قرار لسكان الخرطوم بشأن فاتورة المياه    حقق حلمه وكان دائماً ما يردد: "لسه يا قلبى العنيد لا شقيت لابقيت سعيد".. شاهد ماذا قالت مفوضية اللاجئين عن ظهور الشاب السوداني "مهدي" وهو يغني مع الفنان الشهير تامر حسني داخل أحد المصانع بالقاهرة    السودان يعلن وصول شحنة من هولندا    فريق ميداني متخصص من إدارة مباحث ولاية كسلا يسدد بلاغ خاص بسرقة عربة بوكس    الذكاء الاصطناعى وإرضاء الزبون!    قناة الجزيرة ... من يختار الضيوف ولماذا … ؟    بالصورة.. صحيفة "الغارديان" البريطانية تهاجم القيادي بمليشيا الدعم السريع "الربيع عبد المنعم" وتؤكد حذف حساباته على منصات التواصل الاجتماعي    إسرائيل تكشف رسميا عن خطتها على حدود مصر    شبح شفاف.. مفترق بين الترقب والتأمل    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    إظلام جديد في السودان    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حاسوب الدَّم .. بقلم: عمر الدقير
نشر في سودانيل يوم 10 - 06 - 2018

الأحداث الدامية التي شهدتها كلٌّ من منطقتي "حجير تنجو" و"قريضة" بجنوب دارفور - خلال الأيام القليلة الماضية - تتجاوز الحزن والأسى لتفتح كتاب تاريخ الإنقاذ الذي اختلط فيه حابل الدم بنابل الدمع، فما حدث في "حجير تنجو" و"قريضة" حدث مثله، وقبله بأيام، في معسكر "خمسة دقايق" بوسط دارفور، وسبقتهما إليه أماكن كثيرة - في دارفور وعموم السودان - نزفت من الدم ما يكفي لأن يجاوز سيله الزُّبى كلها .. ما يتبدل هو أسماء الشهداء والجرحى، بينما الجريمة واحدة يعاد إنتاجها في كل مرة برصاصٍ جديد وأمام شهود زورٍ جدد.
إذا كان التاريخ الإنساني عبارة عن حربٍ مستمرة وأن فترات السلم التي تخللتها ليست سوى هدنات لاستراحة المحاربين وتنظيف الأسلحة وإعادة شحذها ولجمع الغنائم، كما يقول ويل ديورانت مؤلف كتاب "قصة الحضارة"، فإن ما حدث في دارفور خلال أقل من عقدين "إنقاذِيَيْن" ربما فاق ما حدث طوال قرنٍ من قرونٍ سلفت من تاريخ السودان، ليس من حيث عدد الضحايا فقط، بل من حيث استرخاص دم الإنسان والتعامل مع الضحايا في معظم الأحيان كأرقام بلا أسماء كما لو أنهم قطعان كِبَاش.
المؤسف أن العبارة المعروفة: "من يعاني السياط على ظهره، ليس كمن يتسلى بعدِّها"، تغيرت وأصبح هناك من يعدُّ القتلى والجرحى بحيادٍ بارد كما يفعل حاسوبٌ أصم .. كأن كيمياءَ لعينةً قد نجحت في تحويل الدم إلى ماء، بعكس ما يقول المثل الشهير، فلم يعد هناك إحساسٌ أو إنفعالٌ يليق بنتائج حاسوب الدم، وصار الموت المجاني بالجملة مجرد كلمات شجبٍ وإدانة تحملها بيانات بعض قوى المعارضة أو يبثها نشطاء في وسائط التواصل الإجتماعي .. بينما يودع الضحايا الحياةَ بأعينٍ مفتوحة يحتشد فيها شعورٌ بالقهر والتخلي والخذلان لتكون النظرة الأخيرة أشبه بعتابٍ حزين لكنه جارح، وكأنها تقول: إن كان مثل هذا المشهد الراعف ينتهي على المستوى الأممي بالصمت وضَرْبِ الذكر عنه صفحاً، كما تفعل اليوناميد في كثيرٍ من المرات، وينتهي على المستوى الوطني بالبيانات وكلمات الإدانة للنظام فذلك بمثابة تحليق مرتفع وبعيد عن هذا الدم المسفوح .. وهو ردُّ فعلٍ غير رادع - إن لم يكن مشجعاً على التكرار -وربما لا يبتعد كثيراً عن لامبالاة شخصيات رواية نجيب محفوظ "ثرثرة فوق النيل" حين سأل أحدهم صاحبه: "متى تُحَل هذه القضية التي يسمونها الشرق الأوسط؟"، فأجابه قائلاً: "عندما يُعْلَن في الصحف أنها حُلَّت".
خلال فترة حكم نظام الإنقاذ، التي قاربت الثلاثة عقود، نهضت كثيرٌ من الدول المثيلة بحيوات شعوبها في واقع السياسة والإقتصاد والمجتمع بحيث أصبحت الحواسيب هناك تراقب معدلات الإنتاج وتقيس نسب التنمية وخدمات الصحة والتعليم والرفاه، بينما حاسوب الإنقاذ لا يعرف غير قياس معدلات الدم البشري المتدفق من شرايين القتلى الشهداء، بدءاً من مجدي محجوب وعلي فضل وضباط رمضان ثم أولئك الآلاف الذين زَكَمَ رماد أجسادهم المحترقة أنف السماء في دارفور والمنطقتين، مروراً بضحايا هبة سبتمبر وما قبلها وما بعدها من الحراكات الإحتجاجية والمطلبية السلمية - الذين أُهْرِقَتْ دماؤهم كما الماء في الشوارع والساحات - وليس انتهاءً بأطفال المناصير اليُفَّع الذين قضوا بلدغات العقارب مع انعدام الأمصال.
الجرائم لا تسقط بالتقادم، والمجازر لا يواريها غبار النسيان .. ولا بدَّ لشجرة الدَّم التي سقاها الشهداء والجرحى أن تطرح ثمارها ذات يوم، طال الزمن أم قصر.
*صحيفة "أخبار الوطن" - 10 يونيو 2018
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.