اذا قامت دولة مستقلة فى جنوب السودان فسوف تصبح قطر داخلى ( Inland Country ) لا تمتلك شاطئ على البحر وبالتالى ميناء للتصدير والاستيراد كما هو الحال الآن فى اثيوبيا بعد أن انفصلت عنها أرتريا ، أو الحال فى دولة تشاد ودول أفريقية أخرى مقفولة بالداخل لا منافذ لها على البحر . ومعلوم أن للدولة الداخلية مصاعب أقتصادية وقد تصبح رهينة للدولة التى تستورد وتصدر عن طريقها وهذا يتيح لدولة الميناء ان تتحكم فى أقتصاد الدولة الداخلية وقد يكون التحكم كاملاً بل أشبه بالحصار خاصة فى حالة دولة جنوب السودان التى يعتمد أقتصادها بالكامل على تصدير النفط مما يتيح للدولة صاحبة الميناء أن تتحكم بالكامل فى إقتصاد دولة جنوب السودان مما يمكن دولة الميناء لاحداث أنهياراً أقتصادياً وسياسياً فى جنوب السودان لو أرادت ذلك علماً بأن التصدير والأستيراد عن طريق الطيران مكلف للغاية بما لا يحقق اى جدوى أقتصادية . نورد فيما يلى بعض المصاعب الاقتصادية التى تواجه اى دولة داخلية : أولاً : زيادة كبيرة فى تكلفة الصادرات والواردات بما يقلل الفائدة إذ على الدولة الداخلية ان تدفع لدولة الميناء رسوم موانى ورسوم عبور أراضى وربما جبايات متعددة ومكلفة وكل ذلك يدفع بالعملات الحرة . ثانياً: قد تتعرض أنابيب صادر النفط للتخريب ذلك ان مسئولية حماية الانابيب خارج مسئولية الدولة الداخلية صاحبة النفط انما تحرسها دولة الممر التى تملك الميناء . ثالثاً : تصبح صادرات وورادات الدولة الداخلية عرضة وخاضعة للفحص والتفتيش والتأكد بواسطة دولة الميناء والعبور . خاصة فى حالات الشكوك بالممنوعات فى دولة العبور سواء كانت خمور او اسلحة مثلا وهذه عقبة يعتمد تذليلها على العلاقة بين الدولتين وهو أمر عرضه للابتزاز والمساومة رابعاً : اى اضطرابات او عدم استقرار او شغب بدولة الممر يؤثر سلباً على حركة صادرات وورادات الدولة الداخلية ويسوء الحال اكثر فى حالات الخلافات السياسية او الاقتصادية بين الدولتين وقد تحجز او تتحفظ دولة الممر على صادرات وورادات الدوله الداخليه كما ترتفع تكلفة التامين ( Insurance ) على البضاعة لتغطى المخاطر بدولة الممر مثال مخاطر الشغب والاضرابات والاضطرابات المدنية . خامساً : قد تتاخر بضاعة الدولة الداخلية ( صادرات وورادات ) فى حالة عدم كفاءة الميناء وحالة التكدس للبضاعة وسوء التخزين والتخليص وفى حالات وجود اولويات تعطى الافضلية والاسبقية لدولة الميناء فى الشحن والتفريغ وقد يكون التاخير متعمداً من دولة الميناء او لسبب الروتين والبيروقراطية وهذا قد يعرض البضاعة للتلف او النقصان وقد يتسبب فى نزاعات تجارية واخلال بالعقودات فى حالات التصدير او الاستيراد بعد التاريخ المحدد للشحن . سادساً : اذا غابت الشفافية فى دولة الميناء وساد فيها الفساد وسادت الرشاوى وغيرها فسوف تضرر الدولة الداخلية وتضطر لدفع رشاوى وتسهيلات على صادراتها وورادتها . سابعاً : اذا فرض المجتمع الدولى ( الاممالمتحدة ) عقوبات اقتصادية على الدولة صاحبة الميناء مثال ( حصار اقتصادى ) وهذا يعنى بالضرورة حصار على الدولة الداخلية ايضاً وهنا لا يجدى استثناء الدولة الداخلية من العقوبات الاقتصادية مثال ( دولة شمال السودان مهددة بعقوبات اقتصادية ودولة جنوب السودان مستثناة من العقوبات الاقتصادية ) . أخيراً : إذا استقل جنوب السودان واستمرت الحركة الشعبية تحكم الجنوب كما استمر المؤتمر المؤتمر الوطنى يحكم الشمال, فان احتمال التعاون الاقتصادى بين الدولتين سيكون ضعيفاً ان لم يكن معدوماً ومستحيلاً . ذلك ان الثقة منعدمة تماماً بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية خاصة فى قطاع البترول. كان هذا واضحاً خلال الخمسة اعوام الماضية حيث ساد وتراكم التشاكس بينهما واستمرت الحركة طيلة ذلك الوقت تتهم المؤتمرالوطني بانه يخدعها ولا يفصح عن تفاصيل عقود النفط الجنوبى . بل تتهمه بسرقة جزء من نصيب الجنوب فى نفط الجنوب ولا يشركها فى عمليات التصدير والمتابعة والاسعار والحسابات والكميات المنتجة والمباعة كما ان المؤتمرالوطنى حرمها تولى حقيبة وزارة النفط وهى ترى انها احق بها كون غالب النفط فى الجنوب وحاول المؤتمر الوطنى مراراً شراء نصيب الجنوب بالجنيه السودانى كما رفض بنك السودان المركزى فى الخرطوم ضمان اى قروض خارجية لحكومة الجنوب على الرغم من ان اموال عائدات صادر النفط الجنوبى تمر اولاعلى بنك السودان المركزى بما يمكنه من السداد من تلك الاموال لذلك فالارجح ان يختار الجنوبيون تصدير نفطهم عن طريق كينيا رغم التكلفة العالية بسبب المضايقات والتجربة المرة مع المؤتمر الوطنى وقد يفضلون ان لا يجربوا المجرب حتى لاتحيق بهم الندامه . أما اذا صدروا نفطهم الذى يعتمد اقتصادهم عليه بالكامل عن طريق كينيا فسوف يستغرق الأمر وقتاً وسوف يكونون ايضاً تحت رحمة النظام الحاكم فى كينيا بيد أنه من المتوقع ان يكون للشركات الصينية التى تستثمر فى جنوب السودان رأى فى الموضوع ذلك أن من مصلحة الصين ان تبنى خط انابيب جديد من جنوب السودان الى ممبسا وتقيم مصافى لتكرير النفط فى الجنوب وكل ذلك خصماً على عائد النفط الجنوبى الكائن فى باطن الارض والذى لم يستخرج بعد . محمد رشاد Mohamed Abdelrahim [[email protected]]