حبيب كان في الماضي يواسيني.. بإشفاق وأشواق يناجيني.. والحبيب هو (عائد البترول السوداني) الذي لا ندري أين تبخّر! ورغم أن هذا المقطع لا علاقة له بالبترول وعوائده بل هو في أغنية جميلة للفنان صاحب الصوت الجميل صلاح محمد عيسى وكلماتها للشاعر مهدي محمد سعيد.. وفيها يقول: تركني في دجى الأحلام حيرانا/ وقلبي يرسل الآهات ألوانا..الخ.. إلا أنه يجعلك تتذكّر قصة حزينة عادت للأضواء عبر تقرير حول تجاوزات خاصة بأموال البترول تبلغ 400 مليون دولار ورد في سياقها اسم شركة (سودابت) الذراع الحكومي في كونسيرتيوم النفط السوداني وشركة أجنبية اسمها (تراي اوشن) مقرها قاهرة المعز! ويشير قلم اقتصادي بالصحف إلى بيان للمدير السابق لشركة سودابت يزيد الأمور غموضاً، فهل يا ترى كان هذا الغموض مصادفة؟ آم انه كان غموضاً لا فكاك منه لانسجامه مع صميم قصة البترول السوداني ولم يكن مجرد (شبورة عابرة) بل سحابة سوداء أريد لها أن تكون ستاراً يخفي الشخوص المتحركة والحقائب المتنقلة..! ومهما أوتيت من (مفهومية اقتصادية) ستقف حائراً بين الخيوط المتشابكة حيث يقول الرجل في بيانه إن صفقة (تراي اوشن) ليست مع سودابت.. بل مع شركة تحمل صفة خليجية، وان تراي اوشن اشترت نصيب هذه الشركة ذات الاسم الخليجي في بترودار..وانقلب هذا النصيب ليصبح اسمه (تراي اوشن دار) وفي البيان أن وزارة الطاقة طلبت من تراي اوشن التنازل عن ما مقداره 2% لسودابت.. ثم طلبت الوزارة من سودابت الاتفاق مع تراي اوشن حول (التكييف القانوني) لإدارة هذه النسبة.. ولك أن تتخيل أن مدير سودابت حينها لم يكن يعلم شيئاً عن حيثيات وتفاصيل المفاوضات التي جرت بين وزارة الطاقة وتراي اوشن قبل إجازة اتفاقية الصفقة عن طريق وزارة الطاقة.. وحيث أن شركة تراي اوشن مقرها القاهرة جاء في جريدة الشرق الأوسط الدولية نقلاً عن وكالة إنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية أن النيابة المصرية قدمت مديري تراي اوشن لمحكمة الجنايات بتهمة اختلاس مليار دولار وتهريبها للخارج في أكبر قضية فساد وذكرت المتهمين بالاسم وعلى رأسهم محمد محفوظ الأنصاري العضو المنتدب للشركة! يا ترى هل للسودان نصيب في هذه الأموال باعتبار سابقة عمل هذه الشركة بالسودان؟! حاول أن تفهم ما استطعت..كيف يجوز تغييب سودابت عن تفاصيل صفقة تقوم بها وزارة الطاقة وتراي اوشن؛ في حين أن الوزارة هي التي طلبت في ذات الوقت من تراي اوشن التنازل عن 2% من حصتها لسودابت، وطلبت من سودابت الاتفاق مع تراي اوشن على إكمال الجوانب القانونية للصفقة! ماذا يفيد الناس بالله من تقاذف كرة المسؤولية بين شركة سودابت ووزارة الطاقة؟ ... إذا فهمت شيئا من الكلام أعلاه فأنت من أهل علم الاقتصاد، واذا فهمت نصف الذي جرى فأنت على معرفة لا بأس بها بعالم البترول.. أما إذا خرجت بنتيجة عمومية تغني عن التفاصيل وحمدها في بطنها.. فأنت (مؤتمر وطني)! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.