شاهد بالفيديو.. اللاعب بلة جابر: (هيثم مصطفى دخل في خلافات مع مدرب المنتخب الوطني بسبب "الثلج" وعندما عرف قيمته وأهميته بعد سنوات أصبح يشتريه من ماله الخاص)    شاهد بالفيديو.. الحكم السعودي "القحطاني" يرقص ويتفاعل مع أغنية الفنانة ندى القلعة التي تشكر فيها خادم الحرمين وولي العهد وشعب المملكة ويكتب: (ابشروا الى حدكم السودان راجع وبقوة ان شاء الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة فهيمة عبد الله تمنع الرجال من الصعود للمسرح لمنحها "النقطة" وأحدهم يسقط على الأرض بعد محاولته الوصول إليها    بيان لجنة الأمن بالشمالية حول الأحداث التي صاحبت ضبط القوات المستنفرة بالولاية وابقائها تحت إمرة القوات المسلحة    شاهد بالصورة والفيديو.. أحدهم وقف أمامه وأنشد قصيدة.. "تمثال" قائد الجيش "البرهان" يثير جدلاً واسعاً وسط تعليقات متباينة ما بين مشيدة ورافضة (الكاهن يستحق أكثر من ذلك ورجعنا لعبادة الأصنام)    من عامل يومية بسيط إلى رجل أعمال بثروة تقدر ب 7 مليار دولار.. قصة بداية رجل الأعمال والبر والإحسان أزهري المبارك صاحب مخيمات اللاجئين بالولاية الشمالية تثير تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل    ((لاتستهينوا بلوبوبو؟))    فينيسيوس يسير عكس ريال مدريد    عقار يبحث تعزيز العمل الإعلامي ويشيد بدور وزارة الثقافة والإعلام والسياحة والأجهزة الإعلامية في دعم القوات المسلحة    بعد انكشاف تورطها في السودان.. نشاط دبلوماسي أوكراني لاحتواء الفضيحة    توثيق جرائم السودان ينتقل لمرحلة حاسمة.. والفظائع ترصد من الفضاء    شاهد بالصور.. المقرئ السوداني الشهير "شيخ الزين" يثير تفاعلاً إسفيرياً واسعاً بعد ظهوره بإطلالة شبابية ب"الجينز" والجمهور: (أنيق تبارك الله ما يسحروك وأعمل حسابك واتحصن من عين البنات)    شاهد بالصور.. القيادية بالحرية والتغيير حنان حسن تسخر من "تمثال" البرهان: (ناس الفتوشوب..قعدوني محل التمثال) وأحد متابعيها يستجيب لطلبها    انعقاد الجمعية العمومية لنادي الأمل بورتسودان    توضيح من المكتب الصحفي لوزارة الثقافة والإعلام والسياحة    المريخ يصع اللمسات الرئيسية للقاء كييوفو الرواندي    أطباء ينصحون بتقوية المناعة قبل دخول الشتاء    لا يكفّ الوليد مادبو عن توريط نفسه في كل حرف يكتبه أو ينطقه    تخريج دفعة من المستنفرين بمعسكر الشهيد مهند إبراهيم بمحلية مروي    لاعبو ليفربول "يفسدون" احتفال صلاح بليلته التاريخية    تواصل تسجيلات اللاعبين لأندية الإنتساب بحلفا الجديدة    تمثال الجندي العائد .. رمزية تتجاوز السياسة    شاهد بالفيديو.. في لقطة تصدرت "الترند" على مواقع التواصل السودانية.. محترف الهلال جان كلود يستعرض مهاراته ويهين لاعب المولودية ويتلاعب به ويسقطه على الأرض    تحديث «إكس» يفضح مواقع إنشاء حسابات قادت حملات سلبية ضد السعودية    زراعة الخرطوم ومنظمة الفاو تنفذان حملة تطعيم الماشية بولاية الخرطوم    ادارة مكافحة المخدرات ولاية النيل الابيض تضع حدا لنشاط شبكة إجرامية متخصصة في الإتجار وتهريب الحبوب المخدرة    أكبر هبوط شهري منذ انهيارات الكريبتو في 2022.. لماذا ينهار سوق العملات المشفرة الآن؟    إدارة مباحث كسلا تفكك شبكة إجرامية لتهريب البشر يتزعمها أحد أهم المطلوبين الهاربين من السجن    هذا المبلغ مخصص لتكملة مشروع مياه القضارف وتتلكأ حكومة الولاية في استلامه لأسباب غير موضوعية    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    أمريكا تفتح بوابة الرقاقات المتقدّمة أمام G42    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    شاهد.. صور ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان مع علم السودان تتصدر "الترند" على مواقع التواصل والتعليقات تنفجر بالشكر والثناء مع هاشتاق (السودان بقلب بن سلمان)    تسيد السعودية للإقليم خلال العقد القادم    الطيب صالح ناهض استعلاء السلطة عبر "الكتابة السوداء"    استئناف حركة المرور في معبر الرقيبات بين دارفور وجنوب السودان    البحر يبتلع عشرات السودانيين الهاربين من جحيم بلادهم    دونالد ترامب يفجّرها حول حرب السودان    قرار لسكان الخرطوم بشأن فاتورة المياه    السودان يعلن وصول شحنة من هولندا    فريق ميداني متخصص من إدارة مباحث ولاية كسلا يسدد بلاغ خاص بسرقة عربة بوكس    الذكاء الاصطناعى وإرضاء الزبون!    بالصورة.. صحيفة "الغارديان" البريطانية تهاجم القيادي بمليشيا الدعم السريع "الربيع عبد المنعم" وتؤكد حذف حساباته على منصات التواصل الاجتماعي    شبح شفاف.. مفترق بين الترقب والتأمل    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بل هي إسلاميات سيدتي الوزيرة انتصار صغيرون .. بقلم: د. قاسم نسيم حماد حربة
نشر في سودانيل يوم 11 - 09 - 2019

استمعت كغيري إلى ما قالته بروفسور انتصار الزين صغيرون وزير التعليم العالي على قناة سودانية 24 في ردها على سؤالٍ للمذيع حيث عبرت عن انزعاجها من قضية المذاهب الأربعة وأن الدين الإسلامي واحد وألَّا داعي لانقسام الناس إلى أنصار سنة وشيعة ولا داعي للتحزب، ثم عادت وأكدت على أن الدين واحد ولا داعي للتعدد فيه ولماذا أخوان مسلمين وهي مسلمة... هذا تحرير لمقالتها، ورغم أن بمقالتها أكثر من وجه يمكن القول فيه إلا أن ما يعنينا فيها استنكارها للتعدد المذهبي والفقهي والجماعاتي، وأن للإسلام سمت واحد، ولنا قول في مقالتها يخالفها، نودُّ تبيينه هنا، لكن هذا لا يقدح فيها أبداً، فسيدتنا عالمة جليلة في مجال الآثار ومقدمة في علمها وتخصصها ولا مشاحاة في ذلك ولها إسهامات جمَّعة في مجال الآثار السودانية شرفت بلادنا، لكن ليس في وسع امرئ الإحاطة بجميع المعارف مهما بلغ به علمه ومعرفته، وما كان لي أن أعقب على قولها-تأدبا وإقراراً بفضلها- لولا ارتباطه بقضايا مهمة من قضايا الإصلاح الديني والمجتمعي الذي تبتغيها الثورة، وتتطلبها جدل الصراع في السودان، ويتأكد لي التعقيب وسيدتنا تتربع على عرش وزارة التعليم التي لها نصيب الأسد في إحداث التغيير والإصلاح المنشود، حيث أن وزارة التعليم أكبر المجالات التي حدثت فيها تعرجات تستوجب الإصلاح، وهي مناطة بتربية الأجيال وإقامتهم على هدىً من المعرفة، وبصيرة من التنوير.
التعدد في الإسلام ومذاهبه بيِّنٌ وواضح ومطلوب، ولو كان الفقه واحدا لا يعتريه تغيير لما توسدت المرأة سدة الوزارة ولما انطلقت من بيتها تزاحم الرجال في كافة المجالات ولما عدلت شهادتها شهادة الرجل، ولبقيت مرتهنة بقوامة الرجل، ولبقيت على حالها حين تنزَّل القرآن قيد ثقافة القرن السابع وجغرافية الوحي، ولبقي الرّق معمولا به والجزية تجرى على غير المسلمين .
لم يفسر الرسول الكريم (ص) القرآن، وإلا كان سيعتقله، وتنتهي فاعلية الرسالة الزمانية والجغرافية، فلا تصلح إلا لتلك البقعة الصحراوية في الجزيرة العربية في القرن السابع لا تتقدمه، ولما بلغتنا الرسالة أبدا، ولربما سمعنا عنها فقط سماعا تاريخياً، فالقرآن حمال أوجه، يسند هذا القول لعلي بن أبي طالب، وهذا مطلوب في حد ذاته فلا ينقطع مدده، ولا تحدُّ تأويلاته، ولم يتوقف فقه الإسلام منذ تنزله، وتجلى ذلك عند الصحابة فنجد آراءهم واختلافاتهم الفقهية مبثوثة في بطون كتب التراث، ثم ظهرت آراء الفقهاء ما قبل ظهور المذاهب الأربعة في شكل مدارس معروفة، ثم ظهرت المذاهب الأربعة ثم المذهب الظاهري الذي يعد خامس المذاهب السنية، وظلت هذه المذاهب تنتج مجتهدين وآراء كل فترة لتستوعب تطور تلك الفترة، ولتستجيب لضرورات اختلافات مجتمعاتهم وثقافاتها، حتى استقبلتنا الألفية الثالثة فظهرت الاتجاهات الحداثية لتستجيب لحاجات مجتمعاتها وثقافاته. وإلى جانب المذاهب الفقهية ظهرت منذ القرن الأول المذاهب العقدية من سنة وشيعة وخوارج ومعتزلة والقائمة تطول ولا تكاد تنقضي ، وهذه المذاهب أيضاً استجابات لوعيهم بالقرآن، لكن يقف خلف وعيهم ذلك ثقافات بيئاتهم التي نشأوا فيها، فالناس تستقبل الأديان وفق ثقافاتها، وهذا مبحث طويل يكفينا فيه هذا النزر.
والسودانيون أشاعرة المعتقد، مالكية المذهب، وكل المغرب العربي على ذلك، لكن تسلل إليهم المذهب الحنبلي المتشدد قريباً، حيث أن جماعة الإخوان في أصلها الفقهي حنبلية، وإن لم يظهر هذا للغالبة من الناس، ويمكن لمن أراد التوسع في هذا الشأن الاستزادة من كتب الأستاذ ثروت الخرباوي وهو قيادي سابق في جماعة الإخوان المصرية حيث كشف عن علاقة الجماعة بمؤسس المملكة الملك عبد العزيز بن سعود ودعوته، لكنهم لا يهتمون كثيراً بإظهار ذلك استجابة لقول المؤسس الشيخ حسن البنا "فلنتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه" حيث همهم الأكبر فكرتهم حول الإسلام والدولة والمجتمع ومفهوم التربية، لكن أكثر قراءاتهم في فقه وفتاوى ابن تيمية، وهو حنبلي، لذا تسلل التشدد إليهم خاصة في طائفة منهم تعرف بالقطبيين، وقد انتشر المذهب الحنبلي في السودان ليس باسمه، إنما تحت راية الأخذ بالدليل من الكتاب والسنة، وتسللت آراء المدرسة الحنبيلة في مناهج الدرس في المدارس والجامعات ، خاصة فيما يتعلق بالذات والصفات.
لكني أذهب أبعد من ذلك مستنداً على ذات القاعدة التي تعلل اختلاف المذاهب وهي اختلاف البيئة والزمن، فالمذاهب أُنتجت في بيئات الجزيرة العربية وتفاعلت مع ثقافاتها فولجت إلينا محملة بتلك الثقافة، والدين في أصله لا ثقافة له وإلا كان بشريا لا إلهياَ، والثقافة إنسانية، وأكبر دليل على ذلك أن القرآن الكريم تخلو منه الكلمات التالية (الشرف، النخوة، المروءة، الشهامة، العِرض) رغم أن هذه الكلمات مدار الشعر العربي حيث لا تجد قصيدة تخلو منها، وهي محور الثقافة العربية كلها، وهذه الكلمات في البيئات الأخرى غير محمَّلة بالمدلول العربي، فشرف العربي في بنته وأخته وزوجه، لكن شرف الياباني في عمله... وهكذا، فإن وُجِدت هذه الكلمات في القرآن الكريم فهذا يعني أنَّ القرآن كتبه محمد، لأنه لا يستطيع أن يخرج عن ثقافة بيئته أبداً، وخلو القرآن من تلك الكلمات يؤكد تنزُّله السماوي، وهذا يُفْهِمُنا أن الله تعالى لا يُريد منا أن نصبح عرباً حين أنزل القرآن، وإنما يريد منا أن نصبح مسلمين فقط محتفظين بقومياتنا، قلنا إنه حينما يتفاعل الدين مع الثقافة ينتج تلك الثقافة الملتحفة بذاك الدين، وهذا ما حدث، وحين وفد الإسلام إلينا وفدنا إسلاما عربيا لم يُبيئ سودانياً ، فإن قبلتَه هكذا فقدتَ ثقافتك واستعربت، وهذا ما حدث في الشمال، لكن حدث الصراع في البيئات التي تعلو فيها الثقافات الإفريقية، وإن كان ما يقوله بعضهم عن الأصل الكوشي لمجموعة الجعليين الكبرى صحيحاً وسعادة البروفسور انتصار على رأسهم، فإني أجزم أنَّ سبب استعرابهم واتخاذهم النسبة العربية هو اعتناقهم الإسلام بتلك الصورة، وقضية النسبة العربية نجدها أيضاً في البيئات الإفريقية التي لا تزال على إفريقيتها لكنها اتخذت الإسلام دينا من أمد، مختزلة في بيوتها التي ورثت الحكم في الفور ونوبة العباسية تقلي وبيت الفونج الحاكم، وهذا دليل كافٍ على تلازم العروبة والإسلام.
لكن رغم ذلك غالبت الثقافة السودانية الثقافة العربية الإسلامية التي وفدت إليها وما فتئت تسودنها حتى صارت على نحو سوداني أو قريبٌ من ذلك، وهذا ما كان عليه التدين السوداني حتى مطلع الثمانينات ويُطلقُ المثقفون عليه الدين الشعبي، مما أمدها بطاقة أقدرتها على الانتشار في بيئات إفريقية جديدة في جولة جديدة، لذا انتشر الإسلام جنوبا بتلك السماحة الإسلامية السودانية الكريمة، حتى صحونا على دعاةٍ يبثون بيننا نسخاً من الإسلام الأرثوذكسي، وما فهموا أن نسختهم تلك ما هي إلا دين شعبي من مناطق بالجزيرة العربية، ظنوا فيه الصحة لما رأوا من تقعيدٍ له وتسطير في كتبه، وظنوا أنَّ من تفتَّق عنه التفاعل الثقافي السوداني أنما هو غي وزيغ في كافة جوانبه، وما زالت تلك الجماعات تتدفق، ويرتحل بعض السودانيين طلباً للعيش في بلاد الجزيرة العربية فيأتوننا بتلك النسخة بإدعاء ألَّا تجليات للإسلام غيرها، فيغذوا رافد الجماعات هنا، فيزداد اغتراب التدين السوداني في بيئته ويزداد إضعافه، ويزداد انطماس الثقافة والتراث السوداني بحجة مخالفتها لصحيح الدين.
استجابة لمقتضى الجغرافية والزمن فإننا نحضُّ على إسلام سوداني، بذلك نحافظ على تميزنا الثقافي ونصبح أكثر استجابة لتقبل بقية الثقافات السودانية التي لا تزال تقف على عتبة الثقافة السودانية الجامعة لا يؤذن لها بالولوج بحجج أرثوذكسية، وندعو إلى نفي بعض ما أُدخل في المناهج الدراسية الدنيا أو العليا على السواء مما يخالف العقيدة الأشعرية التي ينتمي غالب شعب السودان إليها، وهي عقيدة الأئمة الأربعة وبعد ذلك يمكن البناء والاستحداث والسودنة عليها بما يتفق مع روح الإسلام عليها. فهي أرحب استجابة.
قاسم نسيم حماد حربة
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.