شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالفيديو.. وسط حضور مكثف من الجيش.. شيخ الأمين يفتتح مركز طبي لعلاج المواطنين "مجاناً" بمسيده العامر بأم درمان    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الرد على دعاوى حمله تشويه صوره علم السودان .. بقلم: د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه في جامعه الخرطوم
نشر في سودانيل يوم 18 - 09 - 2019

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
تمهيد: تهدف الدراسة إلى الرد على دعاوى حملة تشويه صوره العلم السوداني الحالي ( والتي تشمل – على سبيل المثال لا الحصر - تصويره كنسخه مطابقة لأعلام دول عربيه أخرى، وترديد القول بأنه لا يعبر عن علاقة الانتماء الوطنية السودانية ، وانه مفروض على الشعب السوداني، والسخرية منه "حتى شبهه بعض منظري الحملة بأنه يشبه جلباب دراويش المهدية ، في استهزاء واضح بالثورة المهدية احد ابرز معالم تاريخ السودان الحديث " ، وتجريده من قيمته الرمزية حتى أصبح عند بعض منظري الحملة مجرد قطعه قماش " دلقانه "...). وهذه الحملة هي جزء من حمله اكبر تستهدف تشويه الرموز" الوطنية والقومية والدينية والتاريخية..." للبنيه الحضارية للشخصية السودانية.
وهى حمله تقف من وراءها العديد من القوى أهمها – على المستوى النظري- مذهب محاوله نقض البنية الحضارية لهذه الشخصية ، وهو نتيجة فكريه تلزم منطقيا - وبصرف النظر عن النوايا الذاتية - من مذاهب متعددة مختلفة - وقد يصل هذا الاختلاف إلى حد التناقض- ومضمون هذه النتيجة هو محاوله نقض البنية الحضارية للشخصية الحضارية العامة السودانية ، من خلال محاوله إلغاء بعض علاقات انتمائها المتعددة - والتي تمثل هياكل هذه البنية الحضارية - وأهمها :أولا: علاقة الانتماء الاسلاميه ، كعلاقة انتماء ذات مضمون ديني - حضاري ، فالإسلام دين و حضارة، وإذا كان الإسلام كدين مقصور على السودانيين المسلمين، فانه كحضارة " ساهم في تكوين العادات والتقاليد السودانية"، يشمل السودانيين المسلمين وغير ومسلمين . ثانيا:علاقة الانتماء العربية كعلاقة انتماء قوميه ، ذات مضمون لغوى /ثقافي- وليس عرقي - ومضمونها أن اللغة العربية هي اللغة القومية المشتركة ، للجماعات القبلية والشعوبية السودانية ، بصرف النظر عن أصولها العرقية، ولغاتها الشعوبية ولهجاتها القبلية الخاصة. فبعض هذه المذاهب يلزم منها محاوله إلغاء علاقة الانتماء الأولى"الاسلاميه"، وبعضها يلزم منها محاوله إلغاء علاقة الانتماء الثانية"العربية"، وبعضها يلزم منها محاوله إلغاء كلاهما ، والنوعين الأخيرين من هذه المذاهب هي التي تقود حمله تشويه صوره العلم السوداني الحالي. وهذا المذهب يخدم – موضوعيا وبصرف النظر عن النوايا
الذاتية لأنصاره - النظم والقوى العالمية و الاقليميه التابعة لها ،
والتي تقف وراء مشروع الشرق الأوسط الجديد " الامبريالي – الصهيوني" ، والذي يهدف إلى الارتداد بالنظام السياسي العربي، من مرحله التجزئة على أساس شعوبي " الدول الوطنية العربية "، بعد اتفاقيه "سيكس – بيكو " ، بين قوى الاستعمار القديم (بريطانيا وفرنسا) ، إلى مرحله التفتيت على أساس طائفي / قبلي – عشائري " الدويلات الطائفية "، مع بقاء إسرائيل كحارس لهذا التفتيت . هذا المشروع الذي كانت بدايته الحقيقية بعد تولى الرئيس/ محمد أنور السادات السلطة في مصر بعد وفاه الزعيم جمال عبد الناصر عام 1970، وارتداده – بدعم من الغرب بقياده الولايات المتحدة الامريكيه والكيان الصهيوني- عن سياساته التي جسدت-على وجه الإجمال- الاراده الشعبية العربية ،وغاياتها في الحرية والوحدة والعدالة الاجتماعية ،واتخاذه مواقف نقيضه لها ، ثم تبنى عدد من الانظمه العربية لهذه
المواقف- ومن هذه الانظمه نظام الرئيس نميرى في فتره حكمه الثانية - نبذه تاريخيه عن كيفيه اختبار تصميم العلم القديم والحالى:
ا/ المصممة الاصليه للعلم القديم مواطنة سودانية وتم اعتماده بعد اقتراح زوجه الحاكم العام البريطاني: هناك روايتان حول كيفية اختيار العلم
القديم: الرواية الأولي روتها الحاجة / السريرة مكي عبد الله الصوفي ، ومضمونها أنها بعد صدور قرار إعلان الاستقلال من داخل البرلمان قامت بإعداد قصيدة بعنوان " يا وطني العزيز اليوم تم جلاك"، وتصميم لعلم يحمل ثلاثة ألوان: الأزرق يعني الحياة والأصفر امتداد الصحراء والأخضر رمز النماء والخصوبة الزراعية، وأنها أرسلت القصيدة وتصميم العلم مع أخاها حسن للإذاعة ،وتمت إذاعة القصيدة ، ولكنها لم تعرف شيئا عن مصير تصميم العلم ،حتى فوجئت برفع علم بذات التصميم على سارية القصر الجمهوري في احتفال إعلان الاستقلال 1/1/ 1956 ، وانه لم يتم الاشاره إليها باعتبارها مبتكره هذا التصميم . الرواية الثانية انه في نوفمبر من عام 1955، اجتمع نواب الجمعية التأسيسية ليناقشوا شكل العلم القادم ، واختلف الأعضاء في الاقتراحات التي قدمت أمامهم، وراح كل حزب يصر علي أن تصوره للعلم هو الأحسن. وفي ظل الخلافات الكبيرة بين الأعضاء في الجمعية التأسيسية وعدم اتفاقهم علي تصور معين للعلم السوداني المرتقب ،أصبح الكل في السودان قلق للغاية مما يحدث بالبرلمان من مناوشات عقيمة قد تؤدي إلي تأجيل يوم رفع العلم من علي السارية بالقصر الجمهوري ، وبالتالي إلي تأجيل إعلان الاستقلال والاحتفالات الرسمية والشعبية به. وفي بادرة شخصية منها قامت زوجة الحاكم العام البريطاني بالخرطوم ( روبرت هاو ) بمقابلة السيد/ عبد الرحمن المهدي بالسرايا بامدرمان، و تقدمت بمقترح لحل أزمة العلم ، ومضمونه تصميم لعلم ذو ألوان ثلاثة "الأزرق، والأصفر، الأخضر "، تمثل تضاريس الأقاليم السودانية "النيل والصحراء و الغابة"، ولا يحمل اى علامات سياسية أو رموز دينية ، قد تكون محل خلاف بين الأحزاب . ونقل السيد/ عبد الرحمن التصميم للجمعية التأسيسية وعبر أعضاء حزب الأمة فيه. وتم عقد جلسة لمناقشته استمرت لمدة أربعة ساعات تمت فيها إجازته . وظل هذا التصميم هو التصميم المعتمد من الدولة للعلم من 1 يناير 1956 وحتى 20 مايو 1970 ، حيث تم استبداله بالتصميم الحالي للعلم.ويمكن التوفيق بين الروايتين من خلال
تقرير:أولا: أن المصممة الاصليه للعلم القديم هو المواطنة السودانية الحاجة / السريرة مكي عبد الله الصوفي ، أو على الأقل لها الاسبقيه في تصميمه . ثانيا: أن هذا التصميم للعلم تم اعتماده رسميا بعد اقتراح من زوجه الحاكم العام البريطاني روبرت هاو، بصرف النظر عن كونها هي من قامت بتصميمه - فتوافق التصميم مع تصميم الحاجة ألسريره - أو أنها اطلعت على التصميم الاصلى ، ونقلت فكرته للبرلمان عبر السيد/ عبد الرحمن المهدي –وهو ما نرجحه - ب/ اختيار تصميم علم السودان الحالي: اعتمد تصميم علم السودان الحالي في
20 مايو 1970 ، وذلك بعد أن قررت حكومة الرئيس الأسبق/ جعفر محمد نميري اختيار علم جديد للدولة ، من خلال مسابقة عامة مفتوحة للجمهور، شارك فيها فنانون تشكيليون ووزراء ومواطنون عاديون، وفاز التصميم الذي قدمه الفنان التشكيلي/ عبد الرحمن أحمد ألجعلي، الذي تخرج عام 1970م، في كلية الفنون الجميلة والتطبيق التابعة لمعهد الخرطوم الفني، بالخرطوم، قسم الجرافيك، من ضمن 72 نموذجاً ،تأهلت للفرز الأخير من قبل لجنة شُكِلت خصيصاً لهذا الغرض، ونال التصميم الفائز مبلغ عشرة جنيهات سودانية كجائزة،ورُفع العلم بالتصميم الجديد لأول مرة خلال احتفالات الذكرى السنوية الثانية لثورة مايو .
ج/ دلالات الألوان في تصميم العلم الحالي: تم تفسير الألوان الأربعة للعلم على النحو التالي:
أولا: اللون الأحمر : يرمز لدماء شهداء الوطن،ومنهم شهداء معركة كرري "حوالي 50 ألف شهيد" ، وشهداء مقاومة الاستعمار وشهداء القوات المسلحة.
ثانيا:اللون الأبيض : ويرمز لنقاء السريرة ونبل الطباع والسجايا الصافية والوفاء، وهو أيضاً يرمز للسلام والوئام. كذلك هو لون جمعية اللواء الأبيض، التي وقفت ضد الاستعمار البريطاني ونادت بوحدة وادي النيل.
ثالثا:اللون الأسود:هو اللون الذي اشتق منه اسم بلاد السودان ويجسد الشجاعة والاعتزاز بالوطن والتراث ويرمز أيضاً للانتماء إلى قارة افريقيا.
رابعا: اللون الأخضر : ويجسد نماء البلاد وثرواتها الطبيعة التي يمكن أن تجعل منها سلة غذاء العلم.
دلالات مجموع الألوان: وتشكل الألوان الأربعة معا ألوان أعلام الثورة المهدية ، التي تمخض عنها قيام أول دولة سودانية مستقلة بعد الحكم التركي.
الرد على دعاوى حمله تشويه صوره العلم: وفيما يلي نرد على الدعاوى التي تستند إليها حمله تشويه صوره العلم السوداني الحالي ، من خلال بيان أنها كدعاوى مجرد افتراضات غير صادقه واقعيا "مخالفه للواقع"، وغير سلميه منطقيا " متناقضة " .
الدعوة للعودة إلى العلم القديم وتجاهل التطور التاريخي: الهدف – القريب- لحمله تشويه صوره العلم السوداني الحالي هو إلغائه ، سواء بتصميم علم جديد (وهو رأى قله من منظري ومروجي الحملة )، أو بالعودة إلى العلم القديم (وهو رأى الاغلبيه الساحقة من منظري ومروجي الحملة) ،غير أن الدعوة إلى العودة إلى العلم القديم تتجاهل التطور التاريخي.
فهناك أجيال من السودانيين نشأت وعاشت تحت ظل العلم السوداني الحالي
"نصف قرن" (1970 - 2019).
وتصميم العلم القديم قد تم اختياره من طرف دوله الجابون مع تغيير طفيف
في ترتيب الألوان.
كما أن وحديد القرن "الخرتيت" الرمز الملازم للعلم القديم قد انقرض في السودان.
كما أن العلم القديم كان يعبر عن دوله تشمل شمال السودان وجنوبه (اللون
الأصفر يدل على الصحراء التي ترمز للشمال ،واللون الأخضر يدل على الغابة التي ترمز للجنوب) ،وهو واقع كان متحققا حينها، ولكنه لم بعد موجودا بعد انفصال جنوب السودان.
كما أن العلم القديم أصبح علم خاص بحزب معين هو الحزب الاتحادي
الديموقراطى بفصائله المتعددة.
أوجه الخطأ في القول بان العلم السوداني الحالي هو شعار لحكم الإنقاذ:
ا/ لم يتم تصميم العلم السوداني الحالي خلال فتره حكم الإنقاذ، بل هو سابق عليه كما هو ثابت تاريخيا ومعلوم للجميع.
ب/ قبل حكم الإنقاذ بالعلم السوداني الحالي كأمر واقع، ولكنه لم يكن يعتبره علم يعبر عن إيديولوجيته (اى مذهب التفسير السياسي للدين " الذي يعبر عنه البعض خطا بمصطلح "الإسلام السياسي" ، والذي يختزل الدين في بعده السياسي)، واتساقا مع هذه الايديولوجيه تبنى مذهب " إيجاب اتخاذ جميع المسلمين علم معين واحد" - والذي سنبين لاحقا أوجه الخطأ فيه ، وانه لا أساس شرعي له - بل أراد تغييره بعلم يعبر عن إيديولوجيته ، ولكنه خاف من عواقب القيام بذلك.
ج/ كما أن القول بان إيديولوجيه حكم الإنقاذ "مذهب التفسير السياسي للدين" ، تقوم على إقرار علاقة الانتماء القومية "العربية " للشخصية السودانية – وبالتالي فانه كان متصالحا مع تعبير العلم الحالي عن هذه العلاقة، من خلال تشابهه مع أعلام دول عربيه أخرى، قول غير صحيح من عده
أوجه:
اولا: أن إيديولوجيه حكم الإنقاذ كانت تستند إلى مذهب "إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي" ،والذي يرتب على إقرار علاقة الانتماء الاسلاميه، إنكار علاقات الانتماء الأخرى، بما فيها علاقة الانتماء القومية "العربية" ، لأنه يجعل العلاقة بينهما علاقة تناقض وإلغاء- بينما العلاقة الصحيحة بينهما هي علاقة تكامل وتحديد- ومرجع ذلك ان هذا المذهب يقوم على افتراضين خاطئين :الأول هو أن الإسلام ينكر وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة،وهو افتراض يتعارض مع حقيقة إقرار الإسلام كدين لوحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة "كالأسرة والعشيرة والقبيلة والشعب كما في قوله تعالى (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا )، الافتراض الثاني أن الإسلام ينكر علاقات الانتماء إلى وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي وهو ما يتعارض مع إقرار الإسلام كدين لعلاقات الانتماء إلى وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي ( ومنها علاقة الانتماء القومية …) ومن أدله ذلك فى السنة النبوية ورد في الحديث سأل واثلة قال: (يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه) قال (لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم) (رواه أبن ماجه والإمام أحمد).
ثانيا: هذا القول يخلط بين مذهب العصبية القبلية العربية،والذي يجعل معيار العروبة معيار عرقي – وليس معيار لساني – ثقافي- والذي استندت إليه قطاعات من نظام الإنقاذ –كانعكاس كواقع اجتماعي متخلف وليس كإيديولوجيه رسميه –وإقرار علاقة الانتماء العربية للشخصية السودانية كعلاقة انتماء قوميه ، ذات مضمون لغوى /ثقافي- وليس عرقي - ومضمونها أن اللغة العربية هي اللغة القومية المشتركة ، للجماعات القبلية والشعوبية السودانية ، بصرف النظر عن أصولها العرقية.
د/ اتساقا مع ما سبق لم يسلم العلم السوداني الحالي من الهجوم عليه طوال فتره حكم الإنقاذ، سواء من طرف بعض قاده وأنصار النظام أو غير المنتمين إليه كما هو معلوم – وما مشهد إلقاء رأس النظام" الرئيس المخلوع عمر البشير" لذات العلم ببعيد عن الأذهان - ه/ وفى كل الأحوال فقد قام الشعب السوداني - أو بالأحرى قطاعات واسعة منه
- بتفجير ثوره 18 ديسمبر 2019 ضد حكم الإنقاذ بصوره تلقائية- ثم
لحقته بعد ذلك كيانات نقابيه وسياسيه مختلفه- رافعا العلم السوداني الحالي، لأنه يريد تغيير نظام سياسي معين، وسياساته الخاطئة - وبالتبعية
رموزه- ولا يريد القضاء على مؤسسات الدولة - التي هي ملكه في نهاية الأمر
- وبالتبعية ورموزها ومنها العلم - أو نقض بنيته الحضارية ، بإلغاء علاقات انتمائه المتعددة" الوطنية والقومية و الدينية " ورموزها...
تشابه لا تطابق:
إن تصميم علم السودان الحالي لا يتطابق مع تصميم اى علم أخر لدوله أخرى
"عربيه أو غير عربيه"، لكنه يتشابه مع أعلام دول "عربيه وغير عربيه".
والفرق بين التطابق والتشابه أن الأول عدم وجود اى اختلاف، بينما الثاني وجود أوجه اشتراك و أوجه اختلاف. وفى الحقيقة لا يوجد تصميم علم دوله يتطابق مع تصميم علم دوله أخرى، وإلا لم يعتمد من المنظمات الدولية.
إذا كان تصميم العلم الحالي يشبه تصميم أعلام دول عربيه " كمصر والعراق
واليمن وسورية والأردن وفلسطين ودولة الإمارات العربية المتحدة "، فان ألوانه موجودة أيضاً في أعلام دول غير عربيه ( أفريقية مثل مالاوي وكينيا... وآسيوية مثل أفغانستان...)
فأعلام الكثير من الدول تتشابه ، بعضها توجد بينها روابط موضوعيه
،وبعضها لا توجد بينها روابط موضوعيه. على سبيل المثال لا الحصر أعلام :
تشاد ورومانيا/ السنغال ومالي/ إندونيسيا وموناكو/ نيوزيلندا وأستراليا/ أيرلندا وساحل العاج/ النرويج وأيسلندا/ فنزويلا والإكوادور وكولومبيا / ولوكسمبورغ وهولندا...
أن سبب تشابه علم السودان مع أعلام دول عربيه أخرى، أن هناك روابط
موضوعيه "دينيه،حضاريه، تاريخيه..."، تربط الشعب السوداني بغيره من شعوب الامه العربية المسلمة، اى انه نتيجة استدعاء مصمم العلم والذين اختاروا هذا التصميم " الشعوري – أو اللا شعوري" لهذه الروابط.
أن السبب الحقيقي وراء تشويه أنصار مذهب محاوله إلغاء علاقة الانتماء
العربية للشخصية السودانية ، لصوره العلم السوداني الحالي ، هو تشابهه مع أعلام العديد من الدول العربية- كما اشرنا أعلاه- بعبارة أخرى هو
محاوله- فاشلة - لإلغاء الروابط الموضوعية"الحضارية، التاريخية، الجغرافية ، الدينية.."، التي تربط الشعب السوداني بغيره من شعوب الامه العربية المسلمة.
وما يدلل على أن حمله تشويه صوره العلم السوداني الحالي حمله منظمه
تقف وراءها قوى عالميه وإقليميه لتحقيق أهداف مشبوه- بصرف النظر عن النوايا الذاتية لكثير من مروجي الحملة - أن ذات الحملة توجد في الكثير من الدول العربية الأخرى، وبدعاوى قريبه من دعاويها، فالهدف هو محو مرحله التحرر القومي العربي من الاستعمار" القديم والجديد"الامبريالي"
والاستيطاني "الصهيوني" بقياده الزعيم جمال عبد الناصر من ذاكره الشعوب العربية ، بهدف تهيئه هذه الشعوب لقبول مشروع الشرق الأوسط الجديد "الامبريالي الصهيوني".
اختلاف دلالات الألوان:
أن دلالات الألوان المشتركة في أعلام الدول العربية مختلفة: ففي علم
الإمارات يدلّ اللون الأبيض على السلام، اللون الأسود يدل على محاربة الأعداء، اللون الأحمر يدل على الشجاعة فيما اللون الأخضر يدل على التفاؤل في الحياة. وفى علم مصر: يدل اللون الأحمر على الإشراق والأمل والقوة، فبما يدل الأبيض على النقاء، ويدل الأسود على ظلام عصور التخلف والاستعمار التي تخلصت منها مصر . وفى علم الأردن يدل اللون الأسود على راية الدولة العباسية، والأبيض على راية الدولة الأموية، والأخضر على راية الدولة الفاطمية، والأحمر يدل على السلالة الهاشمية.
رغم تشابه علم السودان الحالي مع علم فلسطين إلا أن دلالات الألوان في
العلمين مختلفة:حيث كان لهذه الألوان دلاله تاريخيه هي عهود التاريخ الاسلامى المختلفة"العهد الاموى،العباسي، الفاطمي..."، كما أعطيت دلالات معاصره منها: الأسود يدل على الظلم الذي يعانيه شعب فلسطين جراء الاغتصاب الصهيوني لوطنه ، الأبيض يدل على السلام والمحبة وهي رسالة الأنبياء الذين بعثوا على ارض فلسطين ،الأخضر يدل على الخير والنماء والبركة والأمل بالمستقبل ، الأحمر يدل على الشهادة والتضحية والعطاء .
وفى كل الأحوال ما المشكلة في تشابه علم السودان الحالي مع علم فلسطين،
أليست القضية الفلسطينية هي قضيه كل العرب والمسلمين المركزية، أم أن الهجوم على العلم الحالي لأنه يشبه علم فلسطين ، هو خطوه تجاه التنصل من المسئولية القومية والدينية والانسانيه بدعم القضية الفلسطينية ،وتمهيد للتطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين.
مفاهيم خاطئة عن علم الثورة العربية:
رغم أن هناك توافق بين ألوان علم الثورة العربية،والألوان الواردة في
قصيدة الشاعر/ صفي الدين الحلي (1277ه – 1349 ه) التي يقول فيها: (بيض صنائعنا، سود وقائعنا ، خضر مرابعنا، حمر مواضينا )،إلا انه ليس هناك دليل تاريخي قاطع على أن رواد الحركة القومية العربية قد استخلصوا ألوان هذا العلم من هذه ألقصيده لأن اللون الرابع "الأحمر" كان وليد الثورة العربية في الحجاز.
انه لا صحة للروايات التي تروج لها بعض الدوائر المشبوهة في الغرب-
بهدف إلى الحط من شان كل ما هو عربي - أو اسلامى - وتصوير كل التاريخ العربي بأنه من صنع الغرب- و التي تقول أن العلم العربي بألوانه الأربعة التي نعرفها كان من ابتكار مارك سايكس. والرواية الصحيحة الثابتة تاريخيا نقلتها جريدة "القبلة" (عدد 6، 3 ذي القعدة 1334ه) أن شعار الثورة العربية في السنة الأولى كان علم أشراف مكة الأحمر. وبعد مرور أقل من سنة على إعلان الثورة، اقترح رجال الحركة العربية العاملون مع الشريف حسين، الألوان الثلاثة المعروفة مسبقاً بينهم، لتكون ألوان علم الدولة العربية الهاشمية، بعد أن أضاف إليها الشريف حسين مثلثا أحمر رمزا لأسرته. وجاء في بلاغ رسمي نشرته جريدة القبلة (عدد 7,82 شعبان 1335ه/ حزيران 1917) بمناسبة الذكرى الأولى للثورة أن تكون الراية ألوانا ثلاثة متوازية، أسود وأخضر وأبيض، يشملها مثلث أحمر قاعدته مساوية لعروض الألوان الثلاثة من جهة السارية، وطوله مسار لضعفي عرضه. وأشار البلاغ إلى أن الأسود هو رمز راية العقاب، وهي راية من الصوف الأسود اسمها العقاب كان يعقدها الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه عند تكليف أحدهم قيادة إحدى الغزوات للجهاد.
وكانت دولة العباسيين قد اتخذت السواد شعاراً لها. واللون الأخضر بين السواد والبياض هو الشعار الذي اشتهر عن أهل البيت منذ أحقاب طويلة. وكان البياض شعاراً للعرب في دورين من أدوارهم. أما الأحمر الذي شمل هذه الرموز التاريخية بشكل مثلث، فهو لون راية الأسرة المالكة.
تناقضات : وهناك العديد من التناقضات في أقوال وأراء كثير من منظري ومروجي حمله تشويه صوره العلم السوداني الحالي
ففي ذات الوقت الذي يبرر فيه بعض من منظري الحملة رفضه للعلم الحالي ،
بكونه لا يعبر عن المكونات الوطنية السودانية، فانه يسخر من بعض هذه المكونات ، حتى تلك التي يعبر عنها هذا العلم" فشبهه بعضهم بأنه يشبه جلباب دراويش المهدية ، في استهزاء واضح بالثورة المهدية احد ابرز معالم تاريخ السودان الحديث"
وفي الوقت الذي يدعى فيه كثير من منظري ومروجي الحملة انه قد تم فرضه
على الشعب السوداني، فان قطاع كبير منهم يدعو إلى فرض العودة إلى العلم القديم ، اى بدون إجراء استفتاء شعبي، فضلا عن تجاهل حقيقة أن تصميم كلا العلمين القديم والحالي قد تم اعتمادهم رسميا بدون إجراء استفتاء شعبي (الأول اعتمد بعد اجازه البرلمان، والثاني بعد مسابقه عامه مفتوحة )
وفي الوقت الذي يعتبر كثير من منظري ومروجي الحملة الغرب"الليبرالي"
مثلا أعلى يحتذي، فان هذا الغرب لا يميل إلى تغيير رموزه ، فعلى سبيل المثال لم تتغير أعلام الدول الغربية على مدار قرون إلا ما ندر.
وما لم ينتبه إليه أنصار هذا المذهب ، هو انه إذا كان العلم الحالي
يعبر عن علاقة الانتماء العربية، من خلال تشابهه مع دول عربيه أخرى ، فان العلم القديم يتضمن أيضا التعبير عن الانتماء العربي – الاسلامى ( فاللون الأصفر فيه يدل على الصحراء ، التي ترمز للشمال العربي المسلم ).
أخطاء : كما أن هناك الكثير من الأخطاء في أقوال و آراء كثير من منظري ومروجي حمله تشويه صوره العلم السوداني.
فخلافا لقولهم أن العلم الحالي لا يعبر عن علاقة الانتماء الوطنية
السودانية ، فانه يجمع بين التعبير عنها " من خلال دلاله ألوانه على مكونات وطنيه سودانيه"، وتعبير عن علاقة الانتماء العربية للشخصية الحضارية السودانية " من خلال تشابهه – وليس تطابقه- مع أعلام دول عربيه أخرى" .
وقولهم ان العلم الحالي - وخلافا للقديم - يعبر عن حقب ديكتاتوريه
فقط غير صحيح ، فقد ظل العلم الحالي معتمدا خلال فترات الديموقراطيه الثانية (1985- 1989 ) ،والديكتاتورية الثالثة " حكم الإنقاذ"( 1989 –
2019) . كما كان العلم القديم معتمدا خلال فترات الديموقراطيه الأولى(
1956- 1958)، والديموقراطيه الثانية (1964- 1969). والديكتاتورية الأولى"حكم الرئيس عبود" (1958-1964)،
وما يدل على أن الشعب السوداني يعي ما لم يعيه كثير من منظري ومروجي
حمله تشويه صوره العلم الحالي، وهو حقيقة أن هذا العلم لا يعبر عن "شخص"
الرئيس نميرى، وان تم تصميمه في عهده ، أن ذات الشعب السوداني الذي أيدت قطاعات واسعة منه الرئيس نميرى في فتره حكمه الأولى ، عندما كان يتبنى شعارات حركه التحرر القومي العربي في الحرية والعدالة الاجتماعية والحرية ،هو الذي ثار على الرئيس نميرى في فتره حكمه الثانية، رافعا ذات العلم ، عندما انقلب على هذه الشعارات وتبنى مواقف نقيضه - بمتابعته لسياسات الرئيس السادات- (الخضوع للسياسات الامبريالية " الامريكيه" في المنطقة العربية، تطبيق سياسات مؤسسات النظام الراسمالى العالمي"صندوق النقد الدولي والبنك الدولي " وما ترتب عبيها من إفقار وتجويع للشعب السوداني، وخيانة القضية الفلسطينية "تهريب الفلاشا"..)(انتفاضه 6ابريل 1985)
وخلافا لقولهم أن العلم القديم كان محل اتفاق وإجماع بين كل طوائف
الشعب السوداني ، فانه كان هناك كثير من معارضي هذا العلم ، ويمكن التدليل على هذا بالرجوع إلى الصحافة في تلك الفترة.
وينطلق كثير من منظري ومروجي حمله تشويه صوره العلم السوداني الحالي
من الخلط بين معارضه نظام سياسي معين" حكم الإنقاذ"،واستهداف مؤسسات الدولة، فالدولة اشمل من الحكومة"النظام السياسي" ، لأنها تشمل الشعب و الأرض والحكومة .هذا الخلط الذي ساهم في انحراف مسار الموجه الأولى من ثوره الشباب العربي، في بعض الدول العربية ، من المسار الجماهيري السلمي،إلى مسار طائفي مسلح "دموي" (سوريا، ليبيا،اليمن).
كما ينطلق كثير منهم من تصور للعلاقة بين الحركة الوطنية ألمطالبه
بالاستقلال من الاستعمار في كل الدول العربية ،وحركه التحرر القومي "العربي" من الاستعمار ، بقياده الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، يجعل العلاقة بينهما علافه تناقض وإلغاء، بينما العلاقة الصحيحة بينهما هي علاقة تكاملية، ،فالاخيره هي تتويج لجهود الأولى.
كما يتجاهل اغلبهم القضايا الأكثر أهميه للشعب السوداني من تغيير
العلم ، وهى قضايا تخلف النمو الاقتصادي وانعدام العدالة الاجتماعية ، و التأثير السلبي للمربع المخرب ( الجوع والفقر والمرض والبطالة)، وكلها إفرازات لتطبيق النظام الاقتصادي الراسمالى، ذو الأساس الفلسفي الليبرالي، تحت شعارات كالتحرير الاقتصادي، الإصلاح الاقتصادي، الخصخصة، اللبرله الاقتصادية..." ، وهو ذات النظام الاقتصادي الذي يدافعون عنه.
والأسلوب السليم في التعامل مع كل القضايا هو "الاضافه" وليس"
الإلغاء"، لان مضمون التطور هو" النمو من خلال الاضافه". ففي حاله كانت هناك رغبة شعبيه في تغيير العلم - ثبت توافرها باستفتاء شعبي - كان الأقرب للمعقولية هو اقتراح أضافه تصميم العلم القديم ، أو اى تصميم جديد، إلى تصميم العلم الحالي وليس اقتراح إلغائه. كما كان الأقرب للمعقولية في الماضي أن يضاف تصميم العلم الحالي، إلى تصميم العلم القديم.
الرد الشرعى على مذهب "إيجاب اتخاذ جميع المسلمين علم معين واحد ": هناك مذهب معاصر، يقول به كثير من أنصار الجماعات التي تنسب نفسها إلى
الإسلام- ويتخذونه كحجه لرفض أعلام الدول التي ينتمون إليها – ومضمونه أن الإسلام اوجب على جميع المسلمين اتخاذ علم معين واحد. وهو مذهب خاطئ ولا أساس شرعي له ، واهم أوجه الخطأ في هذا المذهب انه يقوم على الخلط بين دلالات مصطلحي الراية والعلم، استنادا إلى الاشتراك في المعنى بين المصطلحين في معناهم اللغوي ا/ الراية تنظيم عسكري للجيوش في الحرب : حيث أن دلاله مصطلح الراية في النصوص تتصل بالقتال ، فهي جزء من آليات التنظيم العسكري للجيوش في حاله الحرب اتخاذ الرايات سنه وليس واجب: وحكم اتخاذ الريات في الحرب ليس الوجوب ، بحيث يأثم تاركه، بل الاستحباب والندب ، يقول الإمام ابن القيم في " زاد المعاد" في ذكر فوائد وفد صداء: (فيها استحباب عقد الألوية والرايات للجيش، واستحباب كون اللواء أبيض، وجواز كون الراية سوداء من غير كراهة).
تعدد رايات الرسول (صلى الله عليه وسلم) : ولم يتخذ المسلمين في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) راية واحده في حاله الحرب بل رايات متعددة، فكان للمهاجرين راية وللأنصار راية، و لكل قبيلة راية، قال الإمام الشافعي في كتاب الأم: (وجعل النبي صلى الله عليه وسلم للمهاجرين شعاراً
وللأوس شعاراً وللخزرج شعاراً )
ب/العلم تنظيم ادارى حديث للدولة : أما دلاله مصطلح العلم فتتصل بالدولة، فهي جزء من آليات التنظيم الادارى الحديث للدولة ، في حالات الحرب والسلم على السواء.
الأصل في اتخاذ العلم الاباحه ما لم يتضمن محرم : والأصل في اتخاذ العلم كتنظيم أدارى حديث للدولة هو الاباحه ما لم يتضمن ما هو محرم " كالصليب مثلا "، وهذا الحكم يستند إلى استنادا قاعدة الأصل في الأشياء الاباحه ما لم يرد دليل تحريم ، كما يستند إلى أن الصحابة (رضي الله عنهم ) اخذوا كثير من آليات التنظيم الادارى من مجتمعات أخرى معاصره لم ، ومنعها – على سبيل المثال لا الحصر- اخذ عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) بفكره تدوين الدواوين من الفرس. ولا يمكن القول بان اتخاذ المسلمين في دوله معينه لعلم معين هو بدعه، إلا في حاله اعتقادهم أن اتخاذهم لهذا العلم هو أصل من أصول الدين ، اذ البدعة هي أضافه إلى أصول الدين، وبالتالي فان هذا القول (اى كون اتخاذ علم معين هو بدعه )، ينطبق أيضا على القول بان الإسلام اوجب على جميع المسلمين اتخاذ علم معين واحد.
لم يتخذ الرسول شكل أو لون معين للرايات : والثابت في السيرة النبوية ان الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يتخذ لونٌ واحد أو شكلٌ واحد لرايات الحرب، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له راية سوداء، وأحياناً بيضاء، وقيل أيضًا صفراء وحمراء .
إقرار الإسلام علاقة الانتماء الوطنية :و بالاضافه إلى كون العلم تنظيم ادارى حديث للدولة ، فانه رمز لعلاقة الانتماء الوطنية التي اقرها الإسلام كدين – بجانب إقراره لعلاقات الانتماء الأخرى – لم تقم على التعصب ، أو يترتب على الإقرار بها إثم ، قال الرسول ( صلى الله عليه
وسلم) ( اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا لمكة أو أشد) ( رواه البخاري ومالك في الموطأ والإمام أحمد ) .
للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة المواقع التالية:
1/ الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات https://drsabrikhalil.wordpress.com
2/ د. صبري محمد خليل Google Sites
https://sites.google.com/site/sabriymkh/


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.