شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    شاهد بالفيديو.. بعد غياب طويل الفنانة شهد أزهري تعود للظهور بفستان مفتوح من الصدر ومثير للجدل    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فِي حُلْمِ اسْتِعَادَةِ الوَحْدَةِ: الفَتْرَةُ الانْتِقَاليَّةُ .. وكُونْفِيدرَاليَّةُ الدَّوْلَتَيْنْ (4) .. بقلم/ كمال الجزولي
نشر في سودانيل يوم 19 - 09 - 2019

آدَم: التَّفاؤُلُ حَتْفَ أَنْفِ طيُورِ الشُّؤْمِ المَحَليَّةِ والأَجْنَبِيَّة
«نُحييكم تحيَّة الشَّوق والمحبَّة، وما مسرَّتنا إلا بكم، فأنتم بعضنا ونحن بعضكم، لا نكتمل إلا بكم ولا يسوؤنا إلا ما ساءكم، سنعمل على أن نعود كما نودُّ، فراقنا كان قاسياً، ولكن التئام شملنا ممكن، فأنتم نصفنا الحلو، وعندما نقول السُّودان نتخيل هذه الخريطة الأليفة الكثيفة بالتَّنوُّع والتَّعدُّد، فلنقترب، ونتعاضد، ونعمل سويَّاً من أجل تقدُّمنا، وتطوُّرنا، ونمائنا المشترك».
رسالة محمَّد ناجي الأصم
إلى شعوب جنوب السُّودان
بمناسبة التَّوقيع على وثائق الفترة الانتقاليَّة18 أغسطس 2019م
+++
«هذا هو ديدن الشَّعب السُّوداني الذي صنع أكثر من ثورة. إن حلَّ المشكلة السُّودانيَّة يعني حلَّ مشكلة الجَّنوب، ومشاكل إثيوبيا، وإريتريا، وتشاد، وليبيا، وغيرها من دول الجِّوار، لذا نحن سعداء بنجاح ثورة ديسمبر 2018م. إن مستقبل العلاقة بين الدَّولتين، في ظلِّ التَّغيير الذي يشهده السُّودان، وفي ظلِّ الحكومة المدنيَّة الجَّديدة، سيكون مبهراً، حيث
ستتعاونان كدولة واحدة يكمِّل بعضها بعضاً، أو كدولتين متقاربتين في حلِّ كلِّ القضايا
العالقة بينهما .. حتَّى أبيي».
تصريح دينق ألور
وزير خارجيَّة جنوب السُّودان السَّابق
ومسؤول ملف أبيي الحالي
لدى زيارته للخرطوم ضمن وفد الرَّئيس سلفاكير
للمشاركة في احتفالات التَّوقيع على وثائق الفترة الانتقاليَّة
تاسيتي نيوز الخرطوم؛ 18 أغسطس 2019م
VIII
(1) ما أن صدر قانون استفتاء شعب جنوب السُّودان لسنة 2009م، وكذلك قانون استفتاء أبيي لسنة 2009م، حتَّى تمَّ تكوين مفوَّضيَّة الاستفتاء. مع ذلك ظلت جميع المسائل المتعلقة به ضبابيَّة حتَّى على بُعد أقل من تسعين يوماً من الموعد المحدَّد لإجرائه بموجب الاتِّفاقيَّة. فلا المفاوضات التي جرت بنيويورك أجدت، ولا الأخرى التي نُظمت بأديس أبابا نجحت، ولا الزِّيارة التي قام بها مجلس الأمن إلى السُّودان لتقريب وجهات النَّظر أرتنا ضوءاً في نهاية النَّفق، ولا الأوضاع داخل المفوَّضيَّة نفسها استقرت على حال يطمئن، ولا الميزانيَّات المطلوبة لها توفرت بما يكفي، سواءً من الدَّاخل أو من الخارج!
وهكذا، ما انفكَّ يتفاقم، يوماً عن يوم، تلاطم المواقف المتضادَّة من جانبي الشَّريكين، وكذا من القوى الإقليميَّة والدوليَّة المختلفة. فعلى حين أكَّد رئيس الجُّمهوريَّة عمر البشير ما يعني أنه يضمن هدوء الأوضاع، وسلامة الجَّنوبيِّين في الشَّمال، حتَّى إجراء الاستفتاء، ما لبثت أن انطلقت تحريضات القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم مصطفى عثمان، تستنفر الشَّباب والطلاب الإسلامويِّين للاستعداد للحرب! وفي ذات الوقت عَمَد القيادي الآخر نافع علي نافع إلى التَّصريح بأن الجَّنوبيين في الشَّمال خاضعون لتوفيق أوضاعهم، ما يعني فقدانهم للجِّنسيَّة، واحتياجهم لترتيبات جديدة! على أن البشير نفسه ما لبث أن عاد ونكص على عقبيه، محذِّراً من نشوب الحرب مجدَّداً «بأخطر مِمَّا كان قبل الاتِّفاقيَّة»(10).
(2) تحذير البشير ذاك استدعي إلى الذَّاكرة نذير «طيور الشُّؤم» الذي كان شطح به خيال الكاتب الصَّحفي الأمريكي نيكولا كريستوف حول إبادة جماعيَّة قال إنها ستقع في جنوب السُّودان وجبال النُّوبا ودارفور، متكهِّناً حتَّى بالروزنامة الدَّقيقة لتسلسل أحداثها، ابتداءً من 10 ديسمبر 2010م(11)، وذلك على النَّحو الآتي:
أ/ بعد أن غمز من طرف إلى أن الجَّنوب يحوي 75% من ثروة البلاد النَّفطيَّة، ذهب إلى تحديد جدول زمني لتلك الإبادة الجَّماعيَّة المتوهَّمة، بحيث يصبح السُّودان عام 2011م أكثر بلدان العالم دمويَّة، على حدِّ زعمه، قاطعاً بأن مجازر وعمليَّات اغتصاب ستقع على نطاق واسع من جانب ميليشيات قبليَّة شماليَّة على الحدود الملتهبة بين شطري البلاد، لكن الشَّمال «سينكر» مسؤوليَّته عنها!
ب/ وفي 15 ديسمبر سيدعو رئيس مفوضية الاستفتاء «وهو شمالي» لتأجيل التَّصويت لشهر واحد فقط، بسبب انعدام الأمن، وعدم كفاية الاستعدادت، لكن الأجواء سرعان ما ستأخذ في التَّلبُّد بين رفض الجَّنوب لذلك الإجراء، وإصرار الشَّمال عليه!
ج/ وفي9 يناير 2011م ستجرى عمليَّة الاستفتاء في المناطق الآمنة بالجَّنوب، لكن سيعتريها سوء تخطيط، ومخالفات، على نطاق واسع. ولن يجرى التَّصويت في أبيي الغنية بالنَّفط، لأن الشَّمال سيدفع ب 80 ألف من عرب المسيريَّة إلى المنطقة، ليطالبوا، هم أيضاً، بحقِّهم في التَّصويت!
د/ وفي18 يناير سيعلن الجَّنوب أن 91% من النَّاخبين اختاروا الانفصال، فيرفض الشَّمال الاعتراف بهذه النَّتيجة، معتبراً إيَّاها غير قانونيَّة، ومشوبة بأعمال عنف وتزوير، فضلاً عن ادِّعائه بأن نسبة المشاركة في الاقتراع لم تبلغ 60% حسب المطلوب!
ه/ وفي 20 يناير سيعلن الجَّنوب الاستقلال، مع ذلك، من جانب واحد! وبالنَّتيجة ستجتاح، في 25 يناير، ميليشيات قبليَّة شماليَّة قرى جنوبيَّة، فتطرد سكَّانها، وتغتصب نساءها، وتسفك دماء أهلها! لكن والي الولاية الشَّماليَّة الحدوديَّة سينكر اتهامه بارتكاب تلك الفظائع!
و/ وفي 28 يناير سيرسل البشير قواته للاستيلاء على آبار النَّفط الجَّنوبيَّة، زاعماً أن "الانفلات الأمني يدفع لاتِّخاذ هذا الإجراء لحماية موارد البلاد الطبيعيَّة"؛ ومضيفاً: "سوف نستمر في تقاسم الإيرادات مع الجِّنوب إلى حين تسوية خلافاتنا بالطرق السِّلميَّة"! ز/ وفي 10 فبراير ستعمُّ الفوضى الجَّنوب في ظلّ هروب مئات الآلاف خشية التَّعرُّض للهجمات!
ح/ وفي 15 فبراير ستمتدُّ نيران الحرب لتشمل جبال النُّوبا ودارفور أيضاً، وستعمل الميليشيات على إخفاء المذابح بدفن الجُّثث في الآبار، تفادياً لمخاطر التَّعرُّض لمحاكمات جرائم الحرب!
(3) ويواصل كريستوف تكهُّناته تلك قائلاً إن الإدارة الأمريكية ستنخرط في الشَّأن السُّوداني، وإن بصورة متأخرة. ويضيف أنه قابل أوباما ومساعديه، قبل أسبوع من نشر مقاله، وتحدث معهم عن السُّودان، فبدا له أن البيت الأبيض أصبح مهتما بهذا الشَّأن كاهتمامه بالقضايا الدَّوليَّة الأخرى، حيث تعقد الاجتماعات، مثلاً، بصورة يوميَّة، عن كيفيَّة تجنُّب الحرب! وفي السِّياق يقول إن الجَّزرة التي عرضها أوباما على الخرطوم دسمة ومغرية، وقد حشد البيت الأبيض دولاً أخرى لممارسة الضَّغط على الشَّمال والجَّنوب، وعموماً يكاد لا يكفُّ عن ليِّ الأذرع في سبيل التَّوصُّل لاتِّفاق بشأن منطقة أبيي، مِمَّا يُعدُّ خطوة كبيرة للأمام.
(4) على أن كريستوف يكشف عمَّا يعتبره «خطأ فادحاً» في هذه الخطة، وهو أنه، ومع الاهتمام ب «الجَّزرة»، لا يوجد اهتمام جاد ب «العصا»! فالبشير ربَّما يكون قد وطد العزم على انتهاج استراتيجيَّة إبادة جماعيَّة في الجَّنوب، أملاً في أن تساعده على الاحتفاظ بالنَّفط، لكن إدارة أوباما لم تضع ما يلزم من التَّرتيبات لردعه! ويذكِّر كريستوف، على العكس من ذلك، بالخطة المحكمة التي سبق أن وضعتها إدارة بوش إزاء ما ينبغي أن يحدث للسُّودان في ما لو لم يزوِّدها بالمعلومات الاستخباريَّة عن أسامة بن لادن. فقد أشار كتاب صدر قبل حين، عن دار نشر جامعة ييل، بعنوان «السُّودان»، إلى أن بعض ضباط السِّي آي إيه التقوا مع زعيمين سودانيَّين كبيرين في أحد الفنادق بلندن، وأن أولئك الضُّبَّاط أوضحوا للزَّعيمين أن الولايات المتَّحدة سوف تستخدم قاذفات أو صواريخ كروز لتدمير مصفاة البترول في ميناء بورتسودان، فضلاً عن الميناء نفسه، وخطوط الأنابيب التي تنقل البترول إليه، فما كان من السُّودان إلا أن اضطرَّ للتَّعاون!
(5) تكهُّنات كريستوف المتشائمة تلك تتماهى، على نحو أو آخر، مع الرُّؤية القائلة بأن الأمور، حتَّى لو تركت على حالها، فإن الاستفتاء:
أ/ لن يتمَّ في موعده كما ينبغي، إما لانعدام الميزانيَّات، أو لاستحالة إنجاز خطواته في تواريخها المحدَّدة لضيق الزَّمن، فتلجأ المفوضيَّة لطلب تمديد المواعيد، الأمر الذي سيثير شكوك الحركة الشَّعبيَّة، ومن ثمَّ الشَّارع الجَّنوبي المشبَّع، أصلاً، بالشَّحن في أكثر من نقطة، بالأخص في أبيي، والعاصمة، وجنوب النِّيل الأزرق، فيحدث الاحتكاك الذي يولد الشَّرر الذي ستندلع منه نيران الحرب؛
ب/ أو سيتمُّ في موعده المحدَّد فتجئ نتيجته لصالح «الانفصال» فتندلع الحرب للارتياب في التَّزوير؛
ج/ أو ستجئ نتيجته لصالح «الوحدة» فتندلع الحرب، أيضاً، للارتياب في التَّزوير!
(6) مهما يكن من شئ، فقد اقترح المبعوث الأمريكي الخاصُّ الأسبق للسُّودان، السَّفير ريتشارد وليامسون، في مذكِّرة للبيت الأبيض، مجموعة من «العصي» الغليظة لإجبار نظام البشير على الابتعاد عن خطة الإبادة الجَّماعيَّة! ولكن إدارة أوباما لم تكن قد شرعت في التلويح بها بعد، حين تساءل كريستوف لماذا لا نوضح للسَّيد البشير بجلاء أنه إذا ما أقدم على ارتكاب إبادة جماعيَّة فإن أنابيب بتروله سوف تدمَّر، ولن يكون بوسعه تصدير أيَّة كميَّة من البترول؟ ويعلق قائلاً: صحيح أن تلك لعبة محفوفة بالمخاطر، ولكن الاستراتيجيَّة الحاليَّة أثبتت فشلها، وربَّما تكون نتيجتها إبادة جماعيَّة كان يمكن تداركها لو أننا عملنا من أجل ذلك!
IX
(1) مدعاة التَّفاؤل الأساسيَّة من هذه الورطة، كانت، وما زالت، في رأينا، مشروع "الكونفيدراليَّة Confederation" الذي طرحناه قبل الاستفتاء، والذي تبنَّاه والتفَّ حوله، آنذاك، عدد مقدَّر من المفكِّرين، والأدباء، والفنَّانين، والكتَّاب، والصَّحفيِّين، والنَّاشطين الحقوقيِّين، وقادة المجتمع المدني، رجالاً ونساءً، بهدف تأسيس ما أسميناها "كونفيدراليَّة الدَّولتين المستقلتين"، واختصاراً: "آدم"، بأحد احتمالين: فإما أن يقتنع، وقتئذٍ، شريكا "نيفاشا"، فيعملان على إلغاء الاستفتاء نهائيَّاً، وتطبيق مقترحات المبادرة بدلاً منه، وقد كان ذلك ممكناً، طالما أن الاتفاقيَّة نفسها هي، نظريَّاً، نتاج تلاقي إرادتيهما؛ أو أن يتمَّ إجراء ذلك الاستفتاء، كأحد مستحقَّات الاتِّفاقيَّة، فإن جاءت نتيجته لصالح "الانفصال"، يتوافق الشَّريكان، أيضاً، على تطبيق نفس مقترحات المبادرة، كترتيبات مطلوبة، هذه المرَّة، لما بعد الانفصال، وهو ما سنعيد التَّفصيل بشأنه، في الجزء التَّالي من هذه المقالة، كمساهمة نأمل أن تعين من سيتولون سلطة الانتقال.
(2) على أنه يجدر التَّأكيد، ابتداءً، على مسألتين:
الأولى: أننا لسنا أوَّل من طرح هذا الاقتراح، فقد سبق أن ألمحت إليه الحركة الشَّعبيَّة، على نحو أو آخر، من خلال المفاوضات المطوَّلة التي أفضت إلى اتفاقيَّة السَّلام بنيفاشا، مثلما عادت وألمحت إليه، أيضاً، خلال زيارة وفدها لأمريكا، بالتَّزامن مع حدث الاستفتاء نفسه، وتداعياته، حيث طرح الرَّفيق ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشَّعبيَّة/الجَّيش الشَّعبي لتحرير السُّودان، وقتها، فكرة الوحدة بين دولتين مستقلتين ذواتَي سيادة جنوباً وشمالاً، مثل ما هو الحال، على حدِّ تعبيره، في الاتِّحاد الأوربِّي، أو كونفدراليَّة تجمع الدَّولتين، بالإضافة إلى جيران السُّودان عرباً وأفارقة .. وهذا هو ما ينفع الناس(12). أثار الوفد، في مباحثاته مع المسؤولين الأميركيِّين قضايا الجُّنوب الجُّغرافي والسِّياسي الجَّديدين، وفي مقدِّمتها قضايا النِّساء والشَّباب ومهمَّشي الرِّيف والمدن؛ وقضايا الحريَّات وإطلاق سراح المعتقلين السِّياسيِّين، ودارفور وشرق السُّودان والمشورة الشَّعبيَّة(13). وقد سبق إلى طرح الفكرة، أيضاً، المرحوم محمد ابو القاسم حاج حمد، في مايو 1999م، عبر صحيفة «الحياة اللندنيَّة»؛ كما طرحه تقرير مركز الدِّراسات السّياسيَّة والاستراتيجيَّة بواشنطن، في فبراير 2001م، بعنوان «سياسة الولايات المتَّحدة لإنهاء الحرب في السُّودان»؛ وتنبأ ستيفن موريسون، مدير المركز الذي شارك في صياغة التَّقرير، بأن تنتهي إليه عمليَّة السَّلام(14). كذلك طرحه حزب الأمَّة "القومي"، منذ حين، كما تمَّ طرحه داخل «مؤتمر جوبا»، عبر ثلاث أوراق، إحداها لحزب الأمَّة "الإصلاح والتجديد مبارك الفاضل"، والأخرى لكاتب هذه السطور عبر «لجنة الوحدة والانفصال» بالمؤتمر، والثَّالثة للمرحوم الأستاذ طه ابراهيم، وقد تمَّ تبنِّي الورقتين الأخيرتين ضمن تقرير لجنة «السَّلام»، وجرى اعتمادهما في المؤتمر، لكنهما، ولسبب غير معلوم، لم يظهرا ضمن «الإعلان الختامي» الذي تولى الإشراف على صياغته، ثمَّ تلاه بنفسه، في الجلسة الختاميَّة، الأستاذ باقان اموم، الأمين العام، وقتها، للحركة الشَّعبيَّة لتحرير السُّودان!
الثَّانية: أن الفرق كبير بين "الكونفيدراليَّة" باعتبارها «تكتيكاً»، كخيار الحركة إبَّان مفاوضات نيفاشا، أو باعتبارها «أيديولوجيا»، كخياري محمد ابو القاسم والمركز الأمريكي، ممَّا أدى إلى رفضها من قبل الوحدويِّين، ربَّما لاتِّساع الفرص المتاحة، نسبيَّاً، أمام خيار الاحتفاظ بالوحدة، ولو من النَّاحية الشَّكليَّة، وبين طرحها، الآن، من جهتنا، كمَخرج وحيد من ورطة «الانفصال» التي ما تنفكُّ تندفع نحوها علاقة الشَّطرين، لا بسبب قناعة «عقلانيَّة» مؤكَّدة بهذا الخيار لدى المواطن الجَّنوبي، وإنما بسبب المنطق ذاته الذي جعل من «الانفصال» تعبيراً محتقناً بغبينة تاريخيَّة، وحكم بأن تترتَّب عمليَّة الاستفتاء نفسها على ممارسة «حقّ تقرير المصير»، تَّنفيذاً لاتِّفاقيَّة قرَّرها نظام سياسي معزول، وليس "مجموع" أو حتَّى "أغلبيَّة" شعوب السُّودان!
(نواصل)
المصادر:
(10) وكالة سونا، 10 أكتوبر 2011م
(11) النيويورك تايمز؛ 29 سبتمبر 2010م
(12) وكالات؛ 28 مارس 2011م
(13) نفسه
(14) خالد التيجاني؛ سودانايل نقلاً عن "إيلاف"، 19 سبتمبر 2009م
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.