تم تعيينى عام1993 فى وزارة الصحة بسلطنة عمان - بالمديرية العامة للخدمات الصحية لمحافظة ظفار بمدينة صلالة ثانى أكبر مدن السلطنة بعد مسقط العاصمة وهى تقع جنوب البلاد. ومكثت بها حتى نوفمبر من العام 2007 حيث تقدمت باستقالتى لأسباب شخصية . وتبوأت منصب مدير مكتب الدكتور مدير عام الخدمات الصحية بمحافظة ظفار الذى يرأس أيضاً مجلس أدارة مستشفى السلطان قابوس المرجعى الذى يضم 600 سريراً ويشمل كافة التخصصات الطبية اضافة الى ما يقارب الأربعين مركزاً صحياً موزعة بين مدينة صلالة وضواحيها. وكان عملى يتضمن العمل الأدارى والترجمة وسكرتارية أعمال اللجان الطبية ولجان الأدارة الذاتية للمستشفى وكتابة محاضر الأجتماعات وغير ذلك من الأعمال التنفيذية التى تطلبها رئاسة وزارة الصحة بمسقط من مكتب المدير العام علماً بأن كافة الأعمال كانت تتم باللغة الأنجليزية. وتلك كانت أول مرة أتعامل فيها مع الأطباء بشكل يومى مباشر لمدة 14 عاماً...... كان مستشفى السلطان قابوس المرجعى يضم أطباء سودانيين أستشاريين واختصاصيين في الأطفال والجراحة العامة والجهاز الهضمى اضافة الى مجموعة مقدرة من أطباء العموم فى أقسام الحوادث والطوارىء والعيادات الخارجية وأقسام الأمومة والطفولة علاوة على أطباء الأسنان والصيادلة.. أما المراكز الصحية داخل وخارج مدينة صلالة فيقودها الأطباء السودانيون الشباب بلا جدال. وأنا هنا عندما أقول ( اطباء ) أعنى الرجال والنساء على حد سواء. ومن الحوادث المذهلة التى حدثت فى مدينة صلالة خلال تلك الفترة أن تعرض جلالة السلطان قابوس لحادث سير توفى على اثره أحد مرافقيه وتعرض جلالته لكسور فى الأضلاع..وتم استدعاء كبار الأطباء وعلى رأسهم استشارى الجراحة السودانى حيث قاموا باللازم لجلالته..وكانت السلطات الطبية العمانية قد استدعت – عقب الحادث مباشرة- أشهر استشاريى جراحة العظام من الولاياتالمتحدةالأمريكية. وعندما وصل هذا الجراح في اليوم التالى لم يجد ما يفعله غير السياحة والفرجة على معالم صلالة أذ أكمل الجراح السودانى وطاقمه عملهم وفق أحدث التقنيات الطبية. وهذا مثال لما يقوم به الطبيب السودانى في كل مكان. أما الأطباء والطبيبات الذين يغطون المراكز الطبية الخارجية النائية، فهؤلاء قد أرسوا دعائم الثقة بالطبيب السودانى لدرجة أن شيوخ وأعيان تلك المناطق أصبحوا يمارسون الضغط على وزارة الصحة لدعم مراكزهم الصحية بالأطباء السودانيين.. فالطبيب السودانى فى تلك اليقاع هو المعالج والمعلم والأمام....ألخ ومن ملاحظاتى أيضاً أن الأطباء السودانيين يجمعون ما يجنونه من مال لأجل دفعه للتخصص – أى أمتحانات الجزء الأول والجزء الثانى وما الى ذلك....وهذه الأمتحانات صعبة ورسومها باهظة..وربما يضطر بعض الأطباء للجلوس لها أكثر من مرة. وتضطر هذه المهنة المتجددة دائماً أن ( يصاقر ) ممتهنها الأمتحانات وورش العمل والقراءة والأطلاع طيلة حياته. أما الطبيبات السودانيات فهن كالعقد الفريد سلوكاً وعلماً وحيوية وجمالاً...وقد رأيت كيف يكون اطمئنان النساء عندما يعلمن أن التى سوف تقوم بعلاجهن هى أحدى الطبيبات السودانيات. وأقول في الختام للجهات الصحية المسئولة فى السودان ، أنتم أدرى منى بما يعانيه الطبيب .....وعيب أن تضطروا زملاءكم للدخول فى أضرابات من أجل الفلوس بينما المال عند بخيله والسيف عند جبانه... أما الأقلام التى انبرت لتقول أن الأضراب قصد به خلخلة الأنتخابات ، فأنا ضد هذا القول ....والأطباء أذكى من ذلك..وأقول بكل الوضوح أننا الآن نعيش هامشاً ضخماً من الحرية....وننتظر انتخابات مهما قلنا فيها فأنها ستدفع هذا البلد الى الأمام بلا شك...وستليها انتخابات وانتخابات ان شاء الله...ونحن ضد أن تعترى هذه الأنتخابات أى مواقف غير مسئولة....وأنا متأكد تماماً أن الأطباء من أكثر الناس مسئولية وقد تعاملت معهم بشكل يومى لأكثرمن 14 عاماً ... وفى تقديرى المتواضع أن الروتين الأدارى المقيت ربما اضطرهم أن يتخذوا هذا الموقف فى الزمان غير المناسب....وشكراً أطباء السودان فى المدن والقرى والنجوع. وأبى القلم الا أن يكتب هذه الخاطرة في حقكم . salih shafie [[email protected]]