بسم الله الرَّحمن الرَّحيم عام مضى على رحيلك المفاجئ والذكرى ماضية لا تموت، كأنَّك حي تمشي بيننا نصافح وجهك الجميل، ونعانق ابتسامتك الوضاءة. لقد اختارك الله إلى جواره ونحن في شغف للقاء، فلله الحمد على كل شيء، وقد اجتباك من قبل بقلب سليم، وفطرك على خلق قويم، أخاً كريماً ورفيقاً وفيَّاً، رقيق الخاطر، طاهر الجوانب، عف اليد واللسان. الجلوس إليك أسعد لحظات العمر، فيه المعارف والطرائف، بصَّرتنا على حقائق الكون والحياة، وزرعت روح المحبة والتراحم بين الأهل، وبذات التوثُّب تصدَّيت للعمل العام، وفي تجرُّد تام. لقد وثَّق أشخاص مشهودون لسيرتك العطرة منذ انخراطك في طريق الدعوة الإسلاميَّة، وأنت غض العود وإلى أن وافتك المنيَّة، ترخص في ذلك السبيل كل عزيز وغالٍ، ثابتاً على المبادئ، صارماً مع نفسك، لا تخشى أن تقول الحق ولو كره الآخرون. كان لك دور بارز في أسلمة النظام المصرفي، وهي تجربة في جوهرها تسعى أن يكون المال دولة بين الناس دون حكر لفئة، وأن يكون التمويل متاحاً للجميع، وبأيسر الشروط. وطدت لهذه العزائم في صبر وتؤدة، وبثقافة عالية، وانفتاح على المعرفة من عدة مشارب ولئن تضاربت فكريَّاً وسياسيَّاً، فسرت واثق الخطى، عظيم الإيمان بمبادئك ورؤاك. وعلى هذا النهج والقصد النبيل أسَّست "المركز الرسالي" ليكون منارة للمعرفة وعمل البر والإحسان، ومنبراً للتصالح ونبذ الشقاق. وهو الآن يقع في الشارع الذي أسمته أم درمان العظمى باسمك، واختارت له موقعاً هو مدخلها الرَّائع الجمال. فأم درمان تبجِّل العطاء، ولا تبخل بالوفاء، وأنت قد حملت همومها وآمالها في حدقاتك طوال حياتك. هذان معلمان بارزان يخلِّدان لذكراك في رحاب المجد، فسلام يتغشَّاك في آخرتك، سآلين الله لك المغفرة والرحمة إنَّه سميع مجيب. بابكر بدري [email protected] 20/3/2010م