كان الكلُّ يعلم بأن الأسد الأجرب، قد قرّر الإنقضاض على السلطة والإنفراد بالثروة في الغابة، وكان التوقيتُ في 1989م. مكشُوفاً على، وجه التقريب، في أضابير العمل العام، وفي أوساط فصائل الحيوانات السياسيَّة في غابة السَعْد. وقد استجاب الأسدُ المهزُول لطموحاتِ أبيه الروحي، وعرّاب المشروع الإستحماري المُشترك، واستلم السلطة في غابة السعد، وشيد مُؤسسة العرين الشيطانيَّة، والتي اتاحت له، بالأضافة للملك، السيطرة على الثروة، وامتلاك آلة قمع جبَّارة، اعتمد عليها لإبقائه على الكرسي، إلى أن أطاحت ثورة مُنتصف ديسمبر 2018م. المجيدة، بذلك الكُرسي. ولكن، كان للسيطرة المطلقة، واحتكار (حق الحياة) بمعناه وتبديهِ الأسطع، جانباً آخر، ووجه ثانٍ غفلت عنه سلالة الأسود، بأكملها، وأهملته، ويمكن لنا تلخيص ذلك الجانب بكلمات: - (عندما تأمن شُرُور العُدو الحقيقي، وتضمن ضعف التناقضات الرئيسيَّة، تبرُزُ، حينئذ، التناقضات الثانوية، وتتصدر المشهد باعتبارها أولويات، وأمورٌ عاجلة، وحاسمة، فتنشأ دوامات من الصراع الداخلي بين حلفاء الأمس، ويغيب التماسك في المؤسسات التي تضمن لها الوجود والبقاء!). ولمَّا لم تكُن فصيلةُ الأسودِ الجَّرباء استثناءاً، فقد تفجَّرت تلك الصراعات حول السلطة، واستعرت معارك الإستئثار بالثروة، في ما بين أعضاء تلك الفصيلة المتوحِشة، وانقسم القومُ إلى فرقتين، الفرقة الأولى والتي انتصرت في تلك المفاصلة، وكان يترأسها الأسد المهزول، والفرقة الثانية، وهي التي خسرت في المعارك الدونكيشوتيَّة حول الزعامة، ويتزعَّمُها الأسدُ الأجرب. ولم تكن القواعد من أضاء الفصيلة العاديين، وغمار سلالة الإسود، والذين جرت العادة لوصف صنفهم في غابة السعد (بناس قريعتي راحت)، لم يكونوا على درايةٍ بأسباب المفاصلة؟ وكيف دارت أحداثها؟ ولماذا انتهت بالإنقسام؟ فصار أغلبُها (صاحب بالين)، يريد أن ينال من الشامِ بلحاً، ومن اليَمَنِ العنب، فصارت المؤسسة الأسدية مقسمة من الرأس على فلقتين، ولكن الجسد ظلَّ واحدٌ، بالتقريب، فصارت تلك الفصيلة الوحشيَّة كالتوأم السيامي. ولكن، ولأن الأسدُ الأجرب كان هو الأكثرُ قدرةً على التخطيط، والتبرير، والتآمر، فقد حاول أن ينتمي، وبسرعة البرق، لأجسام المعارضة المبدئية، والموثوقة للبؤة وعهدها، من فصائل الحيوانات أجمعين، وقد نجح جزئياً في إيجاد موطيء قدم وسط المعارضين، وسوَّقَ وسطهم الطبعة الشعبية من سلالة الأسود الجرباء، وحاشيتها من ذوات المخالب. وفي تلك الفترات، كانت الشريحة الشعبية من فصيلة الأسود الجرباء، تترنحُ كالسُكَارَى، ذات اليمين وذات اليسار، بين أُسُود العرين الهازلة، وأجسام المعارضة الحقيقية التي وفقدت رأس الخيط، واشتبه عليها البقر، ودارت برؤسها الحيرة فقذفت بها إلى أتون التخبُّط، وطرائق: (شَخْتَك... بَخْتَك!)، في إدارة معارك الوجود ضد اللبؤة، وأسدها المهزول وعهدهما الحِمَارِيُّ البليد.