الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرات الفريق معاش جوزيف لاغو: عن الأنيانيا ، جعفر نميري ، الانتفاضة: وقبل ذلك عن الجنوب الذي لم نعرفه .. بقلم: بروفيسور/ الوليد محمد الأمين
نشر في سودانيل يوم 16 - 02 - 2020

صدر الكتاب الذي نحن بصدده عن مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية بجامعة أمدرمان الأهلية ، أمدرمان ، السودان، تحت عنوان: مذكرات الفريق (معاش) جوزيف لاغو . بترجمة من الأستاذ محمد علي جادين في نحو 660 صفحة من القطع الكبير.
احتوي الكتاب علي مقدمة المترجم (في 26 صفحة) عرض فيها للأهمية الأستثنائية للكتاب مثار الترجمة دون التقليل من شأن مذكرات السياسيين السودانيين الجنوبيين الآخرين كما ذكر ، واستعرض المترجم كذلك في المقدمة رؤيته - أو تلخيصه لها - للأحوال السياسية في السودان منذ ما قبل الاستقلال والي حينه. وإن اتسمت المقدمة بالطول النسبي واستعراض أفكار المترجم فيجب الإشارة هنا إلي أن المترجم هو نفسه سياسي وكاتب مهتم بالشأن السوداني (1)
احتوي الكتاب بالإضافة إلي المقدمة علي خمسة أبواب احتوي كل منها علي عدد من الفصول بلغت بنهاية الباب الخامس 18 فصلاً. الباب الأول بعنوان النشأة والطفولة واحتوي علي ثلاثة فصول: النشأة والطفولة، بداية التعليم المدرسي ثم اختيار المهنة. الباب الثاني تحت عنوان سنوات المغامرة وفصوله هي: الإبتعاد عن القوات المسلحة، بداية العمل المسلح في الجنوب، سقوط نظام عبود وما بعده، العمل للبداية في البيت، مبادرة سياسية ودبلوماسية ثم انقلاب عسكري في الخرطوم. الباب الثالث بعنوان: دخول الحياة العامة. وفصوله هي: عملية السلام، تطبيق اتفاقية أديس أبابا، الحكم الإقليمي في الجنوب، الديمقراطية ومشكلة الجنوب ثم الصراعات السياسية في الجنوب. الباب الرابع بعنوان الحكم الإقليمي في الجنوب وفيه فصلان هما : الديمقراطية ومشكلة الجنوب، الصراعات السياسية في الجنوب، أما الفصل الخامس والأخير فكان بعنوان : نهاية نظام مايو، وفصوله هي: التجمعات الإثنية، انتخابات الجنوب ، التوجه الإسلامي، سقوط النظام المايوي ثم أخيراً خاتمة واستنتاجات تلتها ملاحق الكتاب.
يلفت النظر في الكتاب قبل الدخول في تفاصيله تلك الذاكرة القوية للكاتب وتذكره وذكره لتفاصيل يبدو من الصعب تذكرها ، ورغم أن الكاتب يشير إلي استعانته بتدوين الملاحظات كما اشار هو ذاته في صفحة 227 من الكتاب حين برر نسيان بعض الأسماء بعدم حمله لدفتره يومها خوفاً من اعتقاله ، فإن الكثير من التفاصيل كان من الواضح أنها ليست وليدة التدوين ، يمكن علي سبيل المثال أخذ تفاصيل حياة الكاتب في طفولته الأولي قبل دخوله المدرسة وتعلمه الكتابة حتي.
يلفت النظر كذلك الصدق والروح المرحة التي يتمتع بها الفريق جوزيف لاغو، الروح المرحة يمكن ملاحظتها بسهولة مبثوثة عبر الكتاب في سخرية الكاتب من كثير من المواقف بل وسخريته من نفسه هو ذاته أحياناً ، والحقيقة فإنه بدا لي دائماً أن الجنوبيين سكان جنوب السودان لطالما تمتعوا بهذه الروح المرحة الساخرة وكذلك الصدق ، ولا شيء مطلق بالطبع. أما الصدق فيظهر في اعترافه بالملل من بعض الأصدقاء أحياناً أو في النظر إلي ما وصل إليه حاله بعين التعجب مثل التقائه بالسيدة مارغريت تاتشر(2) ودخوله الكرملين (3) وقبل ذلك ما ذكره من تفاجئه بأن بالطائرات درجات للسفر مثلها مثل القطارات. لا تمنح هذه الإشارة إلي الصدق المذكرات صك الموثوقية الكاملة علي الأكيد ، فالكثير من الأحداث والمواقف تروي هنا بلسان ورؤية كاتبها ، ولكنها تظل في كل الأحوال شهادة علي عصر كامل من دولة السودان كان كاتبها في قلب الأحداث بل ومن صانعيها.
في الفصل الأول يتحدث الكاتب عن خلفيات عشيرته والأسلاف والقبيلة ، ويذكر بكثير من الامتنان الذي يرده لحسن الحظ مقدرته علي متابعة اسلافه من ناحية الوالد حتي الجيل الخامس. تحدث كذلك عن دخول المسيحية إلي منطقتهم وكيف أن الإرساليات الأولي في الجنوب كانت تركز نشاطها في نشر المسيحية وسط السكان الوثنيين أي السكان المتخلفين ، غير المسيحيين وغير المتحضرين – والتعابير هنا كلها للفريق لاغو. يذكر بعدها أن والده أنهي عمله مع الجمعية الكنسية بطريقة غير متوقعة لرغبته في الزواج من زوجته الثانية والدة لاغو ، وذلك بالطبع مما يتناقض مع تعاليم المسيحية التي تركها والده عند ذلك. ربما كان من الطريف هنا التأمل في طبيعة الناس وتعاملهم مع الدين ، إن القيم الإنسانية هي هي ، والمفترض بالأديان أن تهذب هذه القيم أو أن تمنحها معني سماوياً مرتبطاً بالثواب وحسن الجزاء ، ولكن الدين في السودان وربما في سائر البقاع دائما ما تم استغلاله لمصلحة جماعة أو فئة معينة. وفي السودان بالتحديد أدي هذا الاستغلال إلي نتائج كارثية كما سنري في الكتاب ، بل وكما نعيش تبعات ذلك في أيامنا هذه.
يذكر الكاتب بعد ذلك بكثير من التفاصيل شكل الحياة المدرسية في مدرسة أكوت ، ونوع الأغذية التي كانت تقدم وشكل الفصول ولغات التدريس وتوزيع الأيام للنظافة والصلاة وكذا، ويذكر كذلك إنشادهم لقصائد الفرح والشكر حين أخبرهم أحد الأساتذة بهزيمة هتلر وتمكن الانجليز وحلفاؤهم من هزيمة الألمان والإيطاليين ، ثم يردف ذلك بالقول : مع أننا لم نكن نعرف الكثير عن تلك الحرب !
يستمر الكاتب في تلك التفاصيل حتي أنه عند وصوله إلي مدرسة رمبيك الثانوية في العام 1953/1954 يذكر اسماء هيئة التدريس من الأساتذة الأجانب وكذلك السودانيين، وهي لفتة بارعة في الوفاء وحفظ الجميل تجاه المدرسين.
كان جوزيف لاغو مصمماً علي دراسة الحقوق في جامعة الخرطوم كما ذكر ولكنه غير من ذلك بعد التقائه بالقانوني الجنوبي والمحامي الجنوبي الوحيد وقتها في الخرطوم جوزيف قرنق ، بعدها تقدم للكلية الحربية السودانية حيث تم قبوله بها. جوزيف قرنق المذكور هنا هو عضو الحزب الشيوعي السوداني الذي أعدمه الرئيس نميري بعدها في العام 1971 ، ولكن لم ترد أي إشارة لاسمه بعد ذلك في الكتاب الا فيما خص اسمه مع من أعدمهم النميري.
علي كل يذكر لاغو أنه شعر بضرورة التقديم للكلية الحربية السودانية رغم شكوكه بأنهم لن يقبلوه. يذكر بعدها مقابلته للواء طلعت فريد الذي تمني له الحظ السعيد بعد المقابلة معجباً بأدائه. رغم ذلك يذكر السيد لاغو أنه ظل متشككاً في إمكانية قبوله وذلك لأن مسقط رأسه من مديرية الإستوائية التي تعتبر مديرية متمردة ومنها بدأ تمرد 1955 والشماليون – علي حسب رأيه – يعتبرونهم انفصاليون. المهم نجح لاغو في اجتياز متطلبات القبول للكلية الحربية ويذكر أنه عند مقابلته للقائد العام الفريق ابراهيم عبود فقد وجده قائداً محترماً وودوداً. الفريق عبود بالطبع هو الرجل الذي قام بعد ذلك في العام 1958 بالانقلاب علي السلطة القائمة وقتها وتنصيب نفسه رئيسا للبلاد إلي حين أن أطاحت به الهبة الشعبية الأولي في أكتوبر من العام 1964.
غير انقلاب ابراهيم عبود يذكر المؤلف أنهم في السنة النهائية لدفعتهم (الدفعة 12 في الكلية الحربية) عاصروا محاولة انقلابية قادها أحد ضباط مدرسة المشاة الكولونيل علي حامد الذي انتهي به الأمر معدماً بالشنق وليس باطلاق الرصاص هو وبعض زملائه بينما سجن آخرون. ذكر الكاتب كذلك أنه قبل هذه المحاولة وقعت محاولتي انقلاب عوملتا بطرق أقل قسوة وربما لذلك كما يري تم إعدام مجموعة الكولونيل علي حامد.
إنه لمن الغريب عند التأمل في أحوال السودان التفكير فيما يدفع هؤلاء العساكر للظن أنهم مؤهلون لحكم البلاد لا لشيء غير حوزتهم علي ما يقتل الناس إن اعترضوا وغير ما توفره لهم كليتهم الحربية من الطاعة العمياء ممن هم أدني منهم رتبة ، وأعجزني الفهم صراحة أن أجد سبباً يجعلهم يظنون بأنفسهم حسن الفهم وحسن التدبير ، والحق أنهم لو كانوا كذلك لاختاروا طريقاً آخر ، إنما هاهم الآن في آخر المطاف : لا احترام عندهم للعلماء ولا حتي لقيم البلاد التي أنجبتهم حتي لقد تساءل الطيب صالح (4) بعد ذلك يعنيهم ومن والاهم في زمن حكم البشير: ألم ترضعهم الأمهات ؟
يذكر جوزيف لاغو ضمن ما يذكر اختياره للابتعاث إلي المملكة المتحدة في العام 1963 ، وهي البعثة التي لم يسافر إليها ، إذ عوضاً عن ذلك انضم لحركة المقاومة الناشئة في الجنوب وقتها والتي تطورت فيما بعد إلي حركة الأنيانيا. فيما خص موضوع البعثة يذكر لاغو القلق والانزعاج الذي لازمه لاستدعائه ، وكان وقتها في شندي ، بواسطة مدير العمليات والتدريب هناك، ويذكر أن أسباب ذلك أن ذلك المدير وهو الكولونيل صلاح عبد الماجد بالتحديد يتهمه الجنوبيون بالتسبب في أحداث الجنوب ( يعني أحداث 1955) عندما ضرب سائقه الجنوبي برصاصة قاتلة. غير أنه يذكر أنه وجده شخصاً لطيفاً وودوداً بل أنه في النهاية ابتسم وقال له: أرأيت كيف نتعامل معكم بصدق وعدل. نحن نرغب في الوحدة بصدق وإخلاص ، لكن أهلكم لم يوفقوا في فهمنا.
عن هذه المسألة بالتحديد ، أي علاقة الشماليين بالجنوبيين أو العكس ، تحدث لاغو أو كتب أحاسيسه ورؤيته في عدة مواضع من المذكرات. نعرف بعد قراءة الكتاب كيف كانت صورة الشماليين سيئة في أذهان سكان الجنوب ، عزز ذلك بعدها تصرف النخبة الحاكمة في شمال السودان بعد استقلال الجنوب. لقد نظر إلينا الجنوبيون في غالب الأحوال كشمال عربي مسلم استعماري وكولنيالي يود وراثة الأستعمار البريطاني ونهب خيرات الجنوب لصالح الشمال. بل الأسوأ من ذلك أن هؤلاء الشماليين الذين يرون أنفسهم عرباً لطالما سعوا إلي تعريب الجنوب ونشر ثقافتهم هناك، ذلك أنهم ينظرون للثقافات الأخري – الإفريقية خاصة – نظرة احتقار وازدراء. وبخصوص نظرة الجنوبييين إلينا أهل الشمال فقد ذكر لاغو بوضوح أن : " الجنوبيون كانوا علي الدوام يعتبرون البريطانيين سندهم وحماتهم، وينظرون إلي الشماليين كتجار رقيق مستبدين".
لكن لاغو كان صادقاً في مشاعره علي كل حال ، بل وحاول جهده أن لا يأخذ الشماليين كمجموعة واحدة أو أن يصمهم بصفة واحدة علي وجه العموم . من ذلك يذكر دهشته يوم أن قادهم مفتش التذاكرالشمالي – المندوكورو(5) - في الباخرة المتجهة من كوستي الي مسقط رأسه في الجنوب ، قادهم ذلك المفتش قال لاغو وكانوا صغاراً إلي فرندات الدرجة الثانية ليناموا هناك حتي الصباح بدلاً عن البقاء في مواقعهم في أرضية الباخرة معرضين لهجمات البعوض. يقول لاغو أنه وقتها أصابهم رعب وخوف لأنهم كانوا يسمعون قصصاً كثيرة عن مكر الشماليين الذين كانوا يرمون الأطفال في عمق النيل!
كذلك يذكر أنه عند تحويل بعض المدارس الثانوية العليا وفتحها في الشمال سرت الشائعات التي تقول أن الشماليين سيقتلون الطلاب عن طريق تسميم طعامهم، وهي الإشاعة التي تأكدت للطلاب بعد ظهور حالات من الدسنتاريا والاسهالات إلي أن تدخل أحد السياسيين الجنوبيين في البرلمان ، وأخيراً وبعدما هدأت الأحوال واختفي الوباء تم تبديل ناظر المدرسة بآخر من قبيلة البجا فاستقبله الطلاب بترحاب وفرح.
يذكر لاغو أيضاً أن العلاقات بين الشمال والجنوب بعدها أخذت في التحسن، ودخول الجنوبيين إلي القوات المسلحة جعلها مؤسسة قومية في نظرهم بل وصل الأمر بحسبه إلي تكون شعور عام بأن بعض الإداريين والعسكريين الشماليين يعملون بإخلاص وجديّة لمساعدة الجنوب.
في الفصل الرابع يتحدث لاغو عن قصة ابتعاده عن الجيش السوداني وانضمامه إلي حركة المقاومة الجنوبية الوليدة ، حيث يروي أنه كان في إجازة بمنطقته حين سمع السياسيون الجنوبيون بوجوده هناك فأرسلوا إليه طالبين منه الإنضمام إليهم ، ويذكر هنا بالتحديد رسالة السيد جوزيف أدوهو رئيس حزب سانو وقتها. المهم فقد انضم لاغو إلي حركة تحرير الجنوب ووصل إلي كمبالا التي يقول إنها بدت له مدينة جميلة ومؤثرة مقارنة بالخرطوم مما دفعه للتساؤول عن سبب كون الخرطوم هي العاصمة التي قال إنه شعر أن سكانها – أي الخرطوم ، يختلفون عنهم بينما سكان كمبالا أفارقة أقحاح بل وشعر أنها أقرب إليه من الخرطوم ، بل ولعن الانجليز الذين خططوا الحدود اليوغندية السودانية دون وضع أي اعتبار لحدود المجموعات الإثنية متمنياً لو كانت قبيلته داخل الحدود اليوغندية. وللحقيقة فقد توقفت عند هذه النقطة بعين التأمل ، إذ أنني عند زيارتي الأولي لكمبالا في العام 2009 كتبت يومها أن شوارعها تشبه شوارع الخرطوم بل وحتي طريقة الإعلانات علي الطرق تشبه أختها في الخرطوم ولاحظت أن الكثير من الناس كذلك يشبهون ناس السودان ، أو للحقيقة وكما قال لاغو فهم يشبهون ناس السودان الجنوبيين أكثر ، فهل يا تري تأفرقت الخرطوم أم ما الذي حدث!
ورغم محبة لاغو التي عبر عنها ليوغندا واليوغنديين فإن ذلك لم يعن أن السياسة تدار بالمحبة والعواطف ، إذ يذكر في الكتاب أن القوات اليوغندية حاربتهم في فترة من الفترات جنباً إلي جنب مع العدو الحقيقي ، أي الجيش السوداني ، بل إن الاتهامات وقتها كانت تشير إلي قيام الجنود اليوغنديين بقمع واضطهاد النساء الجنوبيات وقتل عدد كبير منهن. من الواضح أن الجنود هم الجنود!
يشير لاغو إلي أن الجنوبيين عموماً يعتبرون يوغندا وطنهم الثاني وأنهم لطالما وجدوا الترحيب كلاجئين، خاصة من النوبيين في يوغندا، رغم أنهم – أي نوبيوا يوغندا - من المسلمين ويري أن ذلك يعني أنهم لم يتأثروا بعملية غسل الدماغ التي ظلت تقوم بها حكومات الخرطوم المتعاقبة من وصم الحركات الجنوبية بمعاداة الإسلام، ومن هذا المنطلق يري انه لم يكن مستغرباً عندما قام قائد الجيش هناك اللواء عيدي أمين ( النوبي الفخور بجذوره السودانية كما يصفه) باعلان تأييده ومساندته الواضحة لقضية الجنوب، ذلك رغم موقفه السلبي من قضية الجنوب في فترة لاحقة بعد استيلائه علي السلطة كما يشير الكاتب ويعزو ذلك إلي أن السلطة مفسدة.
علي كل حال يذكر لاغو بكثير تفاصيل مهمة في هذا الفصل بداية نشاطه ضمن حركة التحرير ، حيث يذكر جولاته في المنطقة والدول المجاورة والتقائه بالكثيرين من الجنوبيين والأجانب وكيف انه هو بالذات من اختار اسم الأنيانيا والتي تعني بحسب شرحه سم الأفعي المطبوخ مع أوراق الخضروات والفول المعفن وهو سم قاتل شديد السمية ولا يمكن معالجته ، وهو كذلك من اقترح طريقة كتابتها بالانجليزية مستلهماً اسم الماوماو (6) في كينيا.
يذكر لاغو كذلك في هذا الفصل وفي غيره من الفصول الخلافات التي كانت تحدث بين القادة في حركة التحرير وبعضها لا يمكن وصفها بغير الصبيانية . بالمقابل يذكر أيضاً ويؤرخ لبداية العمل العسكري في 19 سبتمبر 1963 ويذكر عدداً من الأسماء التي شاركت في العملية يومها من الجنود ، وفي ذلك وفاء جميل لأناس لا تذكرهم كتب التاريخ عادة أو كما قال محمود درويش : هل هكذا التاريخ لا يروي سوي سير الملوك الناجحين ؟
يتحدث لاغو كذلك عن الصعوبات الحياتية التي واجهتهم وكيف انهم في بدايات التنظيم في الغابات واجهوا مشاكل التموين والغذاء وكيف عملوا علي التغلب عليها.
يري لاغو أن انتشار أخبار المقاومة في الجنوب ونشاطها العسكري شجع المعارضين للحكم العسكري في الشمال علي الحركة والعمل لإسقاطه . وهنا نجد أن لاغو ظل يسمي الحكومة في الشمال بجيش الاحتلال الشمالي في الجنوب.
بخصوص الخلافات التي كانت تحدث في الحركة من السياسيين أو بسببهم فقد وصل لاغو إلي قناعة كررها في أكثر من موضع بالكتاب عن السياسيين الجنوبيين والسياسيين عموماً ، وهي أنهم يحبون الكلام في كل شيء دون وضع أي اعتبار لسرية بعض المعلومات.
والحقيقة فإن هذه الرؤية أو الفكرة نجدها مترسخة لدي عسكريتاريا السودان ، بدءً من قادتهم الدكتاتوريين وربما إنتهاء بأصغر رتبهم العسكرية ! ولو كان لهؤلاء العسكر أي عطاء في بلد السودان غير قتل الناس وسحلهم في الشوارع لربما تقبلنا بعض قولهم هذا ، والغريب أن جيش السودان هذا لم يخض في تاريخه حرباً واحدة دفاعاً عن الوطن ، بل كل ما فعله منذ إنشائه هو محاربة السودانيين : في الجنوب وفي الغرب وفي الشرق وكذا في الشمال !يذكر لاغو ذلك ويكرره بينما لم يتسن له تبرير خلافات العسكريين الذين كانوا معه وهي الأكثر خطراً ففي النهاية هم من يملكون السلاح. وللإنصاف في هذه النقطة فينبغي أن نذكر أن لاغو نفسه ذكر في الكتاب بعد ذلك أن " السبب الرئيسي في هذه الصراعات يعود إلي الصراع حول السلطة. وهذا الصراع الذي يظهر في شكل صراعات طائفية وإثنية وطموحات شخصية هو المصدر الأساسي لعدم الإستقرار في السودان ككل".
فيما خص علاقة الحركة باسرائيل رأي لاغو في حرب العام 1967 بين العرب واسرائيل سانحة للاستفادة ودليلاً علي أن الرب لم ينس شعب الجنوب وأنه – أي الرب ، يعمل بطرقه الخاصة في الاهتمام بجنوب السودان ورعايته. رأي لاغو بوضوح هنا – وقد كان محقاً : فإذا استمرت هذه الحرب فإن الشماليين السودانيين الذين يعتبرون أنفسهم عرباً سيكونون مشغولين بدعم ومساندة أشقائهم العرب . وهو ما قد كان ، بل إن ظن شماليي السودان بانفسهم العروبة هذا استمر وظل يؤثر علي مجمل سياسات الدولة السودانية حتي أنه في عهد حكم الإسلاميين في السودان بزعامة الرئيس عمر البشير كانت الحكومة تستقطع من مرتباتنا نحن العاملون بالدولة مبلغاً من المال يقولون إنه لنصرة غزة ، ويمكن للتدليل علي هذا الاستعراب المجاني الرجوع إلي تصريحات المسئولين في تلك الفترة مثل ما قاله واحدهم بأن حوجة غزة أولي من حوجة السودانيين ، هذا في الوقت الذي لا كانت ولاتزال الكهرباء تقطع في الخرطوم بانتظام أكثر من انتظام توفرها وصفوف الخبز تتطاول فيها ولله في خلقه شئون.
المهم ، يذكر لاغو كيف أنه التقي بالاسرائليين وكيف أنهم ساعدوه وحركة التحرير في الجنوب ويذكر رحلته إلي تل أبيب كذلك والخطوط الجوية والطرق التي اتبعها للوصول إلي مطار اللد بتدبير مع أصدقائه الإسرائليين، وهي المعلومات التي ترد للمرة الأولي عن هذه العلاقة كما يذكر مترجم الكتاب في مقدمته. إن كان ثمة أمر لافت هنا فهو ما قاله أحد الجنرالات الاسرائليين للفريق لاغو عن جنود السودان من أن الجنود الشماليين يعتبرون مقاتلين جيدين كما لاحظوا هم في حربهم مع العرب في 1948 عندما قاتل المتطوعون السودانيون بجانب المصريين. وبالنسبة لي فأظن أنه كان يعني الجنود السودانيين علي وجه العموم لا الشماليين ، وغالب الأمر أن وصف الشماليين ورد حينها بمقتضي حال أنهم كانوا يتحدثون عن حرب التحرير الجنوبية ضد الاستعمار الكولنيالي الشمالي.
وفيما خص العقيدة القتالية للجيش السوداني يقول لاغو إن الجندي الجريح يمثل مشكلة للنظام الحاكم في الخرطوم اكثر من الجندي القتيل ، والشاحنات المحطمة تؤلمه أكثر من القتلي المجندين من المناطق الفقيرة والمهمشة والذين لا يؤثرون في موقف الطبقة الحاكمة.
قريباً من ذلك يذكر لاغو في مكان آخر من الكتاب ما سماها بمجازر في الكنيسة ، حيث أن الجنود الحكوميين في مدينة ياي قاموا بمهاجمة القري المجاورة وكان بعض الناس مجتمعين للصلاة في الكنيسة ظناً منهم أن الجنود سيحترمون مكان العبادة ، ولكن الذي حصل أن الجنود قاموا باطلاق نيرانهم علي الكنيسة وقتل جميع من كان فيها وبعضهم مات حرقاً. ولسخرية الأقدار وربما لحكمتها يحدث أن تسقط طائرة سودانية بالقرب من مدينة منداري بعد فترة قصيرة من مجزرة الكنيسة كانت في طريقها من الخرطوم إلي جوبا. تفاوتت آراء كبار الضباط الذين هم مع لاغو وقتها بين من رأي قتل الركاب ومن رأي المطالبة بفدية مالية ، ولكن لاغو أطلق سراحهم دون مقابل آخر الأمر بعد أن دعم أصدقاؤه الأسرائليين موقفه مشيرين إليه بأن هؤلاء الناس ليسوا هم العدو الذي تحاربه.
بعد ذلك بسنوات عديدة في العام 2019 قتلت وسحلت قوات سودانية تم تدريبها في عهد دولة الاسلاميين في السودان شباب السودان المعتصمين أمام بوابات القيادة العامة للجيش السوداني في نهايات شهر رمضان (7) ، فما بالك بالمصلين في الكنيسة التي ذكرها جوزيف لاغو!
وفيما خص العروبة وتداخلاتها في السودان ، يذكر الفريق لاغو في موضع آخر بالكتاب كيف أن العقيد القذافي في زيارة غير متوقعة (!) للبلاد في الذكري الأولي لاتفاقية أديس أبابا خاطب جمهور أمدرمان بقوله: ( شمال السودان أرض عربية وشعبها عربي . وجوزيف لاغو يمكنه الذهاب جنوباً مع اخوته الأفارقة الزنوج وعليه أن يبتعد بأفكاره عن الأمة العربية). ويذكر لاغو أن القذافي عندما قال ذلك لم يقابله الجمهور بالتصفيق والهتافات بل بالصمت والاستغراب. لقد كان شعبنا دائماً متقدماً علي سياسييه ولكن الله غالب. القذافي وقتها هو بالطبع من سمي نفسه ذات مرة أمين الأمة العربية قبل أن تدور به الدوائر ويسمي نفسه بملك ملوك إفريقيا، وكل ذلك بالطبع وهو لا يدري ما تخبئه له الأيام منتهياً مخلوعاً من الحكم مختبئاً في حفرة. غير أن لاغو يقول إنه أعجب بما قاله القذافي ، وفي وقت لاحق قاما بدعوته هو وأبيل ألير لحضور الاحتفال بالذكري الثالثة للاتفاقية في الجنوب وهو ما قد كان بعد ترحيب النميري بالفكرة. رد القذافي الدعوة بدعوة خاصة للاغو وأبيل ألير وحضور احتفالات يوم الجلاء بليبيا ، ورغم توجس النميري من هذه الدعوة التي لا تتماشي مع التقاليد الدبلوماسية فقد قبلها وضم للوفد الرائد أبوالقاسم محمد ابراهيم الذي نجح الليبيون في ابعاده عن لقاء القذافي بلاغو وأبيل . عند انفراده بهما يقول لاغو إن القذافي أخبرهما أنه هو والزعماء العرب الآخرون يريدون تنمية وتطوير الجنوب ولكن شرط أسلمته وتعريبه، ثم أردف بأنه سيقف معهم في نضالهم من أجل تحرير إقليمهم الأفريقي من سيطرة الذين يدعون أنهم عرب (!). عموماً فقد تعرض النميري لما دار في اللقاء وعرض القذافي في حديثه الشهري للتلفزيون بعد توتر علاقته مع ليبيا ، مما جعل لاغو متيقناً أن أبيل ألير قد أخبر النميري بما دار هناك.
وبخصوص القذافي فلم ينته الأمر هنا ، حيث عاد مرة أخري عارضاً توفير مبلغ مليون دولار لوضعها في حساب لاغو ، وكان العرض عبر وسيط سياسي من الشمال هو الشريف حسين الهندي. وهنا يقول لاغو إنه لم يتوقع أن يحادثه الشريف بالطريقة التي فعل ، توقعه أن يناقشه في قضايا سياسية كما فعل الصادق المهدي يقول أو أن يحاول دفعه للانضمام إليهم في الحزب الاتحادي الديمقراطي ولكنه أصر علي مواصلة حديثه عن أهمية المال وضرورته للعمل السياسي.
رغم تعامل لاغو مع العديد من ساسة السودان الشماليين إلا أنه يعود ويضعهم في سلة واحدة في العديد من المرات وفي ذلك تنميط مخل .
علي كل حال أقدم النميري آخر الأمر علي إعادة تقسيم الجنوب مما اعتبر نهاية مأساوية للاتفاقية التي كانت من أهم انجازات سلطته الموسومة بثورة مايو. والغريب أنه رغم أن ذلك كان مما عد من أخطاء النميري القاتلة تجاه الجنوب ، فقد كان لاغو من المؤيدين لذلك ، بل أنه يسرد الأسباب التي أدت في النهاية إلي هذا القرار مما يجعله – أي القرار ، لا يخلو من المنطقية وإن لم يكن ذلك هدف النميري بالتأكيد.
يتحدث لاغو كذلك في الكتاب عن انقلاب مايو 1969 بقيادة جعفر نميري وما تلي ذلك من انقلاب الرائد هاشم العطا (8) الذي رأي لاغو أن خطابه كان أكثر تمسكاً بالحل العسكري لمشكلة الجنوب من النميري ، غير أن الانقلاب فشل كما هو معلوم وعاد نميري إلي السلطة مرة أخري .
يفرد لاغو في الكتاب مساحة معتبرة لمحادثات السلام التي توجت بما عرفت باتفاقية باتفاقية أديس أبابا 1972، حيث يذكر أسماء الذين شاركوا في المفاوضات وكيفية اختياره لهم ، كما ذكر ايضاً أسماء الوفد الحكومي المفاوض والذي كان برئاسة ابيل ألير نائب رئيس الجمهورية وقتها والذي نظر الجنوبييون الي مشاركته ضمن الوفد الشمالي أو الحكومي بعين الريبة والشك.
إن كان ثمة نقطة جديرة بالاهتمام هنا ولم يتطرق إليها الناس كثيراً حسب رأيي فهي ما طرحته الحركة الجنوبية من أن يكون نظام الحكم في السودان فدرالياً من أربعة ولايات ، الجنوب وثلاث ولايات في الشمال ، ولكن الوفد الحكومي رفض هذه المقترحات بحجة ان الأقاليم الأخري لم تطالب بنظام فيدرالي أو حكم اقليمي كما فعل الجنوب وذكّروا الوفد الجنوبي بأن مهمته في تلك المفاوضات أن يحصر نفسه في مشكلة الجنوب فقط ! سيعيد التاريخ نفسه بعد نحو ثلاثين عاماً من ذلك حيث ستطلب الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة العقيد الدكتور جون قرنق ديمبيور حلاً شاملاً لأقاليم السودان المختلفة وخاصة دارفور التي كانت مأساتها قد تفجرت ، فيرد الوفد الحكومي مرة أخري بأن علي الحركة أن تتحدث عن الجنوب ! وللمفارقة فإن الوفد الحكومي في مفاوضات أديس أبابا يذكر لاغو كان يسعي لفرض اللغة العربية كلغة رسمية ، ذات ما حدث بعد ثلاثين عاماً بل أضيفت إليه وقتها ما عرف بقوانين الشريعة!
علي كل حال ودون الدخول في التفاصيل فقد انتهت المفاوضات بتوقيع الاتفاقية في 28 مارس 1972 . ثم بعدها في القصر الامبراطوري بأديس أبابا بتشريف الامبراطور هيلاسلاسي في حفل استقبال نظمه الامبراطور للوفدين يقول لاغو إن الدموع انهمرت من أبيل ألير وهو يلقي كلمته فتعمد لاغو أن يحشو كلمته بالنكات والقصص الفكاهية ليبتعد عن العاطفية . ربما كان من الجيد هنا أن نقتطف من كلمة لاغو السطور التالية : " وصراعنا مع الشمال ينبع من أن إخواننا في الشمال يدّعون بأنهم عرب ، رغم أنهم لا يشبهون العرب كما نعرفهم في الأردن مثلاً، كما تلاحظون من ممثليهم الجالسين في مواجهتنا بجهة اليمين . قد تتفقون معي بأنهم يبدون أقرب إليّ من أولئك العرب – ليس ذلك فقط ، بل هم يحاولون فرض ثقافتهم العربية علي الجنوب " . انتهي الأقتباس . إنه لمن المثير للدهشة أن تظل حركات الجنوب التحررية علي الدوام قادرة علي التشخيص الصحيح للداء السوداني بينما تستعصم الحكومات المركزية بفضيلة الجهل !
يحفل الكتاب بعد ذلك بالكثير من التفاصيل عن المؤتمرات واللقاءات والحشود التي حضرت بعد عودتهم للخرطوم حتي أنه في بعضها تسلق الشباب الأشجار لرؤيتهم والاستماع إليهم، ثم يذكر السفريات الخارجية وأولها كان يوغندا التي استقبله فيها عيدي أمين بود وترحاب ، ولكن لاغو كما يقول طلب من القائم بأعمال السفارة السودانية وقتها عمر بريدو أن تتكفل السفارة بإقامته وحمايته في يوغندا وقال له إنه يشك في مواقف أمين ولا يثق فيه رغم صداقته معه. وجدت في ذلك صدقاً من لاغو وإعلاء لقيم السودانوية قد لاتجدها لدي الكثير من سياسيي السودان.
وبالحديث عن السودانوية ذكر لاغو أنه في جولته في ربوع الجنوب كان برفقته الجنرال فضل الله حماد من الجيش الحكومي ، وفي كل مكان ذهبوا إليه تم استقبالهم بحفاوة بالغة ، وفي وسط الاستوائية تم استقبالهم بواحد وعشرين طلقة ترحيباً بهم ، حتي أن صحفياً أمريكياً كان مرافقاً للوفد بكي من الفرح ولاحظ :" هؤلاء لا يمكن أن يكونوا هم نفس الناس الذين خاضوا معارك ضارية ضد بعضهم حتي قبل أيام قليلة " . انتهي الاقتباس ، إنما ماذا نفعل مع هذا السودان؟
يرد في الكتاب اسم الدكتور جون قرنق ديمبيور (9) عدداً قليلاً من المرات ، في حادثتين إن كنت دقيقاً . في المرة الأولي حينما كتب لاغو تحت العنوان الفرعي الأنيانيا والاستيعاب فأشار إلي ظهور منشور في توريت يطالب القوات برفض الاستيعاب في الجيش السوداني بعد اتفاقية السلام ومواصلة الحرب ، ويذكر أن هذا المنشور كان يقف خلفه الضابط الجامعي النقيب جون قرنق في بور. بعد استدعائه في جوبا يقول لاغو إن قرنق استجاب للاستدعاء واعترف بكتابة المنشور فقدر لاغو شجاعته وأمانته وعفا عنه ، وبرر ذلك لاعتبارات ذكرمنها شعوره – أي لاغو ، بالارتباط العاطفي بالدينكا خاصة دينكا بور وأقار حيث تلقي تعليمه الأول ، وأن قرنق كان الخريج الجامعي الوحيد الذي عاد إلي أهله بعد اكمال تعليمه في الخارج وعاش وقاتل معهم في حرب العصابات، ثم أنه رأي فيه كما قال ، امكانيات قيادية واضحة تستحق الاهتمام والرعاية.
بعد ذلك يذكر لاغو أن عبد الماجد حامد خليل مدير التدريب طلب منه اختيار أحد الضباط المستوعبين لبعثة دراسية مقدمة من الجيش الأمريكي فاختار قرنق معتبراً أنه أنقذه من المشاكل التي قد يكون تورط فيها في ملكال.
ربما كان من أهم مارود في المذكرات فيما خص العقيد جون قرنق ديمبيور وتمرده علي الحكومة المركزية وقتها التفاصيل التي ذكرها لاغو أن قرنق أخبره في العام 1987 أنه لم يخطط لما حدث في بور وأن كل ما حدث كان بمحض الصدفة ، وقرنق بالطبع كانت لديه أفكاره ورؤيته للتمرد وللجنوب عموماً ، ولكن القصة هنا عن حادثة بور بالتحديد ، حيث يقول قرنق إنه شعر بضرورة السفر إلي بور بسبب وجود أسرته هناك وعندما بدأ الهجوم علي موقع الحامية حاول قرنق تهدئة الأمور بجهده الشخصي ، ولكنه بعد جهد علم أن أوامر الهجوم قد صدرت من جهة أعلي ، المهم باختصار هنا أن الأمر انتهي بقرنق إلي الهروب مع أسرته إلي الحدود الأثيوبية بسيارة لاندروفر وهناك انتظر وصول القوات الهاربة بعد أن قام بترتيب دخولهم مع الموظفين الأثيوبيين ، وبعد وصولها قام بإعادة تنظيمها واستلم مهام قيادتها بحكم أسبقيته علي كاربينو ( يعني الرائد كاربينو كوانين ( 10) ) ، ثم بعدها بدأ يبحث في الحصول علي دعم ومساندة أثيوبيا. ويذكر لاغو أن العلاقات السودانية مع كل من أثيوبيا وليبيا كانت متوترة لحدود بعيدة فوصلت امدادات كبيرة من ليبيا واثيوبيا للحركة الجديدة.
يذكر لاغو عدداً من الأسباب التي ساعدت الحركة الجديدة وعملت لصالحها ، من ذلك يذكر لاغو ما أسماه بحدوث تغيرات في توجهات الشمال ، حيث أصبحت الحكومة المركزية أكثرانحيازاً للإسلام والعروبة ، ويذكر سبباً آخر لا تذكره أدبيات الشماليين عموماً عند الحديث عن تفجر التمرد في الجنوب : عمليات الكشة (11) ، التي يقول لاغو إنها تركزت في الجنوبيين وبعض المجموعات في المناطق المهمشة في الشمال.
أما فيما خص العمل مع الرئيس الأسبق جعفر نميري فيري لاغو أن نميري كان شخصاً متقلباً ولا يقبل المناقشة ، وفي فترة لاحقة يقول لاغو إن النميري أصبح عصبياً في تعامله يتحدث بشكل عفوي وبألفاظ غير لائقة دون تقدير لتأثيراتها علي الناس بشكل عام والمتأثرين بها بشكل خاص، بل ويري أن الرئيس في نهاية الأمر أصبح شخصاً يعاني من اختلالات عقلية ونفسية أدت إلي افتتانه بالسلطة وتخوفه من وجود شخصيات قوية ومقتدرة حوله وهذا هو السبب حسب اعتقادي يقول لاغو الذي يدفعه لتغيير نوابه الواحد بعد الآخر. وفي هذا الإطار يري لاغو أن وقوفه ضد النميري في بعض الملفات الخاصة بالجنوب جعلت النميري يشعر بخدش في كبريائه واعتداده بتفسه ، مما حدا به للتخطيط للإنتقام من لاغو في اللحظة المناسبة. ولكن لاغو نفسه يشير إلي أنه في مجلس الشعب الإقليمي بالجنوب لجأ مرة إلي فرض ترشيحاته علي المجلس وقال عن ذلك: اتبعت هنا طريقة نميري في فرض قراراته علي الهيئات والمؤسسات.
في الفصل الخامس والمعنون بنهاية نظام مايو يذكر لاغو الكثير من التفاصيل التي لا يرد ذكرها عادة عند الحديث عن نهاية مايو ، من ذلك الاتصالات السرية بين اللواء عمر محمد الطيب النائب الأول للرئيس نميري مع السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة ، ومن العجيب أن ذلك ظل ديدن الصادق المهدي وعدد من السياسيين السودانيين حتي بعد نحو أربعين عاماً من ذلك.
يري لاغو أن نميري أكمل دائرة التحالفات مع القوي السياسية المختلفة بتحالفه مع الإسلاميين ويري أن هذا التحول الأخير كان واضحاً بعد لقائه بالصادق المهدي في بورتسودان في العام 1977 ، ثم بعدها أصدر الرئيس كتابين يشرحان منهجه الإسلامي ووقع اسمه عليهما يقول لاغو " بافتراض أنه مؤلفهما " . غير أن مفاجآت النميري لا تتوقف يقول لاغو ، فبعدها وثق علاقاته مع طريقة صوفية صغيرة يقودها الشيخ أبوقرون . يحكي لاغو بعد ذلك أنه في الأيام الأخيرة من أغسطس 1983 اتصل به ثلاثة أشخاص ، رجلان وأمرأة : النيل أبوقرون، عوض الجيد محمد أحمد وبدرية سليمان خصص لهم مكتب في القصر الجمهوري الذي سبقهم إليه من سماه لاغو بزعيم الأخوان المسلمين والمفكر الواسع النفوذ الدكتور حسن عبدالله الترابي ، ومساعده ياسين عمر الإمام ، وهكذا امتلأ القصر بالاسلاميين يقول لاغو.
يذكر لاغو بعد ذلك كيف بدأت الطقوس التي عرفت بأداء البيعة للسيد الرئيس وكيف أنه وقتها لم يدر حتي ما معني كلمة البيعة هذه ، ثم كيف أصبح النميري بعدها إماماً وجه بعدها بأيام قليلة في ليلة 8 سبتمبر 1983 بهجوم مفاجيء علي محلات بيع الخمور والأندية والمطاعم والفنادق ، وفي صباح اليوم التالي تم تكديس صناديق البيرة وسط الشارع وتم تفريغ الخمور المعبأة الأخري في براميل كبيرة : حطمت الصناديق وتم تفريغ البراميل في النيل ومن ثم أعلن الرئيس بصوته يقول لاغو: ( هذه نهاية الخمور في البلاد)!
في 28 سبتمبر أعلن الرئيس نميري تطبيق الشريعة في السودان واعتبارها أساساً للحكم في السودان . ويعتقد لاغو أن حسن الترابي كان بعيداً عن عمليات التغيير الجارية ولم يشارك فيها بأي شكل كان .
يذكر لاغو بعدها اتصاله بنائب الرئيس وقتها الجنرال عمر محمد الطيب الذي لم يكن راضياً عن الأحوال ويذكر أنه قال لعمر الطيب بوضوح أنه من الأفضل لو انهم نظموا انقلاب قصر وأرسلوا لمبارك في مصر للاحتفاظ بالنميري هناك ، ومن ثم دعوة أحد قيادات المعارضة كالصادق المهدي لتشكيل حكومة قومية وبعدها دعوة النميري للعودة للوطن ليترأس مجلس رأس الدولة ، غير أن عمر محمد الطيب لم يعلق رغم سماعه باهتمام. بعدها يذكر لاغو أنه سأل الأمير تركي في جدة وهو كان مسئول الأمن في المملكة السعودية إن كان بإمكانهم المساعدة حيث أن الرئيس الذي طالما شرب معنا كثيراً وكان يطارد النساء يعرض نفسه الآن كشخص متدين وأكثر من ذلك أنه يشوه الإسلام يقول لاغو. لا يذكر لاغو رد الأمير تركي وإن كان أشار إلي أن اللقاء كان ودياً ومفيداً.
علي كل استمر النميري في دينه الجديد وجاء إعدام المفكر الإسلامي محمود محمد طه في 18 يناير 1985 ليشير إلي تحول النظام إلي نظام استبدادي بالكامل ، والطريف أن لاغو يكتب ذلك عن هذا النظام وهو كان مشاركاً فيه حتي سقوطه!
أدت تحولات النميري المتسارعة إلي إثارة قلق الولايات المتحدة الأمريكية التي أرسلت نائب الرئيس وقتها ، الرئيس لاحقاً جورج بوش الأب للخرطوم ، ويذكر لاغو أنه وقتها لم تكن له أي مهام حقيقة في القصر بل كان مجرد صورة لتأكيد تمثيل الجنوب في السلطة المركزية ، غير أن بوش زاره في مكتبه رفقة عدد من الأمريكان ذكرهم لاغو بالاسم ، وكان هناك اثنان من السودانيين ، وزير الدولة بالخارجية وسفير السودان في واشنطن ( ذكرهما لاغو بالاسم) والأول منهما قال لاغو إنه تدخل بطريقة فجة في الحوار ليقول ( الإسلام لا يميز بين الناس ) مما أدي بلاغو لزجره بغضب فصمت. علي كل تكشف تلك الحادثة والكثيرات غيرها بدايات التدهور في الدبلوماسية السودانية بل وفي الخدمة المدنية في السودان عموماً ، ومن العجيب أنك لتجد الآن من يتحسرون علي زمن النميري !
قام الرئيس في عملية شبه عسكرية كما يصف لاغو باعتقال الترابي وعدد كبير من الاخوان داخل الحكومة وخارجها ، ووقتها كانت الأحوال تسوء ، وسرت شائعات في ظروف مجاعة واسعة وارتفاع كبير في الأسعار وندرة في السلع واحتقان سياسي مخيف، فبدأت المظاهرات التي واجهتها الشرطة بعنف ، وفي خضم ذلك ظل النميري لا مبالياً في مواجهة تساؤلات اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي ، فحين تساءلت السيدة محاسن عبد العال عن ارتفاع الأسعار وأنه لم يعد بمقدور أسرة متوسطة توفير ثلاث وجبات في اليوم وأن الببسي كولا صارت فوق طاقة الناس رد النميري متسائلاً: ( لماذا يأكل الناس ثلاث وجبات في اليوم؟ اليس الأفضل أن يكتفوا بوجبة ؟ .... هل من الضروري أن يشربوا الببسي كولا؟ لماذا لا يشربون الليمون والكركدي ... لماذا تصر زوجة النجار أن تلبس نفس ثياب وملابس زوجة رئيس الجمهورية؟ ). أذيع ذلك مباشرة فأجج غضب الناس وازدادت التجمعات والمظاهرات التي ازدادت وتوسعت فنظم أنصار النميري ما سموه بمسيرة الردع التي جاءت هزيلة .
انهار نظام مايو ومن المهم للغاية هنا لأي مهتم بالتطورات في السودان في تلك المرحلة والمراحل اللاحقة حتي وقتنا هذا قراءة التفاصيل الضافية والمهمة الواردة في المذكرات.
تم سجن لاغو والعديد من رجال النظام في تلك المرحلة في سجن كوبر .
في خاتمة الكتاب يذكر لاغو أن ما دفعه للانخراط في السلام وقتها أنه رأي كيف تحولت نمولي إلي منطقة مهجورة ، ورغم أن الطرف الآخر يتضرر من الحرب فإن تضرر الجنوب هو الأكثر.
ويبدي استغرابه كيف أن السياسيين في صبيحة اليوم التالي لانتفاضة ابريل جاؤوا يلهثون خلف المناصب في الوضع الجديد عن طريق استغلال ظروف ما بعد نهاية الحكم المايوي.
استمر تعاطي الفريق معاش جوزف لاغو للشأن السياسي الجنوبي بعد ذلك وحتي بعد انفصال الجنوب وإعلان دولة جنوب السودان المستقلة في العام 2011 حيث عمل في 2010 مستشارا لرئيس حكومة الجنوب سلڤا كير ميارديت، وعلي كل فقد ظل لاغو وفياً لأفكاره ومبادئه ففي مقابلة صحافية في العام ..... قبيل انفصال الجنوب كرر لاغو فكرته من أن " المشكلة كما قلت لك في قادة هذا الشعب، هل تعلم أن الجنوب لم يطالب بانفصال؟ فالقادة القدامى أمثال بنجامين أقو، واستلاوس يسامي، وبوس ديو، وشرسيلو أيدوا، وبولين إليد، والعديد من الزعماء الأوائل لم يطالبوا بالانفصال، بل فقط كانت مطالبهم بحكم اتحادي فدرالي، ولكن قادة الشمال اعتبروا تلك المطالب تهدف للانفصال، فهذه بداية المشكلة وتطورت عندما سلم عبد الله خليل السلطة للفريق إبراهيم عبود عام 1958م وأغلق البرلمان، اعتقاداً من عبود أنه سيقطع الطريق أمام مطالب الجنوبيين الذين كانوا يعزمون على رفع مذكرة إلى البرلمان".
الكتاب في مجمله يحفل بالكثير من التفاصيل عن حركات التحرر الجنوبية وكيف كانت تجري الأمور داخلها ، كذلك يشير الكتاب إلي طرائق تفكير النخب الجنوبية ورؤيتها للسودان ولدولة المواطنة المرجوة واستعدادهم للبقاء ضمن دولة موحدة لو أن نخب الشمال نظرت للأمر نظرة متعقلة وقبل ذلك إنسانية.
____1. سياسي ومفكر ومترجم سوداني، احد مؤسسي حزب البعث العربي الإشتراكي في السودان وأول امين عام منتخب للحزب في العام 1975م، أسس بعد إنشقاقه عن رفاقه البعثيين السودانيين حزب البعث السوداني في العام 2002م. راجع مقالة "محمد علي جادين هرم البعث وذاكرته الحية الثاقبة"، بقلم شريف يسن، سودانيز اون لاين، 19/8/2017
2. مارغريت هيلدا تاتشرا (1925-2013م) سياسية بريطانية وزعيمة حزب المحافظين في الفترة من 1975م إلى 1990م، لقبت بالمرأة الحديدية وهي أول إمرأة تتولى منصب رئيس وزراء المملكة المتحدة.
3. الكرملين صرح معماري محصن وسط العاصمة الروسية موسكو يرتبط بتاريخ الدولة الروسية وهو المقر الرسمي لرئيس البلاد والرمز الأساسي لروسيا الإتحادية، وتعني كلمة الكرملين بالروسية القلعة أو الحصن، من مقالة "الكرملين.. صرح المعمار والسلطة بقلب موسكو"، موقع الجزيرة.نت ، نشر بتاريخ 5/يناير/2017م
4. الطيب صالح (1929- 2009م) أديب سوداني أطلق عليه النقاد لقب "عبقري الرواية العربية" من أشهر مؤلفاته "موسم الهجرة إلى الشمال"، "عرس الزين"، "مريود"، "ضو البيت"،"دومة ود حامد" و"منسي".
5.تستخدم كلمة "المندكورو" في اللغات الجنوبية للاشارة إلى المستعرب المسلم الشَّمالي، من مقالة "فِي حُلْمِ اسْتِعَادَةِ الوَحْدَةِ (1)" بقلم د.كمال الجزولي، الحوار المتمدن-العدد: 6343 - 2019 / 9 / 6 - 02:32.
6. الماوماو حركة ثورية قامت بها قبائل الكيكيويو بكينيا ضد حكم المستعمر البريطاني في خمسينات القرن العشرين راح ضحيتها بحلول العام 1956م أكثر من 10,000 قتيل من هذه القبائل.
7.مجزرة القيادة العامة او كما عرفت أيضا بمجزرة الخرطوم قامت بها قوات نظامية في يوم الإثنين 3/ يونيو/ 2019م الموافق التاسع والعشرين من رمضان لفض إعتصام القيادة العامة الذي نفذه السودانيون في 6/إبريل/2019م وإستمرقرابة الشهرين أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة خلال ثورتهم ضد حكم عسكري ديكتاتوري دام نحو 30 عام، خلفت أكثر من مائتي شهيد ومئات الجرحى بحسب لجنة الأطباء المركزية وسجلت تقارير عدة مايقارب 70 حالة إغتصاب في كلا الجنسين. راجع
Sudanese protesters demand justice following mass killings. Jason Burke and Zeinab Mohammed Salih. The Guardian. Sat 13 Jul 2019 20.59 BST. Last modified on Sat 13 Jul 2019 21.40 BST
100 Killed in Sudan and Dozens of Bodies Are Pulled From Nile, Opposition Says. By Alan Yuhas. The New York Times. June 4, 2019
8. هاشم العطا(1936-1971م) سياسي وعسكري سوداني، وعضو مجلس قيادة الثورة تحت حكم جعفر النميري، نفَذ انقلاباً علي النميري في 19 يوليو 1971، لم ينجح الإنقلاب سوى عدة أيام، ليتم بعدها إعدام هاشم العطا وقادة شيوعيين آخرين وحل الحزب الشيوعي. راجع مقالة "كتاب عبد القادر الرفاعي ومتعة قراءة سيرة الشهيد هاشم العطا" .. بقلم: حسن الجزولي، نشرت في صحيفة سودانايل اليوم بتاريخ 13/مايو/2018م .
9. جون قرنق دي مبيور (1945- 2005م) زعيم سياسي وعسكري سوداني وقائد الحركة الشعبية لتحرير السودان في الفترة من (1983-2005م). تم تعيبنه نائبا أول لرئيس جمهورية السودان بعد إتفاقية السلام الشامل في العام 2005م. توفي في صبيحة الواحد والثلاثين من يوليو في ذات العام إثر تحطم الطائرة التي كانت تقله في طريق عودته من يوغندا إلى جوبا. راجع مقال "جون قرنق: 14 عاما من الغياب بين الصندوقين!" بقلم: دينقديت أيوك، نشرت في صحيفة سودانايل بتاريخ 5/ أغسطس/2019م .
10. "كاربينو كوانين بول، يعرف عنه أنه الرجل الذي أطلق الطلقة الأولى في الحرب الأهلية عندما شبت نيرانها عام 1983، وهو مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان وجناحها العسكري الجيش الشعبي لتحرير السودان مع قرنق. قاد أول تمرد على الخرطوم 1983مؤسسا مع قرنق الحركة الشعبية لتحرير السودان.- انشق في العام 1992 عن قرنق وأسس الحركة الشعبية لتحرير السودان مجموعة بحر الغزال.- أسس حركة التمرد الفصيل الموحد في 1993 - وقع في العام 1997 على اتفاقية الخرطوم للسلام مع حكومة البشير.- عاد في العام 1998 إلى الجيش الشعبي بقيادة قرنق واختلف معه بعد شهور.- قتل في سبتمبر/ أيلول 1999، وتبادلت عدة أطراف جنوبية الاتهام بقتله" كاربينو كوانين،موقع الجزيرة.نت.
11. حملات الكشة هي حملات كانت تقوم بها القوات النظامية الحكومية السودانية تحت إطار ما عرف وقتها بضبط وتنظيم الأسواق والشارع العام عموماً ، وكان الهدف المعلن منها القبض علي المتشردين والمتسولين وترحيلهم . وفي بعض الحالات كان يتم الإعلان عن أنهم سيتم ترحيلهم إلي مناطق الإنتاج بالبلاد. وفي الحقيقة فقد كان جل أو غالب المتضررين منها أو المستهدفين بها هم النازحون من مناطق الحروب السودانية ومن أطراف البلاد حيث انعدام الخدمات أو شحها مقارنة بالمدن الأكبر في البلاد وعلي الأخص العاصمة الخرطوم.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.